وأكد محمد رضا عارف، في الاجتماع الأول لـ”لجنة أفريقيا” التي عُقدت صباح الإثنين (3 فبراير 2025)، على أهمية التواصل مع أفريقيا في فكر الثورة الإسلامية، قائلاً: من وجهة نظر الحكومة الرابعة عشرة، التي تتوافق مع وجهة نظر سماحة قائد الثورة الإسلامية، فإن التواصل مع الدول التي تقع في مجال الحضارة الإيرانية وكذلك الدول الأفريقية له أهمية كبيرة من الناحية القيمية بالنسبة لنا.
في هذا الاجتماع الذي حضره أعضاء “لجنة أفريقيا” من وزارات ومؤسسات مختلفة، قال النائب الأول لرئيس الجمهورية: نعتقد أنه في إطار مصالحنا الوطنية ومصالح الدول الأخرى، يجب أن نتواصل مع معظم دول العالم وفقاً للأولويات.
وأضاف: في أولويات سياستنا الخارجية لإقامة العلاقات، تأتي أولاً الدول الإسلامية والدول المجاورة والمنطقة وآليات التعاون الإقليمي وكذلك قارة أفريقيا.
التواصل مع أفريقيا قيمة وليس مجرد اقتصاد
وأشار النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى أهمية التواصل مع أفريقيا، قائلاً: إن نظرتنا إلى أفريقيا ليست نظرة اقتصادية بحتة، بل هي نظرة قيمية؛ مضيفاً: بالطبع، نعتقد أنه يجب مراعاة المصالح الاقتصادية لكلا الطرفين بجدية؛ لكن ثورتنا تتجاوز الاقتصاد، ولها توجه ثقافي وقيمي، ويمكننا أن نكون أكثر نجاحاً في المجالات الثقافية والاقتصادية في الوقت نفسه.
وأوضح عارف: إن أفريقيا، التي يزيد عدد سكانها عن مليار وأربعمائة مليون نسمة، تمثل سوقاً ممتازة وبكراً.
هذه القارة يمكن أن تكون وجهة مهمة لصادراتنا، ويمكن أن تلعب دوراً مهماً في تلبية احتياجاتنا المستدامة من السلع الأساسية وبعض المنتجات الزراعية المهمة، وهذا الأمر يعتبر ذا أهمية كبيرة بالنظر إلى الوضع المناخي للبلاد والمشاكل المتعلقة بالمياه، وبالتالي الحاجة إلى الزراعة خارج الحدود.
وأشار النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى التاريخ الطويل للعلاقات الإيرانية – الأفريقية، وقال: كانت علاقتنا في بداية الثورة الإسلامية جيدة؛ لكن للأسف لم نستغل تلك الفرصة، وقد أكد الإمام الخميني(رض) وسماحة قائد الثورة على أهمية هذه العلاقة؛ لكن للأسف كانت هناك نظرة “تجنب أفريقيا” في أذهان بعض المسؤولين والقطاع الخاص لدينا.
ومن جهة أخرى، حاول الأعداء خلق نظرة “معادية لإيران” في أفريقيا، وقد تضافر هذان العاملان معاً مما أدى إلى عدم ترسيخ العلاقات.
وأضاف: للأسف، لم يكن لدى نشطائنا الاقتصاديين رغبة في العمل والنشاط في هذه القارة؛ ورغم أنه تم القيام ببعض الأعمال في المجال الفني والهندسي، إلا أن معظم الشركات كانت تبحث عن أعذار لتقول إن التواصل مع أفريقيا قد تسبب لنا بمشاكل.
لجنة لكل أفريقيا
وخاطب النائب الأول لرئيس الجمهورية أعضاء “لجنة أفريقيا”، وقال: رغم التحديات الكبيرة في إقامة العلاقات مع أفريقيا خلال العقود الماضية، وصلنا إلى “لجنة أفريقيا”.
وأضاف: من وجهة نظرنا، فإن قضايا الدول المختلفة في أفريقيا على الرغم من تنوعها، هي متشابهة جداً، ويمكن تعريف مجالات التعاون كحزمة واحدة واستراتيجية شاملة للتواصل مع أفريقيا.
وتابع: في فترات معينة خلال السنوات الماضية، تم عقد عدة جلسات نشطة في مجال التواصل مع أفريقيا؛ لكن للأسف مع تغيير الإدارات، توقفت تلك الأنشطة القليلة أيضاً. بينما كان بإمكاننا القيام بأعمال كبيرة في مجالات الثقافة والاقتصاد والهندسة في هذه القارة؛ لكن بسبب دخولنا بدون معرفة بظروف وأسواق الدول المستهدفة هناك، لم نتمكن من تحقيق النجاح.
هذا هو وقت العمل والتطوير
وواصل عارف حديثه قائلاً: إن الحكومة الرابعة عشرة تدعم إقامة علاقات جيدة وقوية مع أفريقيا؛ مضيفاً: إذا أردنا تقديم تقرير عن العلاقات الثقافية والاقتصادية، فإن كل شيء يبدو جيداً؛ لكن الحقيقة هي أنه في المجال العملي كان هناك بعض التقاعس، وقد رسخ منافسونا أقدامهم خلال السنوات التي لم نكن فيها حاضرون بقوة هناك، ومع ذلك لا تزال أفريقيا تمتلك إمكانيات جيدة لنا.
وتابع النائب الأول لرئيس الجمهورية: يجب أن تعمل لجنة أفريقيا بفاعلية وقوة، وأن نتقدم بالعمل من خلال تحديد الأولويات، وفي هذا المسار، يجب أن نستخدم كل قدراتنا الدبلوماسية والعلمية والتكنولوجية لتحقيق النجاح، وعلينا تعزيز الدبلوماسية الثقافية والدبلوماسية العلمية والتكنولوجية، وفي هذا المجال تمتلك جامعاتنا إمكانيات عالية جداً.
وأشار عارف إلى المستوى التعليمي العالي في الجامعات الإيرانية قائلاً: كل طالب أفريقي يدرس في جامعاتنا يمكن أن يكون سفيراً ثقافياً لنا؛ لكننا عملنا بشكل ضعيف في هذا المجال، حيث وضعت معايير أدت إلى إرسال الطلاب المهتمين من الدول الأفريقية إما إلى جامعات ضعيفة في المرتبة الثامنة والتاسعة أو أنهم تأخروا عدة فصول دراسية، مما أدى إلى تدهور تصوراتهم.
وفي المقابل، أحياناً جاء أشخاص لم يكن لديهم المؤهلات اللازمة للدراسة في جامعاتنا؛ مضيفاً: نحن نريد “سفراء علميين”، وأملنا هو أنه إذا جاء مئة طالب إلى إيران، ينبغي أن يصبح سبعون منهم ناجحين في تخصصاتهم وأن يكونوا سفراء علميين لبلدنا.
“أنا سفير إيران”
وتابع عارف بذكر تجربة شخصية من إحدى زياراته الرسمية إلى الدول المجاورة قائلاً: في زيارة لإحدى الدول المجاورة، تم دعوة سفراء الدول إلى فعالية ما، ووفقاً للأعراف الدبلوماسية كانوا يأتون بالتتابع لتحية الوفد الإيراني. فجأة، جاء أحد السفراء إليّ دون مراعاة البروتوكولات، وقال: “أنا إيراني”، وعندما سألت المزيد عنه، اكتشفت أنه عندما كنت رئيساً لجامعة طهران، جاء للدراسة في جامعة طهران وتخرج في مرحلة الماجستير. ثم قال لي: “لقد درست في جامعة بلدكم، ولذلك أعتبر نفسي سفير إيران”، وهذه فرصة لم نستخدمها بشكل صحيح، ويجب أن يتم تصحيح هذا النقص في الحكومة الرابعة عشرة.
يجب أخذ “الخدمات الفنية والهندسية” على محمل الجد
وبالإشارة إلى المكانة المتفوقة للخدمات الفنية والهندسية للمتخصصين الإيرانيين على مستوى العالم، قال النائب الأول لرئيس الجمهورية: إن جودة وأسعار خدمات الشركات الإيرانية مقارنة بشركات الدول الأخرى جيدة جداً وجذابة للدول المستهدفة.
وأضاف: كان بإمكاننا أن نعمل بشكل جيد جداً في أفريقيا؛ ولكن لأسباب معينة فقدنا هذه الفرص، والآن حان وقت تعويضها.
تقييم الأداء
وواصل عارف مخاطباً أعضاء اللجنة قائلاً: قوموا بتقييم الأداءات خلال العقود الماضية فيما يتعلق بالقارة الأفريقية بدقة، وبناءً على النتائج، ابدأوا نشاطاً أكثر جدية لتصحيح الأساليب والحلول والاستراتيجيات.
وأشار عارف إلى الحضور القوي في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وقال: سنكون حاضرين بجدية في الدول الواقعة ضمن مجال الحضارة الإيرانية وكذلك الدول الأفريقية والاتحادات التي انضممنا إليها مؤخراً لتعويض ما فاتنا. وأضاف: لقد كانت آسيا الوسطى والقوقاز دائماً ضمن مجال الحضارة الإيرانية.
كيف تم تشكيل “لجنة أفريقيا”؟
يذكر أن هذا الاجتماع للجنة أفريقيا هو الاجتماع الأول لهذه اللجنة في الحكومة الرابعة عشرة. ويعود تاريخ تشكيل هذه اللجنة إلى فترة زيارة المرحوم آية الله هاشمي رفسنجاني -رئيس الجمهورية آنذاك- إلى أفريقيا وتشكيل المجلس الأعلى لأفريقيا.
في السنوات التالية، تشكلت “لجنة أفريقيا” برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية؛ ولكن منذ ذلك الحين وحتى الآن تم عقد ستة اجتماعات فقط لهذه اللجنة، حيث كانت أكبر عدد من الاجتماعات قد عُقدت في عامي 2004 و2005 خلال فترة الدكتور عارف. كما عُقد الاجتماع الأول للجنة في الحكومة الرابعة عشرة بحضور الدكتور عارف.
في هذا الاجتماع، قدم المديرون التنفيذيون من وزارة الخارجية ووزارة الجهاد الزراعي ووزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي والمعاونية العلمية لرئاسة الجمهورية ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية وأعضاء آخرون تقاريرهم حول الإجراءات المتخذة والاستراتيجيات المستقبلية.