رحاب عبد العظيم
كثيرا ما يعاني المعلمون من سلوكيات سلبية عديدة بين الطلاب، على رأسها التنمر والمشاحنات والشكاوى المتواصلة، والتي يمكن تقليصها بدرجة كبيرة -بحسب مختصين- عبر نشر ثقافة “اللطف” بين الطلاب، عبر طرق عديدة، وحيل من شأنها التركيز على أهمية شعور الطلبة ببعضهم البعض، ومحاولات إسداء المعروف والمساندة بدلا من المشاحنة والسخرية، فما تلك الحيل، وكيف تدعمها الأبحاث العلمية؟
فوائد غير متوقعة لـ”اللطف”
يعرف “اللطف” بأنه اختيار القيام بشيء لأنفسنا أو للآخرين بدافع من مشاعر حقيقية ودافئة، وهي عادة لا تكون أمورا عظيمة، فيمكن لأمور صغيرة وبسيطة جدا أن تصنع فارقا، ورغم المعروف الكبير الذي يسديه اللطف إلى الآخرين، فإنه يساعد الشخص اللطيف نفسه، حيث يدعم صحته العقلية والنفسية، ويزيد من ثقته بنفسه، ليس هذا فحسب، فالتعامل اللطيف من شأنه أن:
يقلل التوتر، يحسن المزاج، يمنح شعورا بالسعادة، يمنح شعورا بالإشباع، يمنح شعورا بالانتماء، يقلل الشعور بالوحدة، يحفز الآخرين ليكونوا كذلك؟
لهذا يكف الطلاب عن التعامل بـ”لطف”
يصادف أن الكاتبة ورسامة قصص الأطفال آلاء عرفة، تعمل كمعلمة للتربية الفنية أيضا بإحدى المدارس الابتدائية، مما جعلها شاهدة على ما يفعله اللطف في المسار التعليمي والتربوي للأطفال داخل المدرسة، تقول: “الأطفال الأصغر سنا عادة ما يكونون أكثر لطفا من الطلاب في الأعمار الكبيرة، لاحظت أنه مع الوقت ينظر الطلبة الأكبر عمرا للتصرفات اللطيفة باعتبارها تصرفات أطفال، حتى تتحول التعاملات العادية إلى ساحة معارك، يتعامل خلالها الطالب كمتصارع يسعى للانتصار، بهدف إثبات النفس”.
وتابعت “كما أنه مع الوقت يتم النظر إلى الطالب اللطيف الذي يتعامل بالحسنى على أنه ضعيف، هكذا يتخطى زملاؤه دوره، ويستغلونه بقوة، والتفاصيل ذاتها تنطبق على المعلم اللطيف، حيث يختبره الطلاب بمزيد من الشغب في حصصه مقارنة ببقية المعلمين”.
تتجلى مظاهر اللطف بين الطلاب بحسب آلاء في مجموعة من التصرفات العفوية بين الطلاب، تعددها بقولها: “يظهر اللطف داخل المدرسة في كلمات الشكر والامتنان، مشاركة الزملاء بود في الأنشطة، والمساعدة، وأيضا في يظهر اللطف في خطابات الشكر والتقدير والتعبير عن الحب التي يتم توجيهها إلى المدرسين، وتضيف: “عادة ما تكون البنات أكثر لطفا من الذكور، وإن كان هناك أولاد يتميزون باللطف أيضا”.
تحاول آلاء، صاحبة عشرات القصص المنشورة، أن تسهم عبر حصة التربية الفنية في نشر سلوكيات إيجابية، ودعم الطلاب الذين يتميزون باللطف على طريقتها، تقول: “يمكن دعم الطالب الذي يتصرف بلطف وتعزيز سلوكه بالثناء عليه مع التأكيد على أنه إنسان جميل ويجب أن نتصرف على طريقته، وبما أنني أدرس الأطفال مادة تعبير فني، فإني أحرص على أن تعكس أفكارهم ومشاعرهم، مع اقتراح موضوعات حول التعاون مع الآخر وتعزيز الصداقة، وغير ذلك من الموضوعات، فضلا عن حكي القصص كما هو الحال مع قصتي “ميما”، والتي تدور حول فتاة رقيقة تعيش حياة مختلفة مع سماعة أذن، ويتقبلها الأطفال بشكل طبيعي، ويتبادلون التصرفات اللطيفة، مثل تلك القصص تنشر مشاعر اللطف بين الأطفال بشكل محبب من دون وعظ مباشر”.
دليل المعلم لنشر اللطف بين الطلاب
يمتد تأثير التصرفات اللطيفة إلى آفاق غير متوقعة، فبحسب دراسة بعنوان: “الفوائد الصحية العقلية للمدارس الموجهة نحو اللطف” خلص باحثون عام 2022 إلى ارتباط اللطف المدرسي بأبعاد الرفاهية مثل المشاعر الإيجابية وتحسين الأعراض الاكتئابية وتحسين نتائج التعلم الأكاديمي والاجتماعي والعاطفي للطلاب، ربما لهذا طورت مؤسسة الصحة العقلية في المملكة المتحدة عام 2015 برنامجا بعنوان “مشروع تعليم الأقران” (PEP) والذي تضمن دليلا لمساعدة المعلمين على القيام بدور فعال في نشر اللطف، عبر مجموعة من الأنشطة والفعاليات، أبرزها:
تشجيع الطلاب على الاحتفاء بالزملاء المختلفين، من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو الديانات والجنسيات المختلفة، أو من يعانون صعوبات عبر مساعدتهم ومنحهم الاهتمام والترحيب بهم.