الفائزة بجائزة فلسطين العالمية للآداب في قسم أدب الطفل لـ "الوفاق":

زرع قضية فلسطين في النفوس يبقى هاجس الأقلام لتتلقفها الأجيال

دعم فلسطين يكون أولاً بتقرير الأدب الفلسطيني في المناهج الدراسية من قصص وأشعار وحتى روايات.

2022-12-20

موناسادات خواسته

حصدت سورية الجائزة الأولى في أدب الطفل عن قصة بعنوان “أجراس العودة” للكاتبة “أدريانا إبراهيم” ضمن النسخة الأولى من جائزة فلسطين العالمية للآداب، التي اختتمت فعالياتها في العاصمة اللبنانية بيروت، قبل فترة وجيزة.

حضر حفل إعلان النتائج أدباء ونقاد من سورية وفي مقدمتهم رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد الحوراني، الذي شارك في تحكيم الأعمال المقدمة للجائزة، بمشاركة وفود وشخصيات من نحو 50 دولة عربية وعالمية.

الدكتورة “أدريانا إبراهيم” ناشطة في مجالي الثقافة والطب وهي أديبة وطبيبة أسنان، وبما أنها حازت على المرتبة الأولى في قسم أدب الطفل، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا معها حواراً وفيما يلي نصه:

 بداية تفضلي ما هو الدافع للكتابة وخاصة الرواية للأطفال وفلسطين؟

بالنسبة لدافع الكتابة.. عندما أكتب بشكل عام سواء للأطفال أو للكبار (القصة القصيرة) فإن دافعاً خفياً يدفعني للكتابة.. لا أفكر في تفسيره.. قد يكون إلحاح الفكرة او روعة الخلق.. فلا أروع من خلق الشخصيات وتحريكها في الفضاء القصصي.

وبالنسبة للكتابة للأطفال.. إذا حاولت أن أفسّر ذلك الدافع فأعتقد أن الطفلة التي كنتها يوماً، ماتزال حية  في داخلي.. ماتزال عندي القدرة على رؤية الحياة بمنظارها… فأكتب كل ما يستوقفها.. ولأننا ومنذ أن تعلمنا نشيد الأطفال الأول في مدارسنا (ماما ماما يا أنغاما).. تعلمنا بعده نشيد (فلسطين داري ودرب انتصاري).. فلسطين هي دائما في القلب.. فأمر بديهي أن نكتب عن الأشياء التي تسكننا.

 ما هو رأيكم بالنسبة لمهرجان جائزة فلسطين العالمية وما هو تأثير إقامة هكذا مهرجانات؟

بالنسبة للمهرجان – الآن وبعد مضي أكثر من شهر أذكره بكثير من الحنين – جميل كان توقيته الذي تزامن مع ذكرى وعد بلفور المشؤوم..  كان مهرجاناً جيداً بالعموم لكن هناك بعض الملاحظات، فقد اقتصرت فيه الأغاني على اغنية وحيدة (الغضب الساطع آت) والتي ختمت بها قصتي “أجراس العودة”.

فقد دارت كثير من الحوارات الأدبية والثقافية وتعرفت على كثير من الشخصيات الرائعة على مستوى الوطن العربي.. والأروع أنني تعرفت على شخصيات تعيش في قلب فلسطين.. وبالنسبة للشخصيات الأخرى العالمية  فرغم حاجز اللغة  كنا نشعر أننا نعرف بعضنا وأن شيئاً مشتركاً يجمعنا هو قضية فلسطين، وضروري جداً إقامة مثل هذه المهرجانات لإبقاء قضية فلسطين على مسرح الوجود، وتحفيز الأقلام للكتابة عنها لتعرفها الأجيال الجديدة والقادمة فتبقى حية في نفوسها.. حتى تعود فلسطين الى أهلها.

