شكّلت العملية تحديًا كبيرًا للاحتلال الصهيوني، الذي كان يسعى جاهدًا لكسر إرادة الشعب الفلسطيني؛ لكن رغم القوة العسكرية والتكنولوجيا المتقدمة، فشلت كل محاولاته في كسر شموخ وكبرياء غزة، المدينة المحاصرة التي لا تزال تقاوم بكل ما أوتيت من قوة.
بعد عام من عملية “طوفان الأقصى”، يمكن القول أن غزة نجحت في تحقيق العديد من الإنجازات رغم قسوة الظروف والحصار الخانق.
على الصعيد العسكري، أظهرت المقاومة قدرتها على توجيه ضربات نوعية للكيان الصهيوني، مما أربك حسابات العدو وزعزع الثقة في قدرته على القضاء على المقاومة. أصبحت غزة عنوانًا للصمود والكرامة، رمزًا للشعب الفلسطيني الذي لا يزال متمسكًا بحقه في الحياة والحرية، غير مستسلم للتهديدات أو القصف.
ورغم محاولات الاحتلال المستمرة لتصفية القيادات وإضعاف المقاومة عبر الحصار والتجويع، إلا أن غزة أثبتت أنها أقوى من ذلك بكثير.. فالاقتصاد المتدهور والظروف الإنسانية الصعبة لم يفلحا في كسر إرادة الشعب، بل عززا من تصميمه على مواصلة النضال والمقاومة.
في المقابل، فشلت قوات الاحتلال الصهيوني في تحقيق أي من أهدافها الاستراتيجية في غزة. ورغم عمليات القصف المتواصلة، والتدمير الكبير الذي طال البنية التحتية والمنازل، إلا أن المقاومة ظلت متماسكة، والشعب الفلسطيني واصل دعمه الكامل لها. ولم ينل الاحتلال سوى الفشل والإحباط، حيث عجز عن كسر إرادة المقاومة، وفشل في تحقيق الاستقرار داخل الأراضي المحتلة.
كما أن الكيان الصهيوني واجه تنديدًا واسعًا من قبل المجتمع الدولي بسبب الجرائم الإنسانية التي ارتكبها في غزة، والتي تضمنت قصف المدارس والمستشفيات واستهداف المدنيين الأبرياء. هذه المجازر لم تفضِ سوى إلى تعميق العزلة الدولية التي يواجهها الاحتلال، وتعزيز الدعم العالمي للقضية الفلسطينية.
في عام واحد فقط، شهد العالم سلسلة من المجازر والجرائم الإنسانية البشعة التي ارتكبها الاحتلال الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، والتي أودت بحياة الآلاف من الأبرياء، بينهم نساء وأطفال. هذه الجرائم لم تكن مجرد أخطاء عسكرية، بل كانت جزءًا من سياسة ممنهجة تستهدف إضعاف معنويات الشعب الفلسطيني وإرهابه. ورغم كل ذلك، فإن الشعب الفلسطيني ظل ثابتًا، متمسكًا بحقوقه، متحديًا كافة أشكال القمع.
بعد عام من “طوفان الأقصى”، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة رمزًا للصمود في وجه الظلم والقهر. ورغم الفشل المتكرر للاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية، تظل غزة شامخة بشعبها ومقاومتها، تشكل نموذجًا للحرية والتحدي في وجه الاحتلال.
على الرغم من التفوق العسكري الكبير للعدو، إلا أن المقاومة الفلسطينية في غزة أثبتت قدرتها على التأقلم وتطوير وسائلها. العملية جاءت لتكون درسًا عسكريًا وأخلاقيًا، حيث نجحت المقاومة في توجيه ضربات نوعية إلى العمق الصهيوني ، مما أدى إلى إرباك الجبهة الداخلية وإجبار الاحتلال على إعادة التفكير في استراتيجيته العسكرية.
