رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين للوفاق:

جرائم العدو الصهيوني في غزة سقوط لمنظومة حقوق الإنسان

خاص الوفاق: جعلت عملية " طوفان الأقصى" المجتمع الدولي يعيد النظر في دور ووظيفة الكيان الصهيوني في هذه المنطقة

2024-09-15

عبير شمص

اقترف العدو الصهيوني كافة أصناف الجنايات في فلسطين المحتلة منذ قيامه المشؤوم عام 1948. واليوم، هو لايزال ينتهك كل القوانين والإتفاقيات والأعراف الدولية والإنسانية على أرض غزة؛ من احتلال للأرض، وتسلّط على الأملاك والمنازل، وقتلٌ للمدنيين، واستخدامٌ للأسلحة المحرّمة دولياً، واستهدافٌ للإسعافات والطواقم الطبّية، واقتحامٌ للمستشفيات واستخدامها كمراكز عسكرية، وحصارٌ وقطع للدواء والماء والطعام، واغتيالٌ للصحفيين. بإختصار، إنّ الإبادة الجماعية التي يقترفها العدو الصهيوني في قطاع غزة، هي بمثابة سقوط مدوي لمنظومة حقوق الإنسان وللعدل، سقوط لم يشهده العالم سابقاً. أكثر من 45 ألف شهيد، بينهم آلاف الأطفال والنساء، هم ضحايا الحرب الصهيونية المستمرة على غزّة. والرقم مرشح للإرتفاع نتيجة همجية العدو، واستمرار هذه الجرائم يعكس عجزاً هائلاً لكل المنظمات والهيئات الدولية التي تتحدّث عن حقوق الإنسان. عن أي حقوق إنسان وقانون دولي يتحدّث العالم الغربي بعد؟ في هذا السياق، حاورت صحيفة الوفاق رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في لبنان الأستاذ فؤاد بكر، فيما يلي نصّه:

 

حرب وجودية أن نكون أو لا نكون

انتهك العدو الصهيوني على مر تاريخه وما يزال كل القوانين الدولية، لم يترك قانوناً إلا وانتهكه، وأبرز الانتهاكات وأولها احتلاله الأرض الفلسطينية والذي يعد انتهاكاً للقانون الدولي، وآخرها جرائم الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني التي رافقته منذ تأسيس كيانه المشؤوم، وفي هذا السياق يعتبر الأستاذ بكر بأن العدو بما أنه كقوة احتلال، فهو مُجبر بتطبيق إتفاقية جنيف الرابعة المعنية بحماية المدنيين خلال الحرب، ويلفت أن ما يقوم به العدو الصهيوني هو حرب إبادة جماعية وليس قتل جماعي حين يستهدف الفلسطينيين لأنهم من أصل عرق عربي فيحتل أرضهم ويهجرهم، لذلك يقوم بتدمير القطاع الصحي في غزة من أجل إبادتهم، وهكذا يفعل مع كل القطاعات التربوية والاقتصادية والثقافية لسلب الهوية الفلسطينية من الشعب والأرض وتهجيرهم استكمالا ًلسياسته الهادفة لتفريغ الأرض من سكانها الأصليين، وبالتالي فهذه الحرب الجارية هي حرب وجودية إما أن يكون الشعب الفلسطيني وإما أن لا يكون، لذلك فهو يسعى الى تحقيق هدفه بإقتراف أكبر قدر ممكن من المجازر والجرائم دفعاً لتهجير الشعب الفلسطيني”.

خرق صهيوني فاضح للقانون الإنساني الدولي

 

يعتبر رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية الأستاذ بكر إن الممارسات التي قام بها العدو الصهيوني تُعد خرقاً رئيسياً لقواعد القانون الدولي غير القابلة للتصرف لا سيما حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه وهذا ما أكدته أيضاً محكمة العدل الدولية في شهر أيار / مايو 2024 م والتي أكدت أنه يجب إنهاء هذا الاحتلال بشكلٍ فوري. وهنا لابد أن تطبق للشعب الفلسطيني المقررات الشرعية الدولية المتعلقة بحقه في تقرير مصيره على أرضه وإلغاء جريمة الفصل العنصري والعمل على تنفيذ حق عودة اللاجئين بموجب القرار 194 الصادر عام 1948م وبناء دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس المحتلة وتفكيك كامل المستوطنات الصهيونية المقامة على الأرض الفلسطينية المغتصبة والمصادرة لما تشكله من جريمة حرب في القانون الدولي وبموجب المادة الثامنة من نظام روما الأساسي وبالتالي هذه الممارسات وفق القوانين الدولية تؤدي الى تقديم قادة العدو الصهيوني أمام المحاكم الدولية وإيداعهم خلف القضبان”.

