موناسادات خواسته
تُعدّ اللغة العربية ركناً من أركان التنوع الثقافي للبشرية. وهي إحدى اللغات الأكثر انتشاراً واستخداماً في العالم، ويحتفل العالم باليوم العالمي للغة العربية في الثامن عشر من كانون الأول/ديسمبر من كل عام.
وقد أبدعت اللغة العربية بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء. وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات.
وبهذه المناسبة أجرينا حواراً مع الباحثة والأكاديمية اللبنانية الدكتورة “دلال عباس” أستاذة الجامعة اللبنانيّة في المعهد العالي للدكتوراه، والتي ترتسم في سيرتها محطات أكاديمية وإنسانية نابضة بالعطاء، وواكبت رحلتها في التأليف والترجمة ثورات وانشغالات وكفاح وإصرار؛ فهي “الأم المعلمة والمعلمة الأم”.
لم يسعفها الوقت في قول كل ما أرادت قوله؛ ولها دور كبير في البحث والتأليف، ولها النظرة الإنسانية الكونية التي تجد في التلاقح الثقافي العربي الإيراني غنى فكريا كبيرا. وجدت في اللغة الفارسية وأدبها معيناً خصباً استقت منه شرارات إبداعها وتأليفها وترجمتها، وفيما يلي نص الحوار:
ما هو رأيكم باللغة العربيّة، وما هي المِيزة التي تتميّز بها؟
ما يميّز اللغة العربيّة عن كلّ اللغات الأخرى هو أنّها لغة مُعربة، وهذا ما يجعل مفرداتها أضعافاً مُضاعفة؛ اللفظة نفسها يتغيّر معناها إنْ تغيرت حركةُ أحد حروفِها مثلاً “غُرور وغَرور”؛ هذا فضلاً عن كونها لغةَ اشتقاق ممّا يجعلها قادرة على احتواء الألفاظ الدّخيلة وإخضاعها لنظامها الصّرفيّ، فلفظة “فيلوصوفيا” اليونانيّة صارت بالعربيّة: فلسفة، تفلسف، يتفلسف، فيلسوف، متفلسف، وهذا ينطبق على كلّ الألفاظ الدخيلة فيها؛ التي لا يعرف أبناءُ العربيّة أنفسُهم أنّ أصلها غير عربيّ…
حين يدور الكلام على اللغة العربيّة يجب أن نتحدّث أوّلاً عن علاقة اللغة العربيّة بالقرآن، لنفهم أهمّيّة هذه اللغة والتّطوّر الذي طرأ عليها: فما الذي فعلهُ القرآن باللغة؟ هذه اللغةُ العربيّةُ التي تؤرِّقُنا حالُها، كانتْ منذُ أربعةَ عشرَ قرناً ونصفِ القرنِ قبلَ نزولِ القرآنِ وقبلَ تدوينِه ونَقْطِهِ وإعجامِهِ كأخواتِها السامِيَّاتِ الأُخَرَ محدودةَ الأفقِ محصورةً داخلَ مِنطَقَةٍ جغرافيّةٍ محدودةٍ لا تتعدّى حدودَ الجزيرةِ العربيّة واليمنِ، وكانتْ شفويَّةً حتى المدوّنُ منها؛ بمعنى أنَّنا إنِ افترضْنا صِحَّةَ الروايةِ القائلةِ إنّ القصائدَ الجاهليّةَ المسمّاة “معلّقات” كانت مكتوبةً ومعلَّقةً على أستارِ الكعبةِ، مما لا ريبَ فيه أنَّ قراءتها قراءةً صحيحةً لم تكن متاحةً إلّا للرواةِ الذين يحفظونها غيباً، ذلك أنّ العربيّةَ كانت في تلك الآونةِ كأخواتها السّاميّات من دونِ نقاطٍ ومن دونِ حركاتٍ، وشاءَ العليُّ الأعلى أنْ يكون خاتَمُ رُسُلِهِ عربيَّ اللغةِ، وبين ليلةٍ وثلاثٍ وعشرين سنةً نالتِ العربيَّةُ شرف حملِ آخر الرسالاتِ السماويّةِ، متمثّلَةً بهذا المظهرِ البيانيِّ: القرآن الذي أعجز العرب وحلَّ في نفوسهم محلَّ السحر.
