أطفال الحروب.. كيف تدعمين طفلك المحطّم نفسيا بسبب الحرب؟

يشاهد كثير من الأطفال في شتى أنحاء العالم تفاصيل الحروب الدائرة على الشاشات، ويتأثرون بها أيضا، فما هي الآثار النفسية التي تتركها عليهم الحروب، وكيف يمكن مساعدتهم على النجاة من أثرها السلبي؟

2023-12-02

سميرة عوض

 

يعيش كثير من الأطفال معاناة الحروب والصراعات ويعانون من ويلاتها، ومنها التجربة القاسية التي يعيشها أطفال غزة حاليا جراء حرب الاحتلال الإسرائيلي على بلدهم.

 

وكحال غزة تتعرض عدد من البلدان لصراعات وحروب تترك أثرها العميق في الأطفال، ومنها أفغانستان والسودان والعراق وسوريا وغيرها.

 

يشاهد كثير من الأطفال في شتى أنحاء العالم تفاصيل الحروب الدائرة على الشاشات، ويتأثرون بها أيضا، فما هي الآثار النفسية التي تتركها عليهم الحروب، وكيف يمكن مساعدتهم على النجاة من أثرها السلبي؟

 

 

شجعيه على التعبير

 

“أطفال الحرب حساسون وموجوعون”، لذا علينا أن نخاطب عواطفهم، وليس فقط أن نطمئنهم بطريقة ملموسة.

 

علينا السماح لهم بالتعبير عما بداخلهم، ومساعدتهم بإيجاد المفردات المناسبة للتعبير عما بداخلهم من الشعور بفقدان الأمان، ليفرغوا الخوف والغضب، أو الوحدة التي بداخلهم للذين خسروا أهلهم.

 

وتبين صعب -وهي التي عاشت تجربة الحرب في لبنان إبان طفولتها- أنه ليس من المفروض أن نقول للأطفال “أنتم أقوياء.. ليس مفروضا عليهم أن يبقوا أقوياء في هذا العمر، نحن نحمّلهم أكثر من طاقتهم، من المفروض أن ندعهم يحزنون، ولكن يجب علينا أن نسلحهم بالإيمان الذي يجعلهم يتقبلون ما حدث، وأن من استشهدوا {أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} لنساعدهم على التكيف مع الواقع”.

 

 

لا تمنعيه من البكاء

 

“علينا أن نتجنب قول: لا تبك، فهذا أخطر ما نقوله لأطفالنا، فإذا كان يشعر بالحزن يجب أن يبكي للتعبير عن مشاعره”، وفقا لصعب.

 

وتستدرك أنه يجب أن نعلّم الطفل كيف يتصرف إن حصل شيء، وكيف يحمي نفسه بحسب عمره، ففي السن الصغير لا نستطيع إعطاءه إرشادات، لكن من الضروري أن نُشعره بالأمان وبأنه لديه مساحة للتعبير عما بداخله بطريقته.

 

والأطفال بالغو الحساسية، فكيف لو كانوا في ساحة الحرب نفسها كما في غزة، يكفي أن العدو يرعبهم. لذا علينا تعويض الجزء المعنوي من خسارتهم لطفولتهم بالتقرب منهم واحتضانهم، خاصة الذين فقدوا أهلهم، فهؤلاء بحاجة لأشخاص “يطبطبوا عليهم” ممن حولهم، ليعطوهم الدفء والحنان.

 

 

جنبيه مشاهدة مناظر قاسية ما أمكن

 

وتنبه صعب إلى أنها هنا لا تتكلم فقط لأنها أخصائية نفسية، “بل كشخص عاش الحرب فعليا في لبنان عندما كان عمري أقل من 3 سنوات، وما زلت أتذكر صورة رأيتها على شاشة التلفزيون لمجزرة وعلقت برأسي، مع العلم أن أهلي كانوا حذرين من أن نشاهد هذه المناظر، وبقيت الكوابيس تلاحقني لوقت طويل.. وإلى الآن أتذكرها”.

 

ولهذا تنصح صعب الأهل بعدم تعريض أطفالهم لمشاهدة صور الحروب على شاشات التلفاز، لأنها سوف تعلق بذاكرتهم، وقد تتسبب لهم بمشكلات نفسية لاحقا.

 

مشكلات نفسية

 

أما المستشارة الأسرية والمرشدة المجتمعية همسة يونس، فتؤكد أن ما يتعرض له أطفال الحروب من مشاهد رعب وقتل ودمار “سيترك آثاراً نفسية سلبية عديدة عليهم، سواء على المدى القريب أو البعيد، لذلك هم بحاجة إلى جلسات تأهيل نفسي تجعلهم يخرجون من هذه الحرب بأقل الخسائر النفسية”.

 

فرغيه من الانفعالات النفسية

 

وفقاً لما رأيناه على الشاشات وما تحدّث به أهل غزة، فإن هذه الحرب كانت الأقسى والأكثر شراسة، وهذا يتطلب مجهوداً أكبر من الأهل والأطفال لتجاوز التراكمات النفسية المترتبة على الحرب، كما تقول يونس.

 

وترى أن غالبية أهل غزة مرت عليهم حروب سابقة، وواجهوا مع أطفالهم الكثير من الخوف والألم النفسي، وكانوا يحاولون جهدهم احتواء أطفالهم ومساعدتهم لتخطي هذا الألم النفسي.

 

أ.ش