على أعتاب اليوم العالمي للمسجد

اليوم العالمي للمسجد هدية إيران للمسلمين في جميع أنحاء العالم وتكريما للمسجد الأقصى المبارك 

ها هي العطاءات الإيرانية تستمر وتطل علينا ومن خلال إعلان "اليوم العالمي للمسجد"، وسنحتفل غداً باليوم العالمي للمسجد.

2024-08-20

ومنذ سطوع أضواء وأنوار شمس إنتصار ثورتها الإسلامية سنة 1979 بقيادة مفجر هذه الثورة الإمام الخميني (قدس) على نظام الصهيوأمريكي غربي المتمثل بالشاه المخلوع محمد رضا بهلوي لم تفتر همة قيادي هذه الثورة المجيدة بتبني القضية المركزية الفلسطينية وتقديم كافة أشكال الدعم لها ومنه تعين الشهيد الفريق الشهيد قاسم سليماني قائداً لفيلق القدس دفاعاً عن المسجد الأقصى والقدس وصوناً وحماية للأماكن الإسلامية وقدسيتها وكذلك دفاعاً عن المسلمين المظلومين والمكلومين الرازخين تحت نير المحتل الغاصب.

كما أنها لم تقف عند ذلك وعلى الرغم من محاولات قوى الشر والغطرسة من تلويث وتلطيخ وتشويه سمعتها من خلال ضخ تلك القوى الرجعية الأموال الطائلة للكثير من الإعلام المأجور.. بل كان لها الدور والفضل بتأسيس يوم القدس العالمي سنة 2016 هذا اليوم الذي أطلق صيحته الإمام الخميني الراحل (قدس) مفجر الثورة الإسلامية والذي يصادف الجمعة الأخيرة من كل شهر رمضان والذي قال عنه قائد الثورة أنه يوم إحياء الإسلام وينبغي فيه على كل المستضعفين أن يحضروا أنفسهم لمواجهة قوى الإستكبار ولمواجهة المحتل الصهيوني حيث لابد للقدس أن تعود إلى المسلمين.

كما لم تكتفي جمهورية إيران الإسلامية بتقديم كافة أشكال الدعم المالي والتقني والعسكري والمعنوي والإعلامي لصالح القضية الفلسطينية ولجميع حركات المقاومة الفدائية الفلسطينية المطالبة بالإستقلال والتحرر من براثن المحتل لفلسطين والمدنس للحرمات الإسلامية والمسيحية على حد سواء كما لم تكتفي إيران الثورة بدعم حركة المقاومة الوطنية اللبنانية حزب الله المدافع عن الكرامة والنخوة العربية المفقودة بسبب بعض المطبعين المنبطحين من أعراب الردة ممن وصفهم الله في كتابه العزيز القرآن الكريم بالأشد كفراً ونفاقاً وها هو العالم برمته يكتشف ويدرك تآمر حكومات دول الرجعية والعروشية ضد فلسطين وسكوتها عن الجرائم المروعة التي تقوم بها ميليشيات وقطعان القوات الصهيونية ضد أصحاب الأرض الحقيقيين خصيصاً في قطاع غزة العزة… وكذلك لم تكتفي جمهورية إيران الإسلامية بدعمها لحركة أنصار الله البواسل المدافعين والمساندين لأشقائهم الفلسطينيين وكذلك مايفعله أبطال الحشد الشعبي العراقي العظيم من مؤازرة وإسناد المستضعفين الفلسطينيين ومساعي لإخراج قوات المستعمر الأمريكي ونفض غباره عن أرض سوريا والعراق.

وها هي العطاءات الإيرانية تستمر وتطل علينا ومن خلال إعلان “اليوم العالمي للمسجد”، وسنحتفل غداً باليوم العالمي للمسجد، هذا اليوم الذي أقرته وطالبت به منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية في إجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية وبأوامر من قائد الثورة الإسلامية الإمام سيد علي خامنئي.

