بعد فشل المباحثات بين الحكومة والحركة..

الصراع يحتدم بين إسلام آباد وطالبان باكستان

مقتل 4 من عناصر الشرطة بهجوم في منطقة لاكي شمال غرب البلاد..

2022-12-18

بعد فشل المباحثات بين حكومة إسلام آباد وحركة طالبان الباكستانية والتي أثارت الجدل مجددا حول الخلافات بين الطرفين وطبيعة الصراع بينهما، واصلت حركة “تحريك إي طالبان باكستان” (TTP) المعروفة بـ”طالبان باكستان” هجماتها على قوات إسلام آباد في عموم البلاد، لا سيما في شمال غرب البلاد، وذلك بعد إعلان انتهاء الهدنة مع الحكومة الباكستانية التي تمّ مدّها في يونيو الماضي، وبدء عمليات عنف داخل البلاد.

وتبنّت حركة “طالبان باكستان” هجوما إرهابيا استهدف حافلة كانت تقل عناصر للشرطة في كويتا جنوب غربي البلاد، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 24 آخرين.

وزعمت الجماعة الإرهابية في بيان لها، أن العمل الوحشي كان “انتقاما” لمقتل عمر خالد الخراساني، أحد قادة الحركة الأكثر فاعلية في المناطق القبلية، وانشق عن الحركة وشكل “جماعة الأحرار”، وقتل في انفجار سيارة مفخخة في أفغانستان في أغسطس الماضي.

*محادثات هشّة

وكانت قد أكدت إسلام آباد أن المحادثات التي بدت أنها هشّة بشكل كبير مع طالبان باكستان لم تصل الى أي شيء؛ لأن الجانبين لم يتوصلا إلى أرضية مشتركة بشأن القضايا الرئيسية، ويأتي ذلك في ظل خلاف واسع بين النخب السياسية ودوائر صنع القرار في باكستان حول المحادثات مع طالبان (فرع بلادهم)، إذ تطالب بعض الأحزاب السياسية بتمرير القرارات المتعلقة بمحاربة الإرهاب من خلال البرلمان. في وقت أثارت فيه بعض مطالب الحركة، مثل التقسيمات الجغرافية لبعض المناطق، تساؤلات حول طبيعة الصراع بينها وبين الحكومة.

*صراع مستمر

وتعدّ طالبان الباكستانية، التي تسمى محليا “تحريك طالبان باكستان”، أو ما تعرف اختصارا بـ”تي تي بي” (TTP)، أكبر الحركات والجماعات المسلحة التي تناهض الدولة الباكستانية، بعد أن نفذت أكثر الهجمات عنفا ودموية في تاريخ البلاد، وأبرزها الهجوم على مدرسة تابعة للجيش في بيشاور عام 2014، راح ضحيته عددا كبيرا من الطلاب والمعلمين.

صراع مستمر لا ينتهي رغم محاولات متعددة تبذلها العاصمة الباكستانية لوضع حدّ له، إلاّ أنه عاد للواجهة من جديد، حيث قتل أربعة من أفراد الشرطة الباكستانية وأصيب أربعة آخرون بجروح خطيرة أمس الأحد بهجوم مسلح على مخفر في شمال غرب البلاد.

*هجمات متواصلة

وقال نواز خان، الضابط في مركز الشرطة الذي تعرض للهجوم، إن المشتبه بهم استخدموا القنابل اليدوية والأسلحة الآلية لمهاجمة المخفر الواقع في منطقة لاكي مروات قبل الفرار من مكان الحادث ليلا. وذكر خان أن قوات الشرطة المناوبة ردت على الهجوم و طلبت تعزيزات قبل أن يفر المهاجمون الذين نفدت ذخيرتهم على ما يبدو قبل وصول المساعدة، وتتبنى حركة “طالبان” الباكستانية جميع الهجمات في هذه المنطقة. وقبل أيام، لقي 3 أشخاص على الأقل مصرعهم وأصيب 5 آخرين، إثر تفجير انتحاري في منطقة وزيرستان شمال غربي باكستان، وكان الضحايا بمعظمهم من  المارة في المنطقة.

*مخاطر الحركة الباكستانية

وفي منتصف شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، شهدت المنطقة نفسها (لاكى مروت بإقليم خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان) هجوماً مسلحاً على دورية للشرطة الباكستانية، ما أدى إلى مقتل كل من كانوا داخل الدورية، وهم 6 من عناصر الشرطة، وتبنت حركة “طالبان” الباكستانية مسؤولية الهجوم.

وتشهد المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان هجمات مسلحة متكررة تستهدف رجال الأمن والشرطة والموظفين في الحكومة. وتتميز طالبان الباكستانية، وفقا لمركز ستانفورد للأمن الدولي والتعاون، بالتنوع العرقي من مسلحين عرب وأوزبك وأفغان وشيشان وبنجابيين، بالإضافة إلى غالبية من البشتون.

*جذور الخلاف

وفي عام 2001 إبّان الغزو الأميركي لأفغانستان، وقبل التشكيل الرسمي لطالبان الباكستانية، عملت العديد من المجموعات المسلحة -التي تعد جزءا من الحركة الآن- بشكل مستقل في المناطق القبلية الخاضعة للإدارة الاتحادية، وكانت أغلب تلك العمليات لدعم طالبان الأفغانية. في عام 2002، مع دخول القوات الباكستانية للمناطق القبلية لكبح الجماعات المسلحة الفارة من أفغانستان، ضمن ما وصفت بـ”الجهود المشتركة مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب”، أصبحت هذه القوات ضمن دائرة الاستهداف بالنسبة للمقاتلين في تلك المناطق.

لكن التحول الحقيقي في الصراع، الذي نتج عنه الإعلان الرسمي عن تشكيل حركة طالبان الباكستانية، كان بسبب أحداث المسجد الأحمر “لال مسجد” بإسلام آباد يوليو/تموز 2007. وشهد المسجد حينها اشتباكات بين قوات الأمن الباكستانية والعشرات من مؤيدي الجماعات المتشدّدة الذين تحصنوا به، قبل أن تقتحم هذه القوات المسجد وتنتهي العملية بمقتل زعيم المتحصنين داخله، عبد الرشيد غازي، ونحو 56 من رفاقه واستسلام الباقين.