الوفاق/خاص- لم تتوان الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن إسناد جبهات المقاومة في دول المحور، إنطلاقاً من فلسطين وحتى لبنان واليمن والعراق وإمتداداً إلى سوريا، وبعثت رسائل واضحة للعدو والصديق على حدّ سواء أن طهران لا تتخلى عن حلفائها بتاتاً، وهو ما تجلّى بعد جرائم الإغتيال لعدد من قادة المقاومة بما في ذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد الحاج إسماعيل هنية، وأمين عام حزب الله الشهيد سماحة السيد حسن نصرالله، وعدد من رفاق دربه وعلى رأسهم المستشار بحرس الثورة الإسلامية اللواء الشهيد “عباس نيلفروشان”، حيث أوفت القوات المسلّحة الإيرانية بوعد قد قطعته بشأن الردّ على جرائم الصهاينة لتنفّذ عملية “الوعد الصادق 2” بإقتدار، وتقلب حسابات العدو رأس على عقب، لاسيما أنه كان يظن واهماً بأن “درعه فولاذية”، ولم يكد ينته من تباهيه وتفاخره بهذا الأمر، حتى أثبتت له “فتّاح” (الصواريخ الإيرانية التي دكّت أراضي العدو) أن درعه كرتونية هشّة لن تقف أمام إرادة المقاومة الحرّة.
*إيران لا تتخلى عن المقاومة
الردّ الإيراني أعقبه العديد من التصريحات والتأكيدات من قبل كبار المسؤولين في البلاد وعلى رأسهم قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، حيث أكد سماحته خلال إمامته لأول صلاة جمعة منذ اغتيال الشهيد سليماني والتي جاءت بمناسبة إستشهاد سماحة السيد نصرالله، وألقى خلالها خطبتين بالفارسية والعربية، حيث كانت الأخيرة موجّهة للشعبين الفلسطيني واللبناني، أن إيران تؤكد على شرعية ردّ المقاومة على انتهاكات وجرائم العدو الصهيوني.
كما أكد قائد الثورة الإسلامية أن وحدة وتضامن المسلمين تؤدي إلى نزول الرحمة والعزّة الإلهية والانتصار على الأعداء، وأضاف سماحته: بناءً على أحكام الدفاع الإسلامي ودستور الجمهورية الإسلامية والقانون الدولي، فإن العمل الرائع للقوات المسلحة الإيرانية في معاقبة الكيان الصهيوني مصاص الدماء، كان قانونياً وشرعياً تماماً، وأن الجمهورية الإسلامية ستقوم بأداء أي واجب في هذا الصدد، دون مماطلة أو تسرع وبقوة وحزم وتصميم. وأن تأثير شخصية رافع راية المقاومة والمدافع الشجاع عن المظلومين سيزداد بعد استشهاده، وأن شعوب المنطقة والمجاهدين في سبيل الله سيواصلون بكل كيانهم حمل رسالة استشهاده وهي المزيد من الإيمان والتوكل، وتعزيز الوحدة، والعزيمة الراسخة في مواصلة النضال حتى هزيمة وتدمير العدو الصهيوني.
* رئيس مجلس الشورى الاسلامي في بيروت
أكدت إيران على سموّ التضحية الكبيرة التي قدّمها لبنان بمقاومته، حيث تلقّت المقاومة الفلسطينية دعماً من حلفائها حركات المقاومة في اليمن والعراق ولبنان، أبرزها جبهة الإسناد المباشرة مع العدو من جنوب لبنان، فتحتها المقاومة في لبنان مع العدو، انطلاقًا من إيمانها العقائدي بأحقية الشعب الفلسطيني وحتمية اقتلاع الكيان الصهيوني الغاصب، وهو ما تمخّض عنه استشهاد سماحة السيد حسن نصرالله ورفاق دربه، وأعقبه إعلان كيان العدو شنّ عدوان غاشم على لبنان وفرض حصار إجرامي على شعبه لإثنائه عن دعم المقاومة الفلسطينية، إلاّ أن مستجدات الميدان أثبتت تمسّك المقاومة الإسلامية في لبنان بقضية فلسطين وتحرير الأقصى المبارك.
