معاون العلاقات الدولية في جامعة الأديان والمذاهب الإسلامية للوفاق:

مقارعة الإستكبار على مدى التاريخ رسالة الأنبياء(ع)

كشفت المجازر الوحشية الصهيونية في قتل الأبرياء،زيف الشعارات الرنّانة بإسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وأسقطت أقنعة النفاق والدجل.

2024-11-03

 موناسادات خواسته

 

 

الإستكبار العالمي وجرائمه لا نهاية لها، بل نشهد أن تزداد يوماً بعد يوم، كما هو الحال في غزة، ففي إيران تم تسمية يوم 3 نوفمبر باليوم الوطني لمقارعة الإستكبار العالمي وكذلك يوم الطالب، في ذكرى الجريمة التي ارتكبها نظام الشاه البائد في آخر أيامه، فبعد انتصار الثورة الإسلامية واحتلال الوكر التجسسي الأمريكي، تم تسمية هذا اليوم بما ذكرناه، ففي ذكرى هذه الأحداث، أجرينا حواراً مع معاون العلاقات الدولية بجامعة الأديان والمذاهب الإسلامية حجة الإسلام محمدمهدي تسخيري، وسألناه عن رأيه حول مقارعة الإستكبار العالمي، فيما يلي نصه:

 

ضرورة مقارعة الاستكبار العالمي

 

 

بداية، أبدى حجة الإسلام محمدمهدي تسخيري رأيه حول ضرورة مقارعة الإستكبار العالمي، حيث قال: إن الصراع بين المستضعفين والمستكبرين قائم منذ نشأة الخليقة، ومقارعة الإستكبار على مدى التاريخ رسالة الأنبياء عليهم السلام من آدم إلى محمد(ص): “وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولاً أَنِ اعبُدُوا اللهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ، فَمِنهُم مَن هَدَى اللهُ وَمِنهُم مَن حَقَّت عَلَيهِ الضَّلالَةُ، فَسَيَروا فِي الأَرضِ فَانظُروا كَيفَ كانَ عاقِبَةُ المكَذِّبينَ” (النحل/ 36).

 

إنّ المتتبع لآيات القرآن الكريم لا يصعب عليه أن يقف على حقيقة مفادها أن الصراع بين الحق والباطل هو سنة أقام الله عليها هذه الحياة، وأن الحياة لا يمكن أن يسودها الخير المطلق، بحيث تخلو من الشر، وبالمقابل لا يمكن أن تعاني من الشر المطلق بحيث لا يكون فيها قائم بالحق.

 

والآيات التي تؤكد هذه الحقيقة كثيرة بحيث تبين حقيقة مسار التاريخ، وأنه صراع بين الحق والباطل، وتصارع بين الخير والشر. ولا تخفى في هذا المقام دلالة تسمية القرآن بـ”الفرقان” لما فيه من فارق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، ولما فيه من تفرقة بين نهج السماء ونهج الأرض، وبين تشريع البشر وتشريع رب البشر، وقد أكد العلماء هذه الحقيقة، وأقاموا الأدلة عليها من القرآن والعقل والتاريخ.

 

واستدلوا على أن الصراع بين الحق والباطل “سنة من سنن الإجتماع البشري”، وأن المعركة “لا تفتر بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية، وبين الشريعة والطاغوت، وبين الهدى والضلال”، وأن  الصراع بين الحق والباطل شأن قديم، من النواميس التي جُبِلَ عليها النظام البشري”.

 

فإذا ثبتت حقيقة الصراع بين الحق والباطل وبناء مسار التاريخ عليها، فجدير بنا أن نثبت حقيقة مرتبة عليها، وهي أن الحق هو المنتصر في النهاية، وأن الباطل وإن حقق انتصارات هنا وهناك، فإنها انتصارات آنية واهية، وليست بانتصارات حقيقية واقعية، وهذا ما نجده في قصص الأنبياء والأولياء والصلحاء والأمم والشعوب على مدى التاريخ.

 

فليس الصراع بين هابيل وقابيل بخاف على أحد، وهو يمثل صورة أولى من صور هذا الصراع بين الحق والباطل. وأن أهل الحق يغلبون أهل الباطل وينتصرون عليهم بالصبر والثبات على الحق، وبالأخذ بأسباب النصر، ويقول الله سبحانه وتعالى: “وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا، وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا، وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ”، (الأعراف/7)، وقوله عز وجل: “وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ” (الصافات /37).

