الخبير التربوي السياسي اللبناني الدكتور ماجد جابر للوفاق:

الذكاء الاصطناعي عدوٌ للتعليم في ظل هيمنة ثقافية رقمية غربية

خاص الوفاق: توحيد المناهج في ظل هيمنة رقمية غربية دون مراعاة للتعددية تنتج أنطمة تعليمية تقدم رؤى ضيقة لا تعكس تنوع الثاقافات والهويات.

2025-01-06

عبير شمص

 

في عصرٍ تسوده التغيرات التكنولوجية السريعة، يتصدر الذكاء الاصطناعي قائمة النقاشات الجدلية حول مستقبل التعليم والتربية على الصعيدين العلمي والمجتمعي بين وعودٍ بخلق مستقبلٍ أكثر تقدماً وسلاسة، ومخاوفَ من التأثير السلبي على أسس التعليم، والهوية، والثقافة. يُعتبر الذكاء الاصطناعي، بقدر ما يثير من آمال وتطلعات، مصدراً للقلق والأسئلة العميقة حول كيفية تأثيره على الإبداع والحرية الفكرية. من هنا، يطرح الخبراء تساؤلات محورية: هل يُعتبر الذكاء الاصطناعي صديقًا يسهم في تحسين العملية التعليمية وتعزيز فرص التعلم والتفاعل، أم عدوًا يهدد بجعل التعلم ذاتيًا وبعيدًا عن دور المعلم، يهدد القيم التربوية والإبداع؟ وفي إطار هذا الحوار، نستكشف التحديات التي يواجهها التعليم في ظل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرته على احترام الاختلافات الثقافية والدينية في ظلّ تنامي العولمة الرقمية، وتأثير ذلك على الهوية العربية والإسلامية،هذه التساؤلات وغيرها سنطرحها مع الخبير التربوي والسياسي اللبناني الدكتور ماجد جابر، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

الذكاء الاصطناعي والتربية والتعليم
قال الدكتور ماجد جابر:” واقع الذكاء الاصطناعي  يشهد في مجال التربية والتعليم تطورًا متسارعًا على مستوى العالم حيث تبرز التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي كأداة هامة لتحسين وتطوير العملية التعليمية، مما يجعل التعليم أكثر تفاعلية ومتعة. ويتجلى هذا الواقع عبر استخدام تطبيقات وتقنيات الذكاء الاصطناعي في تحسين التجربة التعليمية عبر تعزيز تفاعل الطلاب مع المحتوى التعليمي عبر تكنولوجيا الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR)، وكذلك في إتاحة التعلم المخصص والفردي للتلامذة عبر تصميم تجارب تعليمية تلبي احتياجات كل منهم على حدة، لتعزيز مهاراتهم واستيعابهم. كما تلعب تقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي دورًا إسهاميًا في إدارة المعرفة، عبر تسهيل توليد وتخزين ومشاركة المعرفة بين المعلمين والطلاب، وفي دعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة لمساعدتهم على التعلم والاندماج في البيئة التعليمية. وفي بعض الدول المتقدمة، بات الذكاء الاصطناعي يُستخدم كمدرس افتراضي أو مساعد تعليمي من خلال تقنيات محددة مثل روبوتات المحادثة (Chatbots)، والأنظمة الذكية  التي توفّر الدعم والإجابة على استفسارات الطلاب على مدار الساعة، مما يُخفف العبء على المعلمين، ويعزز من التعلم الذاتي وأسلوب التعلم عن بعد. هذا وقد أحرز الذكاء الاصطناعي تطورًا لافتا في مجال أنظمة التقييمات الذكية التي تتيح تحليل أداء الطلاب بشكل دقيق تظهر نقاط القوة والضعف، ما يسمح للمعلمين بتوفير الدعم المستهدف والفردي لكل طالب، وكذلك في تطبيقات المساعدة التعليمية، التي تساعد الطلاب في الحصول على معلومات سريعة وحل المشكلات التعليمية بشكلٍ فوري. كما بدأ العديد من الدول تطوير وتحسين مناهجها عبر الذكاء الاصطناعي واستقراء وتحليل البيانات الخاصة بسلوك الطلاب (مثل الأداء الأكاديمي ومستوى الاستيعاب) وتحليل الأنماط التعليمية، وذلك لتصميم مسارات تعليمية تناسب احتياجاتهم الفردية وتحسين جودة التعليم، وجعل المناهج أكثر ملاءمة لاحتياجات الطلاب ومتطلبات سوق العمل عبر تقديم توجيه أكاديمي شخصي لهم. هذا فضلًا عن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الموارد اللازمة للتدريب والتطوير المهني للمعلمين، حيث يمكن للذكاء الإصطناعي تقديم محتوى تعليمي متطور وحديث في مجال التدريس، وفي ابتكار أساليب تعليمية جديدة مثل التعلم التفاعلي، التعلم المعتمد على المشاريع، والتعلم المدمج، إلى جانب استخدامه في إدارة العملية التعليمية  عبر أتمتة المهام الإدارية، مثل إدارة الجداول الدراسية، وتقييم الطلاب، وتصحيح الاختبارات. وتسجيل الطلاب وإدارة المواعيد”. 

