تغيرت معادلة وقواعد الاشتباك في الشرق الاوسط، فأصبح الكيان الصهيوني يتلقى الصفعات الموجعة تلو الاخرى من عملية الوعد الصادق الايراني التي وضعت قواعد جديدة ورسخت معادلات مهمة وأربكت حسابات العدو ومَن وراءه، الى مسيرة يافا اليمنية التي ادخلت يافا (تل ابيب) قائمة التهديدات الامنية، والى عملية الاربعين لحزب الله اللبناني على قاعدتي غليلوت وعين شيمر والتي كشفت مستوى الكذب والوهن لدى العدو الاسرائيلي.
ومرة جديدة خطفت حركة انصار الله الابصار واهتمامات الاخبار والتحليلات العسكرية والاستراتيجية في عملية نوعية استهدفت موقعا عسكريا في يافا بصاروخ فرط صوتي دون ان تتمكن منظومات الدفاع الجوي الصهيوني المكونة من 3 طبقات (الرادار، تحليل البيانات، التعامل مع الهدف) في التصدي لها.
وعلى الرغم من ان الكيان الصهيوني في حالة تأهب الا ان منظوماته الدفاعية الجوية فشلت في اعتراض الصاروخ اليمني الذي عبر اكثر من الفي كلم في حوالي 11 دقيقة ونصف ومن ثم ضرب منطقة عسكرية في اللد على بعد نحو 6 كيلو مترات فقط من مطار بن غوريون في يافا قرب الطريق الحيوي الذي يربطها بالقدس الشريف.
وقد اثار الصاروخ اليمني الرعب في كل مدن وسط الكيان الصهيوني وللمرة الاولى منذ عدة اشهر، اجبر أكثر من مليونين و ثلاثمئة الف مستوطن على الاختباء في الملاجئ منذ ساعات الصباح الأولى.
نعم انها ليست المرة الاولى، ولن تكون الاخيرة، عندما اخترقت مسيرات وصواريخ كفاءة منظومة القبة الحديدية، التي تعتبر فخر الصناعات الصهيونية والتي تعمل بتناغم وبتكامل مطبق، وبالتالي فشلت ولن تحقق درجة النجاح المطلق في تعقب كل جسم قادم الى الكيان الصهيوني بعد الان.
هذا ورأى بعض الخبراء العسكريين الاستراتيجيين، أن هذا الاختراق يطرح حالة من الارتباك في الكيان الاسرائيلي ويضعه امام تساؤلات شتّى حول ما اذا كانت المنظومة الدفاعية الصهيونية، التي فشلت في التعامل مع صاروخ منفرد، ستستطيع التعامل مع كم هائل من الصواريخ في حال كان هناك وحدة ساحات لمحور المقاومة من ايران وحزب الله وانصار الله ومقاومة العراق.
وفيما اعتبر بعض المراقبون انه عذرا اقبح من ذنب، اقر جيش الاحتلال الاسرائيلي بأن منظوماته الدفاعية حاولت اعتراض الصاروخ القادم من اليمن لكنها فشلت في ذلك وان اسباب هذا الفشل لا تزال قيد التحقيق والمراجعة.
ردات فعل الصحف العبرية على الصاروخ اليمني
وأكدت إذاعة جيش الاحتلال أنها ليست المرة الأولى التي ينجح فيها اليمن في اختراق منظومات الدفاع الإسرائيلية. وعلى الاثر دعا حزب يوجد مستقبل المعارض الإسرائيلي من وصفها بالحكومة الكارثية لتسليم المفاتيح والاستقالة.
وبدوره وفي منشور له عبر منصة “إكس”، قال محلل الشؤون الأمنية والعسكرية في صحيفة “هآرتس” العبرية: يوسي ميلمان ان منظومات الدفاع الجوي في بلاده فشلت بالكامل في اعتراض الصاروخ البالستي الذي أطلقته حركة أنصار الله على وسط “إسرائيل” رغم تحليقه لمدة 20 دقيقة ودعا الى تحسين القوات الجوية.
و أضاف ميلمان :على الرغم من أن مدة رحلة الصاروخ اليمني كانت حوالي عشرين دقيقة، فإنها اخترقت المجموعة الكاملة متعددة الطبقات لنظام الدفاع الجوي للقوات الجوية الإسرائيلية (آرو، القبة الحديدية، مقلاع داود، الطائرات ووسائل التشويش المضادة للطائرات).