 

وكذلك الصراع بين رسول الإسلام(ص) وبين دعاة الجاهلية الأولى، وقد تمثل هذا الصراع في غزوة بدر الكبرى التي كانت العاقبة فيها للإسلام على الكفر، وللحق على الباطل، وسائر غزواته أمام المشرکین والمستکبرین.

 

“وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ”، “لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُون”، (انفال/7 و8).

 

إن القرآن الكريم أشار إلى سُنَّة أخرى وثيقة الصلة بسُنَّة الصراع بين الحق والباطل، تلك السنة التي تقرر أنه سبحانه لا يُمكِّن للباطل في هذه الحياة ليستعبد الناس، ولا يفسح له المجال ليسخّر عباد الله لخدمته وتحقيق مآربه، بل إنه سبحانه يهيىء من أهل الحق مَن يقف في وجه الباطل، ويتصدى له في معاركه كافة، “أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ”، (حج/22).

 

وما نشاهده اليوم من صراع الإستكبار والصهاينة في مواجهة الشعوب المؤمنة والمقاومة في فلسطين ولبنان واليمن وغيرها فهو لا يخرج عن هذه السنّة الإلهية، مع أن العالم الغربي والقوى الإستكبارية الغاشمة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية مصدر الشر في عالمنا المعاصر ومظهر الإستكبار في مسيرة استعباد الشعوب بكل ما لديهم من قوة السلاح والإعلام والإقتصاد لإضطهاد شعب أعزل مجرد من كل قوة مادية سوى الإرادة الإيمانية بالله الواحد الأحد، وقد كشفت المجازر الوحشية الصهيونية في قتل الأبرياء، زيّف الشعارات الرنّانة باسم الديموقراطية وحقوق الإنسان وحقوق الطفل وحقوق المرأة وأسقطت أقنعة النفاق والدجل، وقدّم المقاومون الأشاوس أروع صورة للمقاومة الصارمة والشجاعة ومرة أخرى أثبتت للتاريخ بأن الدم سينتصر على السيف وأن الحق سيهزم الباطل وكما قال أميرالمؤمنين علي(ع): “من أبدى صفحته للحق هلك”، وستشهد الأمة الإسلامية هلاك الصهاينة على أيدي المؤمنين المقاومين في غزة ولبنان، وسيرى العالم تحقق سنة الله في نصر المستضعفين على المستكبرين.

 

“وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ”، (قصص/28).

 

 

الوقوف بوجه الحكومات الساندة للكيان الصهيوني

 

في ظل الظروف الحالية في العالم وجرائم الكيان الصهيوني، سألنا حجة الإسلام تسخيري عن رأيه حول الذي على عاتق شعوب العالم، فقال: كما أشرت في الجواب عن السؤال السابق لقد سقط القناع المزيف عن وجه دعاة الديمقراطية وتجّار حقوق الإنسان، إنها عصابات ومجاميع تحكم غالبية الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة، فهؤلاء مصاصو دماء يتمظهرون بزي حضاري استكباري بعيداً كل البعد عن الحضارة والمدنية، وحوش كاسرة ترتدي لباس البشر.

 

إن واجب الشعوب في مواجهة الوحوش هو الوقوف بوجه الحكومات الساندة للكيان الصهيوني المستهتر، أو الحكومات الساكتة والخانعة من دول غربية وعربية لاحول لها ولا قوة، حتى وأنها غير قادرة على إصدار تنديد بالأعمال الإجرامية لهذا الكيان المجرم ومن يدعمه من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ومن هم على شاكلة هؤلاء.

 

