الوفاق/ السفر ورؤية الطبيعة ومشاهدة الأعمال الفنية يقوي الإحساس بالهوية مع حقيقة الوجود ويخفف من آلام الإنسان التي تنتج عادة عن الوحدة والبعد عن الأصالة وعدم التواصل الفعال. هو العلاج لكل هذه الآلام البشرية.
تلعب السياحة دوراً مهماً في إحداث التغيرات الثقافية، رغم أنها قد تؤدي في بعض الأحيان إلى شذوذ اجتماعي في الثقافات، إلا أنها كانت وستظل تنشر وتعزز العناصر الثقافية الإيجابية في المجتمعات، ولكن ما هو أكثر أهمية من أي شيء آخر في السفر. هي موجة من التواصل الشخصي والاجتماعي التي يخلقها السائح أو الجولات السياحية منذ اللحظة التي يقررون فيها السفر، حتى بعد مرور سنوات على الرحلة، وتقوم هذه الصناعة على الاتصالات السلكية واللاسلكية والتواصل الاجتماعي وفروعها من التواصل البشري.
يعتبر عالم الاجتماع الألماني تالكوت بارسونز النظام الاجتماعي عبارة عن مجموعة من العناصر الفاعلة الفردية، وفي موقف له على الأقل جانب مادي أو بيئي، يتفاعلون مع بعضهم البعض، ويتم تحديده من خلال مواقعهم مع بعضهم البعض من خلال الثقافة والرموز المشتركة.
سلسلة السفر والاتصالات
عادة من بداية الرحلة إلى نهايتها يتم إنشاء نوع من التفاعل بين السائح والأشخاص الآخرين الذين يرافقونه أثناء الرحلة أو يقدمون الخدمات التي يحتاجها، وهو ما يعتمد على قوة وفن كل طرف من أطراف الاتصال في إقامة التواصل البشري؛ منذ بداية الرحلة، وحتى قبل ذلك، عندما تتبادر إلى ذهن السائح فكرة السفر والترحال، تتشكل دائرة الاتصال الأولى، الاتصال مع الذات، على أساس الشعور بالحاجة الداخلية، لأي سبب من الأسباب، يفكر الإنسان مع نفسه إلى أين يسافر ومهما سار الأمر، فإن هذا التواصل هو أساس إقامة اتصالات أخرى وبالتأكيد يخلق مستوى واسعاً من التواصل ينتج عنه تواصل فعال بين الأشخاص.
وهو الآن سائح محتمل وعليه أن يفكر من يمكنه الذهاب معه في هذه الرحلة، ومن يجب أن يتلقى منه الخدمات التي يحتاجها لبدء الرحلة إلى الوجهة، ومن سيراه في الوجهة. وهذه سوف تكون بداية التواصل الفعال والتعاطف والعمل الجماعي، والتي تجعل الدوائر القادمة ديناميكية في التواصل الجماعي؛ وهذا النوع من الفهم ونقل المعاني المبنية على التواصل الفعال يضمن كذلك نجاح تنمية روح السفر لدى المسافر وجعل مستوى تفكيره في إنشاء وتوسيع سلسلة الاتصال على مسار الرحلة أو وجهة الرحلة أكثر حيوية. .
الآن، يقوم السائح بتطوير دوائر تواصله مع زملائه المسافرين، ومع المجتمع المحلي بناءً على براعته الفنية في الرحلة، مما يجعلها أكثر متعة، والتي وفرت أيضاً مستوى من الرضا عن نفسه، وعن الناس وحول المجتمع الذي يعيش فيه المرء.
السياحة وفن الاتصال والتواصل الفني
بالطبع، لا ينبغي للمرء أن يتجاهل نوع السياحة والغرض منها، فهذا المستوى من التواصل في سياحة الطبيعة يختلف بالتأكيد عن السياحة الفنية، أو يختلف كثيراً في سياحة المغامرات عن السياحة العلاجية، لأن مستوى الاهتمام والتحفيز والتفاعل، التعاطف والمشاركة والمسؤولية في كل نوع من هذه الرحلات منفصلة تماماً عن بعضها البعض.
على سبيل المثال، لنفترض أن رحلة يتم القيام بها إلى وجهة يكون فيها رزق سكان تلك المنطقة هو الحرف اليدوية ومنتجات الفنون التقليدية، فهذه الوظيفة والتطبيق في السفر إلى منطقة تتمتع بهذه الخاصية، الحاجة إلى تواصل أكثر فعالية مع طبقات الفن والمجتمع والثقافة المحلية، كما أنها تجلب التاريخ والخلفية الاجتماعية والاقتصادية للواجهة، مثل الطبيعة، يمكن للفن أن يخفف من القلق لدى الإنسان، ويخرج الإنسان من العزلة الاجتماعية، ويوقظ الأمل والبهجة في روح الإنسان، فالرفقاء المسافرين في جولة فنية من قرية حرفية هي بالتأكيد تكون مضاعفة مقارنة بمنطقة أهلها ليس لديهم مهارة الفن جيدا.
على سبيل المثال، إيران ذات التاريخ والحضارة التي يبلغ عمرها 10 آلاف عام والثقافة والفن مع الأعمال المكتشفة من نفس العمر والأصالة، تشجع كل سائح محب للفن على السفر إلى هذا النوع من المنطقة، هذه العلاقة الهادفة بين الفن والثقافة والصناعات اليدوية والسفر، هو سبب انجذاب وارتباط جميع المستشرقين من أوروبا والمهتمين بالحضارة الحية في غرب آسيا وخاصة إيران، وحتى الآن كل سائح لديه ارتباط فعال بخلفية وأصالة هذا النوع من المناطق والوجهات، حتى قبل التفكير في السفر إليها.
التواصل الفعال عند العودة من رحلة الطبيعة
إلا أن الهدف الأسمى للفن والسفر هو التواصل هذا التأثير المباشر، ومع مرور القرون يستمر هذا التأثير وينجذب في قلب التاريخ، فالعرض والتقديم لم يجذب إلى نفسه كل فنان، بالإضافة إلى كل أسبابه. لخلق عمل ما، فقد اهتم أيضاً بخلق اتصال مع العالم من حوله في ذلك العمل، وكلما زاد شهرة الفنان والعمل، كلما كان الانجذاب أقوى وكان التواصل أكثر فعالية.
وستكون نتيجة هذا التواصل الفعال عند العودة من رحلة الطبيعة – التي فنانها ومبدعها الله – أو العودة من رحلة فنية – مؤسسيها فنانون ومبدعون من الرجال والنساء – ستعكس استرخاء النفس الإنسانية، والطاقات الإيجابية للإنسان تزيد وتقلل من الطاقات السلبية، وهذا هو جوهر الفن في التواصل مع الجمهور، مما يجعل الإنسان ينمو من مستوى إلى آخر.
بالنظر إلى العالم من حولنا نصل إلى فهم حقيقة الوجود، فهو نتيجة إقامة علاقة عميقة وفعالة مع أنفسنا، مع محيطنا، مع الطبيعة ومكوناتها، عندما لا نفهم مفهوم الوجود. تأثير الفن ودوره في الحياة، فحدوث الأمراض النفسية، والسفر، والسياحة، ورؤية الطبيعة، ومشاهدة الأعمال الفنية، وحتى الاستماع إلى الموسيقى يقوي الإحساس بالتماثل مع حقيقة الوجود ويخفف من آلام الإنسان التي يسببها بشكل عام الوحدة، والاستهلاك المطلق، والبعد عن الأصالة والغياب، والتواصل فعال، واكيد سوف يكون السفر والسياحة هما الدواء لكل هذه الآلام.
أ.ش