العلامة السيد محسن الأمين:

الموسوعي المصلح والثائر… ورائد الوحدة الإسلامية

تميّزت حركته الإصلاحية بأنها حركة إصلاح عملية تجري داخل المجتمع، تتخذ من حركات الأئمة (ع) الإصلاحية أنموذجاً وقدوةً لها، وتهدف إلى تربية الإنسان التقيّ الصالح الفاعل، وإقامة المجتمع السليم الناهض

2023-01-28

عبير شمص

الوفاق/ خاص

يعتبر جبل عامل على مر الأجيال خزان العلم والعلماء وعلى الرغم من صغر مساحته الجغرافية إلاّ أن علمائه يمثلون خمس علماء الشيعة في العالم. حفظ هذا الجبل خط الرسول وأهل البيت(ع) منذ أن وطأت أقدام الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري أرضه أي منذ أكثر من ألفٍ وثلاثمئة عام وقدموا من أجل ذلك الأرواح والمهج فكان منهم الشهيد الأول والشهيد الثاني وما زالت المسيرة مستمرة. كان علماء جبل عامل دائماً عند تخوم الثغور الصعبة يذودون عن دين النبي محمد (ص) وأهل بيته (ع) وكان منهم العلامة المقدس السيد محسن الأمين الذي هو موضوع مقالتنا اليوم، فالسيد محسن الأمين عالمٌ مجتهد، فقيه مجدد، مربٍ قدير، وباحثُ منهجي متميز، مؤرخ محقق وشاعر كبير، وكاتب مسرحي، وصاحب إنجازات علمية ناجحة، ورائد حركة إصلاحية علمية ونظرية كبير، كان علماً كبيراً في عصره ولا يزال كذلك. لا ينفك تراثه الغني على مستوى الكتب والمدارس يغني المكتبات، ويلبي حاجات إجتماعية وعلمية وتربوية، ويتداوله المعنيون بهذه الشؤون .

الشخصيّة وسيرة تكوّنها

ولد السيد محسن الأمين في قرية شقراء من بلاد جبل عامل سنة 1867م. نشأ السيد في هذا الجبل الذي لم تخمد فيه جذوة العلم والأدب منذ القرن السادس الهجري، على عكس ما حدث في كثير من بلاد المسلمين، ولم يخلُ عصر لم ينبغ فيه عدد من المجتهدين، وتعود أصول أسرته إلى مدينة الحلة في العراق، جاء أحد أجدادها منها إلى جبل عامل، بطلبٍ من أهلها ليكون مرجعاً دينياً ومرشداً.

عندما بلغ سن السابعة من عمره، قامت الفاضلة أُمّه بتعليمه القرآن الكريم، ثمّ أتقن الخط العربي بمدّةٍ وجيزة، وبعدها ختم القرآن وتعلّم علمي النحو والصرف، وقد تربى في كنف والدين عُنيا بتربيته أفضل عناية، كأنما كانا يعدانه ليؤدي دوراً رائداً. و في عام 1891م، وبعد إكماله المقدّمات سافر إلى العراق، رغم ظروفه الصعبة، واعتناءه بوالده الذي ضرَّه الزمن، فنزل مدينة النجف الأشرف، وشرع في دراسة السطوح و البحث الخارج .

السفر والدراسة في النجف الأشرف

شرع في النجف الأشرف القراءة على المشايخ، ومن الأساتذة المشهورين آنذاك :” الشيخ ملا كاظم الخراساني، والشيخ أقا رضا الهمداني والشيخ عبد الله المازندراني، والسيد كاظم اليزدي، والشيخ حسن المامقاني والشيخ محمد طه النجفي والسيد حسين القزويني”… أقام في النجف نحواً من عشر سنين، ولم تفته زيارة الإمام الحسين (ع) طوال المدة.

في دمشق والمباشرة بالإصلاح

حضر السيد محسن الأمين إلى دمشق قادماً من النجف حوالى عام 1902 م بعد مطالبة أهل الشام بعالم، فوجد أمامه مشاكل عديدة أهمها انتشار الأمية بشكلٍ كبير ومشكلة مجالس العزاء، فوجه إهتمامه إلى إصلاح هذه الأمور.

