المقاومة صامدة.. قراءة في المشهد السوري الجديد

منذ بداية الأزمة السورية، كانت المزاعم التي تتحدث عن انتهاء المقاومة في المنطقة تُروّج بشكل مستمر، بهدف زعزعة الثقة في قدرة شعوب المنطقة على مواجهة المخططات الاستعمارية والمشاريع الصهيونية. ومع التحولات والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها هذا البلد، يبرز السؤال: هل انتهت المقاومة حقاً أم أنها صامدة في مواجهة التحديات؟

2025-01-06

المزاعم حول انتهاء المقاومة في سوريا تفتقر إلى المصداقية، حيث تتجاهل الحقائق الأساسية التي تُثبت أن المقاومة ليست مجرد حركة عابرة، بل عقيدة ومبدأ راسخ في وجدان شعوب المنطقة. المقاومة تمثل تضحيات جسيمة وقيماً متجذرة في الدفاع عن الحقوق والكرامة، وهي ترتكز على إرادة شعوب ترفض الخضوع للمشاريع الاستعمارية.

 

ما جرى في سوريا ليس تحولاً جذرياً في اتجاه الشعب السوري أو مقاومته، بل هو انقلاب مسلح مدعوم خارجياً بأجندات واضحة تسعى لتفتيت المنطقة وإضعافها. ورغم الانتقادات التي يمكن أن تُوجّه للنظام السوري، فإن ذلك لا يعني أن المقاومة قد انحسرت أو تراجعت عن دورها الأساسي.

 

للمقاومة أهمية استراتيجية في حماية المراقد والمقدسات الدينية التي تمثل رموزاً ثقافية ودينية للمنطقة. لا يمكن لأي قوة معادية أن تُجرؤ على تدنيس هذه المقدسات في ظل وجود مقاومة قوية وشجاعة تُدافع عنها بكل بسالة. المقاومة ليست مجرد دفاع عن الأرض، بل هي دفاع عن الهوية والكرامة، وهو ما يُشكّل ركيزة أساسية لاستمرارها في وجه التحديات.

 

كما أكد الإمام الخامنئي، فإن “الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يقفان خلف ما جرى في سوريا؛ لكن جبهة المقاومة قوية وستزداد قوة”. هذه الرؤية تُجسّد إيماناً عميقاً بأن المقاومة ليست قوة بالوكالة، بل حركة أصيلة تنبع من عقيدة راسخة لدى الشعوب.

 

رغم الأزمات والظروف الصعبة، يبقى الشعب السوري، خاصة شبابه، مصدر أمل وتفاؤل. في ظل غياب الأمان والاستقرار، يُتوقع ظهور فئة شريفة وقوية تُعيد صياغة المشهد وتُجدد روح المقاومة. الشباب السوري، الذي فقد الكثير، يملك دافعاً قوياً للوقوف في وجه كل من سعى لإحداث الانفلات الأمني والفوضى في بلاده.

 

المقاومة ليست خياراً عابراً، بل هي مسار طويل من النضال والتضحيات في سبيل الحرية والكرامة. الأحداث التي شهدتها سوريا، ورغم قسوتها، أثبتت أن جبهة المقاومة صامدة وماضية في مسيرتها. الولايات المتحدة وكيان الاحتلال مخطئون إذا اعتقدوا أن هذه الأحداث ستُنهي المقاومة. على العكس، ستُسهم في تعزيز قوتها وصلابتها، وغداً ستكون المنطقة أفضل وأكثر استقراراً بفضل هذه الروح المقاومة.

 

يمكن القول إنها ليست مجرد ردّ فعل على الأحداث الجارية، بل هي نهج ثابت ومشروع متكامل يُعيد صياغة معادلات القوة في المنطقة. رغم كل المحاولات لإضعافها، تظل المقاومة رمزاً للكرامة والحرية، ووجودها يُمثل سداً منيعاً أمام كل المؤامرات التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار.

 

إنّ ما حدث في سوريا كشف عن مخططات كبيرة لإعادة رسم خارطة المنطقة بما يخدم مصالح القوى الاستعمارية، إلا أن فشل هذه المخططات كان نتيجة لصمود المقاومة وإيمانها العميق بأهدافها.

 

ستظل المقاومة حاضرة، صامدة، وماضية نحو تحقيق أهدافها، وهي اليوم أقوى من أي وقت مضى.

 

المستقبل القريب سيشهد مزيداً من الانتصارات لهذه الشعوب التي آمنت بمبادئها، ووقفت في وجه كل مَن حاول تدمير أحلامها، وكما قال الإمام الخامنئي: “المقاومة ليست قوة مؤقتة، بل مشروع سيظل ينبض بالحياة، وسيكون لها الدور الأكبر في طرد القوى الاستعمارية من المنطقة”.

 

* خبير عراقي

 

المصدر: الوفاق/خاص/ سمير السعد*

الاخبار ذات الصلة