إن ما يقوم به بعض شعوب العالم في الغرب يستحق التقدير فهذه بداية إنتفاضة بوجه الصهاينة والولايات المتحدة الأمريكية، وأيضاً نثمّن قيام الشعوب الإسلامية للوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة الغربة والمقاومة والشهادة وكلنا أمل أن تلتحق بعض الحكومات في البلاد العربية والإسلامية بشعوبها في مسيرة الدفاع عن أهلنا في غزة ولبنان والسعي على مختلف الصعد لدعهم في المواقف السياسية والقرارات الدولية في منظمة الأمم المتحدة او مجلس الأمن الدولي وتجييش وسائل الإعلام على المستوی الداخلي والقطري والعالمي من أجل فضح الصهاينة وإفشال إعلامهم، وتقديم المساعدات الإنسانية في مجال الألبسة والأطعمة والصحة و… ونحن مقبلون على الشتاء الذي قد لا يطاق، علاوة على التهجير والغربة والأمراض المسرية، وأيضاً ندعو الدول العربية والاسلامية إلى دعم المقاومين في كافة المجالات بشكل صريح وعلني،كما هو الحال بالنسبة للقوى الإستكبارية الغربية في دعمهم للكيان الصهيوني بإقامة جسر جوي وبحري وبري متواصل وإرسال مئات آلاف من الأطنان الشاملة على الأسلحة والعتاد والمواد الغذائیة و… في مواجهة الشعب الفلسطيني الأعزل، إن واجب دولنا الإسلامية هو العمل بقول رسول الله(ص) الداعي إلى الإهتمام بقضية المسلمين، وقد ورد في كتاب الكافي عَنْ سَلَمَةَ بْنِ اَلْخَطَّابِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمَاعَةَ عَنْ عَمِّهِ عَاصِمٍ اَلْكُوزِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ قَالَ: مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهْتَمُّ بِأُمُورِ اَلْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ وَ مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يُنَادِي يَا لَلْمُسْلِمِينَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ .

 

ونداء الفلسطينين بغزة ولبنان جراء الإجرام والإعتداء الصهيوني بدعم أمريكي غاشم، قد بلغ العالم كله،

 

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ”، (محمد/47).

 

مواجهة الأمبريالية العالمية

 

وفيما يتعلق بمواجهة الأمبريالية العالمية، يعتقد حجة الإسلام تسخيري أنه نظرة سريعة تكشف واقع الجبهة الإستكبارية والصهيونية المتحدة في مواجهة الأمة الإسلامية في كافة بقاع الأرض دون أي استثناء.

 

ويقول: إن الإستكبار العالمي ودويلته الصهيونية اللقيطة والأجيرة، والغدة السرطانية المزروعة في جسد الأمة الإسلامية المتفرقة، بزعامة الولايات المتحدة تواجه أبناء الأمة الإسلامية وحكوماتها على صعد مختلفة إقتصادية وأمنية وسياسية وعسكرية، فالإستكبار يفرض سيطرته السياسية على بعض الحكومات بالتخويف وعلى دول أخرى الهيمنة الإقتصادية بالتجويع وعلى مجموعة من الدول السلطة الأمنية بالإرعاب والإرهاب ودعم أمثال داعش وبوكو حرام وجيش الشام وسائر أذنابهم، وتشن الحروب الغادرة على شعوب منكوبة غير محمية جواً وبحراً وبراً وتقتل عشرات الآلاف في وضح النهار وتهجر الملايين وتهدم البيوت بعشرات الآف الأطنان من المواد الإنفجارية والحارقة بطائرات حربیة وصواريخ هدّامة دون أي ردع عسكري… إن مواجهة الإستكبار لابد أن تكون قائمة علی وحدة الأمة الإسلامية شعوباً وحكومات وإلا فإن التفرق والإختلاف الحاكم بين أبناء الأمة الإسلامية لا يسعفها بالحفاظ على مقدراتها ولا يمكّنها في مقاومة القوى الإستكبارية الغاشمة.

 

كفانا اختلاف وتفرق وتباعد واتهام وعلينا إحترام بعضنا الآخر والتعايش والتآلف والتآخي فيما بيننا ولابد من اتباع نهج نبينا في السعي إلى تحقيق أمة إسلامية واحدة، في مسيرة إقامة حضارة إسلامية معاصرة.

 

فالأمة الإسلامية تمتلك مواقع جيوسیاسیة حساسة وتسيطر على أهم مصادر الطاقة وما يقارب المليار ونصف من سكّان العالم و… يمكنها تكوين قوة عالمية. يحسب لها ألف حساب عند اتخاذ أي قرار سياسي في عالم اليوم، هذا إذا توحّدنا.

