الوفاق/محمد أبو الجدايل- دخل العدوان الصهيوني الهمجي على قطاع غزة يومه الـ23 منذ بدء عملية “طوفان الأقصى”، حيث وسع جيش العدو هجومه البري الليلة الماضية على القطاع، وكثف عدوانه الجوي على كافة المحاور فيما تصدت فصائل المقاومة الفلسطينية بكل قوة للعدوان وأحبطت التوغلات واستهدفت آليات وجنود جيش الاحتلال الذين حاولوا التوغل إلى مناطق حدودية في القطاع. واستمرت طائرات الاحتلال بقصف المنازل والأحياء السكنية، في إطار هجمات وصفت بأنّها الأعنف منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الحالي.
وفيما يلتهب المشهد في فلسطين المحتلة بشكل أكبر يوماً بعد يوم، ووسط تحذيرات من اتساع رقعة الحرب في المنطقة لتصبح حرباً شاملة، خصوصاً في ظلّ الدعم الأمريكي – الغربي الكامل لتل أبيب في عدوانها على الشعب الفلسطيني، في ضوء هذه المتغيرات والتصعيد المتسارع أجرت صحيفة الوفاق الدولية حواراً مع رئيس جمعية دعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية في تونس الدكتور أحمد الكحلاوي، تناول خلاله مستجدات الوضع في فلسطين المحتلة من عدّة زوايا.
يجيب الدكتور الكحلاوي في مستهل الحوار على سؤال حول نظرية الارض مقابل الاسير، التي طُرحت من قبل البعض في المنطقة سابقاً بمعنى ان حماس يطلق الاسرى الاسرائيليين مقابل تحرير الاراضي الفلسطيني، بالقول: في الأصل ، يهدف صراعنا مع العدو المحتل لأرضنا في فلسطين الى تحرير الأرض والانسان، علما ان تحقيق هذا يحقق بالضرورة طرد للمعتدي، وهو الأمر الذي يفضي الى تحقيق هدف عملية المقاومة الجارية مع العدو، وذلك يعني ان لا حاجة لنا بالاحتفاظ بأسرى طالما أننا نكون حققنا هدفنا بتحرير ارضنا ودحر المحتل من ارضنا.
يستعيد رئيس جمعية دعم المقاومة ومناهضة التطبيع والصهيونية في تونس، أسباب الصراع الدائر وأبعاده، قائلاً: يُمثّل الصراع على فلسطين شأنا فلسطينية ولكنه في الحقيقة صراع دولي دبّرته بريطانيا وحكام الغرب الاستعمارية، استهدافا للعرب وللإسلام، على سبيل المثال كان ذلك زمن حكم قرطاج العالم من طرف اجدادنا الكنعانيين ثم تجدد ذلك زمن حكمت دولة الاندلس العالم وخاصة أوروبا لما ناهز ال800 سنة انتشارا خلالها الحضارة العربية والاسلامية بعلومها وآدابها وفنونها، ثم توقفت تلك الحضارة التي استفادت منها دول أوروبا لتقود فيما بعد أوروبا الناهضة وتقوم بإحتلال اراضينا وتزرع بين مشرقنا ومغربنا كيانا صهيونيا منع عودة اتحادنا العربي بواسطة هذا الكيان المؤلف من اليهود كواجهة الغرب. ما يعني أننا وقعنا تحت عدوان صهيوني-غربي واجهته الكيان الصيوني وعصاباته الإرهابيين المحمية بالاوروبيين، قاومتهم امتنا ومازلت تقاومهم حتى انهاء الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني.
*ميلاد الجمهورية الاسلامية
أما عن الدور ديبلوماسي الايراني فيما يحدث من مجازر في فلسطين المحتلة، يوضّح الدكتور الكحلاوي: لقد مثل ميلاد الجمهورية الاسلامية في إيران نقلة نوعية للصراع ضد الكيان وضد دول الغرب الصهيو- استعمارية، وأنهى وجود الكيان المؤقت والمصالح الغربية في بلادنا العربية. وكان تصرّف الإمام الخميني رحمه الله تصرفا ثورياً ووطنياً ضد الكيان الصيوني، وضد المصالح الغربية عموماً، خير دليل على ذلك إنخراط الجمهورية الاسلامية في إيران في المقاومة ضد الإحتلال الصهيوني، مُقدّمة بذلك كوكب من الشهداء الأبطال – رحمهم الله – وهذا الى جانب تسليح وتمويل المقاومة إضافة الى دعمها لصمود سورية، وإنخراطها في الدفاع عن امن الإسلام برمّته، وليس فقط امنها الوطني الايراني، لقد تصرف قادة إيران الاسلامية مع قضايانا العربية بما يتعلق بالامن الوطني الايراني بكل مسؤولية ووطنية.