نزل القرآنُ بلغةِ قريشٍ أو بلهجةِ قريش التي [كانت قد صارت قُبيلَ الإسلام اللغة العربيّة الموحّدة]، وكان على المسلمين منذ اللحظاتِ الأولى أنْ يدوّنوا آياتِه، وأن يحفظوها، ويفهموا معانيها وهكذا: حوّل القرآنُ الثقافةَ من المرحلةِ الشفويّةِ إلى مرحلةِ التدوين، ووحّد لهجات القبائل المختلفة، وفي الوقتِ نفسِه أغناها بالمفرداتِ والصيغ المتبادلة بين القبائل؛ ووسّع أغراض اللغةِ وهذّبَ ألفاظَها وفوقَ ذلك وقبله، كان القرآن قد حملَ اللغةَ من إطارها الضيّق إلى مجالٍ أرحبَ، فقد كانت قبل نزول القرآن – كما عَرَفناها من خلالِ الشعرِ الجاهليِّ والخطبِ والحِكَمِ التي وصلتنا – لا تعدو أغراضَ المعيشةِ البدويّةِ ووصفَ مرافقِها وإثارةَ الخصوماتِ والمنازعاتِ بين قبائلِها، فأخذت تُستعملُ بعد نزول القرآن في تبيين العقائد الدينيّةِ التي جاء بها الإسلام، كما توسَّعتْ دلالةُ الألفاظ، بإخراجها من معنًى إلى معنًى بينه وبين الأوّل مناسبةٌ: مثل الصلاة والصيّام والزكاة والمؤمن والكافر والفاسق والمنافق، والوحي والشرع والسنّة والإسلام والقرآن…
ومات الكثيرِ من الألفاظِ الحوشيّة التي وردتْ في بعضِ الشعرِ الجاهليّ؛ وقد اتسعت أغراضُ اللغة بعد ذلك ـ بسببِ حثِّ القرآنِ الناسَ على العلمِ والتفقّهِ في الدين ـ إلى تبيينِ الشريعةِ واستنباط الأحكامِ الملائمةِ لأحوالِ الزمانِ والمكانِ، ولحسنِ معيشةِ المرءِ ومعاملتِه للحكّام… وفيِ ضبط أمورِ الملك ونظامِ العمرانِ، وما تستدعيه مرافقُ أهلِ الحضرِ والأمصارِ، وفي وضع مبادئ العلوم في الحقبة العباسيّة…..
- واغتنتِ اللغةُ بدخولِ ألفاظٍ غير عربيّة بعد الفتوحات؛ وكان ورود مثل هذه الألفاظِ من قبل في النصّ القرآنيّ، مثل سندس واستبرق والديباج والرقيم وأوّاه، وحنانيا والأسفار، وغير ذلك؛ هو الذي جعل المسلمين في ما بعد في العصر العبّاسيّ، حين بدأتْ عمليَّةُ الترجمةِ يقومون بتعريب الألفاظ اليونانيّةِ والفارسيّةِ من دون أدنى حرج أو تعقيدٍ، كالتعقيد الذي أصابهم في القرنين التاسع عشر والعشرين، وهم يواجهون المصطلحات العلميّة والتقنيّة الأجنبيّة.
ما هو تأثير اللغة العربية في اللغات الأخرى؟
إنّ العربيّة التي خرجت من الحجاز واليمن إلى الأقطار التي فتحها المسلمون، وأصبحت اللغة الرسميّة والدينيّة لتلك الشعوب، لا يزال تأثيرها بيّناً في لغات تلك الشعوب التي عادت وانفصلت عن الإمبراطوريّة الإسلامية: نذكر على سبيل المثال تأثيرها في اللغات التي كُتبت أو التي لا تزال تُكتب بالحرف العَربي، كالفارسيّة [نصف ألفاظها عربيّ]، والأرديّة [ثلث ألفاظها عربيّ وثلثها فارسيّ والثلث الثالث هندوسيّ]، والتركيّة العثمانية [ثلث ألفاظها عربيّ وثلثها فارسيّ والثلث الثالث تركيّ]، واللغات التي لا تُكتب بالحرف العربي لكنّ الكثير من ألفاظها عربيّة الأصل كالتركيّة الحديثة، والإسبانيّة واللغات الأخرى المتفرّعة عن اللاتينيّة التي تُرجمت بها العلوم العربيّة من طريق الأندلس..
ما هو دور اللغة في الدبلوماسيّة الثّقافيّة؟
في مرحلةٍ من مراحل التاريخ امتدّت قروناً عديدة، كانت اللغة العربيّة هي اللغة الثقافية المسيطرة على وجه الكرة الأرضيّة، وكُتبت بها العلوم والفنون المختلفة؛ لأنّها كانت لغةَ الإسلام، ولغةَ الإمبراطوريّة الإسلاميّة الأقوى وذات الحضارة الأهمّ في العالم.
