بعد كمائن المقاومة القاتلة .. هل يلغي العدو عمليته البرية ؟

تسارعت التطورات الميدانية على حدود لبنان الجنوبية بعد قرار العدو الإسرائيلي بتنفيذ عملية غزو برية للاراضي اللبنانية، قال إنها ستكون محدودة، وتهدف إلى تدمير بنية حزب الله الدفاعية ودفع وحداته من جنوب الليطاني لتأمين عودة مستوطنيه إلى شمال فلسطين المحتلة .

2024-10-05

لتنفيذ هذا الهدف – التوغل البري في جنوب لبنان- حشد العدو أربع فرق مدعومة بعدة ألوية وحدات خاصة، ونشرها على كامل الحدود مع لبنان، مع تركيز القوة الضاربة من هذه الوحدات بين القطاع الشرقي وأعلى القطاع الاوسط ، وعلى محورين أساسيين: الأول في إصبع الجليل الأعلى،  وتحديدًا بين معيان باروخ والمطلة، في مواجهة الخيام وكفركلا والعديسة، والثاني بين المالكية وأفيفيم وبرانيت، في مواجهة مارون الراس ويارون وجنوب شرق عيترون.

 

أسباب اختيار العدو لهذين المحورين ليكونا محاور الهجوم الرئيس على جنوب لبنان هي :

1.    الجغرافيا الأنسب والأسهل للمنطقتين، والتي تؤمّن ارتباط واسع بأكثر من محور تقدم، تكون مناسبة لزج مدرعاته وآلياته المدرعة، والتي تتجاوز المئات.

2.    أي نجاح لاحد هذين المحورين يؤمّن للعدو تقدم مهم في العمق، شمالًا باتجاه مرجعيون الخردلي،  أو جنوبًا باتجاه الطيبة – وادي الحجير حتى قعقعية الجسر على نهر الليطاني.

 

هذه الميزة الجغرافية والتكتيكية والميدانية التي تؤمنها منطقتي تحشد وحدات العدو، في مواجهة جبهة المقاومة بين يارون والخيام، فهمتها المقاومة جيداً وفهمت حساسية وأهمية تقوية بنيتها الدفاعية جيدًا عليها. لهذا الغرض- أي تمتين هذه الجبهة الدفاعية- عمدت المقاومة إلى تحضير مروحة واسعة من العبوات الناسفة في أغلب محاور تقدم العدو الممكنة، وعلى مكامن التقدم على الحد الأمامي مباشرة، ونصبت الكمائن المدروسة والمخططة على المسالك الإجبارية كلها التي من المفترض أن يعتمدها العدو عند توغله.

 

النتائج الأولى لهذا التنظيم الدفاعي المتين للمقاومة كانت كارثية على وحدات العدو؛ حيث سقط له في محاولة التقدم الأولى على محور الطيبة – العديسة عشرات القتلى والمصابين من وحدات المهام الخاصة “ايغوز”، وسقط له عدد أكبر من القتلى والمصابين، أيضا، على محور أفيفيم – مارون الراس- يارون ، والذي لجأ  إليه بعد فشله على المحور الأول – العديسة – كما أن وحدات المقاومة المضاد للدروع نجحت بتدمير ست دبابات ميركافا (٤) بين يارون ومارون الراس والمالكية.

 

هذه الخسائر، والتي عدّت مؤلمة جدا للعدو، بعد أن سقطت له  في الساعات الأولى لإطلاق وحدات المهاجمة والتقدم، وعلى الحد الأمامي الحدودي المباشر لجبهة المواجهة، ستكون حتمًا أقل بكثير مما سوف تتعرض له وحداته لو نجح في اختراق المنطقة الحدودية والتقدم عدة كيلومترات في عمق المناطق اللبنانية. والسبب في ذلك، أن المنطقة الحدودية هي التي تعرضت بعنف للتدمير المباشر، الامر الذي لم تتعرض له المنطقة الداخلية، والتي حتمًا ما تزالت فيها بنية المقاومة الدفاعية سليمة بالكامل، وتسمح جغرافيتها باستهداف آليات العدو ودباباته بطريقة فعالة أكثر؛ حيث ستنشط أكثر رماية صواريخ المقاومة المضادة للدروع البعيدة المدى.

 

انطلاقًا مما ورد أعلاه، يمكن الاستنتاج أن هناك صعوبة كبيرة أمام نجاح وحدات العدو في تحقيق توغل بري في المناطق الجنوبية للبنان، مع حتمية سقوط عدد كبير من الإصابات في هذه الوحدات، استنادً إلى نماذج المواجهة التي حصلت في العديسة أو مارون الراس أو يارون .

 

بناء على ما تقدم؛ يمكن استبعاد تحقيق العدو توغل بري ناجح في الأراضي اللبنانية، حيث ستكون محاولاته مكلفة جدًا لوحداته،  وسيصعُب عليه تحملّ ذلك في ظل ما عانى ويعانيه خلال عام تقريبًا من معركة “طوفان الأقصى”، الأمر الذي  سيؤثر سلبًا على معركته البرية، وتاليًا على قدرته في الاستمرار بحربه على لبنان بشكل عام.

 شارل أبي نادر

المصدر: العهد