*المقاومة كانت جاهزة لصدّ العدوان
وتابع موضحاً: كان جليّاً منذ البداية ان أرضية المقاومة كانت جاهزة لصدّ العدوان، والذهاب بالتطورات التي حدثت الى غزة والى أبعد مما خطط له العدو، وقد تأكد ذلك يوم اجتاحت قوى المقاومة في غزة مستوطنات العدو، واخترقت اوكاره، وصمدت في وجه عصاباته الإرهابية، فسارع العدو لإعتماد سياسته القديمة ذاتها من خلال سن مجازر ضد المدنيين رضّعاً وأطفالا ونساء وشيوخا، معبّرا بذلك عن دموية وهمجية غير مسبوقة تصدى لها المقاومون من داخل غزة، ومن جلّ الجهات التي تُحيط به، لذلك نرى اليوم انظمة “المطافئ” تُطلّ برأسها دفاعا عن كيان العدو، وحماية له، وهذا سيلاحق كل المتواطئين. مؤكداً أن رسائل محور المقاومة ضد العملية البرية للصهاينة كانت صارمة وبعثت القلق والخوف في قلب العدو.
*مواقف الحكومات الغربية والمنظمات الدولية
وبشأن مسألة محاسبة الصهاينة على أفعالهم وجرائمهم بحقّ أهالي غزة، سيما أن عدد الشهداء من الأطفال وصل الى قرابة 3000 آلاف طفل شهيد، وعن الأبعاد القانونية ومدى قدرة المحاكم الدولية لمحاسبة تل أبيب، خصوصاً أن هذا المطلب بات عالمياً وتدعو إليه العديد من المنظمات الدولية والشعوب في أنحاء العالم، يوضّح رئيس جمعية دعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية في تونس: مواقف وسلوكيات حكومات أوروبا والمنظمات الدولية تعزّز الصورة الكارثية لتلك الدول التي لتصرف بتمييز وعنصرية باتت مفضوحة امام شعوبها وامام شعوب العالم، وقد برز من خلال مواقفها طابعها العدواني، ناهيك عن عنصريتها وقدرتها على ممارسة كل اشكال الإرهاب والدمار، حيث تكشّف عداءهم للحرية ولحقوق الإنسان وتعرّى نفاقهم وحقدهم على الشعوب، وفُضحت أكاذيبهم التي يتشدّقون بها بشأن الديمقراطية والحقوق الانسانية التي لم تكن أكثر من اجندة لخدمة مشاريعهم ومآاربهم وتحقق مخططات منظماتهم، حقائق اكتشفتها شعوبهم وشعوب العالم الذي سينتفض بالتأكيد عليهم وعلى منظوماتهم الفاشلة، ويكون في ذلك الشرف للدم الفلسطيني والعربي في فضحهم.
*مواقف مُشرّفة ورفض لأية مساومات
يُجيب الدكتور الكحلاوي على سؤال بشأن استعداد الرأي العام العربي ومحور المقاومة بالنسبة للحرب الشاملة في حالة إندلعت في المنطقة، ويقول: لقد أظهر الرأي العام العربي في كل الساحات العربية انه شعب واحد يحمل نفس الآلام والآمال، وإنه على أتمّ الإستعداد لخوض ما يلزم من مقاومة وكفاح في سبيل التحرّر والوحدة، مُؤّكدا إدانته للتخاذل الذي ميّز سلوك ومواقف أنظمة بعض الأقطار العربية التي تجرّأ بعضها على اعلان ولائه للغرب وللصهيونية.
ويضيف: في مقابل ذلك تميّز مواقف بعض القادة بوطنية عالية، ومواقف مُشرّفة ورفض لأية مساومات وتنازلات تنال من الحق العربي في تحرير فلسطين وكل أراضيه المحتلة وثرواته المنهوبة، وتوحيد أبناء أمّته، واتخاذ الطريق التي تحقّق أمنه وآماله دون تدخل اجنبي في شؤونه.
*إستعادة المجد الضائع
كما عرّج الدكتور الكحلاوي على قضية استعداد الرأی العام الاسرائيلي بالنسبة للحرب الشاملة في حال وقوعها على مستوى المنطقة، موضحاً: لم يكن المجتمع اليهودي والصهبوني موحّداً أبدا، لقد عاش اليهود في الشتاة، واتخذ الغرب منهم أدوات للعدوان ونشر العنصرية ( أبيض و أسود، غربي وشرقي…) باعتبارهم أداة لفرض السيطرة والهيننة، وقد تجرأ على إبادة شعوب وامم برمّتها، واستعمل خلال حروبه أسلحة إبادة جماعية، وليس غريباً ان يستعمل مبيدات غير معلومة وارتكاب جرائم ضد الإنسانية غير مسبوقة، ما يحمل الإنسانية الحرة والعادلة مسؤوليات جبّارة وطارئة لحماية الإنسانية من الشر الصهيو- امبريالي وغير الإنساني، وفي هذا الصدد على أبناء امتنا العربية والإسلامية ان ينهضوا بأمتهم تكنولوجيا واقتصاديا وتعليمياً، ومواكبة مختلف التطورات في العالم في كل المجالات، ونستعيد بذلك مجدنا الضائع بسبب ضعف الدفاع عن الحق والعدل والكرامة الوطنية والإنسانية.