سهامه مجلسي
تؤدي اليوم وسائل الإعلام بشتى أنواعها دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة والمجتمعات من جهة ثانية. سواء أكانت الرسالة سلبية أم إيجابية فالإعلام سلاح ذو حدين إما أن يسهم في تعزيز وترسيخ القيم والعادات السليمة وإما أن يكون أداة لهدم الفكر السليم وتعزيز القيم غير الأخلاقية .
ويتعاظم تأثير دور الإعلام في أوقات الحروب والصراعات الفكرية حتى باتت الكلمات والصور أخطر أثراً وأشد فعلاً من القنابل والصواريخ أحياناً لما تغيره من مفاهيم وتبدله من مواقف وتفرضه من سياسات.
بعد أن أصبحت لدينا قاعدة إعلامية مقاومة منهجها الاسلام مدافعة عن السلوك الإلهي أصبح من الواجب الشرعي محاولة خلق اجيال مقاومة بالفكر والعقل وزرع الثقة بالإسلام في نفوسهم وتعتبر وسائل الإعلام من أهم وسائط التربية غير النظامية في المجتمع لأنها من أكثر الوسائل انتشاراً لتعدد مصادرها وقدرتها على التأثير في وجدان ووعي المواطنين بمختلف الأعمار لما لها من جاذبية وإثارة لهم وتتميز بأنها تعكس جوانب الثقافة العامة في المجتمع وتشبع الحاجات النفسية مثل الحاجة إلى المعلومات والتسلية والترفيه والأخبار ودعم الاتجاهات النفسية وتعزيز القيم والمعتقدات كما تسهم في تشكيل اتجاهات المواطنين من خلال تشجيعهم على ممارسة حرية التعبير عن الرأي وتنمية وعيهم بالقضايا المجتمعية المختلفة وتحقيق الأمن والانتماء والحب للوطن، وفي هذا الصدد اجرت صحيفة الوفاق حواراً مع رئيس جامعة الكوفة الأستاذ الدكتور علاء ناجي المولى وفيما يلي نصه:
دور الإعلام المقاوم في تنوير الأفكار وفضح جرائم الصهاينة
بداية يشرح لنا الدكتور علاء ناجي المولى: يكاد يكون أحد اهم العوامل المؤثرة في الصراع الدائرة الآن في العالم ومنه منطقتنا العربية والإسلامية هو الإعلام فالعالم اليوم يوظف كل امكانياته المالية والتكنولوجية والأقتصادية والإجتماعية والمؤسسات الإعلامية ودوائر صنع القرار من اجل إيجاد بيئة إعلامية فاعلة ومساندة تستطيع ان تروج لأهداف واجندات تلك الأنظمة السياسية وما يرتبط بها من فعّاليات سياسية وامنية واستخباراتية.
بالمقابل يقف الإعلام المقاوم اليوم بالضد من تلك المنظومات بكل ما تمتلكه من إمكانيات عسكرية واقتصادية وامنية واستخباراتية حيث يؤدي الإعلام المقاوم ادواراً هامة في تنوير العقول والطاقات في عالمنا الإسلامي والعربي عبر استنطاق الهويات والمعتقدات وتوظيف صراع الحق ضد الباطل الذي تمثله المقاومة ضد الكيان الصهيوني كما يعمل الإعلام المقاوم الذي من احدى سماته الالتزام والعمل وفق قوانين السنن الكونية والالهية بفضح الجرائم اليومية التي يرتكبها الكيان الصهيوني من قتل للنساء والأطفال والشيوخ وتدمير البنية التحتية والاجتماعية والسكانية في عدد من دول العالم لاسيما في قطاع غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان اذ ان تكثيف التحركات العربية والإسلامية في مجال فضح الجرائم والانتهاكات الصهونية خطوة تأخرت كثيراً وبالتالي فان الإعلام اليوم بات سلاحاً مهماً في العلاقات الدولية وتشكيل الاتجاهات عالمياً وهذا ما يدركه الإعلام الملتزم في فضخ جرائم الكيان الصهيوني، فهو لا يتوانى عن قتل الصحفيين والإعلاميين وطالت آلياته الحربية في الأراضي المحتلة وفي جنوب لبنان عشرات الصحفيين ومنهم الصحفي الشهيد محمد عفيف مسؤول العلاقات العامة في حزب الله بعملية غادرة وجبانة اذ كان الشهيد عفيف يمثل خط اعلام المقاومة الملتزم المدافع بالكلمة عن الحق وفضح جرائم الاحتلال من دون تردد.
الميزات الخاصة للشهيد محمد عفيف
يذكر الدكتور ناجي المولى: عرف عن الشهيد محمد عفيف فضلا عن مهنيته في الصحافة والإعلام وفن العلاقات العامة في منظومة حزب الله مصداقيته ومهنيته ونصرته للمظلومين وفضح جرائم الكيان الصهیوني وهذا ما بدا عليه منذ الإعتداء الصهيوني على جنوب لبنان، فقد كان الشهيد مصداقاً للصحافة الحرة والمقاومة والرافضة لكل أنواع الظلم والعدوان الذي يمارسه الكيان الصهيوني بحق الشعوب لاسيما في قطاع غزة وجنوب لبنان.
