الإمام الحسين (ع) مصباح الهدى وسفينة النجاة 

الاقتداء والالتزام والاتباع لأهل البيت (ع) وإحياء أمرهم هو الرسالة الإسلامية الخالصة النقية السليمة دون تحريف أو تزييف أو تزوير.

مع بداية شهر محرم الحرام في كل عام، تتجدد ذكرى فاجعة كربلاء وتزداد الآلام والاحزان وتذرف الدموع على مصيبة أبي الاحرار الإمام الحسين بن علي (ع) وعترة أهل بيت النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وأصحابه الأوفياء الذين بذلوا مهجهم وكل ما يملكون من أجل إحياء الدين بأرض الطفوف.. كيف لا نحزن ونتألم!! والإمام الرضا (ع) يقول: “إن يوم الحسين (ع) أقرح قلوبنا وأسبل دموعنا وأذل عزيزنا بأرض كرب وبلاء”. فمن الطبيعي جدا، أان تستنهض الامّة الإسلامية كل مراجعها وعلمائها ونخبها وطاقاتها ومشاعرها ودموعها وكل مجالسها ومواكبها وشعائرها في إحياء وتعظيم أعظم حدث مأساوي في تاريخ الأمة الإسلامية. كيف لا نحي الشعائر الحسينية والمراسم العاشورائية!! ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: “حسين مني وأنا من حسين”، وعنه (صلى الله عليه وآله): “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة”، ويقول (صلى الله عليه وآله): “الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة”، والإمام جعفر الصادق (ع) يقول: (.. فاحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيا أمرنا).

أذن، من مصاديق احياء المراسم العاشورائية هو:

 

أولاً: إحياء أمر أهل البيت (ع) وتعلم علومهم وتعليمها للناس، فالامام علي الرضا (ع) قال: “.. فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لتبعونا”، أي ان الاقتداء والالتزام والاتباع لأهل البيت (ع) وإحياء أمرهم هو الرسالة الإسلامية الخالصة النقية السليمة دون تحريف أو تزييف أو تزوير.

وثانياً: هو التعبير عن مضمون الحزن والدمع والألم على استشهاد الإمام الحسين (ع) الذي قتله الطاغية يزيد بن معاوية في العاشر من شهر محرم عام 61 للهجرة، لانه رفض مبايعته، حيث قال: ((إن يزيد فاسق فاجر شارب للخمر قاتل للنفس المحترمة ومثلي لا يبايع مثله)). ومفهوم “مثلي لا يبايع مثله” هو درس ونبراس لنا لنجدد العهد والبيعة والولاء للامام الحسين (ع) وللسير على خطه ونهحه، لأن الحسين شعلة وضاءة تنير للبشرية طريقها نحو الخير والبرّ ونشر الفضيلة وإفشاء السلام على مرّ التاريخ والازمان والعصور. وكما قال الشاعر:
هلّ المحرم فأستهلت أدمعي ……. وورى زِناد الحزن بين الأضلع

وثالثاً: ان إحياء ذكرى الإمام الحسين (ع) الخالدة تعتبر من اهم المفاهيم الاسلامية التي رسخت اهمية الثبات على الحق ونصرة الدين والانسانية والتصدي للظلم والطغيان والفساد والاستبداد، وهي مجموعة من القيم والمثل التي يترسخ فيها تعظيم وتعزيز وتكريم مقامات أهل البيت (ع) أمام العالم، ويرمز الى تأييد الحسين (ع) في ثورته المباركة على الظلم والظالمين والطغاة والتعبير عن أعمق مشاعر الاستنكار والسخط ضد أعداء الدين والحق والعدل.

 

ولهذا بقيت نهضة الإمام الحسين (ع) خالدة على مدى التاريخ، وشكلت مدرسة ثورية تعلم الاجيال تلو الاجيال دروس الوفاء والآباء، والعطاء والفداء، والجهاد والتضحية والاستشهاد في سبيل الله وفي سبيل إحقاق الحق وإحياء الدين لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الباطل هي السفلى. هذه الذكرى تتجدد كل عام حيث تستبطن فكر ثوري وثقافة واعية وحكم رشيدة واستدلالات واقعية نستلهم منها عُـبـر ودروس بليغة عن أهمية الصراع بين الحق والباطل، والمنازعة بين الخير والشرّ، ومعرفة التباين بين النور والظلام، والتمييز بين المساواة والفساد وبين العدل والظلم..

 

لقد جسّد الامام الحسين (ع) بإستشهاده ارقى معاني الإيثار والتضحية واسمى آيات البذل والعطاء والفداء وأعظم معاني القيم والمبادىء الانسانية.. كما احيى بنهضته السنّة الالهية العظيمة وعقيدة الثبات والجهاد (هيهات منا الذلة)، وهي مجاهدة الظالمين ومقارعة الطغاة من الحكام الجائرين ومواجهتهم وقتالهم مهما علا شأنهم وقوتهم وجبروتهم وطغيانهم.. تعظيما للخالق في عبادته وتحكيما لشرعه، وتقديسا للدين وزرعا للمعروف وردعا للمنكر، وتحقيقا للعدل وسحقا للظلم وإنهاءً للفساد.. أمتثالاً لأمر الله تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} ﴿هود-113﴾..

 

*ومن باب الولاء للحسين نردد كل صباح ومساء: كل أرض كربلاء وكل يوم عاشوراء.. يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماُ..*

 

 

المصدر: دكتور أحمد الزين/ الوفاق