إتفاق الهدنة الإنسانية المؤقتة

ان تبني خيار المقاومة (وليس التسويات والمفاوضات) هو القرار الصحيح الناجع لانتزاع الحقوق المسلوبة وتحرير الاسرى وتثبيت حق العودة وتحرير الارض من النهر الى البحر

لندن – د. احمد الزين

 

لا شك فيه بان سريان الهدنة الإنسانية المؤقتة وعملية تبادل الإسرى والمحتجزين، اليوم، بين حركة المقاومة الفلسطينية وعلى رأسهم حركة حماس والكيان الصهيوني المحتل، هو بمثابة إعتراف صريح بانتصار صمود أهل غزة.. وانتصار دم الاطفال والنساء على السيف الصهيوني القاتل، وهو ايضا انتصار لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الاخرى، الذين حققوا هدفا انسانيا ساميا من جملة Hهداف عملية “طوفان الاقصى” المرسومة وهو بدء تحرير الاسرى الفلسطينين من السجون الصهيونية.. وهذا ما يؤكد قطعا بان تبني خيار المقاومة (وليس التسويات والمفاوضات) هو القرار الصحيح الناجع لانتزاع الحقوق المسلوبة وتحرير الاسرى وتثبيت حق العودة وتحرير الارض من النهر الى البحر.. وان اعداد العدة والقوة والاقتدار واعتماد خيار الكفاح المسلح هو الطريق الامثل لمواجهة غطرسة العدو الصهيوني الغاصب الذي تمادى كثيرا في تكريس الاحتلال والاستيطان والعدوان والطغيان.. ولا يزال مستمرا في سياساته العدوانية والاجرامية من خلال القصف الوحشي والابادة الجماعية والتدمير الممنهج وفرض الحصار على قطاع غزة..

 

مع بدء تنفيذ بنود اتفاق الهدنة وتبادل الاسرى والمحتجزين، يكون الكيان الصهيوني قد راكم على نفسه هزيمة اخرى بعد هزيمة الميدان في غزة أثناء التوغل البري وتكبد جيشه خسائر فادحة موثقة بالصوت والصورة.. كما ان إعلان نتنياهو قبول الهدنة مرغما يعتبر خسارة سياسية له ولحكومته الحربية المصغرة وهذا ما يرتب تداعيات كبيرة على قيادته الكفوءة المزعومة ومستقبله السياسي والتي ستقوده حكما الى المحاكمة والسجن، لانه تغطرس وتجبر وتكبر وتعنتر وتأسد وصعد الى اعلى الشجرة ووضع اهدافا عالية السقف صعبة التحقيق منها إجتثاث حماس وقتل قادتها، وتدمير بنتيها وقدراتها العسكرية والمؤسساتية، وتدمير الانفاق، وتحرير الاسرى الصهاينة دون قيد او شرط.. او تحريرهم بالقوة من خلال الاجتياح البري للجيش الصهيوني وإحتلال غزة بالكامل. وكل هذه الاهداف المرسومة لم يستطع نتنياهو ان يحقق اي منها بسبب بسالة وجرأة وإقدام المقاومة الفلسطينية واقتحام العدو على مسافة الصفر، وإغراق الجيش الصهيوني وآلياته في مستنقع رمال غزة وإنزال أشد الضربات به.. حتى جعلوا غزة مقبرة الغزاة الصهاينة.

 

وقد توهم نتنياهو بان من خلال الدعم الامريكي والاوروبي له بامكانه ان يحقق حلمه التوارتي القديم بتصفية القضية الفلسطينية واستكمال إنشاء دولته اليهودية على كامل ارض فلسطين التاريخية خالية من الفلسطينين.. من خلال فرض التهجير القسري لاهل قطاع غزة من شماله الى جنوبه ومنها الى مصر او صحراء سيناء او العريش.. وربما يأتي دور الفلسطينين في القدس والضفة الغربية وتهجيرهم الى الاردن (وهذا لن يتحقق ابدا باذن الله).. لذلك عمد نتنياهو وجيشه الصهيوني الغازي الى تنفيذ عملية التطهير العرقي للشعب الفلسطيني من خلال القصف والقتل وارتكاب المجازر والجرائم بحق الاطفال والنساء والمسعفين والاطباء والممرضين والاعلاميين.. وهذا ما يفسر استهدافه للمجمعات السكنية والابنية والمدارس والمخابز والمساجد والكنائس والمستشفيات والمقرات الاممية حتى يقضي على كل معالم الحياة البشرية في غزة.. وربما يذهب ابعد من ذلك بتسوية قطاع غزة بالارض ومسحها من الخارطة الجغرافية.. ولكن ثبت بان “المنتصر بالباطل مهزوم” كما يقول الإمام علي (عليه السلام)، لان الصيهونية هي عدوان على الانسانية، وهي عقيدة سياسية باطلة وملعونة.. وان “إسرائيل شر مطلق”، كما يقول الامام موسى الصدر.. وان المقاومة هي حالة إنسانية تحقق إنسانية الانسان.. وهي حق ثابت و”خير مطلق”، لذلك المقاومة هي المنتصرة دائما في نهاية المطاف بتسديد من الله تعالى.

 

وبعد، جاءت هذه الهدنة المؤقتة لتقضي على كل أحلام نتنياهو وحكومته الصهيونية من جهة، ومن جهة ثانية لتثبت للعالم بان أهل غزة أبطال صامدون ومتجزرون بارضهم ولن يرضخوا للمحتل الغازي الصهيوني مهما كانت التضحيات كبيرة بخسارة أبنائهم وأرزاقهم.. لانه هذه الدماء الذكية التي سالت إنما هي في عين الله وانها سقطت في يد الله.. وهذا يثبت انتصار الدم على السيف.. وقد خرج أهل غزة من تحت الركام والحطام والدمار ليعلنوا للعالم اجمع بان كل ما فقدوه وعانوه هو فداء للمقاومة الفلسطينية الباسلة.. وهم داعمون لها ومقتنعون بها لانها تدافع عنهم وعن أرضهم فلسطين وعن شرفهم وإعراضهم ووجودهم.. ومعتقدون يإيمانهم وصبرهم بان هذه الدماء المباركة لن تذهب هدرا لانها ثمن الحرية والعزة والكرامة والتحرير والاستقلال..

 

أ.ش