الضمير هو بوصلة الإنسان

خاص الوفاق: خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وزيّنه بالعقل وميّزه بالضمير والحكمة. ونحن إذ نجلس نراقب الطبيعة ونسحر بصور البحر والسماء عند الغروب، فيُبدع ربي أحسن الخالقين.

2024-05-14

بقلم د. رُلى فرحات

 

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وزيّنه بالعقل وميّزه بالضمير والحكمة. ونحن إذ نجلس نراقب الطبيعة ونسحر بصور البحر والسماء عند الغروب، فيُبدع ربي أحسن الخالقين.

 

الإنسان: هي كلمة مشتقة من كلمة الإنس حيث أن الإنسان لا يستطيع أن يحيا بمفرده، ويحتاج دائمًا إلى من يأنس به وقد قال الله تعالى في سورة طه  (إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ).

يستخدم كلمة الانسان في القرآن الكريم لكي يعبر على التغير والاختلاف، وعندما يكون هذا الإختلاف غير معمم، حيث إستخدمه الله تعالى عندما يريد أن يخاطب بعض البشر وليس كلهم، كما قال الله تعالى في سورة الانفطار (يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ )

 

قال تعالى في سورة الكهف (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ)، وهنا دلال على أنّ جميع البشر متساوون في أنهم بشرًا، ولكنهم بالطبع لا يتساوون في إنسانيتهم ولا في أعمالهم وإنجازاتهم وتقواهم!!!

 

 

ووصف الإنسان بأنه بشريّ تعني أنه مخلوق لا يعرف غير الظاهر،  ولا يتعامل إلا مع الظواهر، ولا يُرى إلا ما تدركه عيناه، والحقيقة عنده مبنية على المدركات الحسية والملموسة.

 

 

ليس كل بشر إنساناً، ولكن كل إنسان بشر. فالبشرية مقدمة على الإنسانية في الظهور، والإنسانية تالية على البشرية. وإذا كانت “بشر” تدل على الهيئة فإنما تدل على الكائن الحي الذي يُسمى بشر، أما “إنسان” فإنها تدل على طبيعته من حيث كونه كائناً اجتماعياً، لا يعيش بغير إناسة.

 

 

خاطب الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) كميل قائلاً:

 

فاحفظ عنّي ما أقوله لك: … النّاس ثلاثة:

 

  • فعالم ربّاني
  • ومتعلم على سبيل نجاة
  • همجٌ رُعاعٌ

 

أي أنَّ الناس ثلاثة أصناف:

 

  • الصنف الأول هو صنف العلماء الذين طووا طريق الحق والحقيقة ويسعون لإرشاد الناس وتربيتهم.
  • الثاني هم الذين يفقدون العلم لكنهم يسعون في سبيل تحصيله العلم وكسب المعرفة..
  • الثالث هم الحمقى من الناس الذين لا يعلمون ولا يسعون لأن يعلموا ولا يسألون أهل الطريق لإرشادهم إليه.

 

يوضح الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) خصال الصنف الثالث:

 

  1. أتباع كلّ ناعق، أي يتّبعون أصحاب الرايات المختلفة دون علم وبصيرة.
  2. يميلون مع كلّ ريح، فهم كالريح تهزّهم الدعوات المختلفة وتميلهم إلى جنبها، ومثلهم كمثل الذين قاتلوا تحت راية الرسول(ص) في عصره، وقاتلوا بعد وفاته تحت راية معاوية، ولو كان الأجل يسمح لهم لقاتلوا تحت راية يزيد كذلك، وذلك كله لأجل أن الريح آنذاك كان بهذا الاتجاه.
  3. لم يستضيئوا بنور العلم، فهم المستضعفون المحرومون من العلم.
  4. لم يلجؤوا إلى رُكن وثيق، أي لا أنهم يفقدون العلم فحسب، بل لا يعتمدون على أعمدته المحكمة.(نهج البلاغة)

 

وعليه، فالبشر ثلاث أنواع:

 

  • الأول (المنتج للطاقة الإيجابيّة) تشحن منه طاقة إيجابيّة بُمجرد سماع صوتهُ أو رؤيته تشعُر بالسعادة وتفعم بالطاقة الإيجابية، لا يتأثرون بالاخرين وهم أنفسهم مؤثرين.
  • الثاني : (مصاصي الطاقة الإيجابية) يستنزف طاقتك بُمجرد أن تتعامل أو تتحدث معهُ، هم أصحاب الشكوى ورفض الواقع.
  • الثالث : (شريك لك بالطاقة الإيجابية) تفرح بوجودهُ تنسجم بجلستهُ وتحب رؤيته، لا يستنزف طاقتك، بل على العكس تشعر وأنّ حديثة مستمرة لا ينتهي…

 

من ناحية ثانية ولكي نستطيع أن نقوم ببعض التغيير، علينا معرفة أنواع البشر من حيث الظروف:

 

النوع الأول يصنعون الظروف

والثانى تصنعهم الظروف.

