عبير شمص
في الذكرى السنویة السادسة والأربعين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران لا بد من التأكيد أنه رغم التحديات والعوائق الخارجية التي تحاول قوى الاستكبار العالمي وضعها، استطاعت المرأة الإيرانية المسلمة من تحقيق طموحاتها وتطلّعاتها التي بذر نواتها الأساسية الإمام الخميني(قدس)، وهو الذي أحدث تحولاً كبيراً في الدور العملي للمرأة الإيرانية خصوصاً والمرأة المسلمة عموماً عبر طرح مجمل قضايا المرأة بعيداً من المقاربات التقليديّة، وحوّلها إلى رؤى ثورية تستند إلى الإسلام الأصيل وتساهم في النهوض بها، وهذا ما برز في دور المرأة في الثورة الإسلامية في إيران ثم في الصحوة الإسلامية، وللتعرف على كيفية إعطاء الثورة الإسلامية للمرأة هويتها الإسلامية الصحيحة وابراز أهميتها الكبرى في المجتمع في وقت لم يكن لها في الماضي ثمة دور مفترض في المسؤوليات العامة للمجتمع، حاورت صحيفة الوفاق الأستاذة في جامعة المصطفى (ص) العالمية ومديرة تحرير مجلة بقية الله نهى عبدالله، وفيما يلي نص الحوار:
وتعتبر الأستاذة نهى عبد الله أن تكريس حقوق المرأة ومكانتها،على مختلف الصعد، هو أحد أبرز إنجازات الثورة الإسلامية الإيرانية، وتجلّى بعدم حصر مسؤولياتها ودورها في تكوين الأسرة في داخل المنزل؛ بل حثّها على الإسهام الفعّال في بناء الدولة وإدارة البلاد. وتكريسًا لهذا الدور، حضّ الدستور الإيراني المرأة أيضًا على المشاركة الفعّالة في القضايا السياسية، فمنحها حق الانتخاب والترشح للإنتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتبوّؤ المناصب الحكومية الرفيعة”.
المرأة رائدة في الثورة
تشير الأستاذة نهى عبد الله أنه بعد الثورة الإسلامية في إيران، لعبت المرأة دورًا مهمًا وبارزًا في دعم الحركة الثورية وتحقيق أهدافها. كانت المرأة في طليعة الحركات الاحتجاجية التي طالبت بالعدالة والمساواة، وشاركت بشكلٍ فعّال في المظاهرات والفعاليات السياسية التي سبقت الثورة. على سبيل المثال، شاركت النساء في العديد من المظاهرات الكبرى التي دعا إليها الإمام الخميني(قدس)، مثل المظاهرات التي اندلعت في 1978 ضد النظام البائد، حيث كان للنساء دور حاسم في التعبئة الشعبية ضد الاستبداد. ودفعت هذه المشاركة الفعالة الإمام(قدس) للقول “أننا نعتبر نهضتنا وثورتنا مدينة للنساء” في دلالة واضحة على الدور الريادي للنساء اللواتي كن في مقدمة صفوف الثورة، هذا ولم يقتصر هذا التحول على المرأة الايرانية فقط، إنما امتدت بركات الصحوة الإسلامية خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إذ تلقفتها النساء المسلمات العطشى إلى المثل الإسلامية النبيلة فارتويّن منها، وأصبحت الهويّة الإسلامية واحدة، والقدوة والنموذج، والسيدتان الزهراء وزينب(س) حاضرتان بينهن، فكراً وعملاً وسلوكاً ونهجاً، بعد أن كنّ في حالة من الضياع والشتات بسبب الأفكار الغربية الدخيلة المتسترة بشعارات الحرية حتى بزغ فجر الثورة الاسلامية محملاً للمرأة مسؤولياتها الكبيرة تجاه الأسرة والمجتمع والقيام بواجبها وبالدور المطلوب في التمهيد لدولة صاحب الزمان(عج) تجاه أسرتها ومجتمعها، استناداً إلى قيم الإسلام الأصيل في العدالة والإحسان، والدفاع عن الحريات، والمقدسات، ونصرة المستضعفين.”
مشاركة فعالة
تشير الأستاذة نهى عبد الله بأنه منذ بداية الثورة، دُعمت المرأة بشكل كبير من قبل القيادة الإسلامية ممثلة بالإمام الخميني(قدس)، الذي أكد على أهمية مشاركة النساء في بناء المجتمع بعد نجاح الثورة. على الرغم من أن هناك تغييرات في بعض القوانين الاجتماعية بعد الثورة، إلا أن الدعم الذي حصلت عليه النساء في المجالات العلمية والاجتماعية كان واضحًا. في مجال التعليم، على سبيل المثال، زادت نسبة النساء في الجامعات الإيرانية بشكلٍ كبير بعد الثورة.
بالنسبة للبعد التربويّ والأسريّ، فقد كانت القيادة الإسلامية تؤمن بأهمية دور المرأة في بناء المجتمع من خلال تربيتها للأجيال القادمة. نتيجة لذلك، تم تشجيع المرأة على الانخراط في مجال التعليم بشكل أكبر، حيث أصبحت العديد من النساء معلمات ومديرات مدارس، مما ساهم في زيادة نسبة التعليم للفتيات في جميع أنحاء البلاد. في السنوات التي تلت الثورة، زادت أعداد النساء اللاتي التحقن بالتعليم الجامعي، مما أدى إلى تحسن مستوى التعليم في مختلف القطاعات، فيما يتعلق بشؤون الأسرة، عملت الثورة على تعزيز مكانة المرأة كأم وراعية للأسرة عبر وضع تشريعات تهدف إلى تحسين حقوق المرأة في الزواج والطلاق ورعاية الأطفال. وتم تعديل بعض القوانين المتعلقة بالزواج لتضمن حقوق المرأة، كما تم تحسين قوانين العمل التي ساعدت المرأة على التوفيق بين واجباتها الأسرية ومشاركتها في سوق العمل، مما سمح لها بتطوير مهاراتها المهنية دون التضحية بمسؤولياتها الأسرية، وبذلك، أصبح للمرأة في إيران دورٌ مركزي في تربية الأجيال الجديدة والمساهمة في بناء مجتمع متوازن، حيث تتناغم مسؤولياتها التربوية مع دورها في المجتمع والسياسة.
وتختم الأستاذة نهى عبد الله حديثها بالقول إننا إذا قمنا بالمقارنة بين المرأة الإيرانية، ونظيرتها في المجتمعات الأخرى –على الرغم من وجود نشاطات للمرأة في مجتمعات متعددة– فالمرأة الإيرانية من الناحية النظرية هي إمرأة آمنت بقدراتها وإمكاناتها في المشاركة والعطاء، وأنها بالقوة تملك استعدادات وقابليات تمكّنها من بلوغ مراتب لا يُستهان بها، ومن الناحية العملية، انتقلت هذه القوى إلى مرحلة الفعلية، وبرزت قدرات المرأة عبر مشاركتها في كافة الميادين العلمية والثقافية والتربوية والسياسية وغيرها، وهذا بفضل القيادة الحكيمة والمجتمع الواعي، ووفرت الثورة الإسلامية فرصة تاريخية للمرأة الإيرانية من أجل التقدم وتعزيز مكانتها في بيئة آمنة وأخلاقية وعادلة، بعيداً عن التحديات التي تواجهها النساء في الدول الغربية، وكل الإحصاءات والأرقام تظهر للصديق قبل العدو المكانة التي تعطيها إيران للمرأة.