لقد بدأ انتشارُ اللغةِ العربيّةِ وذيوعُها من خلال التعريب الذي رافقَ حركةَ الفتوح، التي حملت القرآنَ إلى الأمم المختلفةِ فانتشرت لغته على ألسنةِ الناسِ في الأقطارِ التي أظلَّها الإسلام، وكان التعريبُ نتيجةً طبيعيَّةً لإعتناق ِالإسلام، فقد كان على من أسلموا في هذه الأقطار أنْ يتعلّموا العربيّةَ ليقرأوا القرآن، ويفهموا أحكامَه ويطّبّقوا تعاليمَه، وقد فعلوا ذلك بحماسٍ منقطع النظيرِ، كما تُبيّن لنا الرواياتُ التاريخيّةُ المتعلّقةُ بالفتوحات…
الخلاصةُ في ما يتعلق بانتشار العربيّة في الأقطار المفتوحة، أنّ التعريبَ اللغويَّ في هذه الأقطار جاء نتيجةً طبيعيّةً لإعتناقِ الإسلام؛ وسيظلُّ دائماً بين اعتناقِ الإسلامِ الحقِّ وبين التقرّب من العربيّة هذا المجازُ القريبُ الذي يندفعُ فيه المسلمون.
لقد حملَ الإسلامُ اللغةُ العربيّةَ على جَناحيْهِ ونفحَها من قدسيَّتِهِ، فاقترنتْ في أذهانِ المؤمنين في هذه المناطق، ولا تزالُ، بهذه الهالةِ من التقديسِ والإكبارِ، ولا يزالُ أثرُ ذلك في ما يصف به العربُ وغيرُ العربِ العربيَّةَ حين يقولون: العربيّة الشريفة. لقد كان جزءاً من إيمانِ الجماعةِ المسلمةِ أنْ تحافظَ على ما كان الدينُ يعتمد عليه من الفنِّ القوليِّ المتمثّلِ بآي القرآن، سواءً في لغتِه أو في قواعدِه أو أساليبِه.
من هنا اكتسبتِ اللغةُ العربيّةُ هذه الحصانةُ التي كانت تحولُ بينها وبين أنْ تذوبَ أو تتشعّبَ كما حصلَ للّغة اللاتينيّةِ مثلاً التي تطوّرت فيها اللهجات وأصبحت لغاتٍ متعدّدة: الفرنسيّة، والإيطاليّة، والانجليزيّة، والإسبانية، والبرتغاليّة وغيرها…
صَمَدَتْ اللغة العربيّة ولا تزالُ صامدةً في مواجهة التيّاراتِ والأعاصير اللغويةِ المختلفةِ، فلا تسمح لها أن تَجَاوزَ لغةَ الحديثِ اليوميّةَ… فإذا جاء دورُ الأدبِ، كانتْ لغةُ الدينِ كما حفظها القرآن هي الصورةُ المثلى التي يمضي الأدباء في نورها، ويحتذيها الكتّاب والمؤلّفون، ويكتبُ بها العلماءُ والفلاسفةُ ذوو الأصولِ غيرِ العربيّةِ نتاجَهم، كما نلاحظُ في المؤلّفات التي وصلتنا من العصر العبّاسيِّ وما بعده.
… والآن بالنسبة إلى المؤمنين الذين يعتقدون أنّ الإسلام الصحيح، سيعاود الإنتشار في العالم، يجب أن يتعلّموا العربيّةَ لغةَ هذا الدين… هي اللغة المشتركة التي تمحو الحدود بين الدول، وتقرّب المسافات بين الأفراد والجماعات…
ما مدى تأثر وتأثير اللغتين العربية والفارسية على بعضهما البعض؟
إنّ العلاقة العريقة بين العرب والفرس تعود إلى ما قبل الإسلام؛ لكن هذه العلاقة أخذت في التعمق تدريجياً منذ أن تقدّم المسلمون للمرة الأولى في عهد الخليفة الثاني إلى العراق وإيران، وأسلم من أسلم من الفرس، وانضم من انضم منهم إلى الجيش الإسلامي، فضلاً عن إقرار المسلمين للسكان في أرضهم ومنحهم الأمان على أنفسهم وأموالهم وعقائدهم، وإصرارهم على ذلك، ثم ما كان من هجرات العرب إلى هذه المناطق واستقرارهم فيها؛ كلّ ذلك أدى إلى أن يمتزج السكان الأصليون والوافدون وأن يقارب بعضهم بعضاً؛ وأن يُصهر من أسلم منهم إلى من وفد عليهم، وأن يكون هنالك هذا الإختلاط الذي كان من ثمراته جيلٌ جديدٌ لفّتهُ الحياة الإسلامية الجديدة بما كان من طوابعها وسماتها…. حتى إذا تقدّمت الأيام وجدنا أن الإسلام غطّى كثرة السكان في هذه المناطق…
وهكذا فإنّ حركة الفتوح الإسلامية في إيران جعلت العرب يختلطون بالدم الآري، ويستمعون إلى لغة تخالف لغتهم هي اللغة البهلوية إحدى أصول الأسرة الهندية- الأوروبية؛ ممّا فتح المجال لاختلاط لغة العرب الوافدين واللغة الفارسيّة لغة أهل البلاد، فتتبادلان الصلات والتّأثّر والتأثير.
