وزير تونسي سابق للوفاق:

“طوفان الأقصى” ضربة قاصمة لجسد الكيان الصهيوني

شوكات: بيان الطوفان كان ساحراً وبركاته بلا حدود، وأنواره أعادت توجيه الإنسانية جمعاء نحو الوجهة الصحيحة،وجهة الأقصى وبيت المقدس، ووجهة الروح والعرفان المعمّدة بدماء الشهداء.

2024-10-07

موناسادات خواسته

 

خاص/ الوفاق عملية “طوفان الأقصى” العظيمة التي تم فيها توجيه ضربات قاتلة للأعداء، تعتبر نقلة استراتيجية، ففي ذكراها السنوية الأولى أجرينا حواراً مع الدكتور “خالد شوكات” وزير ونائب برلماني تونسي سابق، وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، والذي هو كاتب وروائي ورئيس تحرير مجلة “المصير”، وفيما يلي نصه:

 

“طوفان الأقصى” القضية الأولى

 

 

 

بداية وفي الذكرى السنوية على عملية “طوفان الأقصى”،أبدى الدكتور خالد شوكات رأيه عن الآثار التي تركتها هذه العملية، حيث قال: كان العالم قبل “طوفان الأقصى” متجهاً نحو الشذوذ والإنحراف الأخلاقي، وقد أصبحت القضية الأولى ذات الأولوية عند الغرب على صعيد العلاقات الدولية، هي قضية المثلية، التي اصبحت لديهم المعيار الاساسي في الحكم على تقدّمية الدول من رجعيتها.

 

الكل يتذكر ماذا فعلت ألمانيا خلال بطولة كأس العالم لكرة القدم التي احتضنتها قطر، وكيف حاول الفريق الالماني رفع شعارات المثلية ورايتها.

 

شخصيا لاحظت سطوة الجماعات المثلية ونفوذ لوبياتها في جميع البلدان التي زرتها خلال السنوات الأخيرة في قارات العالم الأربع. ولست استبعد ان تكون الصهيونية التي تؤمن بضرورة إفساد “الأغيار” (الجوييم) هي من يقف وراء هذه الأجندة الشريرة. لقد كنت محتاراً كيف السبيل إلى إعادة البشرية إلى الإستقامة، وكان طوفان الأقصى هو المعجزة.. فجأة غطّت أعلام فلسطين جميع انحاء الدنيا، وأضحى صوت القضية الفلسطينية هو الأعلى، واكتشفت الأجيال الجديدة في قلب الغرب نفسها في الدفاع عن هذه القضية.

 

إن بيان الطوفان كان ساحرا وبركاته بلا حدود، وأنواره أعادت توجيه الإنسانية جمعاء نحو الوجهة الصحيحة، وجهة الأقصى وبيت المقدس، ووجهة الروح والعرفان المعمّدة بدماء الشهداء، وغالبيتهم من الأطفال والنساء.

 

“طوفان  الأقصى” ضربة قاصمة في جسد الكيان الصهيوني

 

وفيما يتعلق بأن نعتبر طوفان الأقصى بداية نقطة تحول لتغيير الأوضاع في المنطقة ونحو محو الكيان الصهيوني، قال شوكات: لقد كان الطوفان ضربة قاصمة في جسد الكيان الغاصب، الذي اعتبر انه انتهى بالمعنى التاريخي للكلمة، وربما استمر بالمعنى الزمني لسنوات قليلة قادمة، ولكنه انتهى ولن تقوم له بعد الطوفان قائمة.

 

لقد شبّت النيران من كل جانب في هذه الخلية السرطانية التي زرعت في قلب الامة الاسلامية، ولن تفلح جهود الغرب في اطفائها، كما لن تفلح جهوده في استدامة هذه الخلية التي هي اصل البلاء في المنطقة على مدار ثلاثة ارباع القرن، تمكنت من تعطيل امكانات الامة فيها، خدمة لأجندة استعمارية غايتها الابقاء على تبعية دول المنطقة وشعوبها، ونهب ثرواتها، فضلا عن كراهية متأصلة للإسلام الذي يقدّر الغرب انه الوحيد الذي يمتلك بديلا لإنسانية جمعاء بدل نظرياته المادّية السائدة القائمة على عبادة الفرد وقيم الفردانية الانانية وضرب العائلة باعتبارها نواة للمجتمع تمهيدا للفساد العام وانهيار المجتمعات من داخلها.

 

اغتيال قادة المقاومة ودور أمريكا

 

وعندما سألنا الدكتور خالد شوكات عن رأيه حول ما يقوم به الكيان الصهيوني باغتيال قادة المقاومة ودور أمريكا في هذه القضية وتأثير الإغتيالات على إرادة المقاومة، هكذا رد علينا بالجواب: الإغتيالات هو عمل العصابات لا عمل الدول، وهو يدل على إفلاس الكيان أخلاقياً وفكرياً، وكل قارئ للتاريخ يدرك أن مثل هذه الكيانات التي تعيش على الإغتيالات، هي كائنات لا تستطيع الإستمرار، فجميع هذه الحالات وآخرها دولة الدواعش اندثرت لأن الطبيعة البشرية تستنكف من وجود هذه الكيانات الاجرامية. وظن الصهاينة انهم باغتيالهم قادة حركات المقاومة انما يعطلونها، ولو عطلوها لحصل هذا عندما اغتالوا السيد عباس الموسوي او القائد عماد مغنية أو الشيخ احمد ياسين او الدكتور فتحي الشقاقي او سواهم من العظام الذين استشهدوا على طريق القدس.