هل يمكن خنق وإخفاء الحقيقة باستشهاد المراسلين؟
وعن هذا السؤال يقول المولى: مهما حاول العدو الصهيوني إخفاء الحقيقة عن جرائمه المتمثلة بإغتيال الصحفيين من إعلاميين ومراسلين ومصورين وما الى ذلك فانه سيحاسب امام التاريخ والإنسانية وأنصار الكلمة الحرة وان استخف او اخفى جرائمه فسياتي اليوم الذي ينال عقابه بما ارتكبه من جرائم بحق الصحافة في قطاع غزة وجنوب لبنان ومن ذلك إغتيال الشهيد محمد عفيف.
ما هي الرسالة التي تقع على عاتق المراسلين ووسائل الإعلام؟
يذكر الدكتور ناجي المولى: هناك أكثر من رسالة تقع على عاتق الصحفيين ووسائل الإعلام في منطقتنا عموما وعلى إعلام المقاومة بصورة خاصة ومن تلك الرسائل فضح جرائم الكيان الصهيوني وايصال صوت ومعاناة الناس الذين يتعرضون لعشرات الإعتداءات يوميا خاصة وان آليات نشر الاخبار والصور باتت بأكثر من وسيلة رغم هيمنة الإعلام الغربي على المنظومة الإعلامية العالمية لكن هناك عدد من آليات إيصال الرسالة الهادفة المتطابقة مع رسالات السماء والشرائع الإنسانية العادلة.
سبب اغتيال المقاومين
يوضح لنا الدكتور علاء ناجي المولى: اكيد ان لجوء الكيان الصهيوني الى اغتيال المقاومين من قادة وإعلاميين ونخب ومجاهدين له أكثر من سبب ومن ذلك تمثل تلك الحالات منظومات مضادة للخطر الصهيوني على منطقتنا وبالتالي لا يريد العدو الصهيوني وجود من ينغص عليه تحقيق أهدافه في المنطقة ومن ذلك المضي بموضوعة التطبيق او التوسع على حساب كرامة الامة العربية والإسلامية ومصادرة حقها في استرجاع الأرض وطرد الكيان من الأراضي التي اغتصبها منذ نهاية القرن التاسع عشر ووصولا الى مرحلة تأسيس كيانه الغاصب وحتى المرحلة التي نعيش فيها.
تأثير التصعيد على لبنان في مجريات الحرب على غزة وجهود وقف الحرب
وهنا يوضح لنا المولى: ان اغلب النظم السياسية اليوم تريد وقفا للحرب ومنع الكيان الصهيوني في الاستمرار باستباحة الدماء خاصة في ظل وجود شخصية متطرفة دينياً مثل بنيامين نتنياهو فبالتالي ان الكيان الصهيوني مستمر في تصعيده على أكثر من جبهة لأنه يريد من دائرة الحرب ان تتوسع حتى تغطي على ازمته الداخلية ومنها ملف الفساد والقضاء وما الى ذلك من هنا فان التصعيد الصهيوني في لبنان سيزيد من عزم وإصرار جبهة الاسناد في الإستمرار بدعم أبناء القطاع وحركات المقاومة هناك.
سيناريوهات تصعيد الإحتلال الصهيوني تجاه لبنان وحزب الله
يذكر المولى: يزعم الكيان الصهيوني منذ الأيام الأولى للتصعيد من خلال تفجير أجهزة البيجر ومن ثم اغتيال سماحة الأمين العامة لحزب الله السيد حسن نصر الله وإغتيال عشرات القادة انه استطاع ان يكسر جبهة لبنان الساندة لقطاع غزة لكن يبدو ان الكيان الصهيوني اخفق في خططه وفشل فشلا ذريعاً من هنا فهو يلجأ الى خيارات التصعيد عبر ضرب البيوت الآمنة وقتل الناس العزل من المدنيين بالإضافة الى البنية التحتية في جنوب لبنان الا ان ذلك لم يوثر بأي صورة من الصور على قوة المقاومة في لبنان والمتمثلة بحزب الله.
تأثير اتساع جبهات القتال على علاقة المجتمع الصهيوني تجاه النخبة الحاكمة ورؤيتهم للمستقبل
يقول المولى: لقد وضع نتنياهو منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول / أكتوبر انه سينهي المقاومة وسيرجع سكان الشمال الا انه فشل في ذلك فشلا ذريعا وإذا ما أراد ان يوسع دائرة الحرب فان ذلك سيزيد من غضب ووجع مجتمع الكيان الصهيوني الذي وحسب آخر الاحصائيات انهم يعانون كثيرا من الامراض النفسية والرهاب فضلا عن الخسائر المالية التي تقدر بالمليارات يومياً.