رئیس منظمة نهضة محو الأمية في إيران الأستاذ عبدالرضا فولادوند للوفاق:

تجربتنا إنموذجٌ للعالم.. محو أُمية 11 مليون إيراني ومليون لاجئ

خاص الوفاق : السياسة المزدوجة للمنظمات الدولية في التعامل مع اللاجئين يسبب الضغط على الشعب الإيراني ويحرم اللاجئين والمهاجرين من الخدمات التعليمية الجيدة

2024-12-28
محمد حسين اميدى

 

أصدر الإمام الخميني(قدس) بعد أحد عشر شهراً من انتصار الثورة الإسلامية، في 7 دي من عام 1358 هجري شمسي، الموافق 28 دیسمبر/ كانون الأول 1979، أمر تشكيل نهضة محو الأمية. وقد تم تسجيل تاريخ صدور أمر تأسيسسها، كـ ”يوم نهضة وطني لمحو الأمية” في التقويم الإيراني. والآن بعد مرور 45 عاماً على تأسيسها، يعتقد البعض أن عمرها قد انتهى ولم يعد هناك حاجة إليها. ولكن، هل عملها هو لفترة محددة أم يجب أن يستمر؟ يشدد آخرون، بالإشارة إلى التجارب الناجحة لها، على ضرورة استمرار هذا الطريق. بالتزامن مع الذكرى الخامسة والأربعين لصدور أمر تأسيسها والذي يصادف اليوم، أجرت صحيفة الوفاق مقابلة مع معاون وزیر التربية والتعلیم في الجمهوریة الإسلامية ورئیس منظمة نهضة محو الأمية الأستاذ عبدالرضا فولادوند، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

١١ مليون إيراني ومليون لاجئ أصبحوا متعلمين 

يؤكد الأستاذ فولادوند:”  لقد أنجزنا العديد من الأعمال على مدار الـ ٤٥ عامًا الماضية، وحققنا العديد من الإنجازات على المستوى الدولي، إذ حصلنا على ست جوائز في مختلف المؤتمرات الدولية تقديراً لتقدمنا في مجال محو الأمية، كما حققنا إنجازات كبيرة على المستوى الوطني؛ قمنا بتعليم ١١ مليون شخص في الـ ٤٥ عامًا الماضية وأعطينا شهادات للمتعلمين. كانت نسبة التعليم لدينا قبل الثورة، أي في عام ١٩٧٦، فقط ٤٧،٥ في المائة، والآن وصلت إلى حوالي ٩٧ في المائة. عند مقارنة مستوى تعليم النساء قبل الثورة، نلاحظ أن هناك نموًا يبلغ مرتين ونصف، تمكنا في هذه الفترة من إقامة صفوف لمحو الأمية في السجون والمراكز الإصلاحية في البلاد، وقمنا بتعليم حوالي ٨٠٠ ألف سجين، كما علّمنا العديد من الجنود الأميين في المعسكرات”.

 

ويشير الأستاذ فولادوند:” كما أننا في مجال اللاجئین الأجانب، قمنا بتدريب أکثر من 920 ألف شخص من الجنسية الأفغانية والعراقية، وقدمنا المهارات الخاصة حول طرق ووسائل محو الأمية لهؤلاء الأعزاء. على مدى السنوات القليلة الماضية، كنا نشطين أيضًا خارج إيران، على سبيل المثال في سوريا، حاولنا تطوير وسائل التعلیم، وفي المجال المتعلق بقوى المقاومة مثل “الفاطميون”، قمنا بتدريب حوالي 1500 شخص. قبل بضع سنوات، وفي السياق نفسه أقمنا دورات تدريبية في أفغانستان، وتعاونا في هذا المجال مع محور المقاومة.”

 

فيما يتعلق باستمرارية مؤسسات مثل لجنة إمداد الإمام الخميني (قدس) التي ذكرت أنها انطلقت بالتزامن مع نهضة محو الأمية، والمشابهة لها في دول أخرى، يجب أن نلاحظ أن الفرق بين نهضة محو الأمية وغيرها من المؤسسات هو أنها تُعتبر مؤسسة ثقافية، في حين أن الجزء الأكبر من المؤسسات التي أصدر الإمام (قدس) بتأسيسها في بداية الثورة كانت مؤسسات خدمية. ولكن بما أن المؤسسة الثقافية يجب أن تمتلك أسسًا ثقافية خاصة بها، استطعنا عبر استخدام تلك الأسس القيام بأعمال مهمة جدًا يُعتبر بعضها إنجازات دولية بالنسبة لنا، بالإضافة إلى ما هو وطني كما ذكرت سابقًا. يجب أن نأخذ في الاعتبار أنه عندما أصدر الإمام(قدس) قرار تأسيس نهضة محو الأمية، شن نظام صدام البائد الحرب على إيران والتي استمرت ثماني سنوات، وهي بدون شك أثرت على تلك المؤسسة سلباً، لكنها ظلت ثابتة في عملها.