ولفت إلى أن شظايا الصاروخ سقطت قرب بلدة موديعين على مسافة قريبة من مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، مضيفا بانه يمكن أن تحدث أعطال، والحماية ليست محكمة. ولكن بالنظر إلى الوقت والمسافة، والعدد القليل نسبيا من عمليات الإطلاق من اليمن، فسوف يتعين على القوات الجوية الإسرائيلية أن تتحسن بشكل كبير.
ومن جانبه صرح موقع “والا” العبري، بأن هناك عدة تدابير للكشف المبكر عن الصاروخ الباليتسي “أرض- أرض” الذي تم إطلاقه من اليمن صباح الأحد، لكنها سارت بشكل خاطئ.
وأشار الموقع الى أن الصاروخ يبلغ مداه حوالي ألفي كيلومتر، وهو ما يكفي لتغطية المسافة من اليمن الى “إسرائيل”، ويتم سحب الصاروخ من موقع تخزينه بواسطة شاحنة الى موقع الإطلاق، حيث يتم تحديد وجهته مسبقا.
وأوضح أن الصاروخ ليس لديه القدرة على تغيير مساره أو تصحيحه في أثناء الطيران، وجرى إطلاقه من شمال اليمن، ولم يستغرق سوى 12-15 دقيقة للوصول إلى وسط “إسرائيل”.
ولفت إلى أن الاستعدادات الميدانية لإطلاق الصاروخ تتطلب حوالي 30 دقيقة، وعندما يتم وضع الصاروخ للإطلاق، يكون في منطقة مفتوحة، ويمكن رؤيته من قبل أقمار التجسس الإسرائيلية والأمريكية، التي من المفترض أن تتعقب مواقع الإطلاق المحتملة.
الموقع العبري أوضح أنه عندما يتم إطلاق الصاروخ، تلتقط الشبكة الأمريكية من الأقمار الاصطناعية المخصصة للتحذير من إطلاق الصواريخ الباليستية الحرارة الكبيرة الناتجة عن محركه، ومن المفترض أن يتم نقل المعلومات الى الجيش الإسرائيلي.
وعندما يكون الصاروخ في طريقه بالفعل إلى “إسرائيل”، هناك العديد من أنظمة الرادار التي من المفترض أن تكتشفه وتتعقبه، بدءا من رادارات سفن البحرية الأمريكية والبحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر وفق المصدر نفسه.
وأكد أنه كان يمكن رصد الصاروخ من قبل الرادار X بعيد المدى، المتمركز في النقب جنوب “إسرائيل” والذي يعمل على تشغيله جنود أمريكيون وأخيرا رادار نظام حيتس (آرو/السهم).
وفيما يتعلق بالصاروخ نفسه، أشار الموقع أن وزنه يقدر قبل الإطلاق بحوالي 15-17 طنا، لكن الرأس الحربي نفسه يزن حوالي 650 كيلوغرام، وهي شحنة متفجرة كبيرة يمكن أن تسبب أضرارا كبيرة للمباني المدنية، فضلاً عن المباني العسكرية غير المحصنة بشكل جيد.
وختم الموقع تقريره بالقول: لا يزال من غير الواضح ما إذا كان قد تم بالفعل اكتشاف الصاروخ في الوقت المناسب، ولماذا لم يتم اعتراضه قبل مسافة كبيرة من وصوله الأراضي الإسرائيلية كما تم تصميم نظام آرو (نظام دفاع جوي مضاد للصواريخ الباليستية) للتعامل معه.
بينما قالت مراسلة القناة 13 العبرية ان زمن الرحلة المطلوب لصاروخ باليستي لقطع مسافة نحو ألفي كيلومتر حوالي 15 دقيقة، غير أن الأمر استغرق وقتا طويلا جدا للتعرّف عليه واعتراضه، وسألت في أيّ مرحلة تمّ اكتشاف الصاروخ؟ هل كان الوقت قد فات بالفعل لإجراء اعتراض ناجح عندما تعلّق الأمر بصاروخ باليستي ثقيل بعيد المدى؟.
ومن المتوقع والمؤكد أن تضج تباعا التحليلات والتصريحات في وسائل الاعلام العبري التي تلوم جيش الاحتلال بسبب ما حدث، وماخلّفه هذا التقاعس في أوساط الصهاينة من أضرار مادية وصدمات وخسائر وتدمير.