الوفاق/ خاص/ عبير شمص
ثمة طفرة تجتاح دول العالم الثالث منذ النصف الثاني من الثمانينيات تتمثل في الحديث عن المؤسسات غير الحكومية أو ما يطلق عليها اختصارًا (NGOs). تحتل الجمعيات في لبنان موقعًا أساسيًا في المجتمع واضطلعت بدورٍ مؤثرٍ خلال مرحلتين أساسيتين في تاريخ لبنان، المرحلة الأولى كانت مطلع القرن التاسع عشر مع إنتشار الإرساليات الأجنبية التي نشرت ثقافة الغرب ودعمت روابطه السياسية مع فئات اجتماعية في لبنان. والمرحلة الثانية كانت خلال الحرب الأهلية 1975-1990، عندما انهارت مؤسسات الدولة وقامت الجمعيات الأهلية بسد الفراغ عبر دورها في تقديم الخدمات الاغاثية والصحية والاجتماعية.
وما زالت الجمعيات تقوم بهذا الدور وبشكلٍ واسع ، خاصةً في ظل استفحال الأزمة الاقتصادية والمعيشية، التي يرزح تحتها لبنان يوماً بعد يوم، مخلِّفة مزيداً من الكوارث الاجتماعية والمعيشية، حيث دخلت البلاد في نفقٍ أسود، وسط توقّعات بأن تمتدّ الضائقة المالية لسنوات، تجعل الفقير الذي يستنجد بالدولة العاجزة والمفلسة في دوامة بؤس قاتلة. وحدها، أعمال الخير التي تقوم بها الجميعات الخيرية وأصحاب القلوب البيضاء، تخفّف من وطأة الفقر والعوز وتترك بقعة ضوء على مشهديتنا القاتمة لتبيان دور وعمل هذه الجمعيات واستطلاع أوضاعها وشؤونها وتقديماتها أجرت جريدة الوفاق مقابلة مع الباحثة النفسية والناشطة الإجتماعية مديرة جمعية سبع سنابل الخيرية والثقافية الدكتورة زهرة بدر الدين وكان الحوار التالي:
بدايات تأسيس الجمعية
في ظل ظروف الفقر المدقع في لبنان والذي يحيط بالعديد من العوائل الشيعية والمسلمة كان همنا مساعدة الفقراء والمحتاجين وإيصال المساعدات اللازمة لها قدر المستطاع ، ولأجل هذا الغرض كانت فكرة تأسيس جمعية بإسم سبع سنابل للعمل الخيري والثقافي، تأسست الجمعية في عام ٢٠١١ بهدف مساعدة العوائل المحتاجة، ونحن نعتمد في مصادر تمويلنا على مساعدات الخيرين من أهل الخير وأموال الخمس والصدقات والتبرعات وغير ذلك من أجل تقديم ما نستطيع تقديمه إلى الفقراء والمحتاجين في لبنان . ولم تقدم لنا الدولة أو أي جهة رسمية أية معونات للأسف ، وذلك بسبب وضع لبنان الراهن الذي تلعب السياسة فيه حتى في لقمة عيش الفقراء.
مشاريع ونشاطات الجمعية
لدى الجمعية عدة مشاريع وأنشطة متنوعة وموزعة على الأراضي اللبنانية وحتى خارج لبنان، ومن جملة مشاريعها مشروع الكسوة الذي يقوم على استقبال المساعدات المتنوعة من ألبسة جديدة ومستعملة في محلات ُفتحت خصيصاً لهذا الغرض وانتشرت في عدة مناطق من لبنان وبخاصة في المناطق الأشد حرماناً، ففي ضاحية ببيروت الجنوبية افتتحنا محل “أم البنين” ويقع جانب مجمع السيدة زينب (ع ) لاستقبال التبرعات وتوزيعها من ألبسة ومفروشات منزلية وغيرها كما نبيع فيه الفائض من التبرعات وخاصة الألبسة وبأسعارٍ رمزية للعوائل التي لا تستطيع شراء ألبسة جديدة برواتبها القليل ، وبالطبع يكون مردود هذه المحلات للمحتاجين الذين ليس لديهم رواتب بل يستفيدون من المساعدات …أسسنا أيضاً فرعاً أخر لمشروع الكسوة في مدينة الهرمل في البقاع اللبناني بإسم السيدة مليكة (ع ) و محلاً آخر في بلدة كفر صير الجنوبية بإسم السيدة نرجس (ع). وتجدر الإشارة إلى أن المحل هو عبارة عن مركز ومكتب يرعى ويهتم بمجموعة من العوائل المحتاجة ويقدم لهم المساعدات والرعاية المستمرة والخاصة من مساعدات غذاية أيضاً ووسائل تدفئة وخاصةً في فصل الشتاء وفي المناطق الباردة وذلك قدر المستطاع وبحسب تقديمات وتبرعات الخيرين الذين يعتبرون مصدر تمويل مشاريع الجمعية وأنشطتها المختلفة. ومشروعنا الآخر هو كسوة المنزل ونقصد بها أنّه مع وجود العديد من العوائل المحتاجة والتي ينقصها بعض المفروشات المنزلية من براد وغسالة وغير ذلك فنقوم عبر علاقتنا ومعرفتنا ببعض الأسر التي ترغب بالاستغناء عن مفروشاتها لاستبدالها بمفروشات جديدة، فنأخذ هذه المفروشات بشرط أن تكون جيدة ولائقة وصالحة للعمل ولكنها فقط قديمة ونسلمها مباشرة من منزل الأسرة المتبرعة إلى منزل الأسرة المحتاجة ، فنخفف بعملنا هذا من حدة الفقر الموجودة لدى هذه الأسر ويبقي لديها بعض الإحتياجات من مأكل وملبس وتموين وهذه يمكن أن تؤمن من وقتٍ لأخر.
