التفكير في التفكير.. أنماط التفكير ومهاراته وتنميته

التفكير في اللغة كما يذكر صاحب المصباح المنير: تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني.. والتفكر: التامل.. وعرف ابن منظور التفكير والتفكر بانه اعمال الخاطر في شيء.

التفكير سمة من سمات الانسان التي ميزته عن غيره من الكائنات الأخرى، يتم من خلال سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير يتم استقباله من خلال واحدة او اكثر من الحواس الخمس المعروفة، ويتضمن التفكير البحث عن معنى، ويتطلب الوصول اليه تأملا وامعانا للنظر في مكونات الموقف او الخبرة التي يمر بها الفرد، ومن خلال التفكير يتعامل الانسان مع الأشياء التي تحيط به في بيئته، كما انه في الوقت ذاته يعالج المواقف التي تواجهه بدون اجراء فعل ظاهري، فالتفكير يستخدم الأفكار والتمثيلات الرمزية للأشياء والاحداث غير الحاضرة التي يمكن تذكرها او تصورها او تخيلها..

 

 

التفكير في اللغة

 

التفكير في اللغة كما يذكر صاحب المصباح المنير: تردد القلب بالنظر والتدبر لطلب المعاني.. والتفكر: التامل.. وعرف ابن منظور التفكير والتفكر بانه اعمال الخاطر في شيء.. وقال العكبري الفكر جولان الخاطر في النفس.. وقال الراغب الفكر قوة مطرقة للعلم الى المعلوم والتفكر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل وذلك للإنسان لا للحيوان، ولايقال الا فيما يمكن ان يحصل له صورة في القلب..

 

ويرى الجرجاني ان الفكر هو ترتيب أمور معلومة لتؤدي الى مجهول..

 

والتفكير تفعيل أي الزيادة في التركيز لما يجري، وقد امرنا سبحانه وتعالى في كثير من آيات القران الكريم بإعمال الفكر والتفكير، (أفلا يتفكرون) وهناك مصطلح آخر يقاربه وهو التدبر، إلا أنه –أي التدبر- يأتي بعد التفكير؛ لأنه يحصل نتيجة الأول فلا تدبر دون تفكير..

 

لقد حظي التفكير باهتمام العديد من الباحثين والمربين حتى بات من اكثر الموضوعات دراسة وبحثا في مجال علم النفس التربوي، وقد عنيت المدارس الفلسفية والفكرية والتربوية بتنمية الفكر والتفكير كي يصبح الفرد اكثر قدرة على مواجهة الصعوبات والمشكلات التي تعترض طريقه في شتى مجالات الحياة، سواء اكانت اجتماعية ام اقتصادية ام تربوية ام فكرية ام غيرها..

 

 

تعريف التفكير

 

اختلفت وجهات نظر العلماء والباحثين التربويين حول تعريف التفكير اذ قدموا الكثير من التعريفات حيث عرفه ادوارد دي بونو بانه العملية التي يمارس الذكاء من خلالها نشاطه على الخبرة واخراجه الى ارض الواقع، مثلما يشير الى اكتشاف متبصر او متان للخبرة من اجل الوصول الى الهدف.. وعرفه جون ديوي بانه يشير الى وجود مشكلة او ازمة لذلك ينظم طريقة منهجية لحلها..

 

لهذا ارتبط التفكير العلمي بالطريقة المنهجية التي يستخدمها الانسان في التصدي لهذه المشكلات او التغلب عليها وتبسيطها..

 

وعرفه باريل بان التفكير بمعناه البسيط يمثل سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الانسان عند تعرضه لمثير ما بعد استقباله عن طريق احدى الحواس الخمس اما بمعناه الواسع فهو عملية بحث عن المعنى في الموقف او الخبرة..

 

ويعرف التفكير على انه عملية ذهنية يتطور فيها المتعلم من خلال عمليات التفاعل الذهني بين الفرد وما يكتسبه من خبرات بهدف تطوير الأبنية المعرفية والوصول الى افتراضات وتوقعات جديدة..

 

ويعرف ايضا على انه عملية معرفية عليا تبنى وتؤسس على محصلة العمليات النفسية الأخرى كالأدراك والاحساس والتخيل، وكذلك العمليات العقلية كالتذكر والتعميم والتمييز والمقارنة والاستدلال وكلما اتجهنا من المحسوس الى المجرد كان التفكير اكثر تعقيدا..

 

وعرفته موسوعة على النفس بانه نشاط ذهني او عقلي يختلف عن الإحساس والادراك الحسي ويتجاوز الاثنين الى الأفكار المجردة.. وهو عملية واعية يقوم بها الفرد عن وعي وإدراك، ولا تتم بمعزل عن البيئة المحيطة، أي أن عملية التفكير تتأثر بالسياق الاجتماعي والسياق الثقافي الذي تتم فيه.

 

التفكير واللغة

 

وهناك علاقة وثيقة بين اللغة والتفكير، فباللغة يعبر عن التفكير، ومن اللغة والتفكير تشكل وحدة معقدة لا تنفصل، ومهما يكن الموضوع الذي يفكر به الإنسان، فهو دائما يفكر بواسطة اللغة.

 

إن التفكير واللغة مترابطان لا نستطيع فصل أحدهما عن الآخر، خاصة في عملية الاستيعاب والفهم، ولذلك نرى أن اللغة لها أهمية كبيرة في تشكيل المفردات، ومن ثم الجمل، وتری النظريات الحديثة في مجال التطور اللغوي أن التفكير أساس اللغة، ممثلا ذلك في تخزين المفردات والجمل واستدعائها ولفظها بشكل صحيح، فاللغة لا تنفك عن الفكر، والفكر لا مجال للتعبير عنه بغير اللغة، وبها يبرز فكر الإنسان من حيث الكتمان إلى حيز الوجود، فينتقي الإنسان ألفاظه وتعبيره وينشئ الكلام ويركب الجمل المفيدة، ويعيد النظر في كلماته لتطابق فكره، وتعتبر اللغة ثمرة من ثمار التفكير الإنساني، بها يقوم العقل بالعمليات التفكيرية من تجريد وإدراك وتحليل واستنتاج وحكم وربط للعلاقات، وإدراك لها من بين الظواهر.

 

حتى يصبح المتعلمون مهرة في اللغة، يجب عليهم إتقان ميكانيزمات اللغة، وتعلم النظام اللغوي، كما أن إتقان اللغة يجب ألا يقف فقط عند تعلمها فحسب، بل لا بد من ممارستها واستخدامها، كما أن استعمال المعنى ومعرفته لا يكفيان المتعلمين من أجل إتقان اللغة، ولكي يصبح المتعلمون مهرة في اللغة عليهم بالإضافة إلى استخدامها، ومعرفة المعنى إظهار التفكير الناقد و الإبداعي خلالها، مما يجعل المتعلمين مبدعين في إنتاج الفكر، ودعمها بتفسيرات منطقية وتفاصيل وأمثلة.

 

 

أغراض التفكير

 

أما متعلمو القراءة الإبداعية فعليهم التمكن من ربط أفكارهم وتوحيد استجاباتهم بطرق إبداعية، واستخدام التوسع، ونماذج التفكير المختلفة، وعلى متعلمي القراءة الناقدة التمكن من تحديد مبررات جيدة والاستشهاد بها في آرائهم أو إجاباتهم، والتكيف مع الانتظام ومخالفة القواعد والمحددات الخاصة والتقييد والتعميمات.

 

أ.ش