سهامه مجلسي
لقد تلطّخت اليد القذرة للصهاينة الأشرار، جرثومة الفساد بإراقة دم سيد المقاومة والمقدام وصانع التاريخ الشهيد السيد حسن نصرالله ما أدى إلى حزن وعزاء للأمة الإسلامية. لكنما هذا العزاء لا يعني الجزَع واليأس وإنما يعني الملحمة والقيام ويعتبر أنموذجاً من عزاء سيد الشهداء الحسين بن علي(ع) صاحب راية العزة والجهاد ومقاتلة أعداء الحق المجرمين علی مَرّ التاريخ.
وبعد عام كامل من طوفان الاقصى مليء بالجرائم والفظائع اللاإنسانية التي ارتكبها الكيان الصهيوني الغاصب والعصابة المجرمة التي تحكمه في غزة؛ مرّة أخرى عاد هذا الكيان ليكشف عن وجهه الوحشي الإرهابي وارتكب جريمة مهولة استهدف بها جميع الأحرار في العالم، وباغتياله المجاهد البطل وقدوة المقاومة الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله يكون قد أضاف صفحة سوداء أخرى إلى تاريخه الملوث بالقتل وسفك الدماء، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حوارا مع أحمد رضا المؤمن رئيس ملتقى النجف الأشرف الثقافي وفيما يلي نصه:
شخصية السيد نصر الله تمّثل المقاومة
وصف السيد المؤمن بان شخصية ومكانة هذا الرجل لا يمكن وصفه بكلمات أو سطور أو حتى كتب، هذا الرجل مدرسة متعددة الأبعاد، مدرسة جهادية، سياسية، فقهية، أخلاقية، عرفانية، إنسانية، وثقافية، تصلح سيرته العطرة أن تكون ملهمة للأجيال الحالية والقادمة لأنه أسوة حسنة وقدوة في كل شيء.
وان تضحيات حزب الله وفي مقدمهم السيد حسن نصر الله لا مثيل لها لا كمّاً ولا نوعاً، لقد ضحّى حزب الله أكثر من كل العرب بأضعاف طاقته وكان أصدق الناس في إسناد القضية الفلسطينية بالسلاح والدماء والأرواح بالوقت الذي أغرقت الأنظمة والحكومات العربية والاسلامية هذه القضية بالإدانة والإستنكار كحد أقصى عقب كل إعتداء وإنتهاك!
الإغتيال سيحوّل إرادة المقاومة إلى غضب
اكد السيد المؤمن ان الإغتيال سيؤثر كثيراً على إرادة المقاومة وسيحوّل إرادة المقاومة إلى غضب يصب على رؤوس الصهاينة ولعنة تلاحقهم حتى تحقيق النصر المؤزر ولأسباب كثيرة أهمها أن الكيان الصهيوني بإغتياله السيد نصر الله فإنه قد أحرق كل أوراق وجوده وإستعجل فناءه.
وهنا أستحضر مقولة الامام الخميني(قدس): «إقتلونا.. فإن شعبنا سيعي أكثر فأكثر»، فالإغتيال هو مؤشر على عدم قدرة العدو على تحمل وجود شخص عدوه لما له من تأثير يظهر إفلاسه الأخلاقي والفكري وعدم قدرته على المواجهة بالرموز فيلجأ إلى الإغتيال ظناً منه أن ذلك ينفع في تغييب أثر الشخصية المغتالة في ان تكون النتائج بالعكس تماماً لأن الرأي العام سيكتشف هذه الشخصية أكثر فأكثر .
ولا شك أن إغتيال السيد نصر الله سيترك أثراً وفراغاً لا يعوض من الناحية النفسية بسبب الشخصية والكاريزما المحبوبة له وقدرته على توحيد الطاقات والجهود السياسية والأمنية بين الفرقاء السياسيين من فصائل المقاومة والأحزاب السياسية وتوجيه طاقاتهم جميعاً نحو هدف واحد هو تحرير فلسطين.
