ضباط النخبة القتلى.. صورة الكيان المؤقّت

إيزر غيرشتاين، اسم يذكّر الصهاينة بصفعة تلقوها في الثامن والعشرين من شباط العام 1999، في جنوب لبنان؛ صفّت المقاومة قائد قوات جيش الاحتلال في الجنوب في التسعينيات، والذي كان يمثّل أسطورة عسكرية بالنسبة إلى الصهاينة، فهو "الجنرال" الذي خدم في لواء "غولاني"، والذي كان يتمتّع بقدرات عسكرية واستخباراتية وقتالية عالية، جعلت منه حاكمًا عسكريًا ومدنيًا في المنطقة المحتلّة.

2024-03-02

كان إيزر غيرشتاين يتوعّد حزب الله بشكل دائم بالتصفية، وأكثر من ذلك، كان في رأس قائمة أهدافه “تصفية وجود حزب الله في لبنان”. وحين تمكّنت المقاومة من تصفيته وهو عائد من اجتماع مع كبار العملاء في شبعا، لم تكن تقتل ضابطًا صهيونيًا فقط، بل كانت تقوم بتصفية العنجهية والغرور الصهيونيين، والذي كان يمثلهما غيرشتاين باستعراضية “المتفوّق” والموهوم بالقدرة على الاستمرار وبالقدرة على تصفية المقاومة.

 

 

طمح غيرشتاين إذًا إلى تصفية وجود المقاومة، وهدّد بذلك في كلّ مناسبة، ولم تزل “إسرائيل” تطمح إلى ذلك وتهدّد به، مع أنّها تدرك حتّى أكثر من أدواتها أنّها عاجزة عن ذلك، وهي تفقد في كلّ يوم شيئًا من صورتها ككيان متفوّق عسكريًا وقادرًا على التصفية والتحجيم، وأكثر، تفقد في كلّ يوم الكثير من صورتها كمنظومة عسكرية غربية -لا مدنيين فيها- قادرة على حماية نفسها، ولو استخدم فيها الغرب كلّه كلّ مقدّراته وأسلحته. ولو أنّ هذا الكيان يقرأ جيّدًا تجاربه في المنطقة، لأعلن حلّ نفسه ومضى كلّ مستوطن فيه إلى البلد الذي جاء منه، فكم غيرشتاين لقي مصرعه في غزّة وفي شمال فلسطين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وكم ضابط نخبة أصيب بعته التوهّم بالتفوّق والمقدرة حتّى خرّ صريعًا بطلقات أهل الأرض، والتي لا تحتاج أن تكون دقيقة ومتفوّقة، بل بعضها من أسلحة تُعدّ في سوق السّلاح قديمة وحتّى بدائية.

 

في العقل الصهيوني المستكبر، يقع الضباط في أعلى قائمة النماذج “البطولية” التي تمثّل كلّ عنجهية الكيان ويقع على عاتقها تثبيت أوهامه بالقدرة على البقاء في المنطقة وتصفية المقاومة المتشكّلة من أهل الأرض. ولذلك، في كلّ مرّة تُبلّغ عائلة مستوطنة بمقتل أحد أبنائها الضبّاط، يتلاشى في ذهنها وهم الاستيطان وتذهب ذهنيًا إلى البحث عن خيارات العيش في بلاد أخرى، بعيدًا عن الكيان الذي استوطنوا فيه وباتوا يقرأون زواله. في كلّ يوم تقريبًا، تتلقى عائلة واحدة على الأقل خبر مصرع ضابط، وتتواتر الأخبار على وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مقتل الضباط من مختلف الرّتب، في غزّة أو في الشمال، ومع كلّ خبر من هذه الفئة، يتزايد حجم اليأس الاستيطاني العارم.

 

وكما ذهب إيزر غيرشتاين في 1999 إلى الجحيم بعد عمر من الوهم أن بإمكانه التفوّق بالعتاد وبالقدرات الاستخبارتية أن يصفّي المقاومة، انضم إليه منذ بدء معركة طوفان الأقصى العشرات من الأسماء الزميلة له في الرتب والوهم، وبحسب اعتراف الصهاينة أنفسهم: أسماء كثيرة حُفرت على التوابيت ودُفنت تحت إجراءات صارمة وسريّة عالية وبسرعة فرضها الرعب: في غزّة وفي شمال فلسطين، ينضم ضباط صهاينة ولا سيّما من ألوية النخبة إلى سرية المقتولين على يد المقاومة، والذين قُتلوا وهم يردّدون تهديدات مستكبرة..

 

 

ليلى عماشا

 

أ.ش

المصدر: العهد