وقد طالب السيد محسن بالتعليم وتنوير الأفكار، ومحاربة البدع والانحرافات، وبرأيه لايتم ذلك إلاّ بالتعليم، فرأى سماحته أنّه من الضروري إنشاء مدرسة لتعليم الأميين والذين جلّهم من الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، ففتح المدارس، وأسَّس مدرسة للبنات في الوقت الذي كان الكثيرون، يتحرّجون في تعليم الصبيان، فكيف البنات، كانت مدارسه “المدرسة “المحسنيّة” في دمشق وسميّت على اسمه ومازالت قائمة حتّى اليوم في “حي الأمين” في دمشق القديمة، وكانت مدارسه تعلّم – بالإضافة إلى جانب الدين والشريعة الإسلامية السمحة – مختلف العلوم العصرية، واللغات الأجنبية، لحاجة أبناء عصره لها.

كذلك حدد السيد محسن أوجه الخلل في إقامة العزاء لسيد الشهداء(ع) فبادر إلى إصلاحها، فكانت المهمة الأولى تتمثل في تأليف الكتب المنتقاة من الأخبار الكاذبة والأغلاط الشائنة، وأول ما كتبه “المقتل” الذي يقرأ في اليوم العاشر من محرم، وكان قراء العزاء آنذاك يقرأون أموراً لا علاقة لها بالموضوع، فوضع كتاباً أسماه “المجالس الحسينية” ثم ” المجالس السنية” واختار قصائد معينة جمعها في كتاب أسماه “الدُر النضيد في مراثي السبط الشهيد”، وقد جمعت هذه الكتب الثلاث في مجلدٍ واحد، مثّل هذا المجلد مادة أدبية وتاريخية تروي الأحداث التاريخية بشكلٍ موثق. كما قام بإرسال قراء مجالس العزاء إلى المناطق السورية واللبنانية وسواهما. وكذلك سعى إلى تغيير الطقوس التي كانت تقام فيها المجالس الحسينية فهو قد جهد لجعل الحركة الحسينية في موقعها الطبيعي في رفض الظلم، وتنقية عاشوراء من الشوائب مثل ضرب الرؤوس بالسيوف وإدمائها، وضرب الظهور بالسلاسل، وغيرها من الأساليب التي تشوّه معنى عاشوراء وكربلاء. لذلك أفتى بحرمة التطبير وقد كان لهذه الفتوى أصداءً كثيرة، ليس في جبل عامل فحسب، بل وحتى في العراق.

حركته الإصلاحية

انطلقت حركة السيد محسن الإصلاحية من جهة الإصلاح الديني والسياسي والإجتماعي من الرؤية الإسلامية الشاملة إلى العالم، ولم ير سبل النهوض نتيجة الاتصال بالغرب وإنما انطلاقاً من وعي الذات الإسلامية كهوية وواقع ما يتيح لها مواجهة ما يستجد من مشكلات في الواقع المعيشي ومنها خطر الغزو الغربي وإشكالية بناء المجتمع الحديث. تميّزت حركته الإصلاحية بأنها حركة إصلاح عملية تجري داخل المجتمع، مستقلة عن السلطة السياسية، وتتخذ حركات الأئمة (ع) الإصلاحية أنموذجاً وقدوة لها، وتهدف إلى تربية الإنسان التقيّ الصالح، الفاعل في مجتمعه، وإقامة المجتمع السليم الناهض.

في هذا الصدد قارن المفكر اللبناني منح الصلح بين السيد وبين المصلح الجزائري عبد الحميد بن باديس فيراه “إمام العمل الوطني في دمشق” والنموذج الأمثل بين رجال الدين في العلاقة الخلاقة بين العمل الوطني والإسلام،  فهو على الصعيد الديني لم يقل أثراً وسعة أفق عن الشيخ محمد عبده، فالسيد محسن كان يسعى إلى الإصلاح من داخل المجتمع إصلاحاً هادئاً يغيّر الواقع ويكوّن الشخصية تدريجياً. وهذا هو نهج الأئمة (ع) كما أسلفنا والذي انتهجوه طوال سعيهم إلى بناء الإنسان والمجتمع الصالحين. أما محمد عبده فدعا إلى الإصلاح من داخل السلطة ومؤسّساتها، ولعلّ هذا عائد إلى استقلال العالم الشيعي آنذاك عن الدولة، فهو لا يدين لها بمنصب رسمي ولا بأجر، كما كان خارج مسار نشاطها، فكان يمارس نشاطه في داخل المجتمع، وكل همه أن تتركه وشأنه.