إثر هذه التحركات والتصعيد والوعيد والتهديد الصهيوني الإرهابي للبنان، أجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي زيارة إلى بيروت، إلتقى خلالها كبار المسؤولين في هذا البلد وبحث معهم سبل دعم لبنان في مواجهة العدوان. بالتزامن مع ذلك، توالت التصريحات الإيرانية الداعمة للبنان بمقاومته وحكومته وشعبه، وهو ما دفع أيضاً رئيس مجلس الشورى الاسلامي “محمد باقر قاليباف” للتوجّه إلى بيروت يوم أمس، على رأس وفد برلماني رفيع المستوى، بدعوة من رئيس مجلس النواب اللبناني “نبيه بري”.
وما إن وصل إلى مطار بيروت الدولي على متن طائرة كان يقودها بنفسه لتكسر “الحصار الخاوي” الذي زعم العدو الصهيوني أنه فرضه على لبنان، أكد قاليباف على دعم إيران حكومة وشعباً لمقاومة وصمود الشعب اللبناني في مواجهة جرائم الكيان الصهيوني.
*رسالة من قائد الثورة الإسلامية
وصرح رئيس مجلس الشورى الاسلامي بأنه جاء إلى لبنان لنقل رسالة قائد الثورة الإسلامية والحكومة والشعب الإيراني إلى الشعب اللبناني، مفادها أنهم سيبقون دائماً إلى جانب لبنان شعباً وحكومة ومقاومة. وأضاف قاليباف: إنه واستكمالاً لهذه الزيارة سيتوجه إلى جنيف للمشاركة في اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي لشرح جرائم الصهاينة، ودعم فصائل المقاومة ضد هذه الجرائم من أجل توضيح حالة القمع التي يعاني منها الشعب اللبناني والفلسطيني للعالم، لافتاً إلى أن هذه الرسالة هي تجسيد لواجبات إيران على الساحة الدولية في نصرة المظلومين ومنهم الشعبين المظلومين في لبنان وفلسطين.
*دعم نابع من مسؤولية إيران
والتقى رئيس مجلس الشورى الاسلامي محمدباقر قاليباف، خلال الزيارة، رئيس مجلس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، وبحث معه آخر تطورات العدوان الصهيوني على لبنان، عقب ذلك توجّه لتفقد المناطق التي استهدفها العدوان الصهيوني في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأشار قاليباف إلى أنه عندما سأل أهالي المناطق التي تعرضت للقصف الصهيوني عما حدث لهم، أكّدوا جميعاً على أن العدو الصهيوني قام بقصفهم، وهم جميعهم من المواطنين والمدنيين اللبنانيين الذين يسكنون في هذه المنطقة.
وردّاً على أسئلة الصحفيين المتواجدين أثناء زيارته لهذه المناطق، أكد قاليباف على أنه مما لا شك فيه أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستمرة في دعم الشعبين الفلسطيني واللبناني، وهذا الدعم نابع من مسؤولية إيران في الدفاع عن المظلومين والنازحين في هذه المنطقة.
كما ردّ قاليباف على سؤال أحد الصحفيين فيما يتعلّق بدور الدول الاسلامية، موضحاً: أنه مما لا شك فيه أنه يجب على جميع الدول الإسلامية أن تدين جرائم الكيان الصهيوني هذه.
وبعد لقائه المسؤولين اللبنانيين، غادر قاليباف بيروت مساء السبت متوجهاً إلى جنيف حيث سيبحث في جزء مهم من لقاءاته ومحادثاته في القمة العالمية للاتحاد البرلماني الدولي التي ستبدأ اليوم الأحد حول جرائم الصهاينة ودعم فصائل المقاومة ضد هذه الجرائم من أجل توضيح حالة القمع التي يعاني منها الشعب اللبناني للعالم.
*ثاني زيارة لمسؤول رفيع المستوى
زيارة قاليباف هي الثانية لمسؤول إيراني رفيع المستوى إلى لبنان، في ظل العدوان الصهيوني الموسّع المتواصل على لبنان منذ أكثر من أسبوعين، إذ سبقه وزير الخارجية على رأس وفد رسمي في 4 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري إلى بيروت، وأكد عراقجي عزم الجمهورية الإسلامية الإيرانية على دعم لبنان في وجه العدوان.
هذا في الوقت الذي يواصل الاحتلال عدوانه على لبنان، مستهدفاً الضاحية الجنوبية لبيروت، ومناطق الجنوب والبقاع، ومحافظة بعلبك الهرمل، ومحافظة جبل لبنان، وبيروت أيضاً، وبلغت حصيلة ضحايا العدوان لحد الآن، وفق وزارة الصحة اللبنانية، أكثر من 2141 شهيدًا، و10099 جريحًا، منذ الـ8 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.