الأستاذ والباحث الأكاديمي الدكتور "محمدعلي آذرشب" للوفاق:

أسبوع الوحدة الإسلامية.. مشروع إستنهاض الأمّة ودفع الأخطار عنها

خاص الوفاق: الدكتور آذرشب: مسيرة التغيير تنجح حينما يكون هناك توجه نحو الهدف الكبير لهذه الأمة وهو الحضارة الإسلامية الحديثة، والصحوة الإسلامية، والعودة للحياة الإسلامية الحقيقية.

2024-09-17

موناسادات خواسته

 

تُعتبر وحدة المسلمين من أهمّ ما حثّ عليه الإسلام وأمر به، حيث يجب على المسلمين الاجتماع حول كتاب الله وسنّة رسوله(ص). وتكمن أهمية الوحدة بين المسلمين في عدة مواضيع، منها: مواجهة التحديات، خاصة في الظروف الحالية ونظراً لما يجري في غزة، كما تُبيّن الوحدة الآثار العظيمة للإسلام على نفسية المسلم؛ إذ تمنحه القوة والعزة، وتُساعد على تشكيل حضارة إسلامية حقيقية معبّرة عن المجتمع الإسلامي الصحيح.

أما العلماء والمفكّرون، فلديهم مكانتهم الخاصة والمميزة في هذا المجال، فمنهم الدكتور محمدعلي آذرشب، أستاذ جامعة طهران والذي قام بترجمة وتأليف أفضل الكتب التي حصلت على جوائز دولية ومحلية، فيعرفه الجميع بتأليفاته ونشاطاته الكثيرة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية، فهو بأخلاقه وتواضعه وعلمه أستاذ للكثير من طلبة العلم.

 

 

 

وعلى أعتاب إقامة مؤتمر الوحدة الإسلامية الذي يُقام يوم الخميس المقبل في طهران، اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً مع الأستاذ الذي قلمه وتأليفاته وترجماته القيّمة لا تحتاج إلى التعريف، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الوحدة حياة والتفرّق هو الموت

 

بداية، تحدث لنا الدكتور آذرشب عن أهمية الوحدة الإسلامية في عالم اليوم، وقال: أعتقد أن أهمية الوحدة لا تخفى على أحد، لأن الوحدة هي الحياة، والتفرّق هو الموت، الجسم الحي هو الذي ترتبط أجزاؤه برباط عضوي فهو حي، وإذا مات فهذا الجسم يتفكك، فإذن أهمية الوحدة الإسلامية، هي أهمية حياتية، بقدر ما إن الحياة مهمة، فإن الوحدة مهمة، وبقدر ما يجب الإبتعاد عن حالة الموت الإجتماعي أو الأممي، فيجب أيضاً أن نبتعد عن التفرق والتشتت، لأن هذا هو الموت وأعضاء الأمة الإسلامية حينما يتوجهون بسهام التفرقة، الى هذه الأمة فهم يريدون إماتة روح الحياة فيها، ومن هنا فإن الدعوة إلى الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية، هي الدعوة إلى الحياة، والدعوة إلى بقاء هذه الأمة مستمرة على ساحة التاريخ.

 

 

مؤتمر الوحدة الإسلامية

 

على أعتاب إقامة مؤتمر الوحدة الإسلامية في طهران، سألنا الأستاذ عن رأيه حول كيفية تأثير هذا الحدث، حيث قال: في الواقع لا يجوز أن نتوقع من المؤتمر أكثر مما تنتج عنه المؤتمرات، في الحقيقة المؤتمرات وسيلة لكي يجتمع أصحاب الفكر والهدف الواحد، ويتشاورون في ما هم فيه وما يجب أن يكونوا عليه، وما يجب فعله في المستقبل، وما هي الأخطار التي تُهدد موضوع الوحدة، وما هي سبل مواجهة هذه الأخطار، وربما تكون هناك خطوة نحو مواجهة الأخطار التي تواجه الأمة في حقل التقريب والوحدة، ويجب أن لا ننتظر من المؤتمرات أكثر من ذلك، وأعتقد أن مؤتمرات الوحدة لحد الآن قامت بخطوات جيدة في هذا المجال، ونرجو أن تتواصل وتستمر، وتتأصّل أكثر وأن تكون فيها مشاركة جادة أكثر إن شاء الله.

 

 

دور العلماء والمفكّرين في دعم الشعب الفلسطيني

 