تعلّم الإيرانيّون العربيّةَ لأنّها لغة الدين وكان من الطبيعيّ أن تدخل ألفاظٌ فارسيّةٌ في اللغة العربيّة وألفاظٌ عربيّةٌ في الفارسيّة المحكيّة، وزاد التأثّر والتأثير المتبادلين، بسبب عمليّة الترجمة.
لقد اقتبس المسلمون نظامهم الإداري من النظام الإداري الإيراني، إذ نظّمت الدفاتر منذ عهد الخليفة الثاني بأسلوب الدفاتر والدواوين الإيرانية القديمة، بل كانت اللغة الديوانية أحياناً لغة فارسية، وفضّل المسلمون من الفرس في ما بعد أن ينقلوها إلى العربية بأنفسهم، وذُكر أنّ “الديوان” نُقل إلى العربية في العصر الأموي. بعد قيام الحكم الإسلامي في إيران أصبحت اللغة العربية هي اللغة الرسمية في الدواوين والمكاتبات، ولغة التدريس في المساجد وحلقات العلم، وسقط الاعتبار الرسمي للغة البهلوية التي كانت تُكتب بحروف آرامية معقدّة، وانحصر تعلّمها والتأليف بها على الموابذة وسدنة المعابد…
ولما تأسست علوم الأدب والفقه والحديث والتفسير والكلام والفلسفة والتصوف في القرون الإسلامية الأولى، تصدّر الإيرانيون هذه الحركة، وكتبوا مؤلّفاتهم باللغة العربيّة، وأصبحت مدارس نيسابور وهراة وبلخ ومرو وبخارى وسمرقند والرّي وأصفهان مراكز للنشاط العلمي الدائب، وتربى فيها مئات الرجال من كبراء الإسلام…
إنّ بداية المساعي لنقل آداب الفرس إلى العربية بدأت في زمن الأمويين، إلا أنّ العباسيين هم الذين سخرّوا كلّ قدراتهم في استقطاب الثقافات المختلفة اليونانية والهندية والفارسية؛ ومما لا شك فيه أن أمواج الترجمة من الفارسية كانت الجسر الذي عبرت من خلاله ثقافات الأمم المختلفة التي انصهرت في الدولة الإسلامية وأغنت الثقافة الإسلامية؛ لقد كانت الكتب الفارسيّة أولى الآثار الأدبيّة السياسيّة الأجنبيّة التي تُرجمت بالعربية، ووُضعت بين أيدي الحكام العرب، وكانت ذات فوائد عمليّة لا تعدّ ولا تحصى في مجال السياسة وفروع العلم والأدب…
لقد حظيت حركة الترجمة عن الفارسية باستحسان الخلفاء والوزراء ودعمهم، فصارت حلبة تنافس للمترجمين يستعرضون فيها قدراتهم الأدبية، وكان اعتناء الخلفاء نزعة عامة، بدأت في عهد المنصور، وشهدت دعماً كبيراً في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي كان شغوفاً بسماع المواعظ الإيرانيّة، وكان ينتقي مؤدّبي أولاده من الإيرانيين، لكن المأمون هو الذي فعّل عمليّة الترجمة والتأليف بإنشائه دار الحكمة…
الجدير بالذكر أنّ حركة الترجمة في العصور العباسية كانت تسير في اتجاه واحد، من الفارسية إلى العربية؛ والإيرانيّون هم الذين قاموا بهذه الحركة لأن إتقان اللغتين العربية والفارسية توافر لعدد من الإيرانيين أولهم: عبد الله بن المقفع (روزبه بن داذويه)، الذي نقل إلى العربية منطق ارسطو الذي كان منقولاً من قبل إلى الفارسية؛ وكليلة ودمنة الذي كان منقولاً إلى البهلوية عن الهندية؛ وكذلك العديد من الكتب الفارسية المتصلة بالسياسات الملوكية والآداب الاجتماعية المتعلقة بالأخلاق مثل “الأدب الصغير” وغيرها… وقد ذكر المؤرخون عدداً آخر من المترجمين من المعاصرين لابن المقفع لم تصلنا ترجماتهم…
أمّا الترجمة من العربيّة بالفارسيّة فقد بدأت عمليّاً في القرن الرابع الهجريّ/العاشر الميلادي، في أثناء حكم السامانيّين (261-384هـ)، أهم الحكومات التي استقلّت عن العباسيّين عمليّاً، وظلّت محافظة على سلطة الخليفة العباسيّ معنوياً، وجعلت الفارسيّة لغةَ الدولةِ الرسميّةَ بدلاً من العربيّة، يكتبون ويقرؤون بها الأحكام والمناشير.