القانون الدولي الإنساني يسمى بقانون الحرب وهو يسمح باستهداف المواقع العسكرية في الحرب ويمنع استهداف المدنيين، وهذا ما يتجاهله العدو الصهيوني في مخالفة صريحة للقانون، ولكن منذ متى يهتم العدو الصهيوني بالقوانين والأعراف الدولية، يُعدد الأستاذ بكر الإتفاقيات الداعية لحماية المدنيين في الحروب منها اتفاقية جنيف الثالثة المتعلقة بالأسرى والاتفاقيات المتعلقة باللاجئين والنازحين والإتفاقيات المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب، لكن يتجاهل العدو الصهيوني كل هذه القوانين والإتفاقيات ضارباً بعرض الحائط كل المطالبات بوقف جرائمه، بل يتمادى في انتهاكاته ضد الشعب الفلسطيني على الصعد كافة، فهو لا يكتفي باعتقال الأسرى الفلسطينيين بل يحتجز جثامين الشهداء منهم في البرادات وسرقة أعضاءهم وعدم تسليم الجثامين لذويهم بل دفنها في مقبرة الأرقام دون وجود إسم او هوية إصرارا منه في أذية الشعب الفلسطيني إضافةً إلى الإخفاء القسري للآلاف من الفلسطينيين الذين لا يعرف ذويهم عنهم شيئاً وذلك على مر تاريخ الصراع بين الفلسطينيين والعدو الصهيوني”.

لا انتظار لحل من المجتمع الدولي

لا يراهن الأستاذ بكر ولا ينتظر الحل والدعم من مجتمع دولي اعترف بنشوء الكيان الصهيوني على أرض مغتصبة، ماذا ننتظر من هذا المجتمع الدولي الذي دعم وساند وما يزال يساند هذا الكيان الغاصب، يكفي أن نعلم أن الكيان الصهيوني وُلد عبر اعتراف المجتمع الدولي به وهو الذي دعمه في سرقته لأراضي الشعب الفلسطيني وهذا يوضح صمته أمام ما يقترفه هذا العدو في قطاع غزة، وبالتأكيد هناك تحالف بين الإمبريالية والصهيونية لما يجمع بينهما من مصالح مشتركة وإن هزيمة الكيان الصهيوني هي هزيمة لهذا المجتمع الدولي الداعم والذي يمتنع عن تنفيذ أية إجراءات رادعة للعدو، بل يتخذ إجراءات داعمة له وبطريقة غير مباشرة، ومن هنا تأتي أهمية عملية ” طوفان الأقصى” التي جعلت المجتمع الدولي يعيد المجتمع الدولي النظر في دور ووظيفة الكيان الصهيوني في هذه المنطقة”.