عربياً… في طور النمو

 

يشير الدكتور جابر: “أن مستوى الدول العربية، في مجال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم يمر بمرحلة النمو والتطور، وفي مراحله الأولى، خصوصًا أن المدارس والجامعات في غالبية الدول العربية  تفتقر إلى البنية التحتية التكنولوجية اللازمة، مثل الإنترنت السريع وأجهزة الحاسوب الحديثة، إلى جانب أن النسبة الأكبر من التطبيقات لا تحاكي اللغة العربية، وتنحصر في لغات أخرى فقط، مما يجعل تطبيق الذكاء الاصطناعي محدوداً، أو يكاد يكون معدومًا في بعض الدول، دون أن ينفي ذلك وجود جهود متزايدة لاعتماده في تحسين جودة التعليم وتطوير المناهج، ولكن مع وجود تفاوت كبير في مستوى التقدم بين دولة عربية وأخرى. وتتجلى استخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم في الدول العربية عبر استخدام منصات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم تجربة تعليمية مخصصة للطلاب، وفي استخدام روبوتات الدردشة التفاعلية لتحسن المحتوى التعليمي، وتعزيز التعلم الذاتي، خاصة في المجالات العلمية واللغوية، وكذلك في أتمتة تقييم الامتحانات وتصحيحها، وإدارة بيانات الطلاب، وفي انتاج محتويات رقمية ( صور – فيديوهات – عروض – نصوص-….) لتحسين العلمية التعليمية التعلمية”.

 

 الذكاء الاصطناعي صديق ام عدو؟

 

يشير الدكتور جابر إلى أن:” الذكاء الاصطناعي ليس في حد ذاته صديقاً أو عدواً، بل يعتمد دوره على الطريقة التي يتم فيها استخدامه. إذا تم تطبيقه بحكمة وبشكل مدروس، يمكن أن يكون صديقاً قوياً للتعليم، يدعم الطلاب والمعلمين ويعزز العملية التعليمية. أما إذا أُسيء استخدامه أو تم الاعتماد عليه بشكل مفرط دون مراعاة الجوانب الإنسانية والثقافية، فقد يتحول إلى عدو يضعف التعليم ويزيد من التحديات القائمة”،

 

الذكاء الاصطناعي كصديق للتعليم

 