رائد الوحدة الإسلامية

عاش السيد الأمين في حقبة من الزمن غنية بالتقلبات السياسية والاجتماعية، وتالياً بالمشكلات المجتمعية على مختلف المستويات. فقبل ولادته بسنتين، حكم الأتراك جبل عامل حكماً مباشراً، وقد عرف السيد الأمين الحكم التركي معرفة من عاش في أتون اضطهاده وفساده وتعصبه وقد خبر ذلك تماماً وكثيراً ما تحدث عن أثر الحكم التركي في أخلاق الناس وعن ظلمه واستبداده وفساد الإدارة التركية وما رافقها من شؤون وشجون وغرسها عادات وتقاليد في أخلاق أهالي بلاد الشام تنافي الأخلاق العربية القديمة كالكرم والشجاعة والإباء وعزة النفس. لكنه انطلاقاً من رؤيته الإسلامية، وتشخيصه أنّ الغربيين المستعمرين هم ألد أعداء العرب والمسلمين، أفتى بتأييد الدولة العثمانية في حربها.

لقد كان الإمام السيد محسن الأمين رائد الوحدة الحقيقية، فلم تثنه الإغراءات والعطاءات الفرنسية عن هدفه، فكانت كلمته في جميع مواقفه منطلقة من “إنّما المؤمنون أخوة”، وكان داعية حوار بين المسلمين، ولكن بشرط الانفتاح على أطروحة الآخر ودراستها من مصادرها الأصلية، بعيداً عن كل الخرافات والكذب والتزوير، وإذا ما حصل الخلاف فالقرآن هو الحكم “فإن تنازعتم في شيء فردّوه إلى الله والرسول”.

كذلك شكل سكنه في حي الخراب (الأمين حالياً) مع ما يجاوره من الأحياء هي في الواقع عبارة عن تجمع الأقليات الإثنية في الشام، فحارة اليهود إلى جنب حارة الشيعة إلى جانب حارة المسيحيين على اختلاف تنوعهم الى جانب الأكثرية السنية من أهل الشام، هذا الاختلاط كان أحد عوامل بروز شخصيته المتميزة. إذ مارس سماحة الإسلام وعفويته الحقة في التعامل مع الأخرين ممن يخالفونه في العقيدة بل تعامل من منطلق الأخوة في الإنسانية فشارك الجميع هموم الحياة والمسرات والأفراح ودمج جماعته بمحيطهم على أنه أمرٌ طبيعي دونما تلك النظرة الغبية إلى الأمور وصيّر التباين عنصر غنىً وثراء، وهكذا كان، فحاز على إعجاب وإحترام الجميع وتقديرهم. ويبدو أن السيد محسن كان مهتماً بشؤون المسلمين في كل مكان.

مقاومة الاستعمار الفرنسي

ما أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها وأصبحت دمشق تحت الانتداب الفرنسي حتى بدأت معركته الأولى وجهاده الأكبر مع حكومات الاحتلال الفرنسي التي كانت تدعوه إلى قبول مبدأ الطائفية في سوريا وشق عصا المسلمين إلى شطرين مهددة تارة، وملوّحة بالمال والمناصب الرفيعة تارة أخرى.

ولكن السيد الأمين وقف بقوّة إلى جانب علماء دمشق ضد قانون الطوائف الذي وضعه الانتداب الفرنسي، الذي حاول فيه التفريق بين السنة والشيعة، وأرسل مذكرة احتجاجية للمندوب الفرنسي يرفض هذا القانون بقوله: “بصفتي المرجع الروحي للمسلمين الشيعة في سوريا وفي لبنان، أحتجُّ على هذا القانون، وأحتج على هذه التفرقة بين المسلمين، لأننا أمةً واحدة وعلى دينٍ واحد، فلا نسمح لكم بأن تفرقوا بين السنة والشيعة، لأننا في قضايانا الإسلامية نمثل فريقاً واحداً”، ما اضطرّ السلطة الفرنسية إلى إلغاء هذا القانون.

