دونيتسك ولوغانسك: مناجم فحم حجري وملح ومخزون تيتانيوم وحديد وليثيوم

لمتوقع ان تساهم ثروات هذه الاقاليم، في تغذية الخزائن الروسية ومقاومة الحصار الغربي الذي يخوض حربا شعواء لتجفيف المنابع المالية لموسكو، بعدما اظهر اقتصادها صلابته بالرغم من كل العقوبات التي يتعرض لها.

2023-01-15

د. علي دربج/  باحث وأستاذ جامعي.

بعد سيطرة القوات الروسية على مدينة سوليدار الاستراتيجية، تنضم هذه البقعة الجغرافية المهمة، الى منطقتي دونيتسك ولوغانسك الغنيتان بالمعادن والثروات الطبيعية الباطنية، بعدما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقع في 7 تشرين الاول/ أكتوبر 2022 على وثيقة التصديق الخاصة باتفاقيات قبول نتائج الاستفتاء على انضمام هاتين الجمهوريتين إضافة الى مقاطعتي خيرسون وزابوروجيه، إلى قوام روسيا الاتحادية.

ما اهمية هذه المناطق من الناحية الاقتصادية؟

في الواقع تختزن هذه المناطق بعضًا من أكبر احتياطيات العالم من التيتانيوم وخام الحديد ، وحقول الليثيوم غير المستغلة، ومخزونات ضخمة من الفحم الحجري. وتكمن اهمية هذه المعادن الثمينة، بقيمتها المادية التي تفوق عشرات التريليونات من الدولارات.

علاوة على ذلك، توجد في المناطق مخزونات ضخمة من الفحم الحجري، الذي كان وما زال يستخدم في صناعة الصلب الحيوية، خصوصا في منطقة الشرق، هذا إلى جانب كميات كبيرة من رواسب الطاقة والمعادن القيمة الأخرى المستخدمة في كل شيء، بدء من قطع غيار الطائرات، وصولا إلى الهواتف الذكية.

كما تحتوي هذه الأراضي على عدد لا يحصى من الاحتياطيات الأخرى ، بما في ذلك مخازن الغاز الطبيعي والنفط والمعادن الأرضية النادرة ـ وهي ضرورية لبعض المكونات عالية التقنية ـ والتي يمكن أن تعرقل بحث أوروبا عن بدائل للواردات من روسيا والصين.

كم تقدر القيمة الفعلية المالية لهذه المعادن والثروات الطبيعية؟

كشف تحليل قامت به شركة SecDev، عن أن ما لا يقل عن 12.4 تريليون دولار من رواسب الطاقة والمعادن في هذه المناطق، سيعود مردودها المادي لموسكو التي باتت موسك تملك ما مقداره 11 بالمائة من الرواسب النفطية، و 20 يالمائة، من مخزونات الغاز الطبيعي، و 42 في المائة من المعادن، و 33 في المائة من رواسبها من الأتربة النادرة والمعادن الهامة الأخرى بما في ذلك الليثيوم.

واستنادا الى شركة SecDev أصبحت موسكو تمتلك كذلك، حوالي 41 حقلاً للفحم الحجري، و27 موقعًا للغاز الطبيعي، و14 موقعًا للغاز الطبيعي، وتسعة حقول نفط، وستة مخزونات للخام الحديد، وموقعان لخام التيتانيوم، وموقعان لخام الزركونيوم ، وموقع واحد للسترونتيوم، فضلا عن موقع لليثيوم، وآخر لليورانيوم، إضافة الى رواسب ذهب، ومحجر كبير من الحجر الجيري المستخدم سابقًا في إنتاج الصلب.

ماذا عن مخزونات الفحم والمواد الصخرية الرسوبية الاخرى؟

يعتبر الفحم الحجري الأكثر وفرة من المخزونات الطبيعية في الأجزاء الخاضعة للحكم الروسي. إذ تقدر القيمة التجارية لرواسب (مخزونات) الفحم الصلب في إقليمي دونيتسك ولوغانسك بنحو 30 مليار طن، اي بقيمة تجارية تبلغ حوالي 11.9 تريليون دولار.

وغني عن التعريف ان للفحم الحجري قيمة رمزية كمصدر للطاقة، حيث لا تزال العديد من مصانع الصلب في الحقبة السوفياتية تعمل على الفحم الحجري. وإضافة الى مناجم الفحم الحجري، تملك روسيا مخزونات كبيرة من الحجر الجيري تستخدم لإنتاج الصلب.

وفي السياق ذاته، يوجد في هذه المناطق حوض رسوبي عمره 400 مليون عام مليء بالمواد العضوية والصخور الصخرية السوداء، التي تحتوي على كميات كبيرة من الفحم والميثان. وهنا لا بد من الاشارة الى جزء من استقلال الطاقة في الولايات المتحدة، يرجع إلى استخراج الميثان (الغاز الصخري) من هذه الصخور على التربة الأمريكية “.

اكثر من ذلك، هناك أيضًا قطاع آخر له ارتباط وثيق بالموارد الطبيعية في هذه المناطق، مثل الخزف الإيطالي. إذ تعد منطقة Sassuolo الايطالية لصناعة السيراميك، من أهم المناطق في العالم ، حيث لطالما اعتمدت جودة بلاطها على استيراد الطين والكاولين (وهو معدن يتم استخراجه من محاجر دونباس). كما ان25 بالمائة من المواد الخام التي تحتاجها صناعة السيراميك الإيطالية هذه، يعود مصدرها الى اقليم دونباس الذي ضمته موسكو.

كيف تستغل روسيا هذه الثروات؟

سعت روسيا إلى إعادة تنشيط الاقتصادات في هذه المناطق من خلال استئناف عمليات التعدين وإنتاج الصلب، كما فعلت في أحد مصنعي الصلب الرئيسيين في ماريوبول التي استعادتها القوات الروسية.

علاوة على ذلك، يتوقع الخبراء والمحللين أن روسيا ستكون مستعدة أو قادرة على القيام بالاستثمارات واسعة النطاق المطلوبة لاستخراج هذه المعادن، حيث تستند هذه الافتراضات جزئيًا، إلى ما فعلته روسيا بالمناجم التي أضحت بيدها في عام 2014.

في الختام، من المتوقع ان تساهم ثروات هذه الاقاليم، في تغذية الخزائن الروسية ومقاومة الحصار الغربي الذي يخوض حربا شعواء لتجفيف المنابع المالية لموسكو، بعدما اظهر اقتصادها صلابته بالرغم من كل العقوبات التي يتعرض لها.