الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين للوفاق:

“طوفان الأقصى” عملية تحرُّرية إنسانية أعادت دور الثقافة إلى الواجهة

خاص الوفاق: القواسم المشتركة بين الأدبين العربي والفارسي أكبرمن أن تحيط بها مجلَّدات،ولهذه الغاية يسعى اتحاد الكتّاب اللبنانيين إلى إعادة مدِّ الجسورمع المستشارية الثقافية الإيرانية في لبنان

2024-09-14

موناسادات خواسته

 

للشعر والأدب مكانته القيّمة وتأثيره العميق على المجتمع في مختلف المجالات، ونتيجة لذلك هناك دور هام للشعراء والأدباء الذين يتركون كنوزاً أدبية للأجيال القادمة، وهم نجوم في سماء العلم والأدب، منهم الأديب والشاعر اللبناني المميّز الدكتور “جورج شكّور” المسيحي اللبناني الذي رحل أخيراً وترك ميراث قيّم من الشعر والأدب، منها ملاحمه الثلاثة المحمدية والعلوية والحسينية، الموالي لأهل البيت(ع) الذي تُوفي وبقيت أشعاره خالدة، وبهذه المناسبة أجرينا حواراً مع الدكتور أحمد نزَّال الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين الناشط الثقافيٍّ على أكثر من مِنبر، والأستاذ في الجامعة اللبنانية، مؤلفاته البحثية في الأدب واللغة كثيرة وقيّمة، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

 

 

الدور الفاعل للكلمة في بث الوعي

 

بداية تحدث الدكتور أحمد نزَّال حول الشعر والأدب وتأثيره في المجتمع خاصة فيما يتعلق بالمقاومة، حيث قال: لا شك أنّ للكلمة دوراً فاعلاً في بث الوعي وتحريك الشعور الجمعي بقضايا المجتمع وما يحيط به. وتأثير الأدب هو تأثير المثقف مبدع هذا الأدب، الذي لا ينبغي أن يعيش خارج زمانه ومكانه، ولا على هامش التحديات، بل في صميم المواجهة، لأن قوى الإستكبار لا تقتصر على ضرب الأمن والسياسة والميدان، بل تسعى إلى تشويه الثقافة والهوية واللغة والتراث، وهو ما يظهر من خلال البرامج التي تنفِّذها قوى الإستعمار، ولكم أن تتخيَّلوا حجم الضغوط التي يتعرَّض لها المثقف العربي في محاولة لفصله عن واقعه ومحاولة سلب هويته، وجعله يعيش خارج الزمان والمكان.

 

 

القواسم المشتركة بين الأدبين العربي والفارسي

 

وفيما يتعلق بالحركة الثقافية في الدول العربية وإيران، والنقاط المشتركة في هذا المجال، قال الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين: في الحقيقة، إن الحركة الثقافية في لبنان والدول العربية ما انفكَّت تعمل لمواكبة الأحداث الجارية، ومما لا شك فيه أن عملية تحرُّرية إنسانية بحجم “طوفان الأقصى” أعادت دور الثقافة إلى الواجهة، بعد أن كبا المثقفون في زمن الإعلام ووسائل التواصل، فعادت القضية المركزية إلى الواجهة، وانبرى المثقفون وأصحاب الكلمة الحرّة إلى مساندة القضية، حتى نتج أدب جديد يمثِّل المرحلة الراهنة، وينبئ بنهضة ثقافية جديدة، خصوصاً في الدول التي ترفض الإحتلال ومحاولات التهويد الثقافي.

 

ويتابع الدكتور أحمد نزَّال: بالنسبة إلى إيران، إن القواسم المشتركة بين الأدبين العربي والفارسي أكبر من أن تحيط بها مجلَّدات، ولهذه الغاية يسعى اتحاد الكتّاب اللبنانيين إلى إعادة مدِّ الجسور مع المستشارية الثقافية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان لتعزيز التعاون وتسليط الضوء على المشتركات الثقافية الكثيرة بين البلدين.

 

 

“جورج شكور” المثقف الموسوعي

 

 

 

وبعد ذلك تطرقنا إلى خصائص شعر الأديب اللبناني المميّز الدكتور “جورج شكور” وسألنا الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين عن رأيه حول شخصيته وأشعاره والأثر الذي يتركه في الآخرين، فقال الدكتور أحمد نزَّال: هذا يومٌ حزينٌ على الشعر والشعراء، وعلى اتحاد الكتّاب اللبانيين برحيل العلّامة والفقيه والشاعر جورج شكور بعد رحلة طويلة قضاها في رحاب اللغة وبين مجالس الشعراء الكبار.

 

“جورج شكور” المثقف الموسوعي، بخياله وصفائه ونقاء سريرته وسمو روحه وشاعريته، جار الكنيسة وابن القرآن لغةً ومضامين وبلاغةً وبياناً، شاعر الرهافة والذوق الرفيع جورج شكور يغادرنا إلى ملكوت الحرف الأعلى.

 

جورج شكور صاحب الملاحم في النبي محمد(ص) والإمام علي(ع) والإمام الحسين(ع)، يعبر بها من الحق إلى الحقيقة، فيغدو نجماً مضيئاً في سماوات التنزيل.

 

جورج شكور ترك فراغاً كبيراً في المشهد الشعري اللبناني والعربي، بعد أن كان مدرسةً في الشعر والأدب، يتحلَّق حوله الشعراء الشباب، فلا يبخل عليهم بإرشاد أو نصيحة.