ولكن المحاولات الفرنسية الرامية إلى إيقاع الفتنة لم تتوقف، فحاولوا اجتذابه من طريقٍ آخر، عبر تأسيس مجلس ملّي للشيعة، عيّنوا فيه الأمين رئيساً لعلماء الشيعة في سوريا ولبنان، وجاءه المندوب الفرنسي بالكتاب، فرفض هذا العرض بقوله: “هذا أمرٌ لا أخط فيه بقلم، ولا أنطق فيه بنعم، ولا أتحرك فيه”، وعندما عاتبه بعض الناس على رفضه هذا العرض، باعتبار أنه يشكل كياناً مستقلاً للشيعة ومجلساً ملياً خاصاً بهم، ردّ عليهم بقوله: “إنهم يريدون أن يكيدوا للإسلام والمسلمين بهذا النوع من التفريق في الموقع الرسمي بين السنّة والشيعة، نحن مسلمون ولنا ما للمسلمين كلهم، وعلينا ما عليهم كلهم”.

عندما عرض عليه راتب كبير من المال ودار للسكن وسيارة من قِبَل المندوب السامي، لم تلن له قناة ولم يغري المال تلك النفس الكبيرة التي عرفت أن سرّ العظمة في العطاء لا في الأخذ، وكيف يستطيع المنصب الديني الكبير الذي لوّح به المفوّض السامي الفرنسي أن يثنيه عن هدفه الذي نشأ وترعرع عليه، فكانت كلمته في جميع مواقفه (إنما المؤمنون أخوة) إضافةً إلى الاستنكار والرفض وكان ردّه حاسماً: “إنني موظف عند الخالق، ومن كان كذلك، لا يمكنه أن يكون موظفاً عند المفوّض السامي يأتمر بأمره ويتحرك بإشارته”.

وفي عهد الاستقلال أصدرت الحكومة السورية قراراً بتوزيع مقاعد المجلس النيابي على الطوائف، فقدم كتاباً للحكومة يقرّر فيه أن الشيعة يعدون المسلمين طائفةً واحدة، وتقديراً لفضله أمرت الحكومة بإطلاق إسمه على المحلة التي يقطنها الشيعة في دمشق، بدلاً من اسم الخراب الذي كانت تعرف به، فأصبحت هذه المحلة تُعرف بمحلة الأمين.

السيد محسن الأمين من قادة الثورة السورية

يُعد السيد محسن الأمين من أبرز قادة الثورة السورية ضد المحتل الفرنسي، ففي تاريخ سوريا كانت هناك ثورتان: الأولى مسلحة والثانية بيضاء، وهي نوع من العصيان المدني، وكانت باقتراح منه وانطلقت من بيته بوجود رجال العلم، وكانت بدايتها مقاطعة لشركة الكهرباء الأجنبية، ولمّا لم تكن المقاطعة كما يجب، جمع سماحته قادة الفكر الوطني والحركة الوطنية وتدارسوا في موضوع هذه الشركة، واقترح سماحته بأن تكون المقاطعة شاملة لا أن تكون محصورة بشركة الكهرباء فقط، أي أنّ تتحول إلى حركة عصيان مدني تشمل سوريا كلها ويشمل ذلك إغلاق المحلات التجارية، واشترط لوقف العصيان تراجع السلطات الفرنسية عن الأحكام العرفية. ونجح الإضراب، وعاشت مناطق سوريا كلها إضراباً مدة خمسة وأربعين يوماً، وقد سمي ذاك الإضراب بالأربعيني وبعضهم يسميه بالإضراب الخمسيني.