 

وما يشهده العالم من إعتداءات وقتل وإرهاب وتشريد تجاه شعوبنا الإسلامية في فلسطين ولبنان و… هو نتيجة التفرق والإختلاف، وضعف كثير من الحكومات الإسلامية أمام القوى المستكبرة بل مع الأسف زرع مجاميع إرهابية وحشية لا ترحم البشر والشجر والحجر ولا تقتل سوى أبناء ملتها من المسلمين ولا تشهر سلاحاً ولا تطلق رصاصة ضد الصهاينة وهدفها الأول والأخير أبناء الأمة الإسلامية وحكوماتها.

 

إن سر انتصار القوى الإستكبارية هو وحدة القرارات السياسية رغم كل الإختلافات فيما بينها.

 

نأمل أن نشهد الإتحاد والوحدة الإسلامية بعد هذه التجارب القاسية ونعتبر من ظلم الإستكبار لإسترجاع حقوقنا، وإخراج الغزاة والغاصبين من الأراضي الإسلامية، حتى وأن تكاتف العالم الإستكباري وكان بعضهم لبعض ظهيراً.

 

“هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ، مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا، وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ”، (حشر/59).

 

دور الطلّاب في مقارعة الاستكبار العالمي

 

حول تسمية هذا اليوم بيوم الطالب ودور الطلّاب في مقارعة الاستكبار العالمي، يعتقد معاون العلاقات الدولية في جامعة الأديان والمذاهب الإسلامية أن هذا اليوم يعتبر رمزاً للکفاح العام الذي خاضه الشعب الإیراني خلال ستین عاماً ضد الإستكبار العالمي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية المستکبرة.

 

ويقول: وبعد هذا اليوم العظيم، هو ما تعانيه الولايات المتحدة من الهزائم، والتراجع السیاسي والإقتصادي والأمني والعسکري، وقد استعادت القوى الثورية مكانتها وأسقطت النظام البهلوي المستبد والذي كان عميلاً ومنبطحاً أمام الغرب، وإقامة الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقدّم الشعب الإيراني المسلم في كافة المجالات المادية والمعنوية خلال ما يقارب خمسة عقود منصرمة حوّل إيران إلى أسوة في مقارعة الإستكبار العالمي وقدوة للشعوب في مسيرة مقاومة التضليل الغربي.

 

إن تسمية هذا اليوم بـ “یوم الطالب والیوم الوطني لمکافحة الإستکبار العالمي”، باعتباره مقارناً ليوم نفي الإمام الخمیني(رض) عام 1964 م، والمذبحة التي إرتکبها مرتزقة النظام البهلوي البائد ضد الطلبة سنة 1978 م، واحتلال وکر التجسّس الأمریکي عام 1979 م، كل واحدة من هذه المناسبات رسمت منهجاً مقوماً لنهضة الشعب الايراني المسلم في مسيرته التي واجه فيها الإستبداد الداخلي والإستعمار الخارجي.

 

ان الدور الأمريكي المخرب في ايران ودعمها للنظام البائد في إسقاط دولة الرئیس مصدق ونفي الإمام الخميني(رض) من إيران وقتل الآلاف من أبناء الشعب ونهب الثروات ونشر الثقافة الألحادية والغربية المنحرفة و…كل هذه الأحداث صنعت من الولايات المتحدة عنصراً منبوذاً ومكروهاً لدى الشعب الإيراني المسلم.

 

بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وسقوط هيمنة أميركا واعتبارها ليس في منطقتنا فقط بل في العالم كله، شرع الأمریکان بمعارضة المشاريع الإصلاحية والإخلال في شؤونها، وکانت السفارة الأمریکیة السابقة في طهران غرفة قيادة المؤآمرات ضد الجمهوربة الإسلامية وأُطلق عليها عنوان “وكر التجسس”. وقد استوجب مبادرة طلبة الجامعات باعتبارهم النخبة الثقافية الرائدة للمجتمع إذ قاموا باحتلال وکر التجسس في هذا اليوم وهزموا الأميركان وأذلوهم من جديد، ومن ذلك الحين استمرت الهزائم الأمریکیة إلى يومنا هذا، ومسلسل الهزائم الأمريكية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن و… متكرر ومستمر.

 

إن بشارات النصر ستنتشر في الأيام القريبة القادمة بعد كل ما تحملته الأمة من إرهاب واغتيالات وغدر وخباثة من قبل الصهاينة أذيال الولايات المتحدة التي حصدت أرواح قادة كرام كل منهم كان أمة في المجتمع الإنساني، لكن استشهاد القادة من أمثال سليماني ونصر الله وهنية والسنوار وإراقة دمائهم سیسقي الشجرة الطيبة التي تثمر رجالاً أشد منهم قوة وعزماً، وستزيد أمتنا قوة وثباتاً في تسريع مسيرة النصر فإنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً.

