الكتاب فائز بـ "جائزة فلسطين العالميّة للآداب"

“من جمر إلى جمر”.. صفحات من ذكريات “منير شفيق”

عندما التحقت بـ "فتح" لم يكن ثمّة شرط وحيد لي، وهو أنّني لن أتبنّى أيّة سياسة لا أوافق عليها،

2022-12-18

صدر عن “مركز دراسات الوحدة العربيّة” الطبعة الثانية من كتاب “من جمر إلى جمر.. صفحات من ذكريات منير شفيق” (2021)، تدوين وتحرير نافذ أبو حسنة، وقد فاز الكتاب بـ “جائزة فلسطين العالميّة للآداب” (2022).

تختزن المذكّرات مسيرة المقاومة الفلسطينيّة من الذاكرة والتجارب السياسيّة والنضاليّة، ما يمكن أن يشكّل مخزوناً معرفيّاً ومعلوماتيّاً قد يمثّل أحد أكبر روافد الهويّة الوطنيّة الفلسطينيّة، بالرغم من قسوة تلك التجارب والخيبات الّتي تعرّضت لها والثغرات الّتي وقعت بها في بعض محطّاتها.

مقتطف من الفصل (11) – أبو داود

بدأت أتعرّف إلى قيادة “حركة فتح” بعد التفرّغ في عمّان واحداً بعد آخر، من خلال لقاءات كان يصطحبني إليها ناجي علّوش وأبو داود (محمّد داود عودة). كان أبو داود زميل دراسة في “كلّيّة الرشيديّة”، ثمّ تعزّزت الصداقة بيننا في مرحلة حكومة سليمان النابلسي 1956 – 1957 ستّة أشهر، إذ عُيِّنت معلّماً في قرية سلواد قضاء رام الله، الّتي كان أبو داود قد عُيِّن فيها منذ عام أو أكثر، الأمر الّذي فرض علينا صحبة في باصين، أحدهما يقطع طريق القدس – رام الله، وثانيهما إلى سلواد يوميّاً، ذهاباً وإياباً.

للطرافة، كان أبو داود تحريريّاً، وكنت شيوعيّاً. بعد مضيّ شهر على هذه الرحلات اليوميّة، أصبح أبو داود منفتحاً على الماركسيّة، وأخذت أسئلته تنهال عليّ، ليصير بعد شهرين عضواً في “الحزب الشيوعيّ”. أمضينا بعد ذلك شهرين آخرين، ووقعت أحداث الإطاحة بحكومة النابلسي، لنغيب عن بعضنا أكثر من اثني عشر عاماً، ونلتقي متفرّغين في “حركة فتح” في عمّان، حيث ظلّت علاقتنا متينة كلّ الفترة الّتي قضيناها في الأردنّ. في بيروت، استمرّت العلاقة، وشكّلنا معاً لقاءات “كولسة”، كما كانت تُسمّى في “فتح”، قبل أن نفترق مختلفين لاحقاً. خلاصة القول هنا أنّني استطعت أن أتأقلم مع هذه الوضعيّة الجديدة الّتي اختلفت كثيراً عن الوضعيّة الشيوعيّة السابقة، وانخرطت بشكل جدّيّ في “حركة فتح”.