عربات تجرها الحيوانات وسيلة لنقل الأموات والأحياء في غزة بعد نفاد الوقود

دفع غياب المركبات إلى اعتماد كافة المواطنين على تلك العربات، التي باتت وسيلة أساسية مؤخراً لنقل الجرحى والشهداء من أماكن القصف المختلفة والمتواصلة على قطاع غزة

أجبر المواطنون في قطاع غزة على التنقل من خلال العربات التي تجرها الحيوانات، وذلك بعد نفاد الوقود بشكل كامل من القطاع، نتيجة منع الاحتلال الإسرائيلي إدخاله كأحد أساليب العقاب والحصار الذي يفرضه على السكان منذ بدء الحرب على قطاع غزة مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي، حيث دفع غياب المركبات إلى اعتماد كافة المواطنين على تلك العربات، التي باتت وسيلة أساسية مؤخراً لنقل الجرحى والشهداء من أماكن القصف المختلفة والمتواصلة على قطاع غزة، إلى جانب اعتماد المواطنين عليها في التنقل إلى المناطق الجنوبية من القطاع، والتي يطالب الاحتلال المواطنين بالتوجه إليها على اعتبار أنها مناطق آمنة.

 

ويواصل الجيش الإسرائيلي شن حرب دامية وشرسة على قطاع غزة، ولاسيما المناطق الشمالية من القطاع التي تتركز فيها المجازر البشعة وعمليات القصف المتواصل لمنازل المواطنين، حيث تستقبل المستشفيات في مناطق شمال غزة ولاسيما مجمع الشفاء وسط مدينة غزة والمستشفى الإندونيسي شمال غزة بشكل متواصل الجرحى الوافدين على عربات الحيوانات، نتيجة عدم توفر وقود في سيارات الإسعاف، إلى جانب انقطاع الاتصال عن مناطق واسعة من القطاع، وصعوبة طواقم الإسعاف العاملة الوصول إلى أماكن القصف، إضافة إلى تعمد جيش الاحتلال تدمير الطرقات العامة والفرعية بالقصف الجوي والمدفعي من أجل عرقلة تحرك المركبات.

 

 

الاحتلال يواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين

 

وقال سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في تصريحات صحافية، هناك صعوبة كبيرة تواجهها أطقم الإسعاف والدفاع المدني في الوصول إلى الأماكن المستهدفة خاصة المناطق الشمالية التي يتركز فيها القصف العنيف، نتيجة تعمد الاحتلال الإسرائيلي قصف المنازل على رؤوس ساكنيها وقطع كوابل الاتصالات والإنترنت عن منازل المواطنين وكافة المرافق، وأكد معروف أن الاحتلال يواصل ارتكاب المجازر البشعة بحق المدنيين، داعياً أحرار العالم إلى التدخل ولجم الاحتلال، والعمل بشكل سريع وعاجل للضغط لوقف إطلاق النار، بعد وصول القطاع إلى كارثة إنسانية حقيقية.

داخل مخيم جباليا شمال مدينة غزة، والذي يتعرض لمجازر وقصف من المدفعية والطائرات بشكل متواصل، لا تزال هناك العشرات من الجثث منتشرة بين الشوارع الضيقة ومفترقات الطرق العامة، بعد أن استهدفت الطائرات المسيرة والحربية من تبقى من السكان داخل المخيم، والذين غادر عدد كبير منهم منذ بداية الحرب إلى المناطق الجنوبية، حيث يشهد مستشفى الإندونيسي وصول عربات تجرها الحيوانات محملة بجثث ومصابين، فيما يحاول أصحاب تلك العربات الوصول من خلال الطرق الضيقة والالتفافية إلى المشفى الطبي، بعد منع سيارات الإسعاف من التحرك لنقل الجرحى في الشوارع، في جريمة إنسانية خطيرة ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين العزل.

المواطن وسيم الهريدي لا يزال محاصراً كحال المئات من العائلات داخل مخيم جباليا والمناطق القريبة منه، حيث يجتهد مخاطراً بروحه على نقل الجرحى والجثث من داخل المخيم إلى مجمع المشفى القريب من مخيم جباليا، وذلك بعد تعمد الطائرات والقناصة الإسرائيلية التي دخلت مشارف المخيم على قتل كل من يتحرك، محدثةً إصابات وقتلى في صفوف المواطنين الفارين من القصف العشوائي الذي طال كافة أجزاء المخيم والمدن المحيطة به.