جريمة إحراق المسجد الأقصى

في الساعة السابعة صباحا بتاريخ 21 اغسطس/ آب سنة 1949 أضرم مستوطن صهيوني دنيس مايكل وليم روهان النار في داخل المسجد الأقصى الشريف.. هذا العمل الإجرامي الشنيع الذي مس مشاعر مئات الملايين من مسلمي العالم ونتيجة لذلك وفي إطار غيرة جمهورية إيران الإسلامية على الإسلام والمقدسات الإسلامية وتماهياً مع الجهود التي تبذلها لإحياء قضايا الأمة الإسلامية باستمرار كان قائد جمهورية ايران الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي يقر بتعين هذا اليوم كيوم عالمي للمساجد موضحاً أن ذلك كان خطة ثورية تمت بإصرار وطلب وإلحاح من إيران في داخل منظمة المؤتمر الإسلامي بسبب قيام الصهاينة بجريمة الإحراق للمسجد الأقصى الذي باركه الله وماحوله في كتابه الحكيم والهدف من تلك الخطوة التي أقرتها طهران يصب في قالب مقاومة الأمة الإسلامية للكيان المؤقت والورم السرطاني والكيان اللقيط حيث يجب النظر إلى هذه القضية من هذا المنظار ومنذ ذلك الحين إلى هذه اللحظة لم تتوقف تلك الجرائم الصهيونية بل كانت عبارة عن شوط من أشواط معركة يعلنها المحتل على المسجد بغية تقطيع أوصاله مكانياً وزمانياً قصد إعادة بناء هيكلهم المزعوم فوق أنقاض ثالث الحرمين الشريفين.. لقد ادرك المحتل الغاصب أن المقاومة الجبارة التي يبديها الشعب الفلسطيني أو شعب الجبارين إن جاز التعبير يصب في خانة التصدي للمشروع التلمودي الخبيث بل مسألة وجود مسجد الإسراء والمعراج  المذكور في القرآن ليحتل المكانة الأولى عند الفلسطينيين قبل إستعادة أراضيهم وأملاكهم وحقوقهم المسلوبة.

ففي الوقت التي تهتم به طهران منذ إعلانها جمهورية إسلامية ببناء وتشيد وتكريم المساجد من جهة يقوم المحتل الصهيوني الغاصب بتدنيس المساجد وهدمها فوق رؤوس المصلين وهذا ماشاهدناه ونشاهده خصيصا في قطاع غزة، حيث تم تدمير واستهداف عشرات المساجد من قبل قوات المحتل الغاصب المدعوم من الشيطان الأمريكي الأكبر… حقا أنها مفارقة غريبة عجيبة..

وفي الوقت الذي يهتم به كلا البلدين الشقيقين الجزائر وإيران بتشيد وبناء وتكريم المساجد ووجود القواسم المشتركة بين البلدين والرؤى الواحدة تجاه المسجد الأقصى يقوم العدو الصهيوني بتدنيس هذا المسجد والإعتداء على حرمة المصلين منذ وقت إلى آخر وعلى مرأى ومسمع العديد من حكومات الإنبطاح والعمالة والتخاذل دون أن تحرك تلك الحكومات ساكناً على الرغم من  الزعم لخدمة الإسلام وشؤون المسلمين وديار المسلمين وإدعاء الآخر بنتمائه لعائلة الرسول الأعظم (ص) وبنفس الوقت قيام القواعد المعادية الأمريكية والغربية المتواجدة على أرضه بصد الصواريخ والمسيرات التي أطلقتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية ضد الأهداف الصهيونية ردا على جريمة قصف مبنى السفارة الإيرانية في العاصمة دمشق منذ أشهر منصرمة وجهوزية أولائك لصد أي مقذوفات أو مسيرات أو صواريخ ستنطلق من طهران أو أجنحتها المقاومة ضد الكيان المارق…

يزداد التكالب في وقتنا الراهن من قبل عدة أطراف دولية معادية للقضايا المحقة على الإسلام والمسلمين بأساليب متعددة منها الأساليب العسكرية والغزو الفكري الثقافي وغسيل الأدمغة والعقول والحرب الناعمة والحرب الصادرة عن الأبواق الإعلامية الممولة من بعض حكومات الأعراب الرجعية بغية القضاء على الرسالة الإسلامية وتشتيت وتفريق وحدة صفوف المسلمين دون التفريق بين مسلم شيعي أو مسلم سني حيث تعد المساجد المكان الأمثل والقاعدة الأفضل والأنسب للأخوة والتحابب والتعاضد والإعتصام بحبل الله والإتحاد والتبصر والصمود والتصدي للعدو الواحد وهو العدو الصهيوني فقط المحتل للأرض والمدنس والسارق والمزور والقاتل المجرم… فهنا تبرز مكانة المسجد وأهميته…

دور المساجد في المجتمع

لقد كانت المساجد ومنذ عهد الرسول محمد (ص) تتخذ لأغراض دينية وسياسية ودنيوية كما تعد أماكن لإقامة الطقوس والشعائر الدينية والصلوات المفروضة كما تعتبر المدرسة الأولى لتلقين ثقافة التعاليم الدينية السمحة والأماكن الجامعة لنخبة المجتمعات ومنابر لتلقين الفضائل والتحابب وكل الخصال الحسنة وتدريس وتحفيظ كتاب الله القرآن الكريم..

