هذا ما تقوله الأستاذتان في «جامعة تورنتو» الكندية روزاليند هامتون وميشيل هارتمان اللتان كتبتا رسالةً حملت عنوان «الشباب الكنديّ لن يترك غزّة أو فلسطين وحيدة» ننشرها كاملةً:
الإعلام في كندا يخضع للرقابة وينشر أخباراً مختصرة عن تظاهراتنا واعتصاماتنا ضدّ الحكومة والكيان الغاصب. في مشاهد الحرب على التلفزيون، تظهر «الضحايا من الجهتين»، وفي المقالات القصيرة التي ينشرونها أخبار عن بعض البلدان العربيّة المجاورة لفلسطين. وفي مدينة مونتريال تحديداً، قلّما يقوم الإعلام العام بتغطية التظاهرات، لذلك فإنّهم لم يعرضوا مشهد المئة يهوديّ ويهوديّة من أميركا الذين جلسوا واعتصموا داخل مبنى الكونغرس الأميركيّ وأقفلوه. كانوا يلبسون القمصان السود وقد كُتب عليها: «لن تفعلوا ذلك باسمنا»، لأنّهم طالبوا بوقف إطلاق النار، ولأنّهم يعتقدون أنّ شعباً لا يستطيع أن يشيّد دولته على حساب شعب آخر. ولأنّهم ذاقوا الإبادة العرقيّة، فإنّهم لا يريدون أن يقوم أحد بإبادة شعب آخر باسمهم. لقد شاهدنا أخيراً أيضاً ازدياداً في عدد الناشطات والناشطين السود والأصليين الشجعان، والكتّاب والكاتبات والسياسيّين ومن عامّة الناس، الذين يتعرّضون لاحتمال خسارة موارد رزقهم ومناصبهم لأنّهم يقفون مع فلسطين. لقد رفعوا أصواتهم رغم القمع ولن يبقوا صامتين.
يقود الشباب والشابات الحركة المؤيدة لفلسطين في أميركا الشمالية. هي حركة كبيرة وحيوية تضمّ جميع القوى المنخرطة بها. الفلسطينيون هنا أتوا من مجتمعات الشتات المنتشرة في كل أنحاء العالم. هناك أيضاً عرب من معظم البلدان العربية: لبنانيون؛ مصريون؛ جزائريون؛ مغربيون؛ وآخرون. عندما تجوّلنا في الشوارع، فإننا تحدثنا إلى شباب هنود وباكستانيين، تاميل ومن اللاتين، من الفليبين؛ إثيوبيا؛ أوغندا؛ جنوب أفريقيا؛ غانا؛ وآخرين. كذلك رأينا كنديين من خلفيات اجتماعية متعددة: أفارقة؛ آسيويون، أميركا اللاتينية؛ من السود…. وكثيرون. من المهم أيضاً الإشارة إلى أن مشاركة أشخاص من الطائفة اليهودية- خصوصاً الفئات الشابة- في الوقوف ضد الصهيونية هي في ازدياد مستمر. في مونتريال، الكيبكيون ممن هم من خلفيات فرنسية وإثنية وقومية متعددة، بدؤوا برفع الصوت ضد الاحتلال باللغة الفرنسية، والإنكليزية والعربية ولغات أخرى.
نحن أمام حركة يقودها الشباب. نحن معجبون بهم ونتابع وننمّي طاقاتهم الشابة؛ نساعدهم على اكتساب خبرات في التنظيم والعمل الجماعي، وتطوير إمكاناتهم على قيادة الآلاف في الشوارع يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع. هم شباب وشابات جريئون، يقفون بوجه الدولة وتنمر بنيوي مُؤسَّس يسعى دائماً إلى إسكاتهم. هؤلاء شباب وشابات يعرضون لنا وبطرق مختلفة ماذا يعني أن نلتزم بأنفسنا وبقضايا أو مشكلات اللحظة الراهنة. إنهم يستعرضون أمامنا ماذا يعني ــ حسب كلمات القائد المناضل الأميركي من أصول أفريقية مارتن لوثر كينغ جونيور – أن ننغمس كلياً في «أتون اللحظة الملحة للآن». في خطابه الملهم «لديّ حلم»، ركّز كينغ على أن المقصود ليس فقط العيش المشترك والسلام بين الشعوب، بل يجب على الناس أيضاً أن يقاتلوا من أجل ما هو حق لهم عندما يُحرمون من العدالة والكرامة. لا شيء أكثر أهمية من ذلك.
ما نراه اليوم في مدننا المعنية أن هؤلاء الشباب ينظّمون أنفسهم بحيوية في مجموعات وروابط ومنظمات حيث فلسطين هي المدرسة التي تصقل معرفتهم. فلسطين هي شجاعتهم التي لا هوادة فيها. نحن أيضاً نعرف كأساتذة أكاديميين أن فلسطين يجب أن تكون واجبهم المنزلي. فلسطين واجبهم المدرسي. فلسطين زوّادتهم. الدماء التي تجري في عروقهم. يوماً بعد يوم تزداد أعداد الناس التي تتظاهر في شوارع مونتريال وتورونتو حيث نقيم. نرتدي الكوفية لإظهار تضامننا مع أهل فلسطين ومع بعضنا. نتقابل بازدياد وباستمرار، نتبادل مشاعر الودّ والدعم المعنوي ونؤكد على التزامنا بالقضية الفلسطينية متجاوزين تمايزاتنا واختلافاتنا. فور سماعنا هتافات تصدح «من البحر إلى النهر»، تعلو صيحاتنا بصورة عفوية وجماعية: «فلسطين ستكون حرّة».
أ.ش