 

 

سياسة العقاب الجماعي

 

يقول وسيم لـ«القدس العربي»: «نواجه وضعا صعبا جداً وكارثة لم نشهدها في غزة من قبل، حيث تمنع سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إلى المصابين ونقلهم من أجل إنقاذ حياتهم، وهذا الإجرام الإسرائيلي بحق المدنيين دفعني إلى المخاطرة بحياتي من أجل نقل من هم بحاجة إلى علاج من خلال عربة يجرها حصان، سخرتها كوسيلة لنقل الأحياء والأموات في ظل التخاذل الدولي من سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها “إسرائيل” بحق المدنيين العزل خاصة في مناطق شمال قطاع غزة».

وأضاف «منذ بداية الحرب عملت على نقل الراغبين في التنقل بين المناطق في القطاع، ولاسيما نقل المواطنين إلى جنوب قطاع غزة، بعد قرار الآلاف من السكان الرحيل، بعد إلقاء الاحتلال من خلال الطائرات منشورات على مناطق واسعة من شمال وغرب القطاع بضرورة الإخلاء إلى جنوب القطاع، حيث واجه المواطنون صعوبة في كيفية الوصول لمسافات بعيدة في ظل غياب المركبات، وكانت هذه الفكرة التي انخرط بها العشرات من أصحاب العربات، باكورة انطلاق عربات الحيوانات للعمل في نقل العائلات، والتي توسعت إلى أن باتت وسيلة أساسية في نقل الجرحى إلى المستشفيات».

وبين أن هناك الكثير من الجثث لا تزال في مناطق عدة من المخيم وأطرافه منتشرة ولا تجد من يسعفها وينقلها إلى المستشفيات، وبدأت هناك روائح كريهة تنتشر على إثر تحلل بعض الجثث التي مضى على وفاتها أيام، لكن هناك صعوبة كبيرة في الوصول إليها نتيجة التوغل البري على أطراف المخيم ومناطق واسعة من حوله، ولوصول إليها يعني المخاطرة بشكل كبير في الأرواح.

 

 

الخدمات العلاجية

 

من جانبه يقول الحقوقي صلاح عبد العاطي إن الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجازر ضد الإنسانية بغطاء دولي، متجاهلاً كافة الأعراف والقوانين الدولية التي تكفل حماية المدنيين خلال الصراعات والحروب، حيث تتعمد “إسرائيل” منذ بداية الحرب التركيز على قتل وإلحاق الأذى بالمدنيين، ومنع تقديم المساعدات لهم ولا حتى الخدمات العلاجية، بعد منع سيارات الإسعاف الوصول للمصابين في مناطق عدة.

وأوضح عبد العاطي لـ«القدس العربي» أن قطاع غزة يمر بكارثة إنسانية، نتيجة تعمد الاحتلال ارتكاب أكثر من 300 مجزرة بحق المدنيين، ومعاناة المستشفيات في تقديم الرعاية الصحية نتيجة صعوبة التعامل مع مئات الحالات الحرجة التي بحاجة إلى علاج خارج القطاع، لكن الاحتلال يرفض السماح بنقل الجرحى إلى مستشفيات جمهورية مصر، من أجل قتل أكبر عدد من السكان المدنيين.

ولفت إلى أن منح الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر لإسرائيل منذ بداية الحرب لضرب قطاع غزة، دفع بإسرائيل إلى التغول وتعمد قتل المدنيين العزل وتهجيرهم من أماكن سكناهم خاصة من هم في المناطق الشمالية من قطاع غزة، وهذا أفرز أزمات كبيرة على المواطنين، الذين تكدسوا بالآلاف داخل مراكز الإيواء غير المؤهلة للعيش بداخلها في مناطق جنوب قطاع غزة، ويواجهون ظروفا قاسية ومعقدة بسبب سوء الأوضاع داخل مراكز الإيواء.
يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل شن عدوان على قطاع غزة للشهر الثاني على التوالي، موقعاً الآلاف من الشهداء والجرحى نتيجة تعمد استهداف المدنيين والمستشفيات التي تقدم الخدمات العلاجية للجرحى، في حين لا تزال هناك أكثر من 2700 جثة عالقة تحت ركام المنازل المدمرة وفق معطيات وزارة الصحة في غزة، بعد أن عجزت أطقم الدفاع المدني والإسعاف الوصول لها وانتشالها لانعدام المعدات اللازمة، إلى جانب منع الاحتلال كافة الطواقم من الوصول إلى الأماكن المستهدفة، وإن تمكنت من الوصول تطلق الصواريخ والقذائف تجاههم.

 

أ.ش

المصدر: القدس العربي