ولكن ذلك كله لا يعني أي تراجع في أداء جبهة المقاومة والممانعة عموماً وحزب الله خصوصاً، وأن حزب الله حركة جهادية مقاومة قائمة على نظام مؤسساتي لا يؤثر فيه غياب أحد قياداته بدليل إغتيال الأمناء العامين السابقين للحزب الشيخ راغب حرب والسيد عباس الموسوي وما حصل بعدهما من صعود قيادات شابة جديدة أشداء على الأعداء.
الأهداف والدوافع في إغتيال السيد نصر الله من قبل العدو
يوضح المؤمن ان دوافع إغتيال السيد نصر الله تنقسم إلى قسمين: نفسي وعقائدي، فالدافع النفسي هو وصول العدو الصهيوني الى قناعة تامة بأن وجود شخصية السيد نصر الله الملهمة وأداءها العبقري والشجاع خلال الحروب هو أكبر تهديد له بل هو يعتبره تهديداً وجودياً للكيان الغاصب، حتى ان جمهور العدو الصهيوني كان يصدق بكل ما يقوله السيد نصر الله ولا يصدق بالسياسيين لديه، كما أن الكاريزما الجذابة جداً للسيد نصر الله كانت تقلقهم بسبب قدرتها على التأثير بالرأي العام ولذلك فإن التخلص من السيد نصر الله كان يمثل تخلصا من شخصية سببت لهم عقد نفسية وطالما كان يستهزىء بهم وبقدراتهم ويصفهم بأنهم «أوهن من بيت العنكبوت» حتى أن النتنياهو في خطابه عقب إغتيال السيد ظهر وهو يذكّر بهذه المقولة للسيد نصر الله مما يدل على حجم العقد النفسية التي كانوا يعانون منها الصهاينة بسبب السيد نصر الله.
أما من الجانب العقائدي فإنهم أي الصهاينة قلقون جداً من حدوث الخراب اليهودي الثالث وهو ما سيحصل على يد قائد عظيم يدمر كيانهم بحسب معتقداتهم هم انفسهم ولذلك فإن اغتيال السيد نصرالله اصبح في منظورهم ضرورة نفسية عقائدية لا يمكن احتمال تأخيرها لأجل إبعاد هذا الكابوس الذي يلاحقهم.
ردّ محور المقاومة على جريمة إغتيال السيد حسن نصر الله
وهنا يوضح المؤمن ان طبيعة الرد مرتبطة كثيراً بشخصية الأمين العام الرابع الجديد للحزب ورؤيته وتقديره للأولويات وما يناسب المواجهة ولكن الرد في توقعي سيكون ثأرياً سريعاً وقاضياً على ما تبقى من المعنويات المتهالكة للعدو ويحقق إنتصارات تشفي صدور قوم مؤمنين إن شاء الله تعالى.
ويمكن للشعوب خدمة المقاومة من خلال عدة طرق أولها توحيد جهود وطاقات الأمة بكل أشكالها ضد العدو الإسرائيلي وعدم التشتت والتشرذم نحو شعارات قومية وطائفية بعيدة عن جهود مقاومة الاحتلال الصهيوني، كذلك فإن على الشعوب أن تضغط على الحكومات وخصوصاً المطبعة منها من أجل قطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني حتى لو أدى ذلك إلى ملاحقات وإعتقالات وشهداء لأن موضوع التطبيع مع العدو الصهيوني ـ هو موضوع خطر جداً ومن شأنه أن يحدد مصير أمة.
ولا شكّ أنّ استشهاد هذه الشخصية العظيمة في تاريخ جبهة المقاومة، والذي كان له دور فريد في تعزيز جهاد أحرار العالم ضدّ الكيان الصهيوني الغاصب والمجرم، سوف يفتح فصلاً جديداً من مقارعة جبهة المقاومة للكلب الصهيوني المسعور.
وهنا أود مخاطبة عشاق وأيتام السيد نصر الله قدس سره أن لا يصيبهم الوهن لأن الطريق طويلا ويحتاج إلى وعي وثبات وقوة إيمان حتى ظهور الإمام المهدي(عج) وأذكركم بحال الأمة ومحور المقاومة كيف كان حاله قبل أربعة عقود والآن كيف أصبح وهو يصارع العالم أجمع، الله الله بالمقاومة فإنها شرف الأمة وعزتها.