 كيف جاءت فكرة كتابة “أجراس العودة” والتي حصلت على الجائزة تحدثي لنا عن شعورك وإحساسك عندما حصلت على الجائزة وهل كنت تتوقعين الفوز؟

في عام 2010 زرت الشاعر الفلسطيني “خالد ابو خالد” رحمه الله في بيته.. فسحرت الطفلة التي في داخلي بما فيه من مقتنيات تحكي كلها عن فلسطين.. كانت فلسطين حاضرة في كل ركن من اركان بيته.. من هنا جاءت فكرة أجراس العودة.. وأن شخصية العم خالد في القصة هي مقتبسة من شخصية الأستاذ خالد رحمه الله.. وكنت اتمنى لو كان مايزال بيننا ليعيش معنا فرحة الفوز، وقد توقعت الفوز بالمرتبة الأولى.. ربما لأنني تناولت رموز القضية الفلسطينية  او ربما لأنني شعرت ان القصة قوية من حيث الحبكة والبناء.. او ربما لأنني تمنيت ذلك او حدسته، ورغم أن هذه خامس جائزة احصل عليها.. إلا أن شعوري وسعادتي  كان لها نكهة أخرى وأنا أمشي لأتسلّم الدرع الذهبي.. خصوصا أنها جائزة عالمية وكما قلت اثناء التكريم، إنه فخر كبير لكل من شارك في المسابقة.. انه لم يكتب لأجل المسابقة وإنما كتب لأن فلسطين في قلبه.. فكتب لأجلها.. وهذه خصوصية الجائزة في دورتها الأولى  ..

كيف يمكن دعم فلسطين ونشر ثقافة المقاومة عن طريق الأدب لكي تبقى فلسطين حية في الأدب؟

دعم فلسطين يكون أولاً بتقرير الأدب الفلسطيني في المناهج الدراسية من قصص وأشعار وحتى روايات..

فكما  قلت لكم منذ قليل إننا منذ الصف الاول الإبتدائي وفلسطين في قلوبنا حيث كانت في مناهجنا المدرسية.. كانت فلسطين في مناهج اللغة العربية لكل الصفوف.. حاولت أذكر القصة التي كانت في منهاج الصف الخامس وكذلك في الصف الثامن كانت رواية “حق لا يموت” لغسان كنفاني تدرس على مدى العام.. لكن للأسف لم تعد موجودة حالياً.

عندما تزرع قضية فلسطين في النفوس منذ الصغر، ستبقى هاجساً في الأقلام فتتناثر القصائد والقصص والروايات عن فلسطين تتلقفها الأجيال الجديدة أينما كانت على وجه المعمورة، كذلك احياء المهرجانات والتذكير بالمناسبات التي تخص فلسطين (المجازر- الاحداث الدامية)، بالإضافة الى احداث المسابقات الأدبية ودعم دور النشر.. وأعتقد ان اكثر شيء يخدم  قضية فلسطين هو الدراما حيث تقام المسابقات للأعمال الدرامية مسلسلات وأفلام درامية ووثائقية.. والتركيز على دراما الأطفال وتأليف الأناشيد والأغاني لهم.

عندما كتبت “أجراس العودة” شعرت انها يمكن ان تكون عملاً درامياً وفكّرت بكتابتها سيناريو ولكن السؤال من سيتبنى العمل؟ لذلك احجمت عن ذلك.

نرى ان العدو الصهيوني يبحث عن التطبيع الثقافي مع الدول العربية لتبييض وجهه، كيف يمكن مواجهة هذه الحركة؟

إن تاريخ العدو الصهيوني موغل بدماء الفلسطينيين وإلغاء الآخر هو عاجز عن احداث أي تقبل وإن تم على الصعيد السياسي فأعتقد أنه سيبقى معدوماً على الصعيد الإجتماعي والشخصي وبحسب خبرتي المتواضعة فإن التجربة في مصر هي مثال حي فماتزال النفوس بعيدة كل البعد عن تقبّل اسرائيل.. ورغم ذلك يجب دائماً أن يركّز الإعلام على الجرائم التي قامت وتقوم بها اسرائيل.

 الحرب الناعمة التي نراها اليوم والتي تستهدف العالم الإسلامي والشباب والأطفال، كيف يمكن مواجهتها؟

الحرب الناعمة برأيي لا تستهدف العالم الإسلامي لأنه إسلامي.. إنها تستهدف أي مجتمع متماسك وآمن لتحيله الى خراب فتسهل السيطرة عليه فيستعمروا ما استطاعوا من شعوب.. ويجب مواجهة هذه الهجمة بترسيخ القيم والمبادئ في المجتمع والوعي بأدوات هذه الحرب وأساليبها ومن ثم التوعية.

كيف يمكن لجميع الأحرار ان يتوحدوا في مواجهة العدو الصهيوني والإستكبار العالمي؟

إن احرار العالم بما يحملونه من صفات نبيلة يتوقون لعيش حياة حرة كريمة في مجتمع يحترم حقوق الانسان مبني على دعائم الأخلاق والعدل وبالتالي فإن هذا الدافع وهذه المصلحة المشتركة هي التي تجعلهم يسعون الى الإتحاد لمواجهة أي عائق.