المساجد والزوايا في الجزائر

لقد كان للمساجد والزوايا القرآنية دوراً مهماً في تحرير الجزائر حيث ساهم الكثير من الأئمة في درء الفتن بين أبناء الشعب الواحد ونشر الوعي والتحفيز على مقاومة المستدمر الفرنسي حيث كان للمسجد الجزائري دورا بارزا في المقاومة وإشعال فتيل الثورات ضد مغتصب الأرض.. وقد سجل التاريخ ذلك وعبر مختلف التراب الوطني للجزائر الشقيقة، فمنذ عهد مقاومة المستعمر الإسباني إلى غاية الثورة النوفمبرية المظفرة التي انتصرت من خلالها الجزائر ونالت إستقلالها.. ومن أولائك المناضلين الأمير عبد القادر الجزائري الذي كان طالبا يتعلم القرآن في إحدى الزوايا القرآنية والتي كانت كثيرة أنذاك إضافة للشهيد الشيخ نوار بوعمامة والعربي التبسي وصالح الفريحي ومحمد العدوى جمعاوي والشيخ المجاهد الراحل محمد الطاهر آيات علجت وغيرهم وبالعودة بعجلة التاريخ إلى الوراء قليلا نذكر من خلالها كيف إحتفلت العديد من مساجد جمهورية إيران الإسلامية بانتصار الثورة التحررية النوفمبرية الجزائرية حيث أخذ الكثير من أبناء الشعب الإيراني يردد صيحات “الجزائر بيروز” والتي تعني الجزائر تنتصر من خلال عدة مساجد ومنها مسجد هدايات الذي كان السيد محمود طالقاني إماما له (“الرجل الثاني بعد الإمام الخميني رحمهما الله..).

لايوجد أدنى خلاف على صحة ما استنتجه الصهاينة لحقيقة أن من يعرف الدين الإسلامي الحنيف وتاريخه يعلم بأن المسجد كان مكانا ومركز ومقرا للحكم الإسلامي الذي أقامه الرسول الأعطم فقد كان مركزا تشع منه أنوار الخطب الدينية والسياسية وتصدر من رحابه القرارات الهامة.. فكيف اذا كان هذا المسجد هو مسجد ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين فكل مسلم على وجه الأرض يجب أن يكون على أهبة الإستعداد مضحيا بماله ونفسه وأولاده وبكل مايملك في سبيل الدفاع والزود عنه لقد أدرك الأشقاء الفلسطينيون أبعاد المخطط الشيطاني الصهيوأمريكي لتدمير الأقصى في بلدهم واستبداله بهيكلهم المزعوم.. وذلك من خلال قيام قوات الكيان اللقيط وقطعان مستوطنيه بمحاولات حرقه تارة وبحفر الأنفاق تحته تارة أخرى حيث أضحى الفلسطينيين يتحدون ويرصون الصفوف ويضحون بأرواحهم الطاهرة ودمائهم الذكية في سبيل هذا المسجد الخاص بملياري مسلم في العالم..

لقد أوصى بكل ذلك القائد المؤسس لجمهورية إيران الإسلامية الإمام الخميني الراحل (قدس) إلى العلا ورفع راية ذلك سماحة آية الله السيد علي الخامنئي دام ظله… حيث إعتبر سماحته أن المقاومة وخصيصا الثقافية هي سور ونبراس ثقافي وإن لم يكن ذلك فسنخسر كل شيء.

إن المسجد قاعدة للتجمع والشورى والمقاومة والحركة الإجتماعية والثقافية مؤكدا على تعزيز الإيمان الديني كركيزة أساسية للثورة ضد المحتل الصهيوني الغاصب مضيفا أن اليوم العالمي للمسجد يمثل فرصة للتفكير وتكريم الأمة الإسلامية ووحدتها حيث أن للمسجد مكانة قدسية… حيث يجب أن تكرس الخطب لتوحيد أبناء الأمة والتوعية من مخططات العدو الغاصب لنشر التفرقة…

لقد دأبت  العديد من حكومات الغرب المتصهين على تدريب وتأسيس وتمويل الجماعات الدموية الإرهابية التي باتت ترتكب أشنع وأبشع وأفظع الجرائم بحق المساجد في العراق وسورية تلك التنظيمات التي صنعتها حكومة الكيان اللقيط والشيطان الأكبر وبعض حكومات الدول الغربية المنافقة التي تدور في فلك الصهيوإمبريالية حيث أن الإسلام الحنيف بريء من جميع تلك التنظيمات الدموية الإرهابية التي تحارب دول الصمود والتصدي والممانعة خدمة لأسيادها دون أن تطلق قذيفة أو صاروخا ضد المحتل الصهيوني الغاصب والمدنس للمسجد الأقصى..

وبكلمة أخيرة أضحى كل شيء مكشوفا وواضحا حيث بات السواد الأعظم من الشعوب العربية والإسلامية يدرك ويعي ويعرف من هو المدافع الأساسي عن القدس والمسجد الأقصى ومن هو المتخاذل المنافق والذي يدعي حرصه على حرمات المسلمين وبنفس الوقت يقوم بتزويد قوات المحتل بالفاكهة والخضار الطازجة ويعقد الإجتماعات السرية مع قادة العدو مخططا لردء ورد مسيرات وصواريخ الأبابيل ضد المغتصب المعتدي المحتل الصهيوني.

 

عبد الحميد كناكري خوجة

كاتب ومحلل سياسي من سورية 

 

المصدر: الوفاق