وأوضح محسن باك نجاد، في تصريح له أمس الإثنين، خلال مشاركته في مسيرة إحياء الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الإسلامية في طهران: إن رمز اقتدار الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو الحضور الجماهيري في الساحات، وشعبنا يعرف هذا الأمر جيداً.
وأشار وزير النفط إلى تصريحات الرئيس الأميركي حول رغبته في التفاوض مع إيران، قائلاً: لكي نعرف أن هذا المستقبل الزاهر الذي يعرضه “ترامب” وعصابته لنا غير جدير بالثقة، يکفي أن نتذكر بأن المجرم الأکبر في العالم حالياً، أي نتنياهو، كان أول ضيف يزور ترامب بعد تسلمه الحكم من جديد. وأضاف: لا ينبغي أن نأخذ تهديداتهم على محمل الجد.
وتابع: “إسرائيل” أصغر من أن تفعل شيئاً، وهم يعرفون قوتنا في مختلف المجالات، وكذلك ترامب الذي أعلن فرض “الضغوط القصوى” على إيران، فهو يريد أن يختبر سياسة فاشلة من جديد.
تصفير الصادرات أمنية لن تتحقق
وفي هذا السياق، أكد وزير النفط أن الضغوط القصوى الأميركية ضد صادرات النفط الإيراني محكوم عليها بالفشل، وأن تصفير الصادرات أمنية لن تتحقق.
جاء ذلك تعليقاً للوزير باك نجاد، يوم الأحد الماضي، على توقيع الرئيس الأميركي مرسوم سياسة الضغوط القصوى ضد إيران بهدف تصفير صادراتها النفطية. واعتبر باك نجاد أن سياسة الضغوط القصوى قد جربت في السابق ولم تنجح وأن تجريبها مرة أخرى أيضاً لن يحقق شيئاً وستفشل.
وبيّن وزير النفط أن كوادر صناعة النفط الإيرانية بمختلف المجالات من الإنتاج إلى خبراء الصادرات لديهم فعاليات وتدابير خاصة ومناسبة تتماشى مع الظروف المقبلة؛ وكلما زادت القيود علينا، فإن التدابير المتخذة ستكون أيضاً أكثر تعقيداً.
واستطرد باك نجاد قائلاً: اليوم نشهد بمختلف مجالات صناعة النفط، تحقيق الاكتفاء الذاتي في المعدات وتطوير حقول النفط والغاز، وأن قدرات صناعة النفط والغاز هذه تدار إلى حد بعيد عبر القطاع المحلي.
قلق أمريكي من تصفير الصادرات
إلى ذلك، قال خبير في مجال الطاقة: إن العقوبات على النفط الإيراني تأتي في وقت لا يرغب فيه ترامب بارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، مؤكداً أنه لو وصلت العقوبات على إيران إلى صفر صادرات نفط، فإن أسعار النفط سترتفع حتمًا، وهذا ما لا يريده ترامب، لأن الاقتصاد الأمريكي لا يستطيع تحمل أسعار أعلى من المستويات الحالية، وهو ما يضعنا أمام معادلة متعددة المتغيرات على المستوى الدولي.
وفي حديث مع وكالة إيلنا للأنباء، أشار محمود خاقاني إلى تصريحات ترامب الأخيرة حول تقليص صادرات النفط الإيراني إلى الصفر وإمكانية خروج النفط الإيراني من السوق الصينية، قائلًا: قبل جائحة كورونا، كان العالم في قطاع النفط يتجه نحو الاندماج والتكتلات الإقليمية؛ لكن كورونا أحدثت تغييرات واسعة، مما أدى إلى اضطراب في هذا الاندماج الدولي.
وأضاف خاقاني: تصدر الصين بضائع بقيمة 700 مليار دولار سنويًا إلى الولايات المتحدة، وقد فرضت الأخيرة رسومًا جمركية بنسبة 10% على هذه السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها بالنسبة للمستهلك الأمريكي.
ومع ذلك، فإن هذه الخطوة تشجع الشركات الأمريكية على التنافس مع المنتجات الصينية الرخيصة. وتابع: الصين هي السوق الوحيدة حاليًا للنفط الإيراني، والمصافي الصينية الصغيرة هي الزبون الوحيد الذي يشتري النفط الإيراني بأسعار مخفضة؛ لكنها واجهت تحديات مؤخرًا في الحصول عليه.
وقال هذا الخبير في مجال الطاقة: لا يمكن إنكار أنه خلال فترة بايدن، تم تخفيف العقوبات جزئيًا، حيث لم تكن الإدارة الأمريكية ترغب في ارتفاع أسعار النفط عالميًا، وقد كان هناك تفاهم بين الصين والولايات المتحدة على تجاهل صادرات النفط الإيراني.
حتى أن هناك تقارير تفيد بأن 27 ناقلة نفط تابعة لأحد الملتفين على العقوبات الإيرانية كانت مؤمنة من قبل شركات أمريكية، ما يعكس وجود تفاهم بين البلدين.
وأردف قائلًا: يريد ترامب اليوم تشديد هذه الإجراءات؛ لكن ذلك يعتمد جزئيًا على التفاهم مع الصين. فإذا فرضت الولايات المتحدة رسومًا إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية، فإنها تحتاج إلى طاقة أرخص في المقابل؛ إضافة إلى ذلك، فإن العقوبات على النفط الإيراني تأتي في وقت لا يريد فيه ترامب ارتفاع أسعار النفط عالميًا، لأن تقليص صادرات النفط الإيراني إلى الصفر سيؤدي حتمًا إلى ارتفاع الأسعار، وهو أمر لا تطيقه الولايات المتحدة اقتصاديًا، مما يضعنا أمام معادلة معقدة متعددة الأبعاد.
المستفيدون من العقوبات
وأشار خاقاني إلى أن حكومة الرئيس بزشكيان تواجه ظروفًا صعبة، إذ وعدت بحل المشكلات؛ لكن الواقع يشير إلى أن المستفيدين من العقوبات في كل من الولايات المتحدة والصين وتركيا متحالفون لاستمرار الوضع الحالي، لأنهم يحققون أرباحًا ضخمة منه.
لذلك، من الطبيعي أن يدفعوا نحو استمرار العقوبات وتقليص صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، حتى تتمكن دول مثل الصين من الحصول على النفط بأسعار مخفضة، وقال: في السابق، كانت عوائد النفط تتعرض لانخفاض بنسبة 30% عند استرجاع الأموال، أما الآن، فإن هذا التراجع قد يزداد إذا استمرت الصادرات على هذا النحو. في ظل هذا، لابد أن نكون صريحين مع الشعب ونناقش المشكلات بشفافية.
وختم خاقاني حديثه بالقول: يجب أن يعلم الإيرانيون أنه حتى لو أراد ترامب التفاوض مع إيران، فسيكون ذلك مقابل تقديم تنازلات، وهو يراهن على الضغوط الاقتصادية على الشعب؛ لكن أعتقد أنه حتى لو تم رفع العقوبات اليوم، وتمت المصادقة على إتفاقية FATF، واستؤنفت العلاقات المصرفية الدولية، فإن الوضع الاقتصادي لن يتحسن بسرعة، لأن المستثمرين الأجانب يتجهون إلى أماكن توفر لهم الأمان لاستثماراتهم.