مواقف السيد محسن من قضية فلسطين

كان للقضية الفلسطينية حيّزٌ كبير في نشاط السيد الأمين وفي مواقفه، وهذا ما عبّر عنه في البيانات الصادرة عنه بمناسبة يوم فلسطين، يلفت فيها إلى مكانة القدس في حياة الأمة، ويذكّر بهجمات الغرب عليها، وكيف فشلت مخططاته في السيطرة الأبدية عليها، وبأنها ستبقى محافظة على هويتها العربية الإسلامية، كما إنه نبّه إلى مخاطر وقوع فلسطين في قبضة الصهاينة، وما يلاقيه أهلها من “محنة وبلاء، وهدم وتدمير”، فدعا إلى “نصرة أهلها الذين بذلوا الجليل العظيم، وأنّ لا يبخل عليهم بالقليل”.

من آثاره

ألَّف السيد محسن الأمين ما يزيد على 120 مجلدًا، أكثرها مطبوع، وبعضها طبع مرارًا، وأكثرها لا ينقص عن 500 صفحة، وجملة منها لم يؤلَّف في معناها، وبعض هذه المؤلفات منظوم وبعضها منثور.

وقد تناولت مؤلفاته علومًا مختلفة كالتاريخ والحديث والمنطق وأصول الدين والفقه وأصول الفقه والنحو والصرف والبيان، إضافة إلى النقد والردود والرحلات.

ويعتبر أهمها كتاب أعيان الشيعة، والكتاب موسوعة كبيرة تشتمل على ترجمة حياة مفاخر علماء الشيعة ورجالها الكبار. وهذا الكتاب موسوعة كبيرة تناول من خلالها ترجمة حياة الشخصيات الشيعية الكبيرة من صدر الإسلام إلى فترة حياة المؤلف، وتضمن ترجمة لأحوال الصحابة والتابعين ورجال كل فن حيث تطرّق إلى الرواة والمحدثين والقرآء والمفسرين والفقهاء والحكماء والمتكلمين والوعاظ والشعراء وكذا علماء اللغة والصرف والنحو والبيان والمنطق والرياضيات والطب والنجوم وحتى الملوك والوزراء.هذا كما يتضمن عشرة أجزاء رحلية كبيرة، ويتطرق المؤلف في الجزء الأول وقسم من الجزء الثاني إلى مقدمة وترجمة لحياة النبي الأكرم (ص)، والسيدة فاطمة الزهراء (ع) وبقية أئمة الشيعة (ع)، ثم يتناول من أواسط الجزء الثاني إلى نهاية الجزء العاشر ترجمة حياة الشخصيات الشيعية. ومصنف “أعيان الشيعة”، عملٌ موسوعيُ لا نظير له، وضع السيدَ في مصاف أكابر المؤلفين العلماء، وقد اختزلَ هذا المؤلف، من عمره وجهده، ثلاثين عاماً في التعقب والمراجعة، فكان الثمرُ ناضحا والجنيُ رائعا.

وفاته

كانت وفاته في 30/3/1952م، وقد حضرت تشييع جنازته مواكب حاشدة من الشخصيات ومختلف طبقات الشعب، فدفن بجوار السيدة زينب(ع) إلى جانب دواته وأقلامه، وقد أقيمت المآتم ومجالس الفاتحة على روحه في مختلف العواصم والمدن العربية والإسلامية، ورَثَاهُ الشعراء بقصائد وكلمات خلّدت ذكراه.

ختاماً لم تعرف بلاد الشام مصلحاً كالإمام السيد محسن الأمين ، فهو لم يكن مرجعاً دينياً مسلماً شيعياً فحسب ولا عالماً فاضلاً ولا رجل فقه وفتوى، ولا صاحب فضيلة وأخلاق عالية رفيعة المستوى، ولا كاتباً ومؤلفاً ومحققاً، ولا عبقرياً مبتكراً مثقفاً فذاً،لا لغوياً متخصصاً حافظاً ولا مؤرخاً مدققاً متبحراً، ولا زاهداً عرفانياً روحانياً، بل كان وإلى جانب كل هذه الشمائل والخصال ظاهرة وطنية جامعة، وقائداً ثورياً ملهماً قارع الاستعمار وقاوم الاحتلال فصنع الاستقلال.