بقيت رمزا سياسيا للفلسطينيين بعد النكبة

الكوفية الفلسطينية رمز للمقاومة والهوية الوطنية

تحولت الكوفية من غطاء للرأس في المناطق الريفية والبدوية في المشرق العربي إلى رمز للمقاومة السياسية.

2022-12-23

تجاوزت الكوفية الفلسطينية العالم العربي ووصلت إلى العالمية بوصفها لباسا مفضلا لدى المتظاهرين السياسيين ورمزا للمقاومة ورفض الظلم والعنصرية، وأصبح جزءا من النضال ضد الاستعمار والإمبريالية في العالم خصوصا لدى المتظاهرين اليساريين في العالم.

وتقول الدراسات التراثية إن الكوفية سُميت بهذا الاسم نسبة لمدينة الكوفة في العراق، حيث كانت تنتشر صناعتها قديما، والتي أصبحت فيما بعد رمزا وطنيا فلسطينيا، وتجاوز استخدامها المنطقة العربية واكتسبت شعبية بين المتضامنين مع الفلسطينيين في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.

ورغم أن ولادة الكوفية الفلسطينية كانت في البدايات جزءا من حياة الفلاح الفلسطيني الذي اعتاد وضع الكوفية أو (الحطة) لتجفيف عرقه أثناء حراثة الأرض في فصل الصيف ولتحميه من برد وأمطار الشتاء.

إلا أنها تحولت من غطاء للرأس في المناطق الريفية والبدوية في المشرق العربي إلى رمز للمقاومة السياسية أثناء ثورة فلسطين الكبرى ما بين عامي 1936 و1939 التي لعب فيها الريف الفلسطيني دورا مهما، فقرر زعماء الثورة الفلسطينية لأسباب رمزية توحيد لباس الرأس عند الفلسطينيين فنادوا بلبس الكوفية والعقال لرجال فلسطين حتى يتعذر على سلطات الانتداب تمييز الثوار واعتقالهم، وفي هذه المرحلة استغني بشكل واسع عن العمامة والطربوش المستمدة من التراث العثماني.

وقام البريطانيون بدعوات فاشلة بين البريطانيين لحظر أغطية الرأس مما ساعد على انتشار لبس الكوفية وتحولها إلى رمز في الثقافة الفلسطينية وحتى العربية، واتحد الفلسطينيون في تبني الكوفية كدليل على التضامن، وبقيت رمزا سياسيا للفلسطينيين بعد النكبة وإقامة دولة الاحتلال.

كان اللون التقليدي هو اللون الأحادي، الأبيض أو الأسود في الغالب في بلاد المشرق العربي، ولاحقا انتشرت الكوفيات ذات التصاميم المطرزة آليا، ومع بروز حركة المقاومة الفلسطينية في الستينيات، حرص الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ( أبو عمار) على الظهور بها بشكل دائم .

وكانت الكوفية مقرونة بالفدائي الفلسطيني وسلاحه، وكانت توضع لإخفاء ملامح الفدائي. ونتيجة لذلك أصبحت تلك الكوفية رمزا وطنيا لنضال الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية، واتخذتها حركة فتح شعارا لها ووضعتها على شعار الحركة (درع العاصفة).

ووفقا لأستاذ الأنثروبولوجيا في جامعة أركنساس الأمريكية تبد سويدنبرغ فقد حظرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي العلم الفلسطيني بدءا من عام 1967 حتى اتفاقيات أوسلو عام 1993، حيث أصبحت الكوفية رمزا قويا للنضال الفلسطيني.

ويقول سويدنبرغ إن “الرموز المحمولة والمرئية” كانت مهمة للفلسطينيين، مضيفا أنه مع حظر العلم الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي على مدار 30 عاما، أصبحت الكوفية “بمثابة التعبير البصري عن الهوية الفلسطينية”.

كما أصبحت الكوفية مع الوقت جزءا من الذاكرة البصرية المرتبطة بنضال الشعب الفلسطيني حيث ارتداها الفدائيون والمتظاهرون داخل فلسطين وخارجها، وانتشرت في ملصقات التضامن مع الشعب الفلسطيني، ولعل صورة المناضلة الفلسطينية ليلى خالد أشهرها، إذ انتشرت في الصحافة العالمية بعد عمليتي اختطاف الطائرتين وتظهر فيها ليلى خالد متوشحة بالكوفية وتحمل بندقية.