عمل المنظمات الدولية وفق مموليها

دائما ما تعلن المنظمات الدولية في عناوينها وأهدافها المعلنة عن حماية المدنيين في الحروب المختلفة، ولكن تظهر الحقيقة البشعة عند معرفة مصادر تمويلها، فيرى الأستاذ بكر أن تمويل المنظمات الدولية المختلفة، يكون مصدره بالأغلب من تلك الدول الداعمة للكيان الصهيوني وبالتالي عندما تبادر هذه المنظمات بإجراء تحقيق في جرائم العدو الصهيوني المقترفة بحق سكان قطاع غزة سرعان ما تُمنع من ذلك عبر رفع الدعم المقدم لها وتلغي هذه الدول استحقاقاتها المالية المستحقة عليها كل سنة لتمويل هذه المنظمات، ما يدخلها بعجز مالي. وأكبر دليل على ذلك هو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عندما تم شيطنتها وإتهامها بدعم الإرهاب، وهي وكالة خاصة تابعة للأمم المتحدة وتُدار من قبلها، والمعايير المعتمدة في هذه المؤسسة هي معايير الأمم المتحدة مهمتها إغاثة الشعب الفلسطيني وتشغيله، ولكن عندما قامت بمهمتها التي أنشئت من أجلها وحاولت مساعدة وإغاثة الشعب الفلسطيني شنوا عليها حرباً شعواء فقطعوا تمويلها ومنعوا عملها من أجل تجويع الشعب الفلسطيني وتركيعه إكمالاً في مخطط تهجيره الذي بدأ منذ نشأة هذا الكيان وما زال مستمراً إلى يومنا هذا، لذا تعتبر قضية التمويل الأوروبي والأمريكي الإشكالية الكبرى والأساسية المانعة لعمل هذه المنظمات الدولية”.

منظمات حقوقية وطنية

يطرح الأستاذ بكر حلاً لمعالجة الاعتماد على هذه المنظمات الدولية الممولة من داعمي الكيان الصهيوني، وذلك عبر تأسيس منظمات دولية وحقوقية ذات طابع وطني وذلك بدعم الدول الصديقة من الدول العربية والإسلامية وأهمها الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودول أمريكا اللاتينية، فعندما ننشئ مؤسساتنا نجبر المجتمع الدولي على التعامل معها، ونمتنع عن التعامل مع المنظمات المدعومة من الإمبريالية والحلف الأطلسي ولا نقدم المعلومات، فنسدد بذلك ضربة قاضية للعدو الصهيوني ، ولكن تكثر العقبات لتنفيذ هذه الخطوة المستقبلية والضرورية، فالدول المرشحة لتأسيسها تخضع لحصار مالي واقتصادي من قبل الإدارة الأمريكية وهذه العقوبات هي خرق للقوانين الدولية لأنها تضر بالشعب مباشرة وعلى الرغم من هذا الحصار، فقد اندفعت تلك البلدان لتأسيس محور متكامل معادي لأمريكا والعدو الصهيوني، والأمل بالقدرة بإنشائها في المستقبل”.

نظام عالمي إنساني جديد

يؤكد الأستاذ بكر أنه:”بعد الحرب على قطاع غزة، فلا بد من إعادة النظر بتفعيل القرارات والقوانين الدولية وإعطاء صلاحية للمنظمات الدولية بعدم الإكتفاء بإصدار القرارات وعدم تطبيقها، بل يجب وضع آلية مرنة وسلسة غير خاضعة للضغوط لتطبيق هذه القرارات، وأن لا يعود تطبيقها إلى مجلس الأمن المهيمن عليه الدول الداعمة للكيان الصهيوني، وهنا نحتاج إلى نظام عالمي جديد يتشكل سواء أكان بثنائية قطبية أو تعددية قطبية أو عالم لا قطبي. والعالم كله الآن سئم من النظام العالمي الموجود ويريد نظاماً عالمياً جديداً يتميز بأكثر عدالة ويشمل كل الشعوب”.

وتعد التحركات الطلابية في أمريكا وأوروبا رغم كل الإجراءات والقيود والضغوط التي فرضت على الطلاب دفاعاً عن حقوق الإنسان، فيعتبر الأستاذ بكر بأن هذا الحراك الطلابي بإندفاعه ودفاعه عن حقوق شعب غزة، إنما يدافع عن حقوق الإنسان في كل العالم فهو عابر للقارات وذا علاقة أممية عربية وليس فقط يختص بالقضية أو بمنطقة معينة. وهنا تقع أهمية هذا الحراك الجامعي الذي انتشر في الجامعات الامريكية والأوروبية وخاصة في الجامعات المهمة التي تخرج الرؤساء والنخب في الغرب، وهذا يمكن أن يحدث خرقاً بعد سنوات، لذا نعول كثيراً على هذه التحركات ليس من أجل وقف العدوان على غزة فقط بل على المدى البعيد. وتعويلنا الأساسي على المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة في الدفاع عن الشعب الفلسطيني”.

المصدر: الوفاق/ خاص