النوع الثالث. متفرجون على الظروف

النوع الأول، من صنعوا الظروف: فهم أناس صنعوا الظروف واكتشفوا ذواتهم وقدراتهم وهم أغنياء رغم فقرهم، فتمردوا عليه وعلى ظروفهم القاسية ورفعوا شعار لا لليأس لا للفشل ورفعوا عيونه الى السماء واستخدموا المفاتيح الثلاثة التى لا تقف أمامها أعضل مشكلات الحياة، وهى: الإيمان والصبر والأمل.

 

النوع الثاني، المتفرجون:  وهم أغلبية البشر اعتادوا ان يكونوا منقادين يسمعون ويحفظون ويرددون دون ان يفكروا، وهم على مقاعد المتفرجين لا يثق ولا يقتنع بنفسه .. هؤلاء فى أغلب الأحيان يكونون مع التيار الذي تميل نحوه …

النوع الثانى، صنعتهم الظروف: هؤلاء هم الذين صنعتهم وشكلتهم ظروف الحياة، ربما كانوا ضحايا لعائلاتهم المفككة أو للكلام السلبى الملىء بالفشل وتكسير للطموح والأهداف.

 

يجب أن ننظر إليهم بنظرة وطنية أصيلة ونحتضنهم ونرعاهم وليصبحوا يوما قنبلة موقوتة ضد المجتمع علينا ان نهتم برعايتهم أو الأخذ بحقهم قبل أن يصبحوا ناقمين على المجتمع.

 

النوعية الثالثة، النّاس كالدّاء لا نرغب في وجودهم أبداً: كالهواء لا يمكن الإستغناء عنهم ابداً، ناس كالدواء نحتاج اليهم أحياناً.

 

وأسوء انواع البشر من يضمن محبتك فيهينك، ومن يستبيح حزنك، ويخذلك من يتشبث بيديه…

 

وكما قال عالم الإجتمع الأول: الإنسان كائن إجتماعي بالفطرة، يعيش في بيئته ومجتمعه ويتفاعل معهما بحسب انطباعاته واتجاهاته، فلكلّ فرد شخصيته التي يتفرد بها وأنماطه التي تميزه عن غيره، فالشخصية هي البناء النفسي التكويني والسلوكي الذي ينفرد به الفرد، والذي يتكون من مجموعة الاستعدادات والقدرات الجسميّة والعقليّة والاجتماعيّة والإنفعاليّة التي تظهر في سلوكيات الفرد واستجاباته؛ بحيث تُميّز هذه السلوكيات ذات الفرد عن غيره في جميع المواقف والأحداث التي يتعرّض لها في شتى المجالات والجوانب الحياتية.

 

لذلك يبني الإنسان شخصيته ويُكوّن معاييرها من محيطه والتقاليد والقوانين، بالإضافة إلى ما يقدمه الأهل والمدرسة من تربية في مسار دراسته وعمله ومنزله… وقد عانى ما عانى ليُنجز ما يستطيع من إنجازات هامة يستفيد منها فيُفيد كل من حوله وعلى المدى البعيد أيضا وليس الآني…

 

وهكذا يتصنف بشكل تلقائي بين شخص يعمل جهده لإثبات الحقائق ومساعدة البشرية والإنسانية والحياة وبين آخر يُفضل أن يقضي حياته حاملًا بوقًا يهتف من خلاله للآخر بتبعيّة مطلقة وهذا ما يتجلّى في شرح سيكولوجية الجماهير… وآخر يأتي إلى هذه الحياة يأكل ويشرب وينام ويحصل بعض العلوم فقط بدون أن يخطو أي خطوة إضافيّة .. وما أجمل أن يترك الإنسان أثرًا في قلب إنسان آخر ويرسم على وجهه إبتسامة رضا،… فيُغادر هذه الحياة تاركًا ورائه أثرًا جميلًا يذكره به النّاس كل لحظة من الزمن ويترحمون عليه…

 

اترك أثراً وإن كان صغيرًا، ولا تأتِ إلى هذه الدنيا وتذهب وأنت نكرة!!!

 

 

أ.ش

المصدر: الوفاق/ خاص