في ظل تصاعد التحديات المتعلقة بالهجرة في أوروبا، تتخذ الدول الأوروبية الكبرى إجراءات صارمة للسيطرة على تدفقات المهاجرين غير النظاميين، حيث تتصدر بريطانيا وألمانيا المشهد باتخاذ تدابير جديدة وحازمة.
تعتزم الحكومة البريطانية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الهجرة غير النظامية، خاصة بهدف إضعاف اليمين المتطرف المتنامي في البلاد، وفقاً لما نقلته صحيفة “دي برسه”.
وقد نشرت وزارة الداخلية البريطانية عبر منصة “إكس” تبريراً لهذه الإجراءات قائلة: “يجب أن يكون بإمكان عامة الناس الوثوق بنظام الهجرة البريطاني.”
وأضاف البيان: “منذ يوليو 2024، قمنا بترحيل ما يقارب 19,000 شخص من طالبي اللجوء والمجرمين الأجانب ومن انتهكوا قوانين الهجرة.”
وبينما أطلقت الحكومة هذه الحملة الإعلامية، ناقش مجلس العموم مشروع قانون جديد لحماية الحدود مقدم من وزارة الداخلية البريطانية. يمنح هذا القانون سلطات أوسع لقوات إنفاذ القانون لوقف عصابات تهريب البشر ومكافحة الهجرة غير النظامية. وقد صرح وزير الداخلية في مجلس العموم أن هذا القانون سيحسن حماية الحدود ويسهل على السلطات محاكمة العصابات الإجرامية الخطيرة.
أما في ألمانيا، فقد مددت الحكومة الفيدرالية إجراءات مراقبة جميع حدودها لمواجهة تدفق طالبي اللجوء لمدة ستة أشهر إضافية. وقد أوضح المستشار الألماني أولاف شولتز في بيان مكتوب: “من خلال المراقبة الحدودية، نحن نصد الهجرة غير النظامية بشكل فعال، والأرقام تثبت ذلك.”
وبذلك مددت الحكومة الفيدرالية الألمانية الإجراءات الخاصة التي كان من المقرر أن تنتهي في مارس لمدة ستة أشهر إضافية حتى 15 سبتمبر.
ورغم أن الرقابة الحدودية غير منصوص عليها في منطقة شنغن الأوروبية، إلا أن ألمانيا وسعت في سبتمبر الماضي نطاق المراقبة القائمة في شرق وجنوب البلاد لتشمل الحدود مع الدنمارك وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ، بذريعة مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية.
تمثل هذه التطورات في السياسات الأوروبية المتعلقة بالهجرة نقطة تحول مهمة في تاريخ القارة العجوز، حيث تعكس تحولاً جذرياً في النهج الأوروبي تجاه قضايا الهجرة واللجوء. وتثير هذه التغييرات تساؤلات عميقة حول مستقبل الهوية الأوروبية وقدرة القارة على الموازنة بين قيمها الإنسانية التقليدية ومتطلبات الأمن القومي. كما تطرح هذه التطورات تحديات كبيرة أمام منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي، خاصة في ظل تزايد الضغوط السياسية والاجتماعية التي تواجهها الحكومات الأوروبية. ويبقى السؤال المطروح حول مدى قدرة هذه السياسات الجديدة على تحقيق أهدافها في ضبط الهجرة غير النظامية دون المساس بالقيم الأساسية التي قامت عليها الوحدة الأوروبية. كما أن تأثير هذه السياسات على العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي وعلى مستقبل اتفاقية شنغن يظل موضوعاً يستحق المتابعة والدراسة، خاصة في ظل التباين المتزايد في المواقف بين الدول الأعضاء حول كيفية التعامل مع أزمة الهجرة المستمرة.