حرب إسرائيلية على الفرح الفلسطيني: الأسرى يعودون «خاوة»

 بالفرح الممزوج بالألم، بعزة المقاومة ووعدها الصادق، بكرامة الشهداء وآيات دمهم التي ترسم البوصلة، بأنّات الجرحى ودموع الثكلى والأطفال، احتضنت فلسطين أبناءها العائدين من السجون عنوةً، المظفرين نصراً؛ بعدما عادوا محرّرين بالقوة، أو كما قالها ذات يوم، مُفجّر الطوفان، «خاوة». ومنذ ساعات صباح أمس، اتجهت أنظار الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى قطاع غزة، كما كل يوم، لكن هذه المرة، مقرونةً بالدعاء والأمل بأن يدخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ليضع حداً لعمليات القتل والإبادة. وهو ما حصل فعلاً، قبل أن تبدأ المقاومة مساءً، نزولاً عند وعدها، المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى.

هكذا، عانق 90 أسيراً وأسيرة فلسطينية الحرية «خاوة» على “إسرائيل”، بعدما حرّرتهم المقاومة مقابل ثلاث أسيرات إسرائيليات. واحتشد مئات الفلسطينيين مع أهالي الأسرى في مدينة بيتونيا، غرب رام الله، لاستقبال السجناء المحرّرين من سجن عوفر الموجود في المدينة، في أعقاب دعوات أطلقتها مؤسسات الأسرى وقوى وفصائل فلسطينية، بالتنسيق مع المؤسسات في المدينة. وخلال انتظارهم لساعات طويلة في البرد القارس، رفع الفلسطينيون الأعلام الفلسطينية، مردّدين هتافات داعمة للمقاومة في جنين وغزة.

 

وكانت “إسرائيل” قد بدأت إجراءات الإفراج عن الأسرى منذ ظهر أمس، بالتنسيق مع الصليب الأحمر، إذ نقلت الأسرى من السجون إلى »عوفر»، بواسطة حافلات. وتركّزت المرحلة الأولى على الأسيرات اللواتي جرى نقلهن من سجن الدامون، الذي يوجد فيه نحو 90 أسيرة فلسطينية، علماً أنّه مخصّص لاعتقال النساء والأطفال. والجدير ذكره، أنّ القائمة المشار إليها تشمل 78 أسيراً من تلك الفئة، من سكان الضفة الغربية المحتلة، بالإضافة إلى 12 مقدسياً ومقدسية. وسبق عملية الإفراج وصول وفد من الصليب الأحمر الى سجن عوفر، حيث عمد إلى فحص الأسرى الذين أُفرج عنهم، بعدما كان قد حصل تأخير في نشر قائمة الأسرى، بسبب مماطلة الاحتلال في إرسالها إلى حركة «حماس» عبر الوسطاء، فيما عمدت الأخيرة إلى فحص الأسماء للتأكد من أنّها تتطابق مع ما تمّ الاتفاق عليه.

 

 

وبطبيعة الحال، حاولت قوات الاحتلال «تعكير» فرحة الأهالي بالنصر وتحرير أبنائهم، ولا سيما في مدينة القدس، التي كانت على موعد مع استقبال الأسرى؛ إذ اقتحمت القوات الإسرائيلية بلدة العيسوية شمال شرق المدينة وانتشرت في أزقتها، من دون أن يتم التبليغ عن اعتقالات أو مواجهات. كما داهمت عدداً من منازل الأسرى المُدرجين في القوائم المنويّ الإفراج عنهم، ومن بينهم الأسيرتان زينة بربر وأسيل عيد في حي رأس العمود، والأسير عصام أبو دياب وفهمي فروخ من بلدة سلوان، جنوب المدينة، ومنزل الأسير المقدسي فراس الواوي، في حين أصدر الاحتلال أوامر للعائلات بمنع التجمع ورفع الأعلام والاحتفالات خلال عملية التبادل. كذلك، لم تسلم بعض القرى، من مثل سنجل والمغير وجبع، جنباً إلى جنب المداخل المؤدية إلى رام الله من اعتداءات المستوطنين، الذين عمدوا أيضاً إلى مهاجمة السيارات المشاركة في استقبال الأسرى قرب بلدة جبع.

 

وفي استكمال لسيناريو الإجرام الإسرائيلي، أكّدت «هيئة شؤون الأسرى» و«نادي الأسير» استشهاد الأسير الشاب محمد ياسين خليل جبر (22 عاماً) في سجون الاحتلال، تزامناً مع بدء صفقة التبادل. وكان جبر قد اعتُقل في أعقاب بدء العدوان على قطاع غزة، في مطلع كانون الأول الماضي، بعدما قررت محكمة عوفر العسكرية تحويله إلى الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر. ومع استشهاده، يرتفع عدد الشهداء بين الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال، منذ تشرين الأول 2023، إلى 56 شهيداً، طبقاً للأسماء المُعلن عنها. وتعقيباً على تلك الظاهرة، أعلن كل من «الهيئة» و«النادي» أنّ وتيرة تصاعد أعداد الشهداء بين صفوف الأسرى والمعتقلين، ستأخذ منحى أكثر خطورة مع مرور المزيد من الوقت على احتجاز الآلاف منهم في سجون الاحتلال، وتعرّضهم بشكل لحظيّ لجرائم ممنهجة أبرزها التّعذيب والتّجويع والاعتداءات بكل أشكالها. كما حمّلا الاحتلال المسؤولية الكاملة عن استشهادهم، مجدديْن مطالبتهما للمنظومة الحقوقية الدّولية باتخاذ قرارات فاعلة لمحاسبة قادة العدو على جرائم الحرب، وفرض عقوبات عليهم، وإنهاء حالة «الحصانة الاستثنائية» التي منحتها دول الاستعمار القديم ل”إسرائيل”، والتي وضعتها فوق أي مساءلة ومحاسبة.

 

المصدر: الاخبار