سرّ الألوان في الدحنون.. الكتابة بحبر الدم والتراب

نجح حجازي في "سرّ الألوان في الدحنون "في تكوين حقل مغلق من الإشارات والرموز والدلالات، كأنما إنغلاقه جاء كضرورة علاجية تعطي الإنسان المحرّر توازناً يحتاج إليه ينفي ما علق في النفس من غبار الاحتلال

2024-08-20
يتخذ القاصّ الدكتور علي حجازي من الحدث الواقعي مرجعاً لكتابة القصة. فالقصة المكتوبة عند حجازي في مجموعته القصصية” سرّ الألوان في الدحنون” هي عبارة عن استعادة لقصة عاشها الإنسان في الجنوب اللبناني تحت نير الاحتلال الصهيوني.
تتراصف قصص حجازي وعددها 14 قصة متفاعلة مع مظلومية هذا الإنسان مُشكّلة امتداداً لمعاناته وصوتاً أدبياً لصراعه المرير في سبيل سعيه الدؤوب لتحقيق شروط العيش في وطنه بعزة وكرامة، وتغرف هذه القصص من نبعٍ واحد هو الظلم والعدوان الذي مارسه الاحتلال على المواطن اللبناني في الجنوب، لذا نجد هذه القصص مفعمة بالأمل والعزة والحماسة، الأمر الذي يجعلها منحازة أحياناً إلى التعبوية والاستنهاض من غير أن تتخلّى عن الشرط الفني وما يفترضه من دهشة وغموض، وإشراك للقارئ في النص من تحليل وتخييل وتأويل في عملية تبادلية يشتعل فيها الزيت وفتيله ليُضيئا معاً قنديل هذه التجربة
الكتابية الإبداعية . 

يتأمل حجازي في وجوه واقع القهر الذي يمارسه الاحتلال الصهيوني ويُلقي شباكه في بحر القصة فيستخرج نصوصاً مختلفة ألوانها، فيصوّر لنا مشاهد حيّة مترافقة مع تصوير دقيق للمكان والزمان والشخصيات، فينقل تجارب حسية غنية بعمقها النفسي والثقافي من خلال بناء شخصيات محورية واقعية ومؤثّرة، ويوظّف هذه الشخصيات والأحداث والمواقف لنقل رسالة أخلاقية بطريقة غير نمطية وإنّما مباشرة، تبقى امتداداً لواقع واحد ينكر الاحتلال بلغةٍ طازجة تحضر فيها الفكرة المجرّدة ويعوزها الإيحاء ويفتقدها التعقيد، ويظلّ التاريخ (تاريخ حقبة الاحتلال للجنوب اللبناني) المرجع الأساسي والرحم الذي ولدت منه هذه القصص التي تمّ جمعها تحت عنوان “سرّ الألوان في الدحنون”، و هو عنوان قصة واحدة من هذه المجموعة القصصية من باب تسمية الكلّ بالجزء محقّقة استقلالاً ذاتياً.

 

نجح حجازي في “سرّ الألوان في الدحنون “في تكوين حقل مغلق من الإشارات والرموز والدلالات، كأنما إنغلاقه جاء كضرورة علاجية تعطي الإنسان المحرّر توازناً يحتاج إليه ينفي ما علق في النفس من غبار الاحتلال.

المصدر: وكالات