لندن – د. أحمد الزين
وقد شكّلت هذه الانظمة الغربية المتصهينة رافعة إنقاية استعمارية صليبية.. انتشلت بها هذا الكيان المهزوم والمأزوم والمتهاوي والمتدحرج نحو شفير الانهيار وعلى حافة هاوية الخطر الوجودي.. وفي الصورة المعاكسة للمجتمع الغربي برزت متغيرات إيجابية في مزاج أغلبية الرأي العام البريطاني الذي أنحاز الى صوت الضمير الانساني واهتزت مشاعره بسجيتها العفوية، وأظهر كما هائلا من التعاطف الانساني امام هول الكارثة الانسانية التي حدثت في غزة أزاء المجازر والجرائم الصهيونية والابادة الجماعية.. وهذا الكم الهائل من قتل الاطفال والنساء والشيوخ في غزة والتي لاقت التنديد والادانة من اغلبية الرأي العام الغربي عموما والبريطاني خصوصا.. وهذه المذابح البشرية الهمجية والابادة الجماعية الوحشية ترقى الى مستوى جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب مكتملة الاوصاف والوقائع والبراهين المرئية والمحسوسة والتي لا تقبل امكانية نقضها او دحضها او تبريرها او الدفاع عنها.
ومن أثار هذه التغييرات، بدأ الحديث عن التدهور المتوقع في العلاقات البريطانية الاسرائيلية قد تؤدي الى نشوب ازمة دبلوماسية وسياسية بين بريطانيا و”إسرائيل” على خلفية التصريحات العنصرية للسفيرة الإسرائيلية لدى بريطانيا “تسيبي هوتوفلي”، والتي تستخدم مفردات همجية ولغة بريرية تدعى فيها الى الابادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة بشكل فاضح وعلني، تخالف بذلك كل الاعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية والقانون الدولي الانساني وقانون حماية المدنيين وحقوق الانسان في زمن الصراعات والنزاعات والحروب.
كما ترفض السفيرة الاسرائيلية “هوتوفلي” الصهيونية المعروفة بآرائها المتطرفة والمتشددة، فكرة السلام بين الفلسطينين والاسرائيليين وفكرة حل الدولتين والتي تنص عليها القرارت الشرعية للامم المتحدة، والتي تصرّح ايضا بكل وقاحة وتبجح، بانه لا لاحتمال قيام دولة فلسطينية مستقبلية في “إسرائيل” على الاطلاق. فيما يستمر الكيان الصهيوني كل يوم من ارتكاب مجازر بشرية وجرائم بشعة وابادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في غزة.. والسعي الى الدفع نحو التهجير القسري والتطهير العرقي والفصل العنصري في قطاع غزة والضفة الغربية، والقيام بمحاولات يائسة للزجّ بهم وتهجيرهم الى البلدان المجاورة، عبر مخطط بريطاني صهيوني، والتي كشفت عنه قناة “إسرائيلية” بتكليف تونى بلير، رئيس وزراء بريطانيا الاسبق، بتنفيذ التهجير الطوعي للفلسطينيين، وتحدثت عن خطته لإقناع بعض الدول العربية ودول أوروبا باستقبال لاجئين فلسطينين من قطاع غزة، ودفعهم إلى التخلى عن أرضهم وتفريغه من سكانه، لتحقيق حلم ومصالح “إسرائيل” التوسعية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني والتي تعتبر أساءة وانتهاك صريح ومخالفة فاضحة للقانون الدولى والشرعية الدولية.
وفي هذا السياق، قدمت دولة جنوب افريقيا دعوى قضائية ضد “إسرائيل” امام محكمة العدل الدولية بشأن ارتكابها انتهاكات وأبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني وعدم التزامها بالاتفاقيات الدولية وخرقها لمعاهدة الابادة الجماعية خلال حربها على قطاع غزة. وقد دعم جنوب افريقيا في الدعوى المقدمة كل من الاردن وتركيا وماليزيا ومنظمة التعاون الاسلامي.. وقد حددت محكمة العدل الدولية، بمقرها في مدينة لاهاي الهولندية، يوم 11 يناير/كانون الثاني 2024، موعدا لعقد الجلسة الأولى للنظر بطلب جنوب افريقيا محاكمة “إسرائيل” بتهمة ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينين.
وهذا ما شجع النشطاء العرب والانكليز والمنطمات الحقوقية في بريطانيا والجمعيات المؤيدة للقضية الفلسطينية الى تشكيل عريضة وتقديمها الى البرلمان البريطاني والتي تطالب فيها فتح باب المساءلة في ضوء التصريحات الأخيرة للسفيرة الإسرائيلية، والعمل عل طردها من بريطانيا على إثر دعوتها لإبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي تشكل تهديدا خطيرا لاسس التعايش السلمي وقيم التسامح بين أطياف المجتمع البريطاني المتنوع دينيا وثقافيا وعرقيا وإثنيا..
وبدأت العريضة البريطانية تكتسب زخما وتأييد شعبيا كبيرا، وقد تم بالفعل تجميع حوالي 80 الفا و450 توقيعا، وكل يوم التواقيع تزداد وتتوسع الائحة. وبعد الحصول على 100 ألف توقيع، يتم النظر في الالتماس للمناقشة في البرلمان البريطاني وفق القانون البريطاني.
وهذا الاستحقاق الانساني هو امتحان كبير واختبار قاطع للحكومة البريطانية ونظامها وقادتها لنرى هل ستستجيب لرأي الاغلبية وتنحاز الى القانون وقيم الديمقراطية والقيم الانسانية ام ستتعامى عنه وتحمي الجلاد والمجرم وتتغاضى عن جرائمه ومجازره، وتتبع سياسة ازدواجية المعايير، وتستمر في دعم وتأييد الكيان الصهيوني وتغطيته سياسيا واعلاميا، وتنحاز بالكامل الى المصالح السياسية والاقتصادية من منظور العقلية الاستعمارية المتوحشة على حساب الشعوب المظلومة وقيم الديمقراطية والمبادىء الانسانية وحقوق الانسان.
انتطروا إنا منتطرون..
أ.ش