لكنّ ذلك لا يعني أنّ اللغة العربيّة قد أُهملَت، أو أصابها الفتور والضعف، فقد كان السامانيّون ومعاصروهم من العلماء والشعراء والأدباء مؤمنين أنّ العربيّة لغةُ الدين، لذلك ظلّتِ العربيّةُ في هذا العصر لغةَ الثقافة والعلم في تلك الديار، واستعادت مكانتها الأولى بعد وقت وجيز، وصارت اللغةَ الرسميّةَ تُكتب بها الرسائل والكتب المتبادلة بين البلاط الساماني والخلافة في بغداد، فضلاً عن أنّها كانت لغةَ العلم؛ أمّا ترجمة الكتب بالفارسيّة فكان الهدف منها جعل العلوم في متناول عامّة الناس، وأوّل كتابٍ ترجم من العربيّة بالفارسيّة، هو كتاب كليلة ودمنة، الذي كان قد نُقل من اللغة الهنديّة إلى اللغة البهلويّة، ومنها إلى السريانيّة، ثم إلى العربيّة وفي النهاية تُرجم بالفارسيّة الدّرِّيّة، ترجمه الوزير أبو الفضل البلعميّ المتوفّى سنة 329 هـ بأمر من نصر بن أحمد بن إسماعيل،كما نظمه الرودكيّ شعراً؛ وأشار إليه الفردوسي في الشاهنامة.
ويمكننا القول إنّ اللغة الفارسيّة الدريّة: لغة إيران الرسميّة، التي اشتُقّ اسمُها من (“در” المأخوذة من دَربار أي الباب المفضي إلى حضرة الملك)، وهي اللغة التي كانت تُكتب بها العرائض، وتصدر المراسيم الملكيّة في أوّل حكومة نشأت في إقليم خراسان، ذات نزعة قوميّة فارسيّة برئاسة يعقوب بن ليث الصّفّار (حك: 247 -260هـ)، ثم تجاوزت هذه اللغة خراسان، وعمّت سائر البلاد والأقاليم الإيرانية، بعد أن كانت لغة المحادثة اليوميّة…. وهي امتداد للفارسيّة الوسيطة (أي البهلويّة) والفارسيّة القديمة، وينتهي أصلُها إلى لغة البارثيّين….
وهكذا فإنّ هذه اللغة التي كُتبت بعد الإسلام بالخطّ العربيّ، قد أخذت كلمات كثيرة من اللغات الإيرانيّة وغير الإيرانيّة، إلاّ أن اللغة العربيّة أهمُ اللغات التي أخذت عنها الفارسيّة الحديثة، لأنّ القسمَ الأكبرَ من الكلمات المتداولة في الإدارة والسياسة والعلوم والفلسفة والفقه والأدب كلماتٌ عربيّة، ولو أنّ الكثير منها قد اختلف في الفارسيّة صورةً ومعنىً وتلفظاً عن الأصل العربيّ، ولبس ثوباً فارسيّاً.
وممّا عجّل نموَّ هذه اللغة وانتشارَها في سائر الأقاليم الإيرانيّة هو بروز عدد من الأدباء والشعراء الفحول الذين جمعوا بين ثقافتهم العربيّة، وبين ما حفظوه من أدب لغتهم القوميّة، التي احتفظت بكثير من الآثار الأدبيّة ذات الطابع الشموليّ، لا سيمّا ما يدور حول أخلاق الملوك وسياسة الأمم وتدبير الممالك…
في أوائل القرن الحادي عشر الميلادي أدّت نيسابور بوصفها عاصمة للدولة السلجوقية دوراً علميّاً خطيراً في حياة خراسان خصوصاً وإيران عموماً، إذ كانت مرتعاً لمجموعة مشهورة من رجال الفكر مثل الثعالبي، صاحب “يتيمة الدهر”، و “بديع الزمان” صاحب المقامات، والفيلسوف “أبو الحسن العامري”، و”عمر الخيام النيسابوري” الذي فاقت شهرته كلّ حد بعد أن عرفت “رباعياته الخالدة طريقها إلى معظم اللغات العالمية، وكان للغة العربية نصيب وافر منها إذ توجد أكثر من عشر ترجمات لرباعياته؛ كما ترجمت آثار معظم الأدباء والشعراد الكلاسيكيين…
ومنذ حوالي أكثر من نصف قرن تقريباً، أخذت كوكبة من الباحثين والدارسين العرب تتطلع بشغف إلى استئناف الصلات الأدبية بين العرب والفرس فثمة اهتمام في البلاد العربيّة بالأدب الفارسي المعاصر؛ يقابله اهتمامٌ بالأدب العربيّ في إيران…
صور من التفاعل اللغوي بين العربية والفارسية
إذا كان النثر في العصر العباسي قد اغتنى من ضروب الأدب الفارسي التي تم استيعابها في الأدب العربي كالحكم والأمثال والقصص على ألسنة الحيوانات، فإن النثر الفني الفارسي ابتداء من القرن الثالث عشر الميلادي، دخلته الكثير من المفردات والتراكيب اللغوية من العربية، مما أغنى اللغة الفارسية الدريّة.
