روسيا وإيران.. شريكتان استراتجيتان

خاص الوفاق : إن إبرام إتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران يخدم المصالح الوطنية للبلدين ويعزز بشكل كبير مواقفهما على الساحة الدولية

2025-01-26

دينيس كوركودينوف 

 

في 17 يناير 2025، أصبح تطوير العلاقات الروسية – الإيرانية مرة أخرى موضوع اهتمام متزايد من قبل وسائل الإعلام العالمية والمسؤولين ومجتمع الخبراء في جميع أنحاء العالم. وكان السبب هو توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين موسكو وطهران في موسكو. أطلق هذا الحدث التاريخي مرحلة جديدة في تطوير العلاقات الدولية، مؤكداً حقيقة أن العديد من العوامل الإقليمية والدولية كانت سبب التوجه المتبادل لروسيا وإيران.
وبحلول نهاية الربع الأول من عام 2024، زادت روسيا وإيران حجم التجارة بينهما بنسبة 48٪، بينما زادت الصادرات من روسيا إلى إيران بنسبة 77٪، والواردات من إيران بنسبة 13٪؛ بالإضافة إلى ذلك، بحلول نهاية عام 2024، زاد حجم التجارة بين روسيا وإيران بنسبة 16٪ ووصل إلى 4 مليارات دولار. وهذا بالتأكيد اتجاه اقتصادي إيجابي؛ ولكن بحسب ممثلي المؤسستين الإيرانية والروسية، فإن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يزال ضئيلاً، في حين أن تلبية احتياجات الدولة تتطلب زيادة الاتصالات التجارية بين البلدين بما لا يقل عن 10-15 مرة أخرى. ولم يعد من الممكن تحقيق هذا الهدف في إطار الإتفاقيات السابقة، لذلك أصبح من الضروري إبرام إتفاقية شراكة استراتيجية شاملة.
آفاق السياسة الخارجية الإيرانية تجاه موسكو 
 

 

ولندرك بشكل عميق آفاق السياسة الخارجية الإيرانية تجاه موسكو، ينبغي للمرء أن ينتبه بشكل أساسي إلى الرأي الرسمي لقائد الثورة الإسلامية في إيران، لأنه يلعب دوراً أساسياً ومحورياً في تحديد السياسة العامة لإدارة جهاز الدولة الإيراني. وهكذا، أكد قائد الثورة الاسلامية على أهمية تعزيز وتوسيع العلاقات مع روسيا، التي وصفها بأنها “دولة شقيقة وصديقة”، ويمكن اعتبار هذه الكلمات بمثابة أطروحة رئيسية في استراتيجية الجهاز الدبلوماسي الإيراني.

 

بالطبع، يؤكد استخدام كلمة “الأصدقاء” أن القيادة الإيرانية تقيم العلاقات المذكورة بشكل إيجابي، وقد برز اتجاه واضح نحو تعزيز الثقة المتبادلة في السياسة الخارجية لبلدينا.

 

إبرام إتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة

 

إن إبرام إتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين روسيا وإيران يخدم المصالح الوطنية للبلدين ويعزز بشكل كبير مواقفهما على الساحة الدولية. وفي هذا الصدد، يتجاوز شكل الشراكة الاستراتيجية توسيع العلاقات الاقتصادية ويركز على العلاقات السياسية والدبلوماسية لتعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع من أجل تحقيق التوازن بين موقف إيران وروسيا في العالم.

 

منذ انتخاب الدكتور مسعود بزشكيان رئيساً لإيران، أصبح جهاز السياسة الخارجية الإيراني أكثر إنتباهاً لروسيا، فقد ازداد تصميم ورغبة المسؤولين في الاتحاد وتشكيل تحالفات مع اللاعبين الروس. في الواقع، فإن النجاحات الملحوظة التي حققتها روسيا في التنمية الاقتصادية، وفي الوقت نفسه، نفس السخط الذي تشعر به طهران وموسكو تجاه الدول الغربية، وخاصة على خلفية العمليات العسكرية في أوكرانيا، تغذي هذه المشاعر.

 

في إتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، ينبغي الاهتمام بثلاثة جوانب رئيسية: السياسية والأمنية والاقتصادية.

 

في الجانب السياسي، تتعزز مواقف روسيا وإيران بسرعة، مما يحدد الحاجة إلى تفاعل البلدين بشكل أوثق.

 

في المجال الأمني، تواجه موسكو وطهران على قدم المساواة تهديد التدخل الدولي وضغوط العقوبات. وفي الوقت نفسه، اكتسبت الدولتان خبرة كبيرة في هذا المجال ويمكنهما العمل بشكل فعال في مؤسسات مثل مجموعة البريكس.

 

في الجانب الاقتصادي، تشكل إتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة خطوة مهمة نحو تفعيل الأنشطة المشتركة بين روسيا وإيران. ويعد تطوير الطاقة النووية وزيادة التجارة بين البلدين والنفط من مجالاتها ذات الأولوية.

 

ولم تقتصر روسيا وإيران على هذا، وتوقعتا تعزيز العقوبات الأميركية، وقررتا الذهاب إلى تنسيق أوثق لأعمالهما في سوق النفط، وتحديث قطاع الطاقة، واستثمار موارد مالية كبيرة في اقتصادي البلدين؛ بالإضافة إلى ذلك، تدرس موسكو وطهران بجدية مسألة الحصول على أنظمة أسلحة دفاعية جديدة متطورة من كل منهما. ومن هذا المنظور، تفتح معاهدة الشراكة الاستراتيجية الشاملة فرصاً جديدة للتعاون في مجال ضمان الأمن العالمي، لأن التنسيق الروسي – الإيراني قادر على الحد من التأثير الدولي المزعزع للاستقرار على ديناميكيات العوامل العسكرية.

 

 

* رئيس المركز الدولي للتحليل السياسي والتنبؤ فى موسكو

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص