التناقض في تصريحات نتنياهو: اليمين ومعضلة اتخاذ القرار

أكدت حماس رسمياً على لسان مسؤوليها مطالبتها بوقف إطلاق نار بشكل كامل، في غزة كشرط مسبق لأي اتفاق

2024-02-03

تكثفت الجهود والدعوات من أجل التوصل إلى وقف إطلاق نار في قطاع غزة، وسط تفاؤل حذر في سبيل إبرام صفقة تبادل للأسرى والمحتجزين بين حركة حماس و”إسرائيل”. في سياق ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري، إن حركة حماس تسلّمت مقترح وقف إطلاق النار في أجواء إيجابية وبانتظار ردها. فماذا في تفاصيل تصدّر ملف صفقة التبادل إلى الواجهة؟

 

 

المواقف المعلنة

 

مراراً أكدت حماس رسمياً على لسان مسؤوليها مطالبتها بوقف إطلاق نار بشكل كامل، في غزة كشرط مسبق لأي اتفاق، خصوصاً فيما يتعلق بالإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين، في المقابل يريد نتنياهو أن يقول للمجتمع الإسرائيلي أنه قادر على استعادة الأسرى مع استمرار الحرب. لا يمكن الإغفال عن نوايا الاحتلال من تجريد المقاومة الفلسطينية من هذه الورقة الموجودة بيدها والتي يقف بالتوازي معها المنجزات والصمود الميداني العسكري.

 

من جانبها، تتحدث الحكومة الإسرائيلية عن هدنة محتملة، ولكنها تستمر في التأكيد أنها لن تنهي حربها على غزة إلا بعد القضاء على حماس، وإطلاق سراح المحتجزين، وبعد حصولها على ضمانات بشأن أمن إسرائيل في المستقبل.

 

 

التناقض في تصريحات نتنياهو

 

يجب التوقف عند مواقف نتنياهو، لأنه يقدم إشارات متناقضة إزاء صفقة التبادل، المفترض أن رئيس الموساد لم يذهب إلى باريس إلا بتعليمات وتوجيهات منه، والذي كان طرفاً في صياغة المبادرة المطروحة، وكلام نتنياهو المخالف للمبادرة يظهر مراوغة ومحاولة لكسب الوقت أمام أهالي الأسرى، في هذا الصدد، كشفت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل من صفقة تبادل محتملة بين حركة حماس وإسرائيل، أكد فيها نتنياهو أن الصفقة المرتقبة لن تكون بأي ثمن، وإن لديه خطوطاً حمراء. واعتبرت القناة أن “جوهر الخلاف من الجانب الإسرائيلي ليس بالضرورة في عدد السجناء الأمنيين (الأسرى الفلسطينيين) الذين ستضطر إسرائيل إلى إطلاق سراحهم من السجون، بل نوعيتهم”. ولفتت إلى أن صفقة تشمل إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين الذين أدانتهم إسرائيل بالضلوع في هجمات أسفرت عن قتل إسرائيليين “سيكون من الصعب على الجمهور والسياسيين هضمها”.

 

وتعليقاً على موقف نتنياهو، أعرب مسؤول إسرائيلي مطلع على سير المفاوضات، عن مخاوفه من أن يدفع رئيس الوزراء حركة حماس إلى “نسف الصفقة”. ونقلت صحيفة “هآرتس” عن المسؤول -الذي لم تسمه- قوله إن هناك مخاوف “من أن يكون الهدف من التطرف في تصريحات نتنياهو في الأيام الأخيرة تشجيع حماس على التشدد في مواقفها ونسف الصفقة”.

 

 

اليمين الإسرائيلي واتخاذ القرار

 

داخل الحكومة يقف سموتريش وبن غافير بشكل واضح في مواقفهم، إذ يعطيان الأولوية إلى استمرار الحرب، وهما لا يقيمان وزناً للأسرى الإسرائيليين، بل أكثر من ذلك يدعوان إلى إعادة الاستيطان داخل القطاع. بالتالي، يعبران عن مواقف الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة، التي تحاول ابتزاز نتنياهو وقطع الطرق على أي جهود لوقف الحرب. لا بد من الإشارة إلى العطب الموجود في المؤسسة الإسرائيلية التي تعاني من أزمة على صعيد اتحاذ القرار وعلى رأسهم نتنياهو الذي يقترب من النقطة التي سيتعين عليه فيها اتخاذ القرار: صفقة أم لا. هذه الإدارة لم تستطع أن تحدد بعد موقفها من اليوم التالي للحرب، أي ما هي الرؤى السياسية والاستراتيجية للكيان الإسرائيلي من هذه الحرب في ظل عدم القدرة على تحقيق الأهداف، ومحدوديّة العمل العسكري واستخدام القوة. أما الحديث عن “النصر الحاسم” فهو مجرد خطاب يفتقد إلى الممارسة العملية التي يدفع ثمنها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

 

صمود المقاومة الفلسطينية، وصمود المجتمع الفلسطيني، وتعثر الجيش الإسرائيلي في تحقيق أهدافه، وتصاعد ملف الأسرى، واحتلاله مكانة مهمة على أجندة السجال والنقاش السياسي داخل إسرائيل، بخلاف ما كان عليه الأمر أول الحرب، من شأنه أن يفضي إلى تحول مهم بما يخالف الآراء المتطرفة خلف نتنياهو، ويحسّن من شروط حماس، وخصوصاً فيما يتعلّق بأعداد المحررين من الطرفين، وتقدّر إسرائيل وجود نحو 136 أسيراً إسرائيلياً في غزة، في حين تحتجز في سجونها ما لا يقل عن 8800 فلسطيني، بحسب مصادر رسمية من الطرفين.

 

أ.ش