 

سياسة الكيل بمكيالين

 

أما عن سبب اتخاذ سياسة الكيل بمكيالين تجاه جرائم الكيان الصهيوني، يقول حجة الإسلام تسخيري: إن الكلام عن عدم الكيل بمكيالين هو كلام عن صفة إنسانية يتصف بها أصحاب الضمائر السلیمة والنفوس الطيبة، وأما مؤسسو الكيان الصهيوني وداعموه في البقاء والإستمرار لا يمتون إلى هذه الصفات الفاضلة بأية صلة، لأن بنيانهم الفكري ومسلكهم السياسي قائم علی المکر والخدیعة والظلم والعدوان والكيل بمكيالين، “يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ”، (البقرة/9)، إن السياسة التي ينتهجونها هي عين المكر والخداع، يشرعون قوانين لا لإقامة العدل بل لجلب المنافع حتى وإن كانت على حساب الآخرين، فتطبق قوانين العقوبات في خلق غيرهم ولا يرضونها لأنفسهم وكما يقول عنهم القرآن، “أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ، فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ، وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ”، (البقرة/85)، وأن الخزي لهم والعذاب عاقبتهم ومكر الله أقوى من مكرهم.

 

إن الأخلاق الفاضلة هي من نهج الأنبياء سلام الله عليهم وعدم الكيل بمكيالين هو كما يقول رسول الله(ص): “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.

 

فالحديث يرشدنا إلى الكمال الإيماني في النفس، ويتطلب منها سمواً في التعامل، ورفعة في الأخلاق مع الغير، ليشمل محبة الخير حتى للغير وأن يبغض المسلم لأخيه ما يبغضه لنفسه، وهذا يقوده إلى ترك الصفات الذميمة، فإن من ثمرات العمل بهذا الحديث العظيم أن ينشأ في الأمة مجتمع فاضل، ينعم أفراده فيه بأواصر المحبة، وترتبط لبناته حتى تغدو قوية متماسكة، كالجسد الواحد القوي.

 

وأما الوقع السياسي الذي يعيشه العالم في ظل القوى العظمى نلاحظ فيه، إن الشعب الفلسطيني يعاني من مظالم واحباطات الكيل بمكيالين، وهو ما سمح للكيان الصهيوني بمواصلة إرتكاب الجرائم دون أي رادع لها مع إفلات كامل من العقاب، والكل يعرف ذلك جيداً وكما قال مندوب فلسطين في الأمم المتحدة: “إن المعايير المزدوجة هي السبب في استمرار سقوط ضحايا في العالم، محرومين من حقهم في العدالة في ظل ترسيخ ثقافة الإفلات من العقاب”.

 

و “احترام القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، مكفول بشكل انتقائي وليس عالمياً”.

 

وإن “الكيان الصهيوني وبعد 55 عاماً من إحتلاله لفلسطين، لا يزال ترتكب جرائم بحق الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي يسترضي الظالم ويغلق سبل العدالة في وجه المظلوم”.

 

وأما رد المجتمع الدولي على الإنتهاكات الصهيونية بالبيانات الخطابية يحميها من المساءلة، بينما كافأت دول أخرى  الكيان الصهيوني، وميزته في الصفقات السياسية والإقتصادية والعسكرية”.

 

وحتى مندوب فلسطين لم يجرأ على ذكر أسماء أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا و… الداعمون للكيان الصهيوني في جرائمه الوحشیة الأخيرة على غزة ولبنان.

 

وما تعرض له الشعب الفلسطيني والقدس والمسجد الأقصى في ظل الهجمات الصهیونیة الغاشمة يعد من أكبر الجرائم الحربیة لكن دعاة الحرية والعدالة والديموقراطية لن يبذلوا أي مجهود لإيقافها ولا التنديد بها بل هم من يمول ويساند الكيان الغاصب في إستمرار جرائمه، هذا هو الوجه الآخر للغرب المتحضر.

 

إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ.. إِنّ غَداً لنَاظِرِهِ قَرِيبُ.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

المصدر: الوفاق/ خاص