المحتوى الفلسطينيّ في المواجهة.. ماذا عن حملات الإبادة!

كشفت نتائج التحقيق عن حقيقة تثير القلق، حيث تظهر أن ميتا تحقق أرباحاً من نشر المحتوى الضار على منصاتها

2023-11-26

في استقصاء أجراه مركز حملة، تم اختبار فعالية سياسة إدارة المحتوى التابعة لشركة ميتا في منع خطابات الكراهية والتحريض على العنف والتعامل معها في الإعلانات الممولة على منصاتها، كشفت نتائج التحقيق عن حقيقة تثير القلق، حيث تظهر أن ميتا تحقق أرباحاً من نشر المحتوى الضار على منصاتها، وكانت الإعلانات التي تحث على ارتكاب جرائم قتل ضد أفراد معينين، والتي تشجع على طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن، هي المحرك الرئيسي وراء هذا الاختبار الذي نفذته حملة، وأظهر التحقيق تسريع عمليات الموافقة على تسعة عشر إعلانًا يحتوي على خطابات كراهية وتحريض باللغة العبرية، استهدفت العرب والفلسطينيين/ات في سياق الحرب على غزة، تكشف هذه النتائج عن فشل آليات “المراجعة الآلية واليدوية” المخصصة لشركة ميتا، والتي تهدف إلى حظر المحتوى الإعلاني المحفز على التحريض على منصاتها، ما أدى إلى تحقيق الشركة لمكاسب مالية غير متوقعة من نشر هذا النوع من الخطاب.

 

 

حملات عنف مدعومة

 

في إطار التحقيق، تم اختبار مصنفات العنف باللغة العبرية التابعة لشركة ميتا وأساليب تنفيذ معايير الإعلان الآلية المتبعة، وقد قام المركز بنشر حملة الإعلان، وتمت الموافقة على الإعلانات التي تضمنت دعوات لـ “محو غزة ونسائها وأطفالها وشيوخها” وتحتوي على عبارات تحريضية صريحة تدعو إلى العنف والقتل وحرق غزة، فضلاً عن دعوات لترحيل السكان إلى بلدان أخرى وتنفيذ نكبة ثانية، يشير هذا التحقيق إلى إخفاق آليات “المراجعة الآلية واليدوية” التابعة لشركة ميتا في حظر محتوى إعلاني يحث على التحريض على منصاتها.

 

وفي هذا التحقيق، قام مركز حملة أيضاً باختبار الإعلانات باللغة العربية، حيث تمت الموافقة على جميع الإعلانات العربية أيضاً، يأتي هذا في سياق التطورات المقلقة في فيسبوك التي تسمح بحملات إعلانية تستهدف الفلسطينيين بلغتهم الأم، وفي سياق مثالي، بدأت صفحة فيسبوك تحمل اسم “هاجروا الآن” مؤخرًا في نشر إعلانات تحث “العرب في يهودا والسامرة” (الاسم التوراتي للضفة الغربية) على الهجرة إلى الأردن “قبل فوات الأوان”، يُعتبر استخدام هذه اللغة المشفرة استخدامًا واضحًا للترهيب، ويُشدد على أنه لا ينبغي لها أن تجد مكانًا على منصات ميتا.

 

وفي الشأن ذاته، أعرب مركز حملة عن أمله في أن تتعامل ميتا بجدية مع هذه القضية، مُشيرًا إلى أن لدى شركة التواصل الاجتماعي العملاقة هذه تاريخًا حافلًا في الاعتذار عن مشكلات فردية دون اتخاذ أي إجراءات جدية لإيجاد حلول منهجية، وهدف التحقيق كان تقييم قدرة المنصة على رصد ومنع نشر المحتوى الضار، وقد أظهرت سرعة الموافقة المثيرة للقلق خلال ساعة واحدة، والنشر المجدول لهذه الإعلانات، نقاط ضعف كبيرة في النظام، يجدر بالذكر أن مركز حملة لم ينوِ بشكل فعلي إطلاق الإعلانات، وتم إيقاف النشر قبل أن يظهر أمام الجمهور، نظرًا للطبيعة التجريبية للاختبار.

 

 

قصور كبير في ميتا

 

أكدت المعلومات أن النتائج تشير إلى إنه من الضروري ل”ميتا” معالجة نواحي القصور هذه، ليس فقط في تصنيفاتها ولكن أيضًا في بروتوكولات إدارة المحتوى الخاصة بها، منذ فترة طويلة، أعربت منظمات المجتمع المدني الفلسطينية عن مخاوفها بشأن تزايد انتهاكات الحقوق الرقمية الفلسطينية على منصات ميتا، وأكد تقرير مستقل حول العناية الواجبة بحقوق الإنسان، الذي قامت به منظمة الأعمال من أجل المسؤولية الاجتماعية، على القضايا المتعلقة بعدم وجود مصنفات اللغة العبرية، ودعا إلى تعزيز جهود ميتا في مواجهة خطابات الكراهية والتحريض، ويظل انتشار خطاب الكراهية والتحريض يهدد التزام ميتا الواضح بحماية سلامة وكرامة جميع المستخدمين/ات على منصاتها.