 

لقد أشعلت دماء هؤلاء الشهداء حركات المقاومة اكثر، واضاءت الطريق لميلاد مزيد من القادة وبذل المزيد من التضحيات وتحقق مزيد من اليقين في صلاة المجاهدين قريبا في القدس وذلك وعد الله ووعد الله صادق لا يخيب.

 

إسناد المقاومة حتى تحرير فلسطين

 

وفيما يتعلق بالذي هو المطلوب من الحكومات والشعوب الاسلامية لدعم جبهة المقاومة، قال شوكات: أغلب هذه الحكومات والأنظمة مغلوب على امر فاقد للقدرة على اتخاذ قراره المستقل ولهذا لا أتوقع منهم شيئاً في إسناد المقاومة، بل كل الامل ان يخجلوا من أنفسهم فيكفوا عن إيذاء المقاومين على الأقل.

 

أما الشعوب الإسلامية فعلى عاتقها تقع مسؤولية كبيرة في النصرة والدعم. على هذه الشعوب ان تعود للتظاهرات واحتلال الشوارع ورفع الأعلام المقاومة، وكذلك التصدّي لمشاريع التطبيع والعمالة والخيانة، فالإسناد المعنوي هو اضعف الايمان ولكنه إسناد مهم ومطلوب ولا يجب ان يتوقف حتى تحرير فلسطين والصلاة في القدس.

 

طوفان الأقصى وتأثيرها على الرأي العام

 

أما حول تغيير الأفكار العالمية بعد “طوفان الأقصى” وكشف حقيقة الكيان الصهيوني، قال شوكات: بلا شك فالكيان الصهيوني يعيش عزلة دولية واضحة، وخير دليل على ذلك كلمة المجرم نتنياهو امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث غادرت غالبية الوفود وبقي وحيداً يكلّم نفسه وبعض من إنعدمت ضمائرهم.

 

كما يجب أن لا ننسى ما حصل في محكمة العدل الدولية في سياق الحكم الصادر في القضية التي تقدمت بها جنوب افريقيا. كما ان اصدار محكمة الجنايات الدولية امر اعتقال مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت سابقة لم تحدث من قبل وتشير إلى تعمق عزلة الكيان، والاهم انجلاء صورته البشعة امام البشرية جمعاء.

 

وخلاصة القول ان دماء اكثر من الف واربعين شهيدا في غزة، وآلاف الشهداء في لبنان، لم يمكن لها إلا أن تسوّد وجه الكيان اكثر مما هو اسود وملطّخ بالدماء.

 

توثيق اللحظات التاريخية

 

وفيما يتعلق بتوثيق هذه اللحظات التاريخية للأجيال القادمة والذي يقع على عاتقنا، قال أستاذ العلاقات الدولية: على الإعلاميين وصحفيين وأهل السينما والمسرح وعموم المبدعين والفنانين على امتداد الامة الإسلامية، بل البشرية جمعاء ان يلعبوا دورهم في التوثيق للجرائم ضد الانسانية والجرائم العنصرية وجرائم الحرب، لأن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم من جهة، وتوثيقها من جهة ثانية سيساهم في صناعة العقل الإنساني في المستقبل. ان جرائم الابادة كانت تحدث في السابق بعيدا عن الأعين دون توثيق يذكر، فيما يمارس الكيان البغيض الابادة في حق الفلسطينيين على مرأى من العالم ومسمعه، وهذه مفارقة غير مسبوقة، فلأول مرة تتابع البشرية الابادة الجماعة على الهواء مباشرة، وهو ما ضجّ له قلب وعقل كل حرّ بصرف النظر عن دينه او قوميته او جنسيته. فالتوثيق للجرائم ضد الانسانية هو واجب وطني وإسلامي قادر على ذلك.

 

المقاومة هي السبيل الوحيد

 

أما حول كيفية وقف جرائم الكيان الصهيوني، قال شوكات: المقاومة هي السبيل الوحيد الذي بمقدوره تحقيق هذا الهدف في ايقاف المعتدي الغاشم عند حدّه، لأن هذا الكيان لا يفهم لغة الحوار والتفاوض، بل ان اللغة الوحيدة التي تجبره على التوقف عن ارتكاب جرائمه البشعة هي لغة المقاومة والجهاد، وغير ذلك هو مضيعة للوقت وتفريط في الحق واستهانة بالجهد المقدّس المبذول المعمد بدماء الشهداء.

 

عملية “الوعد الصادق 2”

 

وفيما يتعلق بعملية “الوعد الصادق 2” هكذا يقول شوكات: لاشك أن “الوعد الصادق 2” جاء ليعيد الأمور إلى نصابها بعد أن ظن الكيان الصهيوني أن طريقه مفتوح في تحقيق أهدافه الشريرة في المنطقة، فالتوازن الإستراتيجي ما كان له أن يستمر لو لا هذه العملية، التي كان لها إنعكاسات إيجابية مباشرة على جميع جبهات المقاومة، وعلى معنويات المقاومين بل الأمة الإسلامية جمعاء، ولهذا فإن رسالة “الوعد الصادق 2” كانت مضمونة الوصول وقد بلغت فعلاً كل من يهمه الأمر.

 

اليقين في المقاومة والثقة في قياداتها

 

وهكذا ختم كلامه السيد خالد شوكات: أقول أن الكيان وأذنابه يراهنون على بث الفتنة وإشعال الإنقسامات الداخلية بين المسلمين والعزف على أوتار الطائفية والقومية وسواها من النعرات التي حثّ الإسلام على التسامي عنها، ولهذا فإن اليقين في المقاومة والثقة في قياداتها والثبات على نهجها ضروري لمواصلة المسيرة وتتويجها قريباً بالصلاة معاً في الأقصى المبارك بحول الله.

 

المصدر: الوفاق/ خاص