أما المشروع الثالث فهو مشروع حفظ النعمة ويهدف إلى جمع الأطعمة التي تبقى في المطاعم خصوصاً في شهر رمضان بعد الافطارات وتكون طبعاً طازجة وصحية نغلفها ونوزعها للعوائل المحتاجة، ويهدف هذا المشروع للحد من الاسراف الموجود في المجتمع اللبناني والى عملية التدبير وإطعام الفقير منها ونريد من ذلك أيضاً تنمية الجانب الثقافي في المجتمع ولدى الأفراد حتى نؤسس لديهم ثقافة حفظ النعمة في المنازل والمطاعم. وقد توسع هذا المشروع حتى أصبح لدينا بعض الأسر يطبخون الطعام الطازج ويرسلونها قبل الإفطار إلى العوائل المحتاجة بالتنسيق مع الجمعية وحتى أصحاب الولائم المنزلية والأعراس كلها تُنسق معنا لنغلف أطعمة هذه الولائم بطريقة صحية ونتولى توزيعها. طبعاً هذا المشروع هو فريد من نوعه نوعاً ما وقد لاقى إعجاب العديد من الجهات الرسمية، المشروع الآخر هو مشروع تبني أسرة نفسياً ومعنوياً وحتى مادياً يعني تتبنى أسرة مقتدرة أسرة محتاجة وتزورها من وقتٍ لأخر وتدعمها بالمناسبات معنوياً ومادياً. وكذلك لدينا مشروع تبني اليتيم في أول مراحل يُتمه حتى يحال إلى جهات رسمية أخرى التي تتولاه وتقدم له الدعم الكامل لأنه عندما يفقد الولد والديه يحتاج إلى من يعوله في بداية الأمر وتستغرق بعض المؤسسات لتشكيل ملفه وتولي مسؤوليته بعض الوقت ممكن ستة أشهر أو أكثر فيُترك طوال هذه المدة بلا مساعدة لذلك جمعيتنا تتبناه في هذا الوقت الضائع.
الكادر الإداري في الجمعية
نحن لدينا هيئة إدارية وهيئة عامة وكل فريقنا فريق متطوع لا يوجد رواتب لهم وليس لدينا مركز ومكتب واستقبال وبرستيجات كما هو سائر بعض الجمعيات الأخرى. نحن نجتمع في بيوتنا وفي محلاتنا بشكلٍ متواضع وهذه الصدقات والمساعدات تأتي من المتبرع للفقير من دون أن يُصرف أي ليرة منها على أي مجالٍ آخر، نحن عملنا صلة وصل بين المتبرع إلى المحتاج.
عمل الجمعيات هو عمل الأنبياء
عمل الجمعيات ومساعدة الفقراء هو مشروع الانبياء من آدم إلى النبي محمد(ص) وعمل الأئمة (ع) ولا يكتمل إيمان إنسان إلا عبر المشاركة المجتمعية عبر هذه الأعمال التطوعية والعمل المجتمعي والتطوع يساعد على حذف الأنا عند الشخص ومساعدة المحتاج دون التوجه إلى حيثيات النفس وغيرها وهو مشروع عبادي فقد كان مشروع أمير المؤمنين (ع) والإمام زين العابدين(ع) والأئمة(ع) وبالتالي على كل إنسان أن يكون لديه عمل تطوعي ما في حياته مهما كانت وظيفته ومركزه العلمي والاجتماعي، ويعود عليه عمله التطوعي هذا بفوائد لنفسه ولمجتمعه وعلاقته مع الله ومع الآخرين، وهذه نعمة من نعم الله يعطيها للإنسان حتى يفكر بالآخر ويلبي احتياجات الآخرين بمساعدته المالية وغيره ومن نعم الله عليك حاجة الناس إليك.
وأخيراً جمعية سبع سنابل للعمل الخيري والثقافي لا تبتغي ربحًا عملها قائم على التدوير وعلى التدبير قال رسول الله (ص) لا أخاف على أمتي الفقر إنما أخاف عليها سوء التدبير في المعيشة وبالتالي مشاريع الجمعية كلها تعمل على نطاق التدبير والتدوير والعلاقات وهذه من النعم الإلهية التي منّ الله بها علينا.