 

محو الأمية لا يقتصر على القراءة والكتابة فقط

 

يعتقد الأستاذ فولادوند:” أن محو الأمية لا يقتصر على القراءة والكتابة فقط، بل هو اكتساب المهارات الفردية والإجتماعية التي يمكن أن تسهل حياتنا، وتعتبر مهارات أسلوب الحياة هي اجتياز تعقيدات الحياة.
لمحو الأمية تعريفات متعددة ومتنوعة، وتعليم مهارات أسلوب الحياة على مستوى العالم هو تعليم معترف به، فالتعليم ليس مجرد تعليم القراءة والكتابة، بل هو تعليم أسلوب الحياة، وهو تعليم يتعين علينا إكتسابه وفقًا لاحتياجاتنا. على سبيل المثال، عندما يصل الفرد إلى سن التقاعد ويدخل مرحلة جديدة من حياته، يجب عليه تلقى التعليمات الخاصة بفترة التقاعد ليتمكن من الاستمتاع بهذه المرحلة والتعامل مع التحديات الخاصة بها، ولا يمكن أن تساعده القراءة والكتابة وحدها في حل مشكلاته.

 

الآن هناك أشخاص يسعون إلى حلّ منظمة نهضة محو الأمية، ويعتقدون أن مهمة عملها تنحصر فقط في تعليم القراءة والكتابة، والتي انتهت بالفعل، ولكن انظروا إلى تأكيدات الإمام الخميني (قدس) وسماحة الامام آية الله العظمى السيد علي الخامنئي، فهم لم يتحدثوا فقط عن القراءة والكتابة، بل أكدا على غذاء الروح والعقل، وإذا ذكرا في مكانٍ ما القراءة والكتابة ، فقد كانت بالنسبة لهما أداة للوصول إلى الأهداف السامية.

 

 تجربة إيران في محو الأمية إنموذج للعالم

 

يشير رئیس منظمة نهضة محو الأمية في إيران:” نحن الآن في مرحلة الدخول إلى المرحلة التالية، إذا نجحنا وكانت جميع المعطيات متوفرة، سندخل في تعليم مهارات أسلوب الحياة لتلبية إحتياجات اليوم للسكان المستهدفين. لهذا الغرض، نقوم بخطوتين حتى نتمكن من تحقيق أهدافنا وأن نكون نموذجًا في العالم. أولاً، سنجمع وننظم التاريخ الشفهي لمعلوماتنا وتجاربنا في مجالات التعليم على مدى 45 عامًا بالتعاون مع المركز الوطني للوثائق، وقد بدأ هذا العمل مؤخرًا، ويمكن أن يشكل التوثيق مصدرًا جيدًا لدخول المرحلة التالية من نهضة محو الأمية المتعلقة بالإثني عشرة مهارة، ويمكن أن تكون مفيدة أيضًا لدول أخرى. والخطوة الثانية  دراسة وتقييم أداء الدول الأخرى، فعلينا الإطلاع على  كيفية تقدم الدول الأخرى في مجال مكافحة الأمية، فإذا قارنّا مع دولة مثل كوبا، والتي مرت بثورة، فنرى أنهم قاموا بحشد لمحو الأمية في فترة معينة وأعتقد أنه استغرق أكثر من 10 سنوات حتى دخلوا في المراحل التالية، لكن إنتقالنا من خطوةٍ إلى أخرى، للأسف، استغرق وقتًا طويلاً.

 

السياسة المزدوجة للمنظمات الدولية في التعامل مع اللاجئين

 

يعتبر معاون وزیر التربية والتعلیم في الجمهوریة الإسلامية: “أحد أسباب التأخير في البرامج هو عدم دعم إيران من قبل المنظمات الدولية من الناحية المالية، مما يزيد من تفاقم الوضع. اليونسكو لا تقدم فعلاً مساعدة مهمة لنا، نحن نقدم التعليم لعدد كبير من المهاجرين، ولكن دعم قليل يقدم لإيران. نحن نتحمل تكاليف تعليم الطلاب الأجانب من حصة الطالب في بلدنا، ولا  ننزعج من ذلك، لأن سماحة الامام آية الله السيد علي الخامنئي، قائد هذه الأمة یأمرنا بذلك، لكن المجتمع الدولي يتبع سياسة مزدوجة؛ إنظروا كيف تخدم المنظمات الدولية اللاجئين من الحرب الأوكرانية أو اللاجئين من الحرب السورية، وقارنوهم باللاجئين الذين دخلوا بلدنا، وراقبوا كيف يتم التعامل معهم. مثلاً في تركيا، غطت الأمم المتحدة حوالي 400 ألف طالب سوري، لكن في إيران، تم دفع 1% فقط من تكلفة طلاب اللاجئين. تقوم الجمهورية الإسلامية بكل إخلاص وفخر بتعليمهم وتظهر سلوك حسن الجوار، لكن للأسف، لا تولي المنظمات الدولية إهتماماً لذلك وتوزع مساعداتها بشكل متحيز، مما يسبب الضغط على الشعب الإيراني وكذلك يحرم اللاجئين والمهاجرين الأفغان وغيرهم.

 

المصدر: الوفاق/ خاص