يؤكد الدكتور جابر بأنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دوره كصديق للتعليم  عبر قدرته على تحسين تجربة التعلم وتخصيص عملية التعلم لكل طالب، حيث يحدد نقاط القوة والضعف لكل متعلم، ومن ثم اقتراح خطط تعليمية مخصصة، ومسارات تعليمية تناسب مستواه، وتقديم توصيات وأنشطة تعليمية تتماشى مع احتياجاته، وتساعده على التعلم بالوتيرة التي تناسبه، وتعزز التعلم الذاتي لديه.  ويبرز دوره كصديق أيضًا من خلال تعزيز الوصول إلى التعليم وإتاحته للجميع وتقليص الفجوات التعلمية عبر تقديم محتوى تعليمي عالي الجودة في المناطق النائية، أو التي تعاني من نقص في المعلمين وفي المنصات التعليمية، هذا فضلاً عن مساعدته المعلمين في أتمتة المهام الروتينية مثل تصحيح الاختبارات وتحليل أداء الطلاب ونتائجهم، وإعداد خطط دراسية، وإعداد التقارير وتطوير المحتوى التعليمي، وصناعة المحتوى الرقمي بأقل وقت وأفضل الجودة، الأمر الذي يتيح للمعلم التركيز على التدريس والتفاعل مع الطلاب، ويمنحه وقتاً أكبر للتركيز على الجوانب الإبداعية والتفاعلية في التعليم بدلاً من الأمور الإدارية. ويعد الذكاء الاصطناعي صديقًا كبيرًا من خلال تقديمة حلولاً مبتكرة لدعم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، مثل تطبيقات تساعد على تحسين النطق، أو أدوات تعلم باللمس والصوت واستخدم تقنية الإدراك البصري لتحويل النصوص إلى صوت للأشخاص المكفوفين، هذا إلى جانب إمكانية توفيره أدوات تعليمية مبتكرة تجعل التعلم مستمرًا مدى الحياة، وفي تعليم  المهارات المستقبلية للتلامذة  عبر إعدادهم لسوق العمل الحديث، عبر تعليمهم البرمجة، التفكير النقدي، والمهارات التكنولوجية والرقمية ، وتحليل البيانات وحل المشكلات باستخدام الأدوات الذكية، فضلًا عن توفيره محتوى تعليمي مبتكر عبر إنشاء بيئات تعليمية تفاعلية مثل محاكاة مختبرات العلوم لتجارب افتراضية،. وتعليم اللغات من خلال روبوتات المحادثة chatbots، أضف الى ذلك دوره الإيجابي في تقليل الفجوات  اللغوية من خلال الترجمة الفورية ، حيث  يمكن للذكاء الاصطناعي أن يجعل التعليم أكثر شمولية للجميع.

 

الذكاء الاصطناعي كعدو للتعليم

 

في المقابل، قد يكون الذكاء  عدو للتعليم و للتلميذ اذا لم يتم حسن استخدامه ، وتم الاعتماد عليه بشكلٍ كلي، وفق الدكتور جابر الذي يؤكد أن هذا الأمر سيكون كفيلًا  بفقدان  أو تقليل التفاعل الإنساني، وهو عنصر أساسي في بناء الشخصية وتطوير المهارات الاجتماعية والعاطفية لدى التلامذة.، و كذلك في تقليص مساحة الإبداع والتفكير  النقدي الحر، حيث يعتمد الطلاب على الحلول الجاهزة بدلاً من التفكير بأنفسهم،  وكذلك في تقليص أهمية المعلم البشري وتقليل دوره ، ما يُضعف دور القيم الإنسانية التي يتم غرسها في العملية التعليمية التقليدية .وتبرز أيضا مخاوف انتهاك  الخصوصية والأمان  من خلال  هذا الاستخدام ، حيث ان  البيانات الشخصية للطلاب، والمجمعة  عبر الذكاء الاصطناعي لتحليل الأداء التعليمي،  قد يتم استخدامها  بشكل غير مسؤول  وقد تشكل خطرًا على التلميذ، أو تعرضها للقرصنة و الاستغلال التجاري. ومن الأمور التي تسجل على الذكاء الاصطناعي بشكل سلبي هو ان اعتماد دول معينة بشكل واسع ومتطور، قد يؤدي إلى فرض منهجيات تعليمية وثقافات موحدة لا تُراعي الخصوصيات الثقافية والدينية للبلدان المختلفة، مما يُهدد التنوع الثقافي، فضلا عن خطر توسيع   الفجوة التعليمية   والتفاوت في الفرص بين الطلاب الذين لديهم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة وأولئك الذين لا يملكونها. ومن الأمور التي قد تشكل خطرًا على التلميذ العربي تحديدًا، أن معظم التطبيقات تعتمد على اللغات الأجنبية، مما قد يؤدي إلى تهميش اللغة العربية والثقافة المحلية إذا لم يتم تطوير محتويات تعليمية تلائم الهوية العربية”.

