يحاول الاحتلال الإسرائيلي صنع هالة من المبالغة والتمجيد والتهليل لجرائمه الفظيعة التي يرتكبها بحق الإنسانية ناهيك عن الترويج لانتصارات وهمية كنوع من مواساة نفسهم بنفسهم إلا أن أكاذيبهم باتت مكشوفة حتى بين اوساطهم.
فمنذ بدء الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة، تتكرر التصريحات من قادة الاحتلال، بأن قادة حماس، وعلى رأسهم يحيى السنوار، أحد أهداف الحرب الإسرائيلية، وهو ما كرره نتنياهو وغالانت وغيرهما مرات عدة.
وآخر تلك التصريحات، ما صدر مرة على لسان متحدث جيش الاحتلال الذي قال إنهم مصرون على الوصول إلى يحيى السنوار.
ورغم التوغل البري في القطاع، فإن جيش الاحتلال فشل فشلا ذريعا في القبض على يحيى السنوار، وغيره من قادة حماس وفصائل المقاومة.
ولتحقيق نوع من النصر المعنوي، أو «صورة النصر»، عمد الإسرائيليون إلى ترويج أخبار تفيد اقتراب لحظة القبض على السنوار، أو تطويق بيته في خان يونس، وهو بطبيعة الحال خال، إذ لا يقيم فيه السنوار.
وبدأت المحاولات الإسرائيلية للوصول إلى نصر وهمي في 7 تشرين الثاني بقصف جوي لمحافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، وفقًا لوسائل إعلام تابعة لحماس، ولم يسفر ذلك القصف عن أي إصابات.
فينا خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت لاحق ليعلن أن قواته تحاصر منزل السنوار في خان يونس، وقال: «هناك أمران أود إطلاعكم عليهما: قلت ن قواتنا تستطيع أن تصل إلى أي مكان في قطاع غزة، وهي تحاصر الآن منزل يحيى السنوار».
وأضاف: «قد يكون منزله ليس حصنه الحصين وهو يستطيع أن يهرب، لكن هذه هي مسألة وقت فقط حتى نلقي القبض عليه».
ووفقا لصحيفة هآرتس العبرية،إن وصول الجيش الإسرائيلي، لزعيم حركة حماس، يحيى السنوار، قد يكون الشماعة التي سيعلق عليها نتنياهو ادعاءه بتحقيق النصر الكامل، حتى لو استمرت الحركة في القتال.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي يستثمر معظم طاقته في مطاردة شبح، فالمحاولة المستمرة للوصول إلى السنوار الذي يعتقد أنه لا زال في مخابئ محتملة بخانيونس، لافتةً إلى أن هذه الجهود لم تحقق أي نتائج بعد.
وأكدت الصحيفة أيضا أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق أي انجازات تتعلق بتحرير الأسرى الإسرائيليين، ولم يستطع تنفيذ عملية فورية للسيطرة على رفح، ولذلك يركز على محاولة الوصل للسنوار.
وقالت: إن وعود نتنياهو بتحقيق النصر الكامل على حماس ليس لها أي غطاء حاليًا، مشيرةً إلى أن الجيش الإسرائيلي يقلص قواته في قطاع غزة، وهذه القوات لا يمكنها توسيع هجماتها لتشمل رفح وهو الهجوم الذي يهدد به نتنياهو مرارًا وتكرارًا، مشيرةً إلى أنه من الضروري حشد المزيد من القوات العسكرية لاقتحام رفح وتعبئة قوات احتياط لتنفيذ خطة معقدة تشمل إخلاء السكان الفلسطينيين المتكدسين هناك وهو الأمر الذي سيستغرق عدة أسابيع، وفق “روسيا اليوم”.
وفيما يتعلق بملف المفاوضات، أشارت “هآرتس”، إلى أنه حتى اللحظة لا يوجد انفراجة في مفاوضات وقف إطلاق النار والتوصل لصفقة أسرى، مشيرةً إلى أن حماس تستمر في طرح مواقف متشددة في المفاوضات باعتبار أن الحركة فهمت أن نتنياهو ليس متحمسًا للمضي قدمًا في هذه الصفقة وأن الولايات المتحدة معنية بزيادة المساعدات الإنسانية وخفض القتال بدون تنازلات كبيرة.
بدوره، قال أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال، إن قواته وصلت إلى مكتب محمد السنوار، وقال في تغريدة على منصة إكس: «في إطار القتال الذي يدور في غرب خان يونس، داهمت قوات لواء جفعاتي موقع القادسية الذي يُستخدم بوصفه الموقع الرئيس للواء خان يونس ويحتوي على العديد من المجمعات، حيث جرى العثور داخل المجمع على مكتب محمد السنوار شقيق يحيى السنوار».
ويواصل جيش الاحتلال، رغم كل تلك الإخفاقات في القبض على السنوار، أو قيادات أخرى للمقاومة، ترويج الأخبار حول الاقتراب من السنوار، كنوع من محاولة تهدئة الداخل الإسرائيلي المشروخ، أو، في أحسن الأحوال، كنوع من الحرب النفسية والضغط على الفلسطينيين.
وفي تحليل ل”هآرتس” قال محلّل الصحيفة للشؤون العسكرية، عاموس هاريل، قال فيه إنّ رئيس حركة حماس في قطاع غزّة، يحيى السنوار، “يواصل الحرب النفسية التي يمارسها منذ 7 تشرين الأول الماضي”، مُشيراً إلى أنّه من المتوقّع أن “يفعل ذلك في المراحل المقبلة أيضاً”.
وقال هاريل إنّه “كان واضحاً منذ البداية أنّ السنوار سيحاول استخدام الحرب النفسية ضد “إسرائيل” من أجل الاستفادة قدر الإمكان من وسائل الضغط المتاحة له”، مؤكّداً أنّه أصبح واضحاً أنّ فرض أقصى قدر من القلق على الجمهور الإسرائيلي هو أحد الأهداف الرئيسية لهجمات 7 تشرين الأول الماضي (عملية طوفان الأقصى).
وأكّد محلّل الصحيفة الإسرائيلية “متأسفاً” أنّ حركة حماس حقّقت هذا الهدف بالكامل، وأنّه فيما يتعلق بالسنوار، فلا يوجد سبب لعدم الاستمرار في ذلك.
بات واضحا أنه بالرغم من إمعان جيش الاحتلال في قتل وإصابة عشرات الآلاف من الفلسطينيين، تدمير الأعيان المدنية، إبادة الأخضر واليابس، وارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، شهدها ووثقها العالم أجمع. لكنه لم يدرك النصر المنشود. فلقد أظهر استطلاع للرأي، أجراه «معهد الديمقراطية الإسرائيلي»، تشكيك غالبية الإسرائيليين، في إمكانية تحقيق «النصر الكامل» على حماس. بدورهم، استبعد مسؤولون عسكريون واستخباراتيون إسرائيليون سابقون، بلوغ، نتنياهو، نصره «المطلق» على المقاومة الفلسطينية؛ مؤكدين تواضع الانجازات التي حققها جيش الاحتلال، قياسا إلى كلفتها الباهظة. ومن ثم، ناشدوا، نتنياهو، إتمام صفقة لتبادل الأسرى، تجنبا لمقتلهم. فليس أدل على إخفاقه، من عجزه عن فرض خطته لليوم التالي في غزة، والتي تستهدف تقويض المقاومة الفلسطينية، وإجهاض حل الدولتين.
أ.ش