 

“جورج شكور” وملاحمه التاريخية الثلاث

 

 

 

وعندما سألنا الدكتور أحمد نزَّال: كيف وجدتم حُبّه بالنسبة لأهل البيت (ع) والمقاومة؟ وماذا كان يقول في هذا المجال؟، هكذا رد علينا بالجواب: لعل ملاحمه التاريخية الثلاث التي أتينا على ذكرها خير دليل على عمق العلاقة بأهل البيت عليهم السلام، هذه العلاقة نابعة من معرفتهم حقَّ المعرفة، ومن اطلاعه على سلوكهم ومسيرتهم التي انتصرت للإنسان في كلِّ زمانٍ ومكانٍ، لذا ليس غريباً على شاعر مثقَّفٍ وحرٍّ أن ينشد شعره فيهم.

 

وفي هذا المجال نستذكر قوله الشهير: “الإمام علي(ع) مثلي الأعلى في الحياة، وزينب(س) بطلة كربلاء هزَّت عرش يزيد وسر خلود ملحمة كربلاء”، مستشهداً بالكثير من مواقف أهل البيت عليهم السلام في حياته ومسيرته.

 

 

المعركة مع الكيان الصهيوني معركة ثقافية وفكرية

 

وفيما يتعلق باعتبار “جورج شكور” مقاوماً في جبهة المقاومة يحارب بقلمه وبالكلمة، قال الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين: الكلمة سلاح، والموقف سلاح، وعلى هذه العقيدة تأسسنا وتأسس جورج شكور، ولا نستغرب إذا عرفنا أن هذه المعركة مع الكيان الصهيوني هي في جوهرها معركة ثقافية وفكرية، لذا من الضروري أن تواكب الرصاصةَ كلمةُ حقٍّ تبث الوعي وتنشر المعرفة بالمخاطر التي تحيط بالمجتمع العربي.

 

ولهذا، يعدُّ جورج شكور وأمثاله من الشعراء والأدباء أصحاب الكلمة الحرّة والمواقف الإنسانية النبيلة من المقاومين الأساسيين في جبهة المقاومة الثقافية التي نسعى لكي تكون جبهة عالمية.

 

 

 

 

الأدباء والشعراء والدفاع عن الشعب الفلسطيني

 

نظراً للظروف الحالية وما يجري في غزة، سألنا الدكتور أحمد نزَّال عن رأيه حول كيفية إستطاعة الأدباء والشعراء الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، حيث قال: الأدباء والشعراء اليوم أمام امتحان الضمير الإنساني، لما تشهده غزة من حرب إبادة تطال الأطفال والأمهات والشيوخ، وفي تقديري إن الصمت أمام هول ما يجري هو سكوت عن الحق كله أمام الشرك كله.

 

والمشكلة الأكبر إذا كان هذا المثقف بوق السلطات الحاكمة الجائرة، فهذا يعني أنه تخلَّى عن مهمته الرسولية، ولهذا حديثٌ يطول.

 

 

إتحاد الكتّاب اللبنانيين والقضية الفلسطينية

 

وختمنا الحوار بالحديث عن الحركات والنشاطات الأدبية في لبنان منذ القدم حتى الآن، فسألنا الأمين العام لإتحاد الكتّاب اللبنانيين عن كيفية مواجهة الإتحاد لجرائم الكيان الصهيوني، ورسالته للشعب الفلسطيني المظلوم، فقال: إن اتحاد الكتّاب اللبنانيين لم يقف مكتوف الأيدي أمام ما يجري، فقد بادر، بالتعاون مع الملتقى الثقافي اللبناني، إلى استضافة رؤساء اتحادات الكتّاب العرب، في خطوة كبيرة، في بيروت، والإعلان عن الملتقى الدائم لرؤساء اتحادات الكتّاب العرب، تحت عنوان: فلسطين: مقاومة الهوية والتاريخ”، في 1 و2 آذار 2024، إيماناً بالكلمة الحرة المسؤولة سبيلاً إلى بث الوعي لرفض كل أشكال الظلم والعدوان.

 

ثم جاء الإعلان عن الدورة الرابعة من جائزة سليماني العالمية للأدب المقاوم، في بيروت، في 11 آذار 2024، تلك الجائزة التي تنظمها جمعية أسفار للثقافة والفنون، وامتدت مشاركاتها في الأقطار العربية والإسلامية.

 

وفي خطوة لا تقل أهمية عن الملتقى الدائم، شارك الاتحاد من خلال الأمين العام والشاعر والروائي الأستاذ سديف حمادة أمين شؤون الانتساب في الهيئة الإدارية، في إعلان اتحاد كتّاب المشرق العربي، من العاصمة دمشق، في 14 نيسان 2024، في خطوة من شأنها توحيد الجهود في سبيل نصرة القضية المركزية فلسطين.

 

ولا ننسى أخيراً مشاركة معالي الوزير الدكتور طراد حمادة، عضو الهيئة العامة في الاتحاد، في اجتماعات الهيئة العليا لجائزة فلسطين العالمية للأدب المقاوم، في طهران، في 10 أيار 2024.

 

والآن، نقوم بالتحضير لفعالية كبيرة في 7 تشرين الأول 2024، أي بعد مرور عام على عملية “طوفان الأقصى”.

 

هذا التفاعل الخلّاق لإتحاد الكتّاب اللبنانيين مع قضية فلسطين يضعه في قلب الفعل الثقافي في ظلِّ صورةِ المشهدِ المزدحمِ بالتحديات والتطورات على مستوى لبنان والمنطقة.

 

المصدر: الوفاق/ خاص