 ماذا تبحثين في كتاباتك للأطفال والتي تواجه اقبالا ًكبيراً وما هو سبب إختيار كتابك للجائزة الأولى؟

أسعى أن أصل في كتاباتي إلى اعماق الطفل بطريقة مشوقة تواكب روح العصر وترسخ مكارم الأخلاق وتزيد الثروة اللغوية.. وتقرب اللغة العربية الى نفوسهم وتزيد من تعلقهم بها.

اما سؤالك لي عن أسباب إختيار كتابي للمرتبة الأولى.. فهو يطرح السؤال: هل الكاتب قادر على تقييم عمله بموضوعية.. الآن وبعد مضي أكثر من عشر سنين من كتابتها اعتقد أنني قادرة على رؤيتها بموضوعية.

إن الأسباب برأيي.. تبدأ من العنوان “أجراس العودة”.. حيث يبشر بحتمية الإنتصار وبأن الأجراس تقرع وإننا على وشك العودة.

إن علم النفس الحالي يركّز على الإستبصار فعندما نعيش طموحاتنا في الخيال فإنها ستصبح حقيقة.. والغرب يعتمد هذه الحقيقة في الأدب والدراما كذلك فقصص الخيال العلمي كانت الطريق الى الإختراعات من هنا يجب ان نعيش حالة الإنتصار لتصبح حقيقة، كما إنني تناولت القضية الفلسطينية بأسلوب اعتقد أنه بسيط وسلس وعرفت برموز القضية “غسان كنفاني” و “ناجي العلي” وشخصيته الشهيرة “حنظلة”  كما أن الخاتمة أدهشتني عندما قرأتها بعد سنين.. شعرت أنها في غاية الروعة أما الأسلوب اللغوي فأعتقد أنه قوي غني بالصور البيانية.. أعتقد لهذه الأسباب اخذت المرتبة الأولى وبجدارة كما قيل لي.

 ما هو سبب اختيارك في الكتابة للأطفال وكيف يمكن ترسيخ روح المقاومة والدفاع عن الوطن عندهم؟

عندما يعيش الطفل في وطن يلبي احتياجاته المادية والنفسية ضمن الإمكانيات المتاحة.. عندما يحضن الوطن أبناءه،  فهذا يعني أن مسألة الدفاع عنه هي شيء حتمي وأمر غريزي، أما عندما يعيش الطفل تحت سلطة الإحتلال فإن ظروف الإحتلال هي التي تحفز روح المقاومة ، والدفاع يكون حالة غريزية، ثم يأتي دور الأدب والإعلام والدراما والأغاني الوطنية في صقل هذه الغريزة وتوجيهها بالشكل الأمثل.

هل الكتابة موهبة ؟

الكتابة موهبة وقد تجلت موهبتي منذ كنت طالبة في المدرسة حيث كان أساتذة اللغة العربية يثتون على كتاباتي في مواضيع التعبير ويشجعونني وقد تنبأوا جميعاً ان يكون لي شأن في المستقبل فيما يتعلق بالكتابة.. فقد كتبت قصتي الأولى في الصف الثامن، ربما تلك الفكرة التي غرسوها في عقلي بالإضافة إلى موهبتي قد دفعتني لأن اكتب دائماً.. حتى عندما انتسبت إلى كلية طب الأسنان وبعد أن تخرّجت تابعت الكتابة.

اما بالنسبة الى التنسيق بين عملي والكتابة.. عندما تلح علي الفكرة فسأكتبها مهما كانت الظروف.. وأغلب كتاباتي ليلاً وعندما أشعر أن ذلك لا يكفي.. اؤجل بعض المواعيد فمهنة طب الأسنان بشكل عام تعتمد المواعيد كما إنني أعتمد على مساعدة زوجي وابني حفظهما الله ببعض التنظيم لأمور الحياة وبعض المساعدة من الأهل والزوج والأولاد.. يمكن للمرأة ان تقوم بالكثير من الأنشطة عند توافر الإمكانيات والمواهب.

احب ان اشكر كل من ساهم في اقامة هذه المسابقة ونجاح المهرجان.. وأشكركم على هذا اللقاء وإتاحة الفرصة لي للتعريف عن نفسي.. وإن شاءالله تقام احتفالية جائزة فلسطين العالمية للآداب قريباً في فلسطين.

 

المصدر: الوفاق/خاص

الاخبار ذات الصلة