 

وطالب مركز حملة شركة ميتا باتخاذ إجراءات فورية لمنع المزيد من استغلال منصاتها في نشر خطاب الكراهية والتحريض على العنف، مشددًا على أن الشركة تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية لمنع انتشار خطاب الكراهية والتحريض عبر منصاتها، وأشار إلى أن هذا الخطاب يشكل خطرًا متزايدًا في تحويل التحريض الافتراضي إلى أفعال عنيفة تؤثر على الأفراد والمجتمعات الفلسطينية.

 

وتثير بعض القضايا المتعلقة بمحتوى منصات التواصل الاجتماعي قلقًا، حيث يتساءل البعض عن الآليات المستخدمة لرصد ومنع المحتوى الضار، ويتعين على الشركات المعنية مراجعة سياستها والعمل على تعزيز الشفافية وحماية المستخدمين من أي تحريض أو محتوى كراهية، وتُلقي الحملات على منصات التواصل الاجتماعي بظلالها على حرية التعبير، حيث تشير تحقيقات إلى استخدام تهمة “معاداة السامية” كوسيلة لقمع الرأي وتقييد حرية التعبير، على الرغم من أن هذه التهمة تُستخدم بشكل تجاري لفرض رأي معين، إلا أنها تعتبر أداة للضغط والتأثير على المنظمات والأفراد.

 

وأحد الأمثلة على ذلك هو إيلون ماسك، الذي تعرّض لحملة منظمة من قِبل لوبيات صهيونية، انتقدته بسبب مواقفه ورأيه النقدي في السياسات الإسرائيلية، تأثرت شركاته ومنصاته الرقمية بشكل كبير، حيث تكبد خسائر مالية بلغت مليارات الدولارات نتيجة لحملة مستمرة ضده، وهذه الحملات تُظهر تأثير الضغوط السياسية والاقتصادية على حرية الرأي، وتبرز التحديات التي تواجه الأفراد والمنظمات التي تعبر عن آراء نقدية تجاه السياسات الإسرائيلية، رغم محاولات إسكاتهم، يظل بعض الأفراد والمنظمات وفي طليعتهم إيلون ماسك، ملتزمين بالدفاع عن حقوقهم وحرية التعبير، مع استمرار الحملات ذات الطابع السياسي في التأثير على المشهد الرقمي والإعلامي.

 

النتيجة، يظهر بوضوح أن الشركات الكبرى، مثل فيسبوك، تواجه تحديات جديدة في مواجهة التبعية والتعامل مع القضايا السياسية الحساسة، التأثير للدولة الإسرائيلية على بعض هذه الشركات يثير الشكوك ويتطلب مراجعة جادة للسياسات والإجراءات، ومن المهم أن تكون هناك شفافية في التعامل مع المحتوى على المنصات الرقمية واحترام حقوق الإنسان وحرية التعبير لجميع المستخدمين، والدعوة إلى مراجعة العلاقات بين الشركات الكبرى والحكومات تبرز أهمية تجنب التواطؤ في قمع الأصوات والتأثير في الرأي العام، يتطلب ذلك إعلانًا صارمًا لسياسات تعامل عادلة ومحايدة، والتأكيد على احترام حقوق الإنسان، وإن التحالفات السياسية المشكوك فيها والتعاون مع الأطراف المعينة تعقد الأمور وتعزز التوتر في المنطقة.

 

ومن الناحية الأخرى، يظهر الخوف الإسرائيلي من التضامن العربي والعالمي كعلامة على قوة الصوت الشعبي وأثره الكبير، حيث إن منصات التواصل الاجتماعي تلعب دورًا مهمًا في التعبير عن التضامن وتسليط الضوء على الظلم، وهذا يثير مخاوف السلطات التي قد تتجلى في محاولات قمع وإشاعة الخوف، ويظهر أن الكيان الإسرائيلي يواجه تحديات متنوعة، سواءً من خلال المقاومة في الأراضي المحتلة أو دعم الجماهير العالمية، على الرغم من عدم دعم معظم الحكومات للكيان، فيما يتغير المشهد تدريجياً بفضل المعارضة المتنامية داخل الشركات والمؤسسات، ومع استمرار التطورات، يمكن أن تظهر المزيد من التفاصيل وتكشف الأيام القادمة عن تأثير هذه التحولات والفضائح المتنامية للكيان وداعميه.

 

أ.ش