علي نقر
قد لا يختلف عاقلان على ان لبنان يمر في مرحلة مخاض عسير، وان احسنا الظن انه يتأرجح بين الانهيار الثاني له خلال خمسة اعوام وسقوط الاوهام بالاعتماد على الرهانات الخارجية، وقد يقول قائل ان هذا الكلام فيه مبالغات مفرطة وانه حديث خارج السياق الذي تشهده البلاد خصوصاً بعد انتخاب رئيس للجمهورية بعد شغور رئاسي دام 24 شهراً وتكليف رئيس لتأليف حكومة العهد الاولى التي مهمتها الاولى اجراء الانتخابات في شقيها البلدية والاختيارية في ايار 2025 والبرلمانية في أيار 2026، الا ان جرعات التفاؤل تلك التي اتت بعد حرب ابادة شنها الكيان الموقت على لبنان ليست الا سوى الاشارات الكبرى على اننا في لبنان قد نكون امام الانهيار الثاني بعد الانهيار الاول الذي عصف بالبلاد والعباد بعد الزيارة الاولى لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو في 22 آذار 2019.
وهذا الكلام ليس من باب نظرية المؤامرة التي تروق للبعض وانما باب الواقعية السياسية ، التي يحسن قرأتها ساسة لبنان حيث عمدوا وقبل انتخاب دونالد ترامب لتولي ولايته الاولى في 4 تشرين الثاني 2016 ، الى اجراء اتفاق على عجل مع ادارة اوباما الراحلة وجرى تمرير انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الاول 2016 ، لتبدأ مصاعب الرئيس الذي قيل عنه انه الرئيس القوي تلوح مع دخول ترامب البيت الابيض في 20 كانون الثاني 2017 ، ليدخل لبنان معه في دوامة التعطيل والمناكفات السياسية، وبدا لبنان وكأنه خارج الاهتمامات الاميركية وفي مرصد البنك الدولي وتحت مجهر صندوق النقد الدولي ومع تفاقم الازمات امام العهد العوني الاول ان صح التعبير حتى اتت الاشارة الاميركية الكبرى التي تؤشر ان الحرم الاميركي وقع على لبنان فكانت زيارة وزير الخارجية الاميركي الاسبق مايك بومبيو الى لبنان واعلن فيها شروط ادارة ترامب الاولى لخروج من ازماته والا سيكون امام الانهيار التام .
ولكن لبنان بكل اطيافه السياسية تغافل ودخل ساسة لبنان في حالة من الانكار فكان حراك 17 تشرين الاول2019 ومع جائحة كورونا التي اجتاحت العالم كانت بمثابة الضربة القاضية للبنان ووقع الانهيار الذي لم يبلغ مرحلة الارتطام الكبير ، وكي لا اغرقكم في الاحداث السابقة اعود واياكم الى المرحلة الراهنة التي لا تقل خطورة عن المرحلة السابقة ، حيث ان لاعبي السياسة المخضرمين والمبتدئين وحتى الناشئين كي لا نقول الطارئين بعد 17 تشرين 2019 لم يتعلموا او في احسن الاحوال لم يفقهوا ان هناك شيء ما تغير بعد الحرب التي شنت على لبنان ظاهريا من قبل الكيان الموقت فيما هي بالحقيقة كانت حرب عدوان ثلاثي على لبنان بقيادة بريطانية واشراف اميركي وتنفيذ صهيوني بالتكافل والتضامن مع اعضاء اتفاقية العيون الخمسة، وعمد اولئك الهواة في السياسة ان لم نقل المراهقين فيها الى انجاز انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وصموا آذانهم عن نصيحة كررها ثلاث مرات في مناسبات مختلفة مستشار الرئيس دونالد ترامب الذي عاد الى البيت الابيض الدكتور مسعد بولس ان لا ضير بمن انتظر 24 شهراً لانتخاب رئيس عتيد ان ينتظر شهرين او ثلاثة ريثما يستلم ترامب مقاليد الحكم في واشنطن ولكن بعض اللبنانيين ظنوا واهمين انها الفرصة الذهبية في انجاز الاستحقاق الرئاسي قبيل دخوله الى البيت الابيض متوهمين بذلك انهم قادرين على اقصاء حزب الله عن المشهد السياسي وهو الذي تلقى ضربات قاسية لو تلقتها دولة لانهارت وتلاشت،
وكشفت الوقائع الانتخابية انه لولا فروسية النائب والوزير السابق سليمان فرنجية بالانسحاب من السباق الرئاسي ومضي الثنائي الوطني في الدورة الثانية من جلسة الانتخاب في 9 كانون الثاني 2025 لما كان العماد جوزيف عون خلع البزة العسكرية وارتدى البدلة الرئاسية، ومجدداً توهم الواهمون انهم احرجوا حزب الله وحليفته حركة امل ، وان بإمكانهم المضي قدماً باقصاء ليس حزب الله وحسب وانما الثنائي الوطني عبر تكليف الفتحاوي السابق ورئيس محكمة العدل الدولية القاضي نواف سلام الذي خرج من رحم المنظومة وتدثر ثوب الثوار في 17 تشرين الاول 2019 ، وحين عجز عن تقديم تشكيلة وزارية قال انها وفق معايير لا تضم حزبيين واذ بها تضج بهم ولكن من احزاب ( new version) ، حتى اتت المعونة الاميركية على شكل زيارة نائبة المبعوث الخاص للرئيس ترامب للشرق الاوسط مورغن اورتاغوس التي اطلت من على منبر القصر الجمهوري ان ادارتها ممتنة للكيان الموقت لما انجزه من تدمير وقتل وضربات للمقاومة ولحزب الله ، وان لا مكان له في اي تشكيلة حكومية والا…
لتظهر بذلك الخط الاحمر الاميركي على دخول حزب الله الحكومة متجاهلة عن عمد ان من تريد اقصاءه لا ينكر انه تلقى ضربات قاسية وانما مازال يمتلك اكبر تمثيل للطائفة الشيعية وبشكل ديمقراطي ، الا انني ارى الديمقراطية تجهش بالبكاء برفقة السيادة في الزاوية ، ومع تلك انتشى الواهمون والحالمون بإقصاء حزب الله عن المشهد ، الى الادارة التي تدعي التغني بالديمقراطية والى الواهمين الذين يدورون في فلكها، لا احد مهما بلغت قوته يمكنه اقصاء حزب الله ومقاومته فالحزب وكذلك المقاومة هم وجود موجود ولا يتوهمن احد انه يمكنه انهاءهم، ولمن يرى اضغاث احلام تنبئه بغير ذلك اقول انا على العهد وانتظروا الاستفتاء الشعبي في 23 شباط 2025 الذي سيشهد تشييع سماحة السيد حسن نصرالله فالخبر لا تسمعوه وانما سترونه، انا على العهد ان قوة لبنان في قوته ومقاومته لا بضعفه وانا على العهد حيث سنشهد سقوط الاوهام وانا على العهد لمنع الانهيار الثاني.