كيف ينظر الداخل والجوار لمشروع التوطين في البحرين؟

ربما يكون المشروع قد نجح بشكل مرحلي في تقليل الفجوة العددية بين السكان الأصليين والمستجلبين من الخارج، إلا أنه بدأ يظهر فشله على مستويات عدة، ليس آخرها تذمر الطائفة السنية مما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

2024-06-10

لعل واحدة من أوجه ضرورات التطبيع بين البحرين والكيان الإسرائيلي المحتل، هو أن العائلة الحاكمة في البحرين ترغب في الاستفادة من سياسات إسرائيلية تتعلق بالاستيطان وتغيير التركيبة الديموغرافية، وهي خطة انتهجتها قبل 20 عاما.

 

هذا الاتجاه يظهر من خلال توطين عشرات الآلاف من الأجانب وتفضيلهم معيشيا وخدماتيا على السكان الأصليين للجزيرة وبناء تجمعات إسكانية خالصة للمواطنين الجدد. ويمكن زيارة سافرة أو مدينة عسكر الجديدة مثلا للتأكد من ذلك.

 

ومن أجل ضمان وصول العائلة الحاكمة للتغيير الديموغرافي، تستهدف السكان الأصليين من خلال ما أسمته ع3، وهي خطة حكومية تستهدف السكان في (العلم- العيش- العيال)، وبذلك تحد من قدراتهم التعليمية والمعيشية وقدرتهم على الإنجاب.

 

ووضع هذه الخطة وزير الديوان الملكي خالد بن أحمد آل خليفة بمعاونة ابن أخته أحمد عطية الله آل خليفة، والاثنان متورطان بسرقات من موازنات خاصة بالملك تقدر بنحو نصف مليار دينار (مليار و300 مليون دولار).

 

فإذا كان الملك لم يأمن على أمواله من هؤلاء، فكيف يثق في قدرتهم على التخطيط لمستقبل البلاد؟ وهل يريد الملك فعلا أن تكون البحرين بلدا لصراع إثني خطير ومفتوح على كل الاحتمالات والاتجاهات كما هو الحال في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟

 

ربما يكون المشروع قد نجح بشكل مرحلي في تقليل الفجوة العددية بين السكان الأصليين والمستجلبين من الخارج، إلا أنه بدأ يظهر فشله على مستويات عدة، ليس آخرها تذمر الطائفة السنية مما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

 

لقد تمكن القائمون على المشروع من خداع الطائفة السنية بأن المشروع ليس موجها ضدهم وأنه من شأنه أن يحقق أمنا مفقودا، إلا أن الجميع أدرك اليوم أن هذا خطأ استراتيجي جعل من البلاد بؤرة توتر خطيرة وأفقدها كل مقومات العيش كجزء من محيط مزدهر.

 

وتكاد تكون البحرين منفصلة عن الدول الخليجية من حيث الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومشروع التوطين هو واحد من أهم عوامل فقدان الاستقرار الداخلي ومدعاة للتوتر في المنطقة، حيث إن قوى إقليمية ترفض الاعتراف بمخرجات المشروع.

 

ورفضت السعودية مثلا الإقرار بأن مكتسبي الجنسية في البحرين جزء من دول الخليج الفارسي أو النسيج الاجتماعي لهذه الدول، وعليه رفضت أن يتم معاملتهم في سوق العمل كخليجيين، فيما تفرض الكويت تدقيقا أمنيا كبيرا على الوافدين إليها من البحرين.

 

وبدأت الكويت حملة تم من خلالها تجريد العشرات من الجنسية الكويتية، وقال محللون إنها تمثل مسارا تصحيحيا شاملا لضبط عدة قضايا بما فيها سحب الجنسية من الذين حصلوا عليها بغير وجه حق.

 

هذا على مستوى الحلفاء، أما على مستوى القوى الإقليمية الأخرى فتنظر إيران والعراق واليمن وقوى لبنانية إلى مشروع التوطين على أنه أحد بواعث القلق، فالعبث بالتركيبات الديموغرافية مشاريع أشبه بزرع فوضى دائمة.

 

وقد عبّرت الدول العربية في بيان القمة التي عقدت في البحرين عن رفضها الكامل لتغيير التركيبة الديموغرافية في سوريا. والسؤال هل حقا تريد البحرين أن تكون ساحة تشبه الساحات التي تعيش الصراعات، غياب الاستقرار والتدخلات الخارجية،م أم أن العائلة الحاكمة تتجه لإيجاد حل عادل يُجنب البلاد الكثير من المتاعب؟