وفيما يتعلق بدور العلماء والمفكرين والمثقفين في دعم الشعب الفلسطيني المظلوم، يعتقد الدكتور آذرشب أن الكيان الصهيوني من أول تأسيسه يستهدف أن يكون غدة سرطانية تقضي على روح هذه الأمة، ويقول: لهذا السبب من طبيعة الكيان الصهيوني هو أن يمزّق ويفرّق ويثير الشغب القومي والطائفي في شعوب هذه الأمة، أما موقف العلماء من هذه الغدة السرطانية يجب أن يكون أولاً عن طريق تعبئة الشعوب، نفسياً وروحياً من أجل مواجهة هذا الخطر، ومواجهة الإعلام الذي يساند هذه الغدة السرطانية، ومع الأسف نشاهد اليوم، بعض الشبكات الناطقة بالعربية أو الفارسية أو التركية تساند الكيان الصهيوني في جرائمه وفي أعماله، مع أن الشعوب والمثقفين في أوروبا نهضوا من أجل إدانة ما يجري على الساحة الفلسطينية، من جراء العدوان الصهيوني، لكن هناك تناقضاً في الفضائيات، لأن تساند هذا العدوان الصهيوني، وتُلقي باللائمة على جبهة المقاومة بأنها هي التي أدّت إلى ما أدت إليه على الساحة الفلسطينية، فالعلماء يجب أن يكونوا في طليعة أصوات التوعية في هذه الأمة، أي يجنّدوا أنفسهم من أجل توعية الأمة على هذا الخطر السرطاني، وأنتم تعلمون أن الإمام الخميني(رض) منذ بدايات حركته، كان يحذّر من الخطر الصهيوني، ويؤكد على أن الخطر اليوم، الذي يواجه الأمة هو الكيان الصهيوني، ومَن يسانده من الأمبرياليين الأمريكيين، ولذلك فإن العلماء، كلّما كانت مكانتهم بالمجتمع أكبر، والمفكرون كلّما كانت كلمتهم مسموعة أكثر، يجب أن يعبّئوا ثقافة هذه الأمة، أولا ليفهموا واقع الصراع الموجود بين الأمة والكيان الصهيوني، ويجب أن يفهموا الأمة أن هناك صراعا بين الحياة والموت، لأنه مواجهة بين جبهة تريد أن تقضي على هذه الأمة، وجبهة تريد أن تبقي على حياة هذه الأمة، هذه مسألة التوعية أولاً، والمسألة الأخرى هي حث الحكومات والمؤسسات على أن تسير في طريق واحد من أجل دعم القضية الفلسطينية، ومشكلتنا اليوم هي مشكلة الإعلام، ومشكلة المواقف السياسية في العالم الإسلامي والعربي، هذه يجب أن تكون منسجمة مع طموح الإنسانية إلى حياة أفضل، في فلسطين وفي غيرها من بلدان العالم.

 

 

أسبوع الوحدة الإسلامية

 

أما حول فكرة إقامة أسبوع الوحدة الإسلامية، يقول الدكتور آذرشب: أسبوع الوحدة كما عرفت أنه بدأ قبل الثورة الإسلامية، حينما كان قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي في زاهدان، أقام أسبوع الوحدة، يعني أقام حفلاً في مسجد أهل السنة في يوم 12 ربيع الأول، وأقام حفلاً آخر أيضاً في مسجد الشيعة في 17 ربيع الأول، وحدث التزاور بين المسجدين، واجتمع على أن يكون هذا الأسبوع الدعوة إلى وحدة الأمة الإسلامية، ونبذ الخلاف والتفرّق، هذا كان قبل الثورة، وأما بعد الثورة تحوّلت المسألة إلى صوت مرتفع يدعو كل الأمة، لا فقط في منطقة أو في بلد معيّن، ويدعو كل الأمة إلى أن يكون هناك أسبوع الوحدة، بل يكون أسابيع الوحدة، يعني كل أسابيعنا في العالم الإسلامي يجب أن تكون أسابيع وحدة، وكل أيامنا، أيام الوحدة، لأنها دعوة الله سبحانه وتعالى، وهي لا تختصر على أسبوع أو يوم، بل إنها مستمرة على طول الحياة، ودعوة الله هي خالدة على مر الأيام، ويجب أن تتواصل، لذلك حسب اعتقادي، أن أسبوع الوحدة يجب أن يتحول إلى مشروع يستطيع أن يتواصل عبر الأيام والسنين من أجل إستنهاض الأمة، ودفع الأخطار عنها، وتوعيتها على ما يحيط بها من أخطار.

 

 

مسؤولية الإعلام في التوعية

 

واختتم الدكتور آذرشب حديثه عن مسؤولية الإعلام، قائلاً: باعتقادي أنتم اليوم في الإعلام تحملون مسؤولية كبيرة سواء كان الاعلام مقروءً أو مسموعاً، أو مرئياً، لديه مسؤولية كبيرة في التوعية، لأن التوعية ليست خاصة بالعلماء والمفكرين، بل أيضاً تشمل الإعلاميين وهم اليوم يحملون مسؤولية كبيرة، في بث التوعية، بعبارة أخرى التوعية هي تفهيم الأمة بما يجري على الساحة حقيقةً، اليوم هناك محاولات من أجل إدانة جبهة المقاومة، وأيضاً محاولات من أجل تشويه صورة المذاهب الإسلامية وحثّ بعضها على البعض، وإثارة الضغائن والخلافات، ولذلك فإن مسؤولية الإعلام اليوم كبيرة، وباعتقادي أن الإعلام يجب أن يتوجه إلى استنهاض الأمة حضارياً، يعني كلما كانت الأمة ناهضة حضارياً، كلما كانت قادرة على دفع الأخطار التي تحيط بها، وهو الذي يؤدي إلى نجاح خطط التنسيق والوحدة في العالم الإسلامي، من هنا فإنني دائماً أعتقد بأن مسيرة التغيير تنجح حينما يكون هناك توجه نحو الهدف الكبير لهذه الأمة وهو الحضارة الإسلامية الحديثة، وهو الصحوة الإسلامية، وهو العودة للحياة الإسلامية الحقيقية وهذه مسؤولية الإعلام ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفّقكم فيها.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة