بمناسبة يوم الشهيد

وقفة وفاء وعرفان وإنتماء

مع سنوات من الجد والتعب والسعي الدؤوب، بما حملته من الاخفاقات والنجاحات، والسفر واللا استقرار . اختزنت بداخلك الكثير الكثير من الوجع. كانت سنوات شاقة، مريرة، كئيبة…

أخال نفسي بين مشهدين:

 

الأول يصحبني إلى الشهيد عبدالله الذي أتم ٤٢ عامًا في شهر أيلول.صاحب العينين العسليتين، والعشرة الحلوة، الروح المرحة، المحيا الجميل، مع سنوات من الجد والتعب والسعي الدؤوب، بما حملته من الاخفاقات والنجاحات، والسفر واللا استقرار . اختزنت بداخلك الكثير الكثير من الوجع. كانت سنوات شاقة، مريرة، كئيبة…

 

يعتصر القلب : يا ويلي شو تعبت يا خيي ..

 

والمشهد التالي الذي يمر في مخليتي: بداية الحرب؛

 

عبدالله حمل عائلته إلى مكان آمن، وعاد إلى القرية.

 

الأمر كان غريبًا، فهو معروف ؛برهافة قلبه، لا يتحمل أن يرى جرحًا.

 

بإحساسه النقي، يتألم حد البكاء عند رؤية عزيز قد نزل به مكروه.

 

بصدق مشاعره وحنانه الكبير، يكسره الفقد ويوجعه، حد الانهيار.

 

تشبه روحه روح شاب ما بلغ الحلم بعد ..

 

كيف سيتحمل ويلات الحرب، وآلامها، قسوتها ومرارتها مجتمعة ؟؟؟

 

ولكنه عزم بكل ثبات على خدمة الصامدين .

 

كأن فرحة قد غمرت قلبي، شعرت بأنه يبتسم لهذا القرار، بالرغم من الخطر، أو ربما الموت الذي قد يصيبه .

 

أخي ما كان مقاتلًا عسكريًا، ولكنه اقتحم الساحات. حمل بدل السلاح زاد الصامدين، وقوت المحبين، ليمنحه أهل القرية لقب “رجل الحنطة”.

 

ما حرس مواقع القتال، ولكنه حرس خبايا الأهل ، فأودعوه مفاتيح دورهم وخزائن مقتنياتهم . حتى صار الحارس والحافظ لكل ممتلكاتهم .

 

كنا نراه من قبل ساعيًا، ولكن كما الآن لا . همته تعادل عشرة رجال. ما قصد بيت الله الحرام ولكنه قصد بيوت المحبين يسعى بينهم كالساعي بين الصفا والمروة . رجم شيطان النفس وانتصر على كل أناه ، حتى ذاب في الخدمة . وهنا أسأل : ما الذي كُشف له حتى فهم حقيقة الدور الذي يقوم به ؟

 

ماذا فعلت هذه الحرب بقلبه ؟

 

أراك ايها الشهيد يا نور عيني، قد حباك الله بخير العمل، وأنار بصيرتك لفهم الوجود والعروج، ترفعت عن كل متعلقات الدنيا ، تفلتّ من كل القيود، لتحلق كطائر مهاجر لا يبحث عن موطن البقاء،بل يبتغي الخلود .

 

هي بالمختصر إخلاص العبد لربه، كلّ السر وجلّه.

 

أتم الأربعينية ، اجتباه الله فقربه منه ، ثم اصطفاه ليكون في عداد الشهداء.

 

صفاء مقلد

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص