ربما هي الحكمة الإلهية لاختبار قوة إيمان المسلمين بالإمام الحسين(ع)، وأنه الامتداد لرسالة جدّه المصطفى الذي آمنوا به رسولاً من عند الله –تعالى-، فما نرويه ونتحدث عنه لا ينطلق من المشاعر والعواطف بقدر ما هي حقائق تاريخية رواها المؤرخون المتفق عليهم من عامة المسلمين…
“حُسينٌ منّي وأنا من حُسين أحبّ الله من أحبّ حُسينا”.
اتفق علماء الأمة الإسلامية جميعهم على نسبة هذا الكلام الى النبي الأكرم في حقّ سبطه الإمام الحسين(ع) وهو صغير السنّ، فقد جاء في “صحيح الترمذي”، و”صحيح ابن ماجة”، كما ذكره البخاري في كتابه “الأدب المُفرد”.
ولكن!(ع)
هذا الحسين(ع) الجميل الوديع والرائع، وبعد سبعة وخمسين عاماً على خروج هذه الكلمات المضيئة من فم رسول الله، الذي هو لسان الوحي والسماء، يسقط على ارض كربلاء مضرجاً بدمائه و يُقتل بتلك الطريقة المُفجعة.
بسبب فداحة الخطب، وشدّة المصيبة، فان ذكر الامام الحسين(ع) ممزوج بدماء عاشوراء، مما يحجبنا –بعض الشيء- عن طفولة الامام الحسين(ع) وصباه مع أبيه وأمه، والأهم؛ حياته مع جدّه رسول الله، كونه الامتداد الطبيعي للرسالة، وضالة المسلمين اليوم –بعضهم وليس جميعهم- منذ أربعة عشر قرناً في بحثهم على هويتهم الحقيقية، فإن كانوا يؤمنون بالله وبرسوله واليوم الآخر، كيف يقنعون انفسهم الى الآن بجواز قتله على يد دعاة الخلافة لرسول الله؟!
الإمام الحسين(ع) مع الملائكة
ربما هي الحكمة الإلهية لاختبار قوة إيمان المسلمين بالإمام الحسين(ع)، وأنه الامتداد لرسالة جدّه المصطفى الذي آمنوا به رسولاً من عند الله –تعالى-، فما نرويه ونتحدث عنه لا ينطلق من المشاعر والعواطف بقدر ما هي حقائق تاريخية رواها المؤرخون المتفق عليهم من عامة المسلمين في كتب مثل؛ “أُسد الغابة في معرفة الصحابة”، و”أعلام الورى”، و”تاريخ دمشق”، و”سِيَر أعلام النبلاء”، و”تاريخ الطبري”، و”تاريخ الذهبي” بأن جبرائيل كان يُلاطف الحسين وهو صبي صغير، وحصل أن “اعترك الحسن والحسين فقال النبي: أيهاً حسن خُذ حسنياً! فقال علي: يا رسول الله! على حُسين تؤلبه وهو أكبرهما؟ فقال: هذا جبرائيل يقول: أيهاً حُسين خّذ حسناً”.
في ذكرى مولده السعيد حريٌّ بالمسلمين معرفة أن الامام الحسين (ع) ليس فقط مشروع حياة وعزّ وكرامة للإنسانية كما أسسه يوم عاشوراء، إنما هو ايضاً؛ مشروع رحمة ومودة تجسيداً لسيرة وأخلاق جدّه المصطفى {رَحْمةً للعَالَمين}، وهو منهج سائر الأئمة المعصومين الاطهار، بيد أن الاصطفاء الإلهي أعطى مرتبة ومنزلة خاصة للإمام الحسين(ع) لقاء تضحياته الاستثنائية في سبيل الله، جعل الدعاء تحت قبته مستجاباً، وتراب قبره شفاءً، والأئمة الهداة من صلبه امتداداً، حتى الامام الغائب الحاضر، صاحب العصر والزمان، عجل الله فرجه الشريف، الذي بظهوره يجسّد كل مبادئ وقيم النهضة الحسينية ويحقق ما حيل دونه الإمام الحسين(ع) في واقعة الطف.