أما الشعر الفارسي فقد كان تأثره بالشعر العربي أكثر عمقاً وشمولاً، وقد كان علم العروض الفارسي وليد علم العروض العربي في أوزانه وقوافيه، وأكثر ما نظم الشعراء الفرس في بحور الرجز والمتقارب والرّمل، وقلدوا صور الخيال العربي في قصائدهم، ولا سيّما في المدح والغناء، فصارت تُستفتح بالغزل والتشبيب، وإمّا بالبكاء على الأطلال، كما نقلوا في البلاغة صور البلاغة العربية وتراكيبها.
أما تأثير الفارسية في العربية فكان كبيراً وإن لم يصل حتماً إلى تأثير العربية في الفارسية. استخدام الشعراء العرب للرباعيات الفارسية، واستخدام بعض الشعراء الأندلسيين للخرجة الفارسية بدلاً من الخرجة اللاتينية التي كان يستخدمها الشعراء الأندلسيون الآخرون؛ بالإضافة إلى المفردات التي دخلت العربية من الفارسية قبل الإسلام وبعده، فتعرّبت واندمجت بجوهر اللغة العربية، ولكنها في كلّ الأحوال ليست بعدد الكلمات العربية التي دخلت الفارسية ولا بأهميتها.
في هذه المرحلة من تاريخ منطقتنا، نرى من الضروري تفعيل عملية الترجمة من الفارسيّة بالعربيّة وبالعكس، تتمة لمرحلة من التمازج الثقافيِّ بين العرب والإيرانيّين الذين صنعوا معاً الحضارةَ العربيّةَ الإسلاميّة، التي أغنت الحضارة الإنسانيّة في مرحلة من مراحل التاريخ، وهم الآن مدعوّون لإعادة إنتاج حضارةٍ عالميّةٍ إنسانيّةِ التوجّه، بديلاً من الحضارة الغربيّةِ المستعمِرةِ، التي بدأتِ العلل تنهش كياناتها؛ لكنّ هذا العملَ يحتاج إلى تضافر الجهود، وإلى تكوين مؤسّساتٍ تشرف على عملية الترجمة من حيث اختيار الكتب والموضوعات، والإشراف اللغوي، والتمويل المادّيّ، كي لا تتوزّعَ الجهودُ، وحفاظاً على اللغة العربيّةِ التي أصابها اللحن والتحريف عندما خرج العرب من الجزيرة العربية واختلطوا بغيرهم من الشعوب، والتي تعاني اليومَ أكثر من أي وقتٍ مضى من إهمالِ أهلِها، ومن مزاحمة اللغات الأجنبيّةِ لها، وبدلاً من أن تكون الترجمة إغناءً للغة الأم، كما كانتِ الحال في العصرِ العبّاسيّ، تصبحُ عاملَ ضررٍ يُصيبُها في الصّميم، ما لم تُراقَبْ وتُحتضَنْ وتُدعَم.
هل استطاعت اللغة العربية أن تنشر الخطاب النقدي والبلاغي في مختلف المجالات؟
خدمةٌ أخرى غير علم النحو أدّاها عُلماءُ القرآنِ إلى اللّغة العربيّة، هي وضعُهم للعلمِ الذي سُمِّيَ من بعدُ علمَ البلاغةِ.
اللافتُ أنّنا نلاحظُ أنّ الملاحظاتِ البلاغيّةَ قد جاءت في العصر العبّاسي في ثنايا الكتبِ التي تدرّس معانيَ القرآنِ ولغتَهُ؛ فقد كان المعلّمون من اللغويّين والنحاة في تضاعيفِ كلامِهم وشروحهم لآي القرآن وتالياً للشعر، يقدّمون ملاحظاتٍ مختلفةً على بلاغة الكلامِ وصورِهِ البيانيّة والتعبيريّة، بحيث يمكن أن يُقال إنّهم أدّوا حتى أوائل القرنِ الثالثِ الهجريِّ في هذا الصددِ خدمةً قيِّمةً بفضلِ نظراتِهم الفاحصةِ الدقيقة.
اختاروا الآياتِ التي تصوّر طرقاً مختلةً في الصياغةِ والدلالةِ، متمثّلين بما يُشبهُها من أشعارِ العربِ وأساليبِهم، شارحين لما تتضمّنُه من لفظٍ غريب، وتحدّثّوا عمّا في الآياتِ من استعارةٍ وتشبيهٍ وكنايةٍ وتقديمٍ وتأخيرٍ وحذفٍ وتكرارٍ وإضمار.
وتوسَّعوا في تصوير الخصائصِ التعبيريَّةِ: وهذا ما فعله كلٌّ من الجاحظ وابنُ قتيبة والباقلّاني، وعبد القاهر بن محمّد الجرجانيّ، الفقيهُ الشافعيُّ والمتكلّمُ الأشعريُّ، فهو واضعُ أصولِ علمِ البلاغةِ، إذا استطاع أن يضع نظريَّتَي علمَي المعاني والبيان وضعاً دقيقاً. الأولى في كتابه دلائل الإعجاز والثانية في كتابه أسرار البلاغة.
لقد كان عبد القاهر ذوّاقةً للأسلوبِ القرآنيّ، حتى أوشكَ أنْ يسبقَ عصرَه، في بعضِ لمحاتِه الموفّقة التي نَفَذَ بها إلى إدراك الجمال الفنيِّ في كتاب الله.
وإذا كانتِ اللمحاتُ الأولى لعلمِ البلاغةِ قد جاءتْ في ما كُتب عن الإعجاز القرآنيّ، فإنّ مفسّري القرآن، بعد ذلك قد اعتمدوا على علم البلاغة لتبيانِ معاني القرآنِ الكريم، فالزمخشريُّ في القرن الخامس الهجري طبّق علوم البلاغة التي قرّر قواعدها عبد القاهرالجرجاني على آي الذكر الحكيم.
لقد وضع هذه القواعد مقرونةً بالمثال الذي يوضّحها ويكشف عن دقائقها… الخلاصةُ أنّ علمَ النحو وعلمَ البلاغة اللذين ولدا لخدمة النص القرآنيّ، حفظا العربيّةَ، ولا يزالان خادمين للّغة وتالياً للنصّ القرآنيّ، وأيّ تحديثٍ وتطويرٍ لهذين العِلمينْ إنّما يؤدّي خدمةً جلّى للّغة العربية..
هل يمكن اعتبار اللغة العربية لغة المقاومة عند الأدباء العرب في الوقت الراهن؟
بما أنّ فلسطين هي أمّ القضايا الإنسانيّة في هذه الحقبة التاريخيّة، لذلك فإنّ أجمل ما كُتب من أدب باللغة العربيّة نثراً كان أم شعراً كان عن المقاومة؛ وهذا أمرٌ بيديهيّ… إنّ الأدب بشعره ونثره هو قيثارةُ الشّعوب المظلومة، ومقاومة الاستعمار والظلم والاستبداد هي أشرف القضايا والمثُل والمعتقدات التي تحملها الشعوب، ويعتنقها الأفراد.
ما الذي يقع على عاتق الأساتذة والطلاب والأدباء لتطوير اللغة العربية؟
ما تتعرّض له العربيّةُ اليوم يشبه من بعض النواحي الأخطار التي تعرضتْ لها في مرحلة الفتوحات ومصارعتها للغات البلدان المفتوحة، كانت تلك الأخطار جديرةً منذ العهودِ المبكّرةِ الأولى أنْ تفتّتَها إلى لهجاتٍ متفارقةٍ كما أصاب اللّاتينيّة التي تحوّلت من بعدُ إلى لغاتٍ متباينة – لولا عاملُ الدين، وبالتحديد لولا القرآنُ الكريم، لقد وقف الدين حارساً جبّاراً يذودُ عن اللغةِ كلَّ عوادي الأجناسِ ونزواتِ الألسنِ وبغتاتِ الزمن، من القرآنِ الكريم اكتسبتِ اللغةُ العربيّةُ الحصانةَ التي كانت تحولُ بينها و بين أنْ تذوبَ أو تتشعّب، فصمدتْ أمام التيّاراتِ اللغويّةِ المختلفةِ، ولم تسمحْ لها أن تُجاوزَ لغةَ الحديثِ اليوميّةِ، فإذا جاء دور الأدبِ الرفيع ودورُ العلمِ والثقافةِ كانت لغةُ الدين كما حفظها القرآنُ هي الصورةُ المثلى المحتذاة.
لقد كان القرآنُ ولا يزال الدرعَ الواقي للّغة وملجأها حين تعصفُ بها الملاحنُ، وبسبب القرآن ومن أجله حين كاد اللحنُ أنْ يلامسَه، فكّرَ القيّمون على الدين في العصر العبّاسي بوضع علم النحو الذي حفظ اللغة، وقدّم لها الوقايةَ اللازمة قبلَ أنْ يستفحلَ المرضُ.