من جهة أخرى، عززت المقاومة من لحمتها الشعبية. لم تكن المواجهة مجرد حرب عسكرية، بل كانت معركة إرادة. أثبت الشعب الفلسطيني أنه رغم كل الظروف الصعبة، يمكنه الصمود. الحصار الاقتصادي والتدمير اليومي للبنية التحتية لم ينجحا في كسر إرادة هذا الشعب، بل زادت العملية من تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية، ورسخت مشاعر الوحدة بين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وكذلك بين الفلسطينيين في الداخل والخارج.
كان للاحتلال الصهيوني عدة أهداف استراتيجية في غزة. أول هذه الأهداف كان القضاء على قدرات المقاومة، وتحديدًا تدمير البنية التحتية العسكرية للفصائل الفلسطينية؛ لكن بعد عام من عملية “طوفان الأقصى”، يظهر جليًا أن هذا الهدف لم يتحقق. المقاومة لم تتراجع، بل طورت من قدراتها الدفاعية والهجومية. التصعيد الصهيوني المستمر لم يفلح إلا في تعزيز عزيمة المقاومة التي واصلت تطوير قدراتها العسكرية واللوجستية رغم الحصار.
الهدف الثاني كان كسر الروح المعنوية للشعب الفلسطيني؛ لكن على العكس، فإن القمع والعدوان الذي مارسه الاحتلال أدى إلى نتائج عكسية.
لا يمكن الحديث عن عملية “طوفان الأقصى” دون النظر إلى التأثيرات الإقليمية التي أحدثتها، ليس فقط في فلسطين بل في العالم العربي بشكل عام. فقد أثبتت المقاومة الفلسطينية، من خلال هذه العملية، أن قضية فلسطين لا تزال حية في الوجدان العربي والإسلامي، رغم التحديات السياسية والتطبيع المتزايد بين بعض الأنظمة العربية والكيان الصهيوني.
خلاصة القول، فإن الشعب الفلسطيني في غزة يظهر باستمرار قدرة لا تضاهى على الصمود والتكيف مع هذه التحديات. ففي حين أن الاحتلال يراهن على إرهاق المقاومة عبر التجويع والحصار، فإن الواقع يظهر أن هذه السياسات لم تنجح، بل على العكس، ازدادت غزة قوةً وإرادةً. ورغم كل محاولات كسر هذا الصمود، تظل غزة مستمرة في تقديم نموذج للمقاومة الشعبية في وجه الظلم.
مع دخول العام الثاني بعد عملية “طوفان الأقصى”، يظل التطلع الأكبر للشعب الفلسطيني هو تحقيق العدالة والحرية. الجيل الحالي من الشباب الفلسطيني يمثل الأمل الأكبر في مواصلة مسيرة النضال، وهو الجيل الذي نشأ في ظل الحصار والمقاومة، متشبعًا بروح الصمود والرغبة في إنهاء الاحتلال. هؤلاء الشباب يدركون أن الصراع مع الكيان الصهيوني ليس فقط على الأرض، بل هو أيضًا صراع على الهوية والكرامة والحق في تقرير المصير.
التحدي المستقبلي الأكبر هو كيف يمكن للفلسطينيين الحفاظ على زخم المقاومة في ظل التحولات السياسية الإقليمية والدولية. إن استمرار عملية الحصار والضغط الدولي يتطلب تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وتطوير استراتيجيات نضالية جديدة تتلاءم مع الظروف المتغيرة. كما أن تعزيز العلاقات مع المجتمعات الدولية، خصوصًا الحركات الداعمة للعدالة وحقوق الإنسان، سيكون عنصرًا حاسمًا في كسب التأييد الدولي للقضية الفلسطينية.
بعد مرور عام على عملية “طوفان الأقصى”، تظل غزة رمزًا للصمود والمقاومة في وجه الاحتلال. ورغم كل التحديات، لم ينجح الكيان الصهيوني في كسر إرادة الشعب الفلسطيني. المقاومة مستمرة، والوحدة الوطنية والدعم الإقليمي والدولي يشكلان أملًا لتحقيق الحرية والعدالة. الشعب الفلسطيني يبقى متمسكًا بحقه في تقرير مصيره، مصممًا على استكمال نضاله حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل.