أصغر مدن غزة..

خيام مترامية في دير البلح بعد وفود آلاف النازحين من رفح

دير البلح، المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 100 ألف نسمة، احتضنت منذ بداية النزوح من غزة وشمالها أربعة أضعاف السكان، والذين تضاعفوا لأكثر من هذا العدد بكثير بسبب النزوح من رفح، الأمر الذي يفوق قدرة المدينة الصحية والبيئية والغذائية.

تحوّلت دير البلح، المدينة الأصغر في قطاع غزة من حيث المساحة والمقدرات الخدماتية إلى مأوى لآلاف النازحين، وذلك عقب عدوان “جيش” الاحتلال على مدينة رفح جنوباً.

 

فبعد أن كانت رفح تحتضن مليون ونصف المليون نازح من مختلف مناطق القطاع، اضطر هؤلاء إلى النزوح باتجاه منطقتي المواصي ودير البلح، لتصبح المدينة التي تقع وسط القطاع مركزاً للنازحين، بالرغم من صغر مساحتها الجغرافية والنقص الحاد بالخدمات.

 

وأقدم النازحون على تفكيك خيامهم المصنوعة من الخشب والنايلون من مراكز الإيواء ومحيطها والشوارع في، ونقلها إلى دير البلح، بحثاً عن الأمان.

 

ودير البلح مدينة فلسطينية تقع وسط القطاع، وتعتبر العاصمة الإدارية للمنطقة الوسطى، وتبلغ مساحتها 14.7 كيلو متر مربع، وتمتد من الحدود الشرقية للأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى شاطئ البحر الأبيض المتوسط.

 

المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 100 ألف نسمة، احتضنت منذ بداية النزوح من غزة وشمالها أربعة أضعاف السكان، والذين تضاعفوا لأكثر من هذا العدد بكثير بسبب النزوح من رفح، الأمر الذي يفوق قدرة المدينة الصحية والبيئية والغذائية.

 

خالد الزعلان، النازح من شمال القطاع إلى رفح ثم إلى دير البلح، يفيد بأنّ الحرب أجبرته بعد أن استقر جنوبي القطاع لأشهر طويلة، على تفكيك خيمته ونقل عائلته إلى دير البلح، مبيّنة أن المدينة مكدسة بالسكان والنازحين ولا يوجد فيها موطئ قدم لسكان إضافيين.

 

ويوضح الزعلان، أن اجتياح جيش الاحتلال لرفح زاد من معاناته، بعد أن اضطر أن ينزح مجدداً مع عائلته، لافتاً إلى أن قرار نزوحه إلى دير البلح هو الأصعب بالنسبة له منذ بداية الحرب، خاصة وأن المدينة تفتقر إلى أدنى الاحتياجات الإنسانية، وأن قدرتها الاستيعابية ضعيفة للغاية، مبيناً أن النزوح كلف السكان مبالغ مالية طائلة، لم ينجحوا بدفعها من توفير حياة آمنة وكريمة لهم.

 

ويضيف: “نبحث عن المناطق الآمنة لعائلاتنا، ونسعى إلى توفير الحد الأدنى من الاحتياجات، إلا أننا وبسبب استمرار الحرب وضيق مساحة دير البلح لم ننجح في تحقيق ذلك”، مؤكداً أن الاحتلال يسعى إلى إجبار السكان على الهجرة من غزة؛ إلا أن هذا المخطط لن ينجح.

 

ويعبر خليل حمدونة عن ندمه بسبب قرار نزوحه من منزله في مدينة غزة، موضحاً، أن دير البلح صغيرة للغاية ولا تتسع للأعداد الهائلة من النازحين.

 

وتسبب النزوح بفقدان المرافق الصحية في المدينة والقدرة على التعامل مع الكم الهائل من النازحين، خاصة وأن التقديرات تشير إلى اقتراب أعداد النازحين في دير البلح لنحو مليون نازح، معظمهم موجودين في الخيام وعدد قليل في مراكز الإيواء.

 

وحذر المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى، إياد الجبري، من خطورة تكدس آلاف النازحين، مؤكداً أن المدينة ربما تشهد انتشاراً للكثير من الأمراض المعدية والأوبئة، خاصة وأن المدينة تفتقر لأدنى مقومات الرعاية الصحية للسكان.

 

ووفق الجبري فإن “تكدس الأعداد الكبيرة للنازحين تسبب بتقديم المراكز الصحية والمستشفى للخدمات بالحد الأدنى، وبجودة أقل بكثير من السابق”.

 

ويضيف “ليس لدينا الإمكانيات الطبية للعمل بالطريقة التي كنا عليها قبل الحرب، ومنذ بداية النزوح إلى وسط وجنوب القطاع ونحن نعاني من نقص الإمكانيات والإمدادات الطبية، وبسبب ذلك تعاني الدينة من تفشي للأمراض، مما سيؤدي إلى كارثتين بيئية وصحية”.

 

وحسب المسؤول الطبي، فإنه وبالرغم من المناشدات التي وجهت إلى مختلف الجهات الدولية لتقديم المساعدة الطبية وإنشاء المستشفيات الميدانية والحيلولة دون انهيار النظام الصحي؛ إلا أن وزارة الصحة في غزة لم تتلقّ أي رد على ذلك، ما يصعب المهام الصحية والإغاثية.

 

بدوره، يقول دياب الجرو رئيس بلدية دير البلح، إن البلدية فقدت قدرتها الاستيعابية بسبب الأعداد الهائلة من النازحين، والتي تضاعفت عقب الاجتياح الإسرائيلي لشرق مدينة رفح، مؤكداً أن المدينة أمام كوارث غير مسبوقة.

 

ويؤكد الجرو، أن “الطواقم الفنية والإغاثية تبذل جهداً من أجل استيعاب الأعداد الهائلة من النازحين، وتأمين سكنهم في المدينة وتقديم الخدمات الصحية والبيئية الملائمة لهم؛ إلا أن ذلك صعب للغاية في ظل نقص الإمكانيات والمعدات”.

 

وفق المسؤول المحلي، فإنه ووفق التقديرات الأولية فإن دير البلح تستوعب بالوقت الحالي 800 ألفاً من النازحين، في حين أن عدد سكانها لا يتجاوز الـ100 ألف، والخدمات المقدمة من قبل الجهات الصحية والإغاثية تكفي لهذا العدد فقط.

 

ويوضح أن “دير البلح وبالرغم من عدم اجتياحها برياً إلا أنها تتعرض لاستهدافات متكررة من قبل جيش الاحتلال، ما تسبب لها بدمار كبير في البنية التحتية، وأثّر بشكل غير مسبوق على الخدمات الإنسانية التي تقدم بالحد الأدنى”، متابعاً: “لا ضمانات لاستمرار عملنا في المدينة في ظل التحديات الكبيرة التي نواجهها”.

 

وتفتقر البلدية، وفق الجرو، للوقود والمعدات، خاصة وأن الآليات دمر معظمها بفعل القصف الإسرائيلي، وهو الأمر الذي سينعكس سلباً على النازحين، وسيؤدي إلى عدم حصولهم على الخدمات التي تذلل صعوبات الحياة التي يتعرضون لها.

 

أ.ش

المصدر: الميادين