لذلك نلاحظُ أنّ أوّلَ ما ميَّزَ النحوَ في نشأتِهِ الأولى، أنَّه كانَ محاولةً لحفظِ التصريفِ الإعرابيِّ وضبطِه، لأنَّ أوّلَ ما أصابَ اللغةَ من انحرافٍ كان تركَ التصرفِ الإعرابيِّ أو الخطأَ فيه، أيْ أنّه كان حركةً موازيةً لانتشارِ اللحنِ في هذه الناحيةِ ومضادّةً لها، ومحاولةً لإنقاذِ التصرّفِ الإعرابيِّ الذي يميّزُ العربيّةَ من بينِ اللغاتِ الأخرى..
إنّ الرواياتِ على إختلافِها التي تقرنُ بين نشأةِ النحو وبين أبي الأسودِ الدوليّ مفادُها أنَّ ذلك الصنيعَ الأوّلَ كان عصمةً لكتابِ اللهِ أن يَضِلَّ فيه قارئه، وتقويماً للألسنةِ أنْ تنحرِفَ عن سلائِقها في التصريفِ الإعرابيّ…
ولم يبقَ عملُ أبي الأسودِ في رسم النحو ومقاومةِ اللحن عملاً وحيداً، وإنّما أعقبته أعمالٌ أخرى جاءت من بعده مكمّلَةً لخطاه، واتّخذ النحو بعد ذلك طوابعَه الابديَّة التي شهدتها الأجيالُ بعده، والتي نشهدها نحن، وسيشهدها مَنْ بعدنا.
وأبرزُ الظواهر في حياةِ النحو بعد مراحله الأولى انّه جاوزَ مِنطقةَ القرآنِ الكريمِ إلى ذخائر العربيَّةِ الاولى، فأخذ يُعنى بصيانةِ هذا التراثِ والإفادةِ منه في إقامةِ قواعدِهِ واستخلاصِ شواهدِه.
إنّ عَلاقةَ القرآنِ بالعربيّة من خلالِ النحوِ عَلاقةٌ جدليّةٌ متبادلة، نشأ النحوُ لخدمةِ القرآن، واستخدم النحاةُ من بعدُ آيَ القرآن أدلَّةً على قواعدِهم النحْويّةِ، وحَفِظَ النحوُ اللغةَ العربيّةَ مِنَ التشظّي والاضمحلالِ، والتحوّلِ إلى لغاتٍ لا رابط بينها ولا صِلَةَ إلّا الصلةَ التاريخيّة، وأبقاها لغة فصيحةً شريفةً جامعةً للعربِ كلِّهم على الرَّغم من تعدّدِ عامّيّاتِهم، وجامعةً بينهم وبين أهل القرآن من غير العرب، وبواسطتها يمكنُهم تقريبُ عامّيّاتِهم من بعضها، والتسابقِ في ما بينهم، أيّهم يجعلُ لهجتَه أقربَ إلى الفصحى الشريفة.
واليوم: لولا الفصحى لغةُ القرآن وتالياً لغةُ الأدبِ شعرِه ونثرِه، لما أمكن العرب في الأقطار المختلفةِ أن يتفاهموا في ما بينهم، وكما واجهتِ اللغةُ العربيّةُ التحدّياتِ العاصفةَ بعدَ خروجها من الجزيرةِ العربيّةِ بإمكانها مواجهةُ المخاطرِ التي تتعرّض لها في هذه المرحلة، إن تضافرت جهودُ القيّمينَ عليها، واتُّخِذت خطواتٌ عمليّةٌ في هذا السبيل.
واليوم يتوجّب على علماء النّحو أنْ يُبسّطوا قواعد اللغة وأنْ يبتكروا طرقاً تُسهّل معرفة هذه القواعد، ويدربوا التلاميذ والطلّاب على القراءة والكتابة بالفصحى، ومن خلال النصوص الأدبيّةِ الجميلةِ المحبّبة؛ لكنّ المشاكل التي تعانيها اللغة اليوم، ناجمةٌ عن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كيفما اتّفق، ينشرون مثلاً قصيدةً شعريّةً بصوت صاحبها، ولكنّهم يكتبون الأبياتِ بلغةٍ ركيكةٍ جدّاً، فيصبح ضررَ نشر هذا الشّعر الجميل أضعاف فائدته.
بالعودة إلى النصّ القرآنيّ يمكننا أن نسهّلَ بعضَ القواعدِ النحويّةِ، أو أن نضعَ قواعدَ لم ينتبه إليها النحاة السابقون، كقاعدة النعت مثلاً أو غيرها. إنّ أفضل الطرق لإتقان اللغة ّو الانتقال من النّص إلى القاعدة لا العكس.
إنّ حفظ النصوص الأدبيّة من أهمّ وسائل التدريب على اللغة الفصيحة، وابتكار الطرق الكفيلة بمراقبة ما يُنشر في وسائل التواصل.