 

هيمنة ثقافية تربوية غربية

 

فيما يتعلق بوضع برنامج تربوي موحد لا يراعي الاختلافات الدينية والثقافية، يقول الدكتور جابر:” هناك مخاوف حقيقية من أن برامج الذكاء الاصطناعي، قد تساهم في تقديم برامج تربوية موحدة لا تراعي هذه الاختلافات، والتي قد ينجم عنها فقدان الهوية الثقافية والدينية أمام النماذج العالمية المصممة من دول معينة لفرض الثقافة الغربية على المجتمعات الأخرى، مما يُحدث نوعًا من “الهيمنة الثقافية الرقمية”، وبالتالي رفض المجتمعات الأخرى للتقنيات الجديدة باعتبارها تهديدًا لهوياتهم وثقافاتهم، وإقصاء الطلاب من التعليم في حال كانت البرامج التعليمية غير متوافقة مع القيم المحلية، إذ قد يشعر الطلاب بعدم الانتماء، مما يؤثر على دافعيتهم واستيعابهم. لكن هذه المخاوف ليست حتمية، وتعتمد بشكل كبير على الطريقة التي يتم بها تصميم وتطبيق الأنظمة الذكية. ويمكن أن نعزو الأسباب التي تؤدي إلى توحيد المناهج  عبر برامج الذكاء الاصطناعي إلى طبيعة الذكاء الاصطناعي العالمية، إذ يتم تطوير هذه البرامج غالبًا في دول غربية أو مؤسسات عالمية تعتمد قيمًا وأطرًا ثقافية معينة. إذا تم اعتماد هذه البرامج دون تخصيصها لتلبية احتياجات المجتمعات المتنوعة، قد تفرض رؤى أو مناهج تعليمية موحدة لا تراعي التنوع الديني والثقافي. كما أن اعتماد الذكاء الاصطناعي على مصادر بيانات عالمية يتعلم منها، ويتدرب عليها، قد يؤدي إلى توحيد المناهج إذا كانت هذه البيانات تعكس ثقافة أو قيمًا معينة دون مراعاة للتعددية، فقد تُنتج أنظمة تعليمية تقدم رؤى ضيقة لا تعكس تنوع الثقافات والهويات، هذا فضلًا عن ضغوط العولمة لتبني مناهج وبرامج تعليمية متشابهة عالميًا لتلبية متطلبات سوق العمل الدولي، مما يؤدي إلى تهميش الخصوصيات الثقافية والدينية لصالح برامج موحدة. أضف إلى ما تقدم، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قد تركز على تقديم حلول تعليمية سريعة وفعالة، لكنها قد تهمل التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالثقافات المحلية والقيم المجتمعية، أي أنها تركز على الكفاءة على حساب التنوع، إلى جانب أن الذكاء الاصطناعي يعتمد بشكل كبير على الإنجليزية كلغة أساسية في تطوير المحتوى الرقمي، وهذا قد يضع اللغات الأخرى في موقف ضعف، ويعزز اللغة والثقافة الإنجليزية عالميًا.”

 

في المقابل أيضاً، يُرجح الدكتور جابر أنه:” في حال تم تطوير الذكاء الاصطناعي بشكلٍ كبير، أن يكون مرنًا لتلبية الفروقات الثقافية والدينية والتعددية المجتمعية عبر تصميم أنظمة تخصصية تأخذ في الاعتبار الخلفيات الدينية والثقافية عند تصميم البرامج التعليمية، مما يجعلها أكثر ملاءمة للبيئات المختلفة، بحيث يمكن على سبيل المثال توفير برامج تعليمية متوافقة مع القيم الإسلامية في المجتمعات الإسلامية، وبرامج أخرى تناسب المجتمعات ذات القيم الليبرالية أو العلمانية. كما أن انتشار البرامج ونجاحها الفعّال يحتاج إلى الأخذ بعين الاعتبار السياق الاجتماعي والثقافي للمتعلمين والمستخدمين. فإذا تجاهلت برامج الذكاء الاصطناعي ذلك، فإنها ستفشل في تحقيق أهدافها التعليمية والتجارية، ولكن كل ذلك يحتاج جهود كبيرة لتحقيقه خصوصاً أن النجاح في هذا المجال يعتمد على توازن دقيق بين توحيد المعايير العالمية والحفاظ على الخصوصية الثقافية والدينية لكل مجتمع، خصوصًا في ظل المنافسة بين القوى العالمية التي لم تعد تقتصر على الجانب التقني فقط، بل تمتد إلى المجال الثقافي. الصين، على سبيل المثال، تعمل على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تعكس هويتها الثقافية، مما يحد من سيطرة الثقافة الغربية على مجتمعها. وإذا لم ينجح الأمر في تلبية الفروقات الثقافية والدينية، فربما ينتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي نموذج تعليمي “هجين”، يتضمن إطار عالمي مشترك يتضمن مهارات عالمية موحدة مثل التفكير النقدي، التكنولوجيا، والعلوم الأساسية، ومحتوى محلي مخصص يتكون من مواد تعليمية تُراعي القيم الثقافية، التاريخية، والدينية لكل مجتمع.، إضافة إلى توفير تكنولوجيا مرنة من خلال أنظمة تقدم محتوى متنوعًا بناءً على الخصوصيات المحلية، مع تمكين المجتمعات من تخصيص التجربة التعليمية”.

 

 التعلم ذاتي بدون معلم 

 

يعتقد الدكتور جابر بأن  الذكاء الاصطناعي  يوفر أدوات قوية للتعلم الذاتي، ما يسمح للطلاب بالتعلم بشكل مستقل وبوتيرة تتناسب مع احتياجاتهم وبدون الحاجة إلى معلم بشري في العديد من المجالات. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم دورات تعليمية تفاعلية، ومحتوى مخصص وفقًا لاحتياجات المتعلم، ويقدم ملاحظات فورية.. كما أن العديد من منصات التعليم الإلكتروني مثل Coursera  و Khan Academy تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لاقتراح مسارات تعلم مخصصة، مما يجعل المتعلم قادرًا على التعلم بمفرده وبوتيرة تناسبه.

 

علاوةً على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم منصات تعليمية ذكية حيث يتفاعل المتعلم مع النظام، ويتلقى استجابات بناءً على أسئلته، وتصحيحات لأخطائه، مما يعزز تجربة التعلم الذاتي. مثال على ذلك روبوتات الدردشة مثل ChatGPT التي يمكنها تقديم تفسيرات لمفاهيم صعبة أو الرد على استفسارات حول مواضيع معينة. كما أن أنظمة التعلم التكيفية الذكية يمكنها تعديل المنهج الدراسي بما يتناسب مع مستوى المتعلم، مما يساعده على التقدم في المادة بشكل متسلسل وآمن، مع تصحيح الأخطاء والتأكد من الفهم العميق.، هذا فضلًا عن أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحديد نقاط الضعف والقوة لكل طالب بناءً على أدائه، ومن ثم تقديم مواد تعليمية مخصصة له.، الأمر الذي يعزز التعلم الذاتي عند الطالب، ويجعله قادرًا على متابعة تعلمه دون الحاجة لمعلم دائمًا.

 

دور المعلم في عصر الذكاء الاصطناعي

 

لكن بالرغم من أن الذكاء الاصطناعي يوفّر فرصة قوية للتعلم الذاتي للتلميذ، وبشكلٍ مستقل، إلاّ أنّ، دور المعلم يبقى حيويًا في العديد من الجوانب التعليمية، ولن يختفي تمامًا. المعلم سيظل يحتفظ بأهمية في إرشاد الطلاب، وتوجيههم، وإعطائهم رؤى إنسانية يصعب على الآلات أن توفرها. كما أن المعلم يمكنه أن يُحفز الطلاب على الإبداع والتفكير النقدي، بينما يقدم الذكاء الاصطناعي التوجيه التقني والمواد المخصصة.، هذا فضلا عن أن العملية التعليمية التعلمية تتطلب تفاعلًا إنسانيًا لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوضه بالكامل، خصوصًا في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية، الفنون، والتربية الأخلاقية والدينية، إذ يساهم المعلم بشكلٍ رئيسي في تطوير مهارات التفكير النقدي، الإبداع، والقدرة على التفكير الأخلاقي، إضافةً إلى ما سبق، يعزز المعلم الجانب العاطفي في التعليم  عبر بناء علاقات مع الطلاب ودعمهم نفسيًا، وهو شيء لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوضه بشكلٍ كامل، إلى جانب التفاعل الاجتماعي الهام الذي يوفره تواصل المعلم مع التلميذ، مما يسهم بتطوير مهاراتهم الاجتماعية ومهارات التواصل لديهم، وفق الدكتور جابر